بلومبرغ
تعمل شركة إسبانية ناشئة متخصصة في الملابس المستعملة على التوسّع في سوق لطالما استعصت على أكبر العلامات التجارية، من خلال فرضها شروطاً صارمة على الباعة لناحية الكمية والنوعية.
تتيح "ميكوليت ويب" (Micolet Web)، التي تتخذ في بلدة إيرانديو قرب بيلباو مقراً لها، لزبائنها شراء الملابس المستعملة في أربعة متاجر لها بمنطقة الباسك شماليّ إسبانيا وفي سبع دول أوروبية عبر موقعها الإلكتروني، وتقول الشركة إنها تحقق العائدات اللازمة لتحقيق النموّ لأنها لا تقبل إلا بحزم من 20 قطعة على الأقلّ ممن يوكلونها للبيع لصالحهم، وتلتزم بشدّةٍ المعايير المتعلقة بالملابس.
قال رئيسها التنفيذي إيكر فيليز دي مينديزابال إن الشروط التجارية هذه تساعد "ميكوليت" على الحدّ من كمية الملابس منخفضة الجودة والتالفة أو غير القابلة للبيع التي قد تتلقاها الشركة، ما يرفع كفاءة فرز الملابس ويحدّ من التأثير البيئي للشحن. أضاف: "بهذه الطريقة تكون 90% من الملابس التي تصلنا صالحة للبيع".
مخلفات الموضة
أسس خوسيه ماري ديل مورال ألفاريز وأريتزا لورونو مارتينز "ميكوليت" عام 2015، مدفوعين بالأمل في التوصّل إلى حلّ لمشكلة مخلفات الموضة من خلال وهب حياة جديدة للملابس التي بالكاد ارتداها الناس. بيّن استطلاع نشرته جمعية (Waste and Resources Action Programme)، وهي مؤسسة خيرية بريطانية معنية بالموارد ومنع الهدر، أن البريطانيين لا يستعملون ربع ما لديهم من ألبسة، وأن الفساتين والتنانير هي أكثر قطع الملابس التي لا ترتديها مالكاتها، وينتهي المطاف بأكثر الملابس المُتبرع بها في مكبّات النفايات أو متناثرة على شواطئ غانا، أكبر مستورد للملابس المستعملة، حين لا تفيض الواردات على حجم سوقها.
تعمل "ميكوليت" وسيطاً بين الباعة والمشترين، فتدير المخزون وتنشئ قوائم بالملابس المتوفرة وتشرف على السوق الإلكترونية والمتاجر. تحصل الشركة على نسبة 25% على كلّ عملية بيع، إضافة إلى رسم ثابت قدره 1.50 يورو (1.64 دولار) عن كلّ قطعة تبيعها. رفضت الشركة الكشف عن أرقامها المالية، إلا أنها قالت إنها تبيع أكثر من مليون قطعة سنوياً، ولديها 115 موظفاً.
هذه الشركة الناشئة واحدة من عدّة مؤسسات ناشطة في مجال الملابس المستعملة ظهرت أخيراً، ومن بينها مؤسسات أطلقتها علامات تجارية كبرى. ففي أوروبا تتنافس "ميكوليت" مع أسواق إلكترونية معروفة متخصصة ببيع الملابس المستعملة، مثل "فيسيتير كوليكتيف" (Vestiaire Collective) و"فينتيد" (Vinted) و"إي باي".
توسع سريع
على الصعيد العالمي، يُتوقع أن يكون نمو عوائد الملابس المعاد بيعها أسرع بـ11 مرّة من سوق بيع الملابس بالتجزئة، رغم أن حجمها لا يزال أصغر بكثير من السوق الإجمالية، إذ يُتوقع أن تبلغ عائداتها 47 مليار دولار في 2025، مقارنة مع 15 مليار دولار في 2022، حسب شركة "ماكنزي أند كو".
مع ذلك لم يتمكّن القطاع بعد من إحداث تغيير كبير في قطاع إنتاج الملابس ككلّ، لأن هوامش الربح من الملابس المستعملة لطالما كانت ضيقة وغير قابلة للتوقع، حتى إن الشركات الكبرى التي أطلقت منصات لإعادة بيع الملابس لا تزال تحقق جلّ أرباحها من الملابس الجديدة.
إلى جانب تلقّي الملابس لبيعها بالوكالة، تتعاون "ميكوليت" مع محالّ البيع بالتجزئة الصغيرة في إسبانيا من أجل جمع الملابس المستعملة من خلال متاجرها، كما تبيع ما يفيض عنها من مخزون، لبعض العلامات التجارية الأخرى. وهي ترى فرصة يمكن انتهازها على هذا الصعيد بما أن محالّ البيع بالتجزئة في الاتحاد الأوروبي بدأت تخضع لقوانين جديدة تُلزِمها إدارة النفايات التي تتسبب بها.
برأي فيلو كوادرادو، رئيس وحدة "ترانسفورما" في شركة "إيرنست ويونغ" ومسؤول الأعمال الاستشارية للشركة في إسبانيا، يصعب التوفيق بين بيع الملابس المستعملة وتسويق المخزون الفائض في الوقت نفسه. قال: "حين تهب حياة جديدة لقطعة ملابس، تمنع على الأرجح شراء قطعة جديدة، وفي الوقت نفسه تستفيد من طلب كبير جداً ممن يسببون التلوث".
من جانبه، يرى رئيس "ميكوليت" التنفيذي أنه لا بدّ من بذل جهد من أجل بيع كلّ قطعة ملابس، جديدة كانت أو مستعملة، بسبب التأثير البيئي الناجم عن إنتاجها. وقال فيليز دي مينديزابال: "نحن شغوفون بتحقيق الاستخدام الأقصى من كلّ قطعة ملابس من أجل الحدّ من التأثير السلبي لإنتاج المنسوجات العالمي فيما ندفع بالقطاع نحو الإنتاج المستدام".