انتخابات فنزويلا التمهيدية تضع مادورو وبايدن في موقف حرج

فوز ماريا كورينا ماتشادو الساحق في الانتخابات التمهيدية للمعارضة الفنزويلية يعقد اتفاق تخفيف العقوبات على نفط فنزويلا

time reading iconدقائق القراءة - 6
ماريا كورينا ماتشادو، المرشحة المحظورة للرئاسة عن حزب \"فينتي فنزويلا\" المعارض تدلي بصوتها في مركز اقتراع خلال الانتخابات التمهيدية للمعارضة في كاراكاس، فنزويلا، يوم الأحد 22 أكتوبر 2023. - المصدر: بلومبرغ
ماريا كورينا ماتشادو، المرشحة المحظورة للرئاسة عن حزب "فينتي فنزويلا" المعارض تدلي بصوتها في مركز اقتراع خلال الانتخابات التمهيدية للمعارضة في كاراكاس، فنزويلا، يوم الأحد 22 أكتوبر 2023. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بدت ماريا كورينا ماتشادو هادئة ومتزنة تحت شمس كراكاس الحارقة وقد ارتدت قميصاً أبيض وتدلت من جيدها مسبحة. شقت السياسية الطموحة طريقها بين طابور من الفنزويليين الذين كانوا ينتظرون ليدلوا بأصواتهم الأحد الماضي في الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح المعارضة الذي سيواجه الرئيس الحالي نيكولاس مادورو العام المقبل، وتوقفت لتبتسم لمناصريها وتعانقهم.

في ناحية أخرى من كراكاس، كانت ماريا إيلينا راميرز، وهي مديرة تسويق في الـ47 من العمر تدلي بصوتها ورقياً في أحد مراكز الاقتراع بعد انتظار لساعتين، معلّقةً: "يداي ترتجفان، من المثير أن نشعر بالأمل مجدداً... يجب أن نقوم بكل شيء ممكن حتى نتخلص من هذا الوضع، أقف مع ماريا كورينا حتى النهاية".

كانت راميرز من بين نحو مليوني فنزويلي صوتوا لصالح ماتشادو، النائبة السابقة التي منعتها حكومة مادورو من تولّي أي منصب حكومي، بأن اتهمتها بالتزوير ومخالفات ضريبية، إلى جانب اتهامها بالدعوة للعقوبات الاقتصادية الأميركية على فنزويلا في بداية 2017.

فوز ساحق

كان جلياً أن ماتشادو هي المرشحة الأكثر حظاً في انتخابات الأحد، فقد أعادت أخيراً تقديم نفسها للرأي العام الفنزويلي بعد زهاء نصف عقد من البعد عن الأضواء، مستفيدةً من خيبة الأمل المتنامية من الوجوه البارزة في المعارضة المتشرذمة.

يصفها مناصروها بأنها ذات عزيمة قوية وصادقة، ويؤيدون طرحها لسياسة صديقة للسوق ستحدّ من تدخل الدولة في كافة النواحي الاقتصادية تقريباً. وفيما كانت ترفض ماتشادو في السابق تقديم تنازلات لصالح منافسين في المعارضة، إلا أنها تسعى اليوم لبناء تحالفات على امتداد الطيف السياسي كي توحده حول هدف مشترك هو الإطاحة بمادورو.

مع ذلك، تجاوز فوزها الساحق بنسبة 92% من الأصوات جميع التوقعات و يطرح تحدياً كبيراً لتعهد مادورو بإصلاحات ديمقراطية وبالبدء بتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة. فإذا سُمح لماتشادو بخوض الانتخابات الرئاسية المرتقبة في النصف الثاني من 2024، ستشكل التحدي الأكبر لمادورو خلال عشر سنوات قضاها في سدّة الرئاسة، بعدما امتنعت المعارضة التقليدية في فنزويلا عن خوض أي انتخابات منذ 2017، معتبرةً أن لا مجال لحصول انتخابات عادلة.

سيعطي فوز ماتشادو الكبير مزيداً من الزخم للاتفاق الموقّع في 17 أكتوبر، الذي يلزم مادورو بقبول جميع المنافسين في انتخابات يشرف عليها مراقبون دوليون. وكانت إدارة بايدن أعلنت في اليوم التالي للاتفاق تعليق بعض العقوبات التي تستهدف حكومة مادورو وشركة النفط الوطنية الفنزويلية التي تملكها الحكومة، شرط أن تنفذ الحكومة التزاماتها بموجب خارطة الطريق الانتخابية، بما يتضمّن إحراز تقدّم على صعيد إعادة الأهلية للمرشحين المحظورين سابقاً بحلول نهاية نوفمبر، ومن بينهم ماتشادو.

المعارِضة ماتشادو تتقدم في الانتخابات التمهيدية في فنزويلا

تخفيف العقوبات

يرى لويس فينسنت ليون، مدير الشركة الاستشارية "داتاناليسيس" (Datanalisis) في كراكاس في "انتصار ماريا كورينا إنجازاً مذهلاً لها وللشعب الفنزويلي، ولكنه يطرح تحدياً على صعيد المفاوضات... بعد صدور نتائج الانتخابات التمهيدية وتبيان قوة ماتشادو، ستستمر الولايات المتحدة في الضغط نحو رفع حظر الترشيح، والسؤال هو إلى أي مدى ستذهب في ذلك".

بالنسبة لمادورو، فإن تحفيف العقوبات على صادرات النفط الفنزويلية سيمنحه تدفقاً نقدياً هو بأمس الحاجة إليه قبيل انتخابات العام المقبل. فهو لن يعود مضطراً لتقديم حسومات ضخمة في أسعار النفط، تصل إلى 20 دولاراً للبرميل ليستقطب الصين والدول الأخرى المستعدة لتحدّي الحظر الأميركي كي تشتري النفط منه.

لقد أعلن كثير من شركات النفط العملاقة العالمية عن استعدادها للعودة إلى فنزويلا أو مضاعفة تعاملها معها، ومنها "شيفرون" و"إيني" الإيطالية و"بتروبراس" البرازيلية. لدى رفع العقوبات، سيمكن أن تضخّ البلاد 200 ألف برميل إضافي من النفط الخام يومياً، أي زيادة 25% في الإنتاج خلال ستة أشهر إلى سنة، بحسب محللين مختصين بالنفط.

بعد عودة الوقود لتصدّر الجدل السياسي في الولايات المتحدة مع استعار الموسم الانتخابي وفيما دخل أكثر من 22 ألف فنزويلي إلى أميركا بشكل غير شرعي في أغسطس وحده، أصبح لدى الرئيس جو بايدن كثير من الأمور على محك التزام مادورو بجانبه من المقايضة.

شركات النفط تتأهب للاستفادة من تخفيف العقوبات على فنزويلا

اختبار لإدارة بايدن

قالت ريسا غريس–تارغو، المحللة لدى مجموعة "أوراسيا" الاستشارية: "سيكون هذا اختباراً حقيقياً لعزم إدارة بايدن على البحث عن حل ديمقراطي في فنزويلا، وللخط الأحمر الذي رُسم في الأسبوع الماضي في تحديد نوفمبر كمهلة نهائية... إن لم تتحرك الحكومة لترفع الحظر عن مشاركة المعارضة بحلول ذلك الوقت، فإن هذه المسألة ستكون لها صدارة الأولويات".

بدأت حكومة فنزويلا بالانفتاح مجدداً على الولايات المتحدة بعد زيارة نادرة لمسؤولين رفيعي المستوى في إدارة بايدن في مارس، وفي الأشهر التالية، وافق مادورو على الإفراج عن بعض السجناء الأميركيين ووقّع على اتفاق مع المعارضة لتمويل مساعدات مالية للفقراء في فنزويلا. في المقابل، سمحت الولايات المتحدة لـ"شيفرون" بتوسيع عملياتها في البلاد، إلا أن المحادثات تباطأت في يونيو، قبل حصول اختراق في المفاوضات في قطر أدى إلى توقيع الاتفاق الانتخابي الأسبوع الماضي.

فوز ماتشادو قد يتيح لها كرسياً على طاولة المفاوضات المنعقدة بين الحكومتين الأميركية والفنزويلية، التي كانت المعارضة محجوبةً عنها قبلاً. إذاً ستكون الأنظار متجهة إلى الزعيمة الجديدة لاستبيان ما إذا كانت تستطيع الحفاظ على اتحاد القوى السياسية حولها، أو أنها ستكون إضافةً لسلسلة معارضين طويلة لدرجة مخيبة.

تصنيفات