كيف أصبح الرياضيون أهم اللاعبين في الموضة الرجالية؟

يتطلع الرجال إلى نجوم الرياضة ليستلهموا آخر صيحات الموضة لاختيار ملابس بسيطة أو ما يتبخترون به

time reading iconدقائق القراءة - 16
صورة تعبيرية عن ازدياد دور الرياضيين في مجال الأزياء - المصدر: غيتي إيمجز، أ.ب. نايكي، رولكس
صورة تعبيرية عن ازدياد دور الرياضيين في مجال الأزياء - المصدر: غيتي إيمجز، أ.ب. نايكي، رولكس
المصدر:

بلومبرغ

كان راين ستون، المستثمر العقاري الخمسيني في سان دييغو، يظنّ أن ماركة "إيه إل أو" (ALO) للأزياء الرياضية الأنيقة تقتصر على "ملابس اليوغا للنساء"، حتى رأى مهاجم فريق "ميامي هيت" جيمي باتلر يلبس من تصاميمها.

قال ستون: "يرتدي بعض أولئك الشباب ملابس ذات أسلوب شوارعي، لكن جيمي أسلوبه رسمي أكثر". بعدما رأى باتلر يرتدي تلك الملابس الأنيقة المناسبة أيضاً للتمارين الرياضية، غيّر رأيه بخصوصها، وقال: "نعم، سأخرج الآن لأشتري بعض الملابس الرياضية من (إيه أو إل)".

اليوم، لم تعُد عروض الأزياء الرجالية الأكثر تأثيراً تُقام على سجادات حمراء في هوليوود أو منصات الموضة في باريس وميلانو، بل ستنطلق في السابع من سبتمبر، حين يتوجّه نجما "كنساس سيتي تشيفز" باتريك ماهومز وترافيس كيلسي عبر نفق الملعب نحو غرف تبديل الملابس مع انطلاق مباريات الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية، ثمّ ستكسب زخماً إضافياً مع بدء موسم دوري الرابطة الوطنية لكرة السلة في 18 أكتوبر.

تَمكَّن الرياضيون من خطف الأضواء عبر الاهتمام بأزيائهم طوال عقد على الأقلّ، فنقلوا التصاميم الراقية المعروضة على منصات الموضة إلى جمهور كان في السابق غير مُبالٍ بها. اليوم يحظى وصول اللاعبين إلى غرفة تغيير الملابس قبل انطلاق المباريات بتغطية إعلامية واسعة، وتُناقَش الملابس التي يرتدونها بحماسة على وسائل التواصل الاجتماعي تضاهي حماسة الإعلامي راين سيكرست عند تغطيته حفل توزيع جوائز الأوسكار.

أهمّ المؤثرين

حتى إن المتسوقين الذين عادة ما يتجنبون الأزياء الصارخة يبدون سعداء بهذا التوجّه، لدرجة أن بعضهم لجأ إلى منسّقي ملابس لمساعدتهم على اختيار الأزياء المناسبة لهم. في هذا الصدد تقول نيكول بولارد باين، التي تقدّم استشارات حول الموضة لكبار شخصيات عالم المال والأعمال من خلال شركتها "لالالوكس" (Lalaluxe)، إن زبائنها الرجال غالباً ما يذكرون نجوم الرياضة حين يناقشون معها الإطلالات التي يرغبون بها.

تحدثت عن أحد الرؤساء التنفيذيين الشباب في قطاع التقنية، وهو أب، يتألف لباسه الاعتيادي من بنطلون من النسيج المصنَّع تقنياً وحذاء "فانز" بسيط بلا رباط، وقالت: "خلال إحدى جلساتنا، أشار إلى انتعال ستيف كوري (لاعب فريق غولدن ستايت وارير) حذاءً من طراز تشيلسي مع بنطلون. كانت تلك فرصةً مثاليةً لدفعه باتجاه جديد".

اختارت له أحذية من ماركة "جورج إسكيفيل"، المعروفة بصنع أحذية تحت الطلب للاعبي دوري الرابطة الوطنية لكرة السلة، الذين غالباً ما يحتاجون إلى مقاسات كبيرة. وشرحت له أيضاً أن معظم الرياضيين يرتدي ملابس مصمَّمة خصوصاً لهم، فابتاعت له بنطلون جينز مصمّماً تحت الطلب من "فرايم" وبنطلوناً رسمياً من "سان لوران"، حتى إن زبونها بدأ يحمل حقيبة من العلامة الإيطالية "بوتيغا فانيتا" (Bottega Veneta) بعدما رأى مثيلتها مع لاعب فريق "فينيكس صن" ديفيد بوكر.

قالت بولارد باين: "يُظهِر هذا التطوّر كيف يمكن لقليل من الإلهام أن يُحدِث تحوُّلاً جذرياً".

بيّن مايكل فيشر، نائب رئيس "فاشن سنوبس"( Fashion Snoops)، وهي شركة في نيويورك متخصصة بتوقع اتجاهات الموضة، إن الرياضين قطعوا شوطاً طويلاً منذ أيام البزات الرياضية الفضفاضة التي تبدو كأنّ أحدهم اشتراها على عجل من مجمَّع تجاري. أضاف: "ينظر كثير من الرجال إلى الرياضيين على أنهمّ المؤثّرون في حياتهم، فمن المنطقي أن تؤثّر رؤيتهم لأولئك الرياضيين وهم يبدون مرتاحين بملابس (واسعة) بقصات وألوان وتشكيلات، في اتجاهات الموضة التي يتبعها أولئك المستهلكون".

تقليد نجوم الرياضة

تعمل كورتني مايس منسّقةَ أزياء لصالح نجم كرة السلة كريس بول وغيره من لاعبي الدوري، وهي تتفق مع تقييم فيشر، إذ قالت: "يعرف كثير من الرجال مَن ستيف كوري ومَن كريس بول".

وأشارت إلى اتباع الرياضيين أساليب مختلفة تلبّي الأذواق كافة. مثلاً، يفضّل لاعب "ميامي هيت" كيفن لوف أسلوب "رالف لورين" الأميركي الكلاسيكي، فيما يختار نجم "واشنطن ويزردز" كايل كوزما آخر صيحات الموضة مباشرة من خشبة العرض. قالت مايس: "يمكنك أن تجد نفسك في أحد أولئك اللاعبين، وتقلّده".

يرى أندرو وايتز الذي يساعد كبار الأثرياء على اختيار أزياء مناسبة لهم من خلال شركته "وايتز إيفكت" (Weitz Effect)، أن عنصراً واحداً من إطلالة نجم رياضي عادةً ما يلهم الرجال، لا كامل إطلالته. قال: "يتعلّق الأمر أكثر بالقطع الفردية؛ أجد أن الرجال لا يتجهون نحو الأمور المميزة، بل أكثر نحو إطلالة أنيقة مناسبة لكلّ يوم"، في ما يُعرف بـ"الترف الساكن" في لغة عام 2023.

تعليقاً على ذلك قال جايسون أراشبين، صاحب متجر المصوغات الفاخرة "جايسون أوف بيفرلي هيلز" (Jason of Beverly Hills): "حين بدأت مسيرتي المهنية (عام 2002)، كانت الموضة الراقية والموضة التي يرتديها الرياضيون أمرين مختلفين تماماً، والآن امتزجا".

يبيع أراشبين المصوغات المرصّعة بالألماس للرياضيين بأسعار باهظة جداً منذ زمن طويل، لكنه بدأ أخيراً يتلقّى سيلاً من الاتصالات من زبائن يطلبون تصاميم محدّدة بعد أن يشاهدوها على أحد اللاعبين، أو ما يشابهها.

قال: "كم مباراة يلعب لاعبو كرة السلة؟ 82 مباراة في الموسم الواحد؟ هذه 82 مرّة يدخلون ويخرجون فيها من الملعب. والآن بتُّ أتلقى مرّة أو عدّة مرّات في الأسبوع اتصالات من شخص يقول: مرحباً، لقد رأيت فلاناً يرتدي هذا السوار أو تلك الساعة، هل لديك مثلهما؟". وحسب أرابشين، لا يقتصر تأثير الرياضيين على إلهام الجمهور، بل "يؤثرون أيضاً في خيارات المديرين الإبداعيين في كبرى دور الأزياء، فهم يوجّهون الموضة".

دور وسائل التواصل الاجتماعي

أبرمت "برادا" في مايو عقداً مع لاعب كرة السلة الصيني يانغ شويو ليصبح سفيراً لعلامتها التجارية، في محاولة للابتعاد عن مشاهير الغناء والتمثيل، والتوجه نحو الرياضيين. أمّا دريس فان نوتن فألبس عارضيه سترات رياضية فضفاضة في مجموعته لربيع وصيف 2023، فيما جلس كوزما في الصفّ الأول في عروض أزياء "ريك أوينز" و"كنزو"، وشوهد سائق "فورمولا وان" لويس هاميلتون في عرض أزياء "لوي فيتون".

رغم كثرة الأمثلة عن رياضين تحوّلوا إلى رموز للموضة، مثل ديفيد بيكهام ودينيس رودمان ووالت فرايزر وجو ناماث، فإن هذا الهوس الجديد بأزياء الرياضيين ما هو إلا وليد شبكات التواصل الاجتماعي. فعلى الرغم من تمتع الرياضيين بأجسام جذّابة وتقاضيهم رواتب خيالية، ما يجعلهم من أقدر الأشخاص على ارتداء الأزياء الراقية، تجاهلهم قطاع الموضة لوقت طويل.

قالت مايس: "لطالما كان أولئك الشباب يتأنقون، فالموضة جزء من ثقافة كرة السلة منذ السبعينيات والثمانينيات، حين كان لاعبون مثل فرايزر وويلت تشامبرلين يدخلون الملعب بمعاطف فرو وقبعات فيدورا، غير أن الأمر لم يكن يثير ضجةً كبيرة. لكن اليوم، بما أن الأمور كافة تُنقل مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإن المستهلكين يطّلعون عليها بطريقة جديدة".

بعبارة أخرى، صحيح أن معاطف الفراء التي ارتداها ناماث ربما شكّلت لحظات أيقونية، لكن الرجال لم يتدافعوا لشرائها كما فعلوا حين كسا وايتز زبونه توم برايدي بسترة "هارينغتون" خفيفة من "توم فورد" ظهر بها لدى وصوله إلى مباراة السوبر بول في 2021 (نفدت هذه القطعة التي قد يصل سعرها إلى 5 آلاف دولار بسرعة كبيرة عند طرحها في السوق).

تداخل الموضة والرياضة

اليوم تنشط صناعة صغيرة مستفيدة من هذا التداخل بين الموضة والرياضة، منها حسابات على "انستغرام" مثل @LeagueFits (963 ألف متابع) وحسابا @BlitzFits (99 ألفاً) و@MLB.Fits (85 ألفاً) اللذان يركزان أكثر على دوري كرة القدم الأميركية. أمّا النتيجة فهي دوّامة من الأفعال وردود الأفعال، إذ يرتدي اللاعبون ملابس تلفت أنظار حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تتابعهم، ويصبح بالتالي لدى هذه الحسابات مزيد من الأخبار لتشاركها مع متابعيها.

يحصد رياضيو الصفّ الأول القدر الأكبر من الاهتمام. وقال تشاد أيفري الذي حوّل حسابه @NBAFashionFits (238 ألف متابع) من صفحة معجبين عادية إلى قوّة لا يُستهان بها، إن "اللاعبين مثل ليبرون (جيمس) يُبْلون بلاءً جيداً على الدوام. هو ليس المغامر الأكبر ولا الأكثر أناقة، ولكنه بالتأكيد الأكثر شعبية، وهنا يكمن الفرق".

من جهته، يرى ستون، المستثمر العقاري، أن الأناقة تنطوي على جانب نفسي. قال: "يشكّل أسلوب أولئك الشباب انعكاساً لطريقة لعبهم؛ حين يدخل لوبرون أو جيمي باتلر الملعب، يبدوان بشكل جيد كأنهما ذاهبان إلى اجتماع عمل. يتعامل لوبرون مع المباراة بجدية وملابسه تعكس ذلك، والنتائج تتحدث عن نفسها".

ربما ليست هذه إلا بداية الموضة في عالم الرياضة، إذ يتفق كثير من منسقي الأزياء والمستهلكين على أنه رغم شعبية لاعبي كرة القدم الأميركية والبيسبول، فإن نجوم كرة السلة لا يزالون يهيمنون على الموضة في أوساط الرياضين. ولم تنتشر بعد بما يكفي لدى الأميركيين أكثر الألعاب الرياضية أناقة، كرة القدم.

[object Promise]
تصنيفات

قصص قد تهمك