انتشار مهدئ بيطري يفاقم أزمة تعاطي المواد الأفيونية

دواء زيلازين كان عاملاً في أكثر من ثلاثة آلاف وفاة في الولايات المتحدة خلال 2021

time reading iconدقائق القراءة - 17
المواد الأفيونية تسببت في صراع مستمر مع سلاسل الصيدليات - المصدر: بلومبرغ
المواد الأفيونية تسببت في صراع مستمر مع سلاسل الصيدليات - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يُسرِّع مهدئ معدّ للاستخدام الحيواني لم يسمع به كثيرٌ من الناس انتشار وباء تعاطي الأفيونيات القاتل في الولايات المتحدة، وهو أمر يحبط مسؤولي الصحة والمشرعين، الذين لا يستطيعون منع الناس من الحصول عليه.

عزا مسؤولو الصحة أكثر من ثلاثة آلاف وفاة بجرعة مخدرات زائدة في الولايات المتحدة خلال 2021 إلى عقار زيلازين (xylazine) المهدئ، ويُرجّح أن يكون العدد الحقيقي أكبر من ذلك.

في العام ذاته، كان المهدئ عاملاً مؤثراً في أكثر من ثلث الوفيات بجرعة زائدة في مناطق ينتشر فيها بشكل كبير مثل فيلادلفيا، مقترناً مع عقار فنتانيل. تسارع الجهات التنظيمية لتتبع مصدر الدواء، فيما يبحث الأطباء عن سبل معالجة المرضى.

يشكل زيلازين تهديداً بطرق شتى؛ فهو يقبض الأوعية الدموية، ما يُسهِّل الإصابة بجروح خطيرة قد تؤدي أحياناً إلى فقدان الأطراف، كما يُثبّط التنفس ويخفض ضغط الدم. لا يُعتبر ذلك الدواء المخدر من المواد الأفيونية، لذا لا يستطيع المسعفون الاعتماد على أدوية مثل نالوكسون لتعطيل مفعوله.

أعلن البيت الأبيض في أبريل أن المزج بين زيلازين وفنتانيل يمثل تهديداً ناشئاً، وعقد اجتماعاً لمجموعة عمل تضم وكالات مختلفة لوضع خطة استجابة على مستوى البلاد.

لكن زيلازين ما يزال متوفراً بكثرة ويسهل الحصول عليه. كتبت إدارة مكافحة المخدرات في تقرير نشرته في أكتوبر 2022 أن الشرط الوحيد للحصول على زيلازين هو حيازة وصفة طبية، و"يسهل الحصول عليه" من مواقع على الإنترنت التي لا تتحقق من الاحتياجات البيطرية للحصول على المنتج.

قالت كاثرين كورتيز ماستو، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيفادا، وهي ديمقراطية: "نحن نرى الآثار المدمرة لذلك في مجتمعنا الآن، وذلك لأنه غير ممنوع قانونياً".

من أين يأتي؟

يُرجّح أن تجار المخدرات يشترون عقار زيلازين الرخيص ويمزجونه بالمواد الأفيونية لزيادة أرباحهم، وفقاً لإدارة مكافحة المخدرات. فيما تصل أسعار الجملة في الولايات المتحدة لكيلوغرام من الهيروين أو فنتانيل لعشرات آلاف الدولارات، يمكن شراء الكمية ذاتها من زيلازين من موردين صينيين مقابل 20 دولاراً أو أقل، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.

تسعى الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة لاكتشاف مصدر حصول تجار المخدرات على الدواء، سواء باستيراده أو سرقته أو من خلال حيازة وصفات طبية غير مشروعة، أو مزيج من كل هذه الطرق. ربما تكون الشحنات آتيةً من الصين والمكسيك والهند وروسيا.

قالت كيلي دتويلر، خبيرة الامتثال التنظيمي التي تقدم المشورة للأطباء البيطريين، إن سرقة دواء زيلازين على الأرجح "تحدث منذ فترة أطول بكثير مما يدرك أي شخص". بيّنت دتويلر أن إحدى السرقات من إحدى المستشفيات البيطرية أخيراً طالت كميات تكفي "لتخدير خيول بعدد ما تجده في مضمار سباق". أشارت دتويلر إلى أن أحد العاملين كان وراء سرقة هذه الكمية فيما يبدو.

يقول الموزعون، بعدما تعرضوا لانتقادات بسبب دورهم في أزمة المواد الأفيونية، إنهم يطبقون إجراءات وقائية لضمان أن الطلب على زيلازين موجه فقط للاستخدام البيطري. تقول كل من "أمريسورس برغن" (Amerisource Bergen)، وهي شركة تبيع الأدوية بالجملة، و"كوفتروس" (Covetrus)، وهي شركة مختصة بصحة الحيوانات، إنهما توزعان الدواء للأطباء البيطريين المرخصين فقط.

تقول "أمريسورس برغن" إنها تشحن المنتج لمتاجر بيع المنتجات البيطرية بالجملة، وترصد "أي أنماط في الطلب قد تشير إلى احتمالات تحويل مسار" الشحنات.

تدابير قاصرة

تدير نانسي نيومان "بريدج فاونديشن" (Bridge Foundation)، وهي منظمة لا تهدف للربح في منطقة فيلادلفيا تدعم رحلة الشباب في التعافي من الإدمان. فقدت نيومان ابنها في 2019 بسبب جرعة مخدرات زائدة احتوت على فنتانيل وزيلازين.

تشرح نيومان أن هنالك إجراءات عدة ربما كانت لتساعد على درء الخطر، بما في ذلك تمويل المنظمات المجتمعية، ورفع الوعي بشأن عقار زيلازين، وتقديم فحوص توضح للمستخدمين المواد الموجودة في العقاقير غير المسموح باستخدامها التي اشتروها وتوفر أماكن للحقن الآمن.

قالت: "أعلم أن أياً كان هذا، فهو غير موجود، ما يزال غير موجود رغم مئات آلاف الوفيات، بالضبط مثل ابني الذي لم يعد موجوداً".

صنعت شركة "باير" (Bayer) عقار زيلازين في 1962، وحصل على موافقة بعد عقد للاستخدام البيطري فقط. لم ترد شركة "ديكرا"، التي تملك حقوق الدواء الأصلي الذي طورته "باير"، على عدة طلبات بالتعليق على الأمر. كما لم ترد "بايميدا أنيمال هيلث" (Bimeda Animal Health) و"أكورن أوبريتنغ" (Akorn Operating) و"شانيل فارماسيوتيكالز مانيفاكتشرينغ" (Chanelle Pharmaceuticals Manufacturing) على طلبات للتعليق، وكلها مدرجة على موقع إدارة الغذاء والدواء كشركات حصلت على الموافقة لتصنيع عقار زيلازين، بعدما انتهت حصرية براءة اختراعه.

اتخذت شركات أخرى خطوات لتنأى بنفسها عن الدواء. من خلال صفقات الاستحواذ، حصلت كل من شركة أميركية تابعة لشركة "بوهرينغر إنغلهايم" (Boehringer Ingelheim) و"كرونس فارما سبيشالتيز إنديا" (Cronus Pharma Specialties India) على حقوق بيع زيلازين في الولايات المتحدة، لكن لم تصنع أي من الشركتين الدواء أو تطرحه للبيع.

قال متحدث باسم "بوهرينغر"، ومقرها ألمانيا، إن الشركة سحبت "مؤخراً طلب التقديم بعد حصوله على الموافقة لأن زيلازين "ليس أولوية تجارية". تقول "كرونس" إنها قد تصنع المنتج للاستخدام البيطري في المستقبل.

وضع صعب

زاد مركبا زيلازين وفنتانيل من صعوبة تيقّن الأطباء من الوضع الذي يتعاملون معه. قال رايان ألكساندر، مدير الشؤون الطبية في مركز "ماكناب" (McNabb) وهي منشأة محلية للصحة العقلية في نوكسفيل بولاية تينيسي: "إذا كنت تعالج أعراض انسحاب المواد الأفيونية، ثم دخل شخص وقال إنه يتعاطى الهيروين، بإمكانك حقاً افتراض أنه بالفعل يتعاطى الهيروين".

قال ألكساندر إنه حين ينطوي الأمر على مادة مهدئة، مثلما يحدث بشكل متكرر هذه الفترة، "فإننا لا نعالج كل ما تنطوي عليه الحالة".

وفقاً لإدارة الغذاء والدواء، لا توجد علاجات حصلت على موافقة لمجابهة آثار زيلازين؛ لذا على الأطباء الاعتماد على الرعاية الداعمة حين ينخفض ضغط دم المرضى ومعدل تنفسهم. أحد المخاوف الوارد حدوثها أيضاً هو أن الدواء قد يضعف فاعلية علاجات أعراض انسحاب الأفيونيات، ما قد يؤدي إلى أعراض أسوأ ومزيد من الجرعات الزائدة.

يسعى المسؤولون لتصعيب الحصول على عقار زيلازين. اتخذت إدارة الغذاء والدواء إجراءات لتحسين سبل رصد الشحنات الخارجية، كما أصدرت تنبيهات للاستيراد في أواخر فبراير لإيقاف الشحنات لأغراض غير بيطرية.

وفقاً لمتحدث باسم إدارة الغذاء والدواء، ستفحص الإدارة الشحنات لتضمن أن منتجات زيلازين تحمل المسمى الصحيح وأنها "في طريقها لسلاسل إمداد مشروعة من أجل الاستخدام البيطري". كما يمكن احتجاز الشحنات التي تبدو غير قانونية.

مشروع قانون جديد

تدعم كورتيز ماستو، عضوة مجلس الشيوخ عن ولاية نيفادا، مشروع قانون مقترح من الحزبين يُصنِّف عقار زيلازين على أنه مادة خاضعة للرقابة مُدرجة في الجدول الثالث، ما يضعها في فئة العقاقير التي عادةً ما يُساء استخدامها مثل مركب كيتامين.

سيتطلب الأمر تسجيل كل الشركات المصنّعة والموزعين لدى إدارة مكافحة المخدرات وتوثيق المعاملات والمخزونات، وسيسمح للإدارة برفع دعاوى قضائية بتهم الحيازة غير القانونية.

لقد اتخذت بنسلفانيا وأوهايو ووست فرجينيا خطوات لتصنيف زيلازين على أنه دواء مُدرج في الجدول الثالث. خطت فلوريدا خطوة أكثر تشدداً عندما أدرجت الدواء في الجدول الأول، وهو الفئة الأشد تقييداً في 2018.

لكن فوائد إنشاء مثل هذه الحواجز القانونية ربما تكون محدودة، حسبما تقول أليكس ديتمور من "ناشونال هارم ريدكشن كواليشن" (National Harm Reduction Coalition)، وهي مجموعة تعمل من أجل السيطرة على تعاطي المخدرات وكذلك تخفيف العقوبة المفروضة على متعاطيها.

ترى ديتمور أنه ينبغي تركيز الجهود على فهم آثار زيلازين وكيفية معالجتها، وقالت: "لو كان التصنيف ناجحاً، لم نكن لنشهد وباء فنتانيل هذا، الذي أضحى الآن وباءً مركباً يشمل عقاري فنتانيل وزيلازين".

تصنيفات

قصص قد تهمك