بلومبرغ
كان ناثانيال رو، أحد مؤسسي شركة "سويت غرين" وكبير مسؤولي العلامة التجارية، في أحد مطاعم السلسلة المتخصصة بالسلطات الفاخرة ليتحدث عن آلة غريبة من فولاذ لامع وزجاج تشابه مع حواسب الستينيات حجماً، تلوح وراء طاولة الخدمة في مقدمة الفرع الذي سيفتتح قريباً.
قال: "حاولنا إبقاء الأمر طي الكتمان بانتظار ثبوت جدواه، ولم نرغب بأن نقطع وعوداً".
مهمة النظام الآلي، الذي أطلق عليه اسم "إنفينيت كيتشن" (Infinite Kitchen)، هي توضيب مئات أطباق السلطة المتنوعة من سلطة "هارفست" إلى "سيزر" الملفوف، فضلاً عن العديد من أصناف السلطات الفاخرة الأخرى التي سينتجها هذا المطعم يومياً.
يوجد فريق صغير من المهندسين في المطعم، الواقع بضاحية نابرفيل في شيكاغو، كي يتصدوا لأي خلل قد يطرأ على خط التجميع الآلي في اللحظة الأخيرة. تحمس مايكل فريد، أحد مخترعي "إنفينيت كيتشن"، لاستعراض ما يمكن للنظام المبتكر إنجازه.
أدخل فريد بيانات عبر جهاز لوحي يعمل باللمس في المطعم كي يُحضّر سلطة هليون الربيع، فانطلق طبق قابل للتحلل مسرعاً على مسار التوضيب الآلي أمامنا، وكانت له وقفات تحت مجموعة أنابيب بلاستيكية شفافة، تشبه تلك التي تُستخدم لتوزيع الحلوى في المتاجر، غير أنَّها مليئة بالجرجير والعدس والشمندر بدل الحلوى.
يدور الطبق حول محوره فيما تتساقط مكونات السلطة بداخله، أو بلغة الهندسة في نظام حركة عبر "درجتي حرية"، فيبدو الطبق وكأنَّما يؤدي رقصة باليه ليضمن توزيعاً متقناً لمكوّنات السلطة لتكون كما تبدو في الصور.
تقنية سرية
تحيط الشركة آلية توزيع الخضراوات الدقيقة بسرية تامة، وقد أقسمت ألا أكشف تفاصيل ما شاهدته داخل "إنفينيت كيتشن". لكن باختصار، هذه الآلة الضخمة بإمكانها التعامل مع معظم مكونات سلطات "سويت غرين" الخمسين، بدءاً من البيض المسلوق إلى الملفوف المبشور والأجبان الطرية.
في نهاية خط التجميع، يضيف موظف يرتدي الزي الرسمي للعلامة التجارية أي مادة لا تستطيع الروبوتات التعامل معها، مثل الأعشاب أو إضافات جانبية مثل خلطات التتبيل، ويفحص الطلب مجدداً قبل وضعه على رف الاستلام.
قال فريد: "أعتقد أنَّ هذا هو الإصدار السادس أو السابع من نظام التوزيع لدينا في هذه المرحلة. لقد اعتدنا أن نمزح بشأن مكونات قائمتنا، فلو كانت كلها من فول الصويا الأخضر، لكان الأمر أسهل كثيراً".
كانت "سويت غرين" قد أنشأت سلسلة مطاعم سريعة بارزة لدى تأسيسها قبل 16 عاماً.
تضم السلسلة حالياً 200 فرع، وقد تمحورت خططها التسويقية حول منتجات جاذبة للشباب من سلطات حسب الطلب، وهي في نمو مطرد. كما أنَّ الوعد بتقديم مكونات طازجة معدة داخلياً هو عماد خطة مبيعات "سويت غرين"، كما أنَّه ما يجعل إدارة المكان عملية مكلفة ومعقدة جداً.
بعد ارتفاع الأجور.. هل تكون الأتمتة والذكاء الاصطناعي بديلاً للعمال؟
على سبيل المثال؛ يتطلب تشغيل أي فرع من فروع "سويت غرين" التقليدية ما يصل إلى 20 موظفاً في كل مناوبة لتولي جميع مهام التقطيع والطهي وغسل الأطباق، حيث يُكَلَّف نصفهم تقريباً بتوضيب طلبات السلطة فور وصولهم.
سيستمر موظفو مطعم نابرفيل بإعداد جميع المكونات الطازجة داخل المطعم. لكنَّهم سيصعدون بضع درجات إلى منصة في الجزء العلوي من "إنفينيت كيتشن" لتغذية الأنابيب بالمكونات، بدل حمل أوعية فولاذية ضخمة مملوءة بالحمص والخيار لإعادة إمداد خطين أو ثلاثة خطوط توضيب قائمة على العمالة البشرية. تراقب مستشعرات ليزر امتلاء الأطباق، وتعرض على الشاشات الحاجة الملحة لإضافة مكوّن آخر، على سبيل المثال؛ القرنبيط الحار أو "تتبيلة سلطة ما".
ثورة روبوتات
قال رو: "يشكل حجم الحصص وغياب المكونات أبرز أسباب تعليقات العملاء السلبية بشأن الخدمة لدينا". غالباً ما تحوي سلطات "سويت غرين" على 12 مكوناً تقريباً، فضلاً عن عديد منها يمكن تعديله حسب الطلب، مما يصعب تحضير جميع الطلبات بالسرعة المطلوبة.
قالت الشركة إنَّها تلبي نحو 90% من الطلبات بشكل صحيح على مستوى النظام حالياً، كما أنَّ الهدف هو أن يساعد "إنفينيت كيتشن" في تحقيق دقة شبه مثالية.
إذاً ما هو مصير موظفي إعداد السلطات؟. قال رو إنَّ بعضهم سيُفرز ليشغل وظائف أخرى في المطاعم. على سبيل المثال؛ سيكون هناك "مضيف" واحد على الأقل يوزّع العينات، ويشرح طريقة الطلب للزبائن الجدد. لكن سيقل عدد الموظفين في كل مطعم بالتأكيد. قال رو: "فور بداية استخدام (إنفينيت كيتشن)؛ سيعمل عدد أقل من الموظفين في كل مناوبة. لكنَّنا لا نعرف عددهم بالتحديد حتى الآن".
أدركت "سويت غرين" الإمكانات الاستراتيجية التي ينطوي عليها الوصول إلى عملائها عبر تطبيق إلكتروني في وقت مبكر، وهو ما جعلها تتربع على عرش سلاسل بيع السلطات الفاخرة. اليوم، تتلقى "سويت غرين" أكثر من 60% من الطلبات عبر موقعها الإلكتروني أو التطبيق الخاص بها، وهي نسبة مرتفعة، كما أنَّه طموح تسعى أسماء كبيرة عدة لتحقيقه في قطاع سلسلة المطاعم، بما في ذلك "تشيبوتلي" (Chipotle) و"بانيرا" (Panera).
يدعو هذا المرء للتساؤل: ماذا لو أعاد التاريخ نفسه، لكن هذه المرة في مطابخ المطاعم؟ هل آلة تجميع السلطة تلك هي أحدث المؤشرات على كون صناعة الوجبات السريعة بأسرها على أعتاب تغيير تدريجي فيما يتعلق بأتمتة وظائفها؟
تعد التساؤلات من هذا القبيل بمثابة إشارة البدء لتكهنات متلاحقة حول انتهاج استراتيجية الأرض المحروقة، واندلاع ثورة روبوتات للقضاء على الوظائف في مطاعم بجوارك. يمكن أن تعطي التغطية الإخبارية لصناعة المطاعم انطباعاً بأنَّ مستقبلنا بات أشبه بمسلسل "ذا جتسونز".
تجارب سابقة
جاء في أحد عناوين الأخبار الرئيسية في يناير: "شاهد: (ماكدونالدز) تفتتح أول موقع مؤتمت بالكامل في تكساس"، فيما حمل مقال آخر نشر العام الماضي عنوان: "مطاعم (تاكو بيل) بلا لمس قد ترسم مستقبل طلب الطعام عبر نقاط الشراء المعدّة للمرور بالسيارات".
لكن لم تتناول الأتمتة، على أرض الواقع، سوى عملية الطلب في مطعم "ماكدونالدز" بولاية تكساس، وما يزال طاقم العمل هناك يباشر أعمال الطهي. كما أنَّ مطاعم "تاكو بيل"، التي تتيح الطلب عبر منافذ السيارات، تتطلب عدداً أكبر من الموظفين لتشغيلها مقارنةً مع مطاعمها التقليدية، وفقاً لما قاله داني كلاين، مدير تحرير الإصدار التجاري من مجلة "كيو إس آر" (QSR). لكنَّ تجارب أتمتة وظائف المطاعم انتشرت بالفعل في كل مكان.
على سبيل المثال؛ تصنع ذراع آلية تسمى "ألفريد" السلطات في القواعد العسكرية، فيما تحضر أخرى العصائر داخل أكشاك. كما تختبر شركة "تشيبوتلي ميكسيكان غريل" روبوت "تشيبي" الصغير لقلي أرغفة التورتيا.
كانت شاحنة بيتزا آلية صممها مجموعة من مهندسي "سبيس إكس" السابقين تجربة بارزة على صعيد الأتمتة في قطاع المطاعم. تتضمن التقنيات الأخرى آلة توزيع لمكونات البيتزا تسمى "بيسترو"، وخط تجميع آلي للبيتزا من إنتاج شركة "بيكنيك وركس"، وروبوت يسمى "بيتزا بوت"، وغيرها من الروبوتات الأخرى المتخصصة في تصنيع البيتزا.
سباق "الأتمتة"..لماذا تخشى أمريكا التكنولوجيا؟
مع ذلك؛ تظل حقيقة الأمر هي أنَّ ما يحدث خلف وراء أبواب المطابخ أبعد ما يكون عن العصرية، عندما يتعلق الأمر بأعمال الطهي الفعلية التي يتولاها معظم موظفي سلاسل الوجبات السريعة والمطاعم البسيطة، وذلك برغم أتمتة قطاع كبير من أنظمة طلب الوجبات السريعة عبر التطبيقات والأكشاك. ما تزال الغالبية العظمى من التقنيات الروبوتية قيد التجربة، كما أنَّها لم تجتذب بعد رأس المال اللازم للانتقال إلى مرحلة التصنيع واسع النطاق.
قال ريتش شانك، المدير الأول ونائب رئيس قطاع الابتكارات التقنية لدى شركة "تكنوميك" لاستشارات خدمات الطعام: "تخلفت صناعة خدمات الطعام عن بقية السوق فيما يتعلق بأي ابتكارات قائمة على التقنية لفترة طويلة". فيما تستخدم نحو 20% من مخازن الشركات شكلاً من أشكال الروبوتات، لكنَّ هذه التقنية تستخدم اليوم في أقل بكثير من 1% من المطاعم، وفقاً لشركة "إنترأكت أناليسيز غروب هولدينغز" لأبحاث السوق.
تكلفة الأتمتة
لقد اتضح أنَّه يصعب تصنيع روبوت يرتقي لقدرة الإنسان على التكيف فيما يتعلق بجميع المهام التي ينطوي عليها إعداد الطعام، إذ تعد الحلول الروبوتية الحالية مجرد حلول جزئية. يعتبر الروبوت "فليبي 2"، وهو طباخ آلي للقلي تصنعه شركة "ميسو روبوتيكس"، الأقرب لجهاز رئيسي أمكن تعميمه في بضع عشرات من فروع المطاعم في جميع أنحاء الولايات المتحدة، إذ تندرج غالبيتها تحت علامة سلسلة "وايت كاسلز" التجارية للوجبات السريعة.
يُذكر أنَّ الإصدار الأول من الروبوت "فليبي 2" صُمم لإعداد أقراص الهامبرغر. يرجح الرئيس التنفيذي لشركة "ميسو روبوتيكس" تركيب روبوتات "فليبي 2" في 100 مطعم بحلول نهاية العام، معولاً على وجود 200 ألف مطعم وجبات سريعة وبسيطة في الولايات المتحدة وحدها.
قد يبدو تباطؤ وتيرة الابتكار مستغرباً على خلفية ما تواجهه المطاعم من بيئة عمل تفيض بالتحديات في ظل ارتفاع التكاليف، وتسجيل معدلات شواغر شبه قياسية، وتخطي متوسط مبيعات الصناعة السنوي 100%. قال شانك إنَّ سلاسل المطاعم أكثر تجنباً للمخاطرة مقارنةً بالشركات الأخرى، نظراً لما يشهده قطاع خدمات الطعام من منافسة شرسة وهوامش أرباح متدنية.
لنأخذ بالاعتبار أنَّ تكاليف إضافة أي جهاز آلي جديد إلى مطبخ للوجبات السريعة لا يقتصر على سعر الجهاز، بل على تكلفة وقت تعطيل العمل أيضاً لتركيبه وتدريب الموظفين على كيفية استخدامه، فضلاً عما سيترتب على أوجه القصور الأخرى من خسائر إن لم يفِ الجهاز بالمهام التي تعهدت الشركة المصنعة بأدائه لها على النحو المطلوب.
في كثير من الأحيان، يجب أيضاً ترويج الفكرة لدى أصحاب الامتيازات. قال الرئيس التنفيذي لشركة "ماكدونالدز" كريس كيمبزينسكي، في مؤتمر لمناقشة الأرباح عقد عن بعد العام الماضي، إنَّ التشغيل الآلي للمطبخ سيتطلب تعديلات كثيرة باهظة التكلفة ليصبح وجوده منطقياً في غالبية مطاعمها.
روبوتات الشحن قد تحل محل 500 ألف وظيفة أمريكية
صُمِّمَت بعض روبوتات المطبخ لدعم أفكار مختلفة لما يمكن أن يكون عليه المطعم، مثل صانع أقراص الهامبرغر الآلي "كريتور" (Creator) أو كشك إعداد العصير "بلينديد" (Blendid). لكنَّ التوسع في أعمال المطاعم يتسم بالبطء ويتطلب رؤوس أموال ضخمة، كما أنَّ الأذرع الروبوتية التي لا يمكنها التفاعل مع العملاء لا تتمتع بمهارات بيع رائعة.
رُكِب روبوت "كريتور" في مطبخ مطعم واحد، و"بلينديد" في ثمانية بعد انقضاء ما يقرب على عقد. لقد انهار مطعم حظي باهتمام كبير يُدعى "إيتسا" (Eatsa) قبل بضع سنوات، فيما فشلت الروبوتات في إعداد الوجبات في مطاعم "زوم بيتزا" فشلاً ذريعاً، وأقصي الروبوت "سالي" الذي صمّمته شركة "دورداش" من المنافسة.
معايير النجاح
حتماً ستظهر بعض الأجهزة الروبوتية بمرور الوقت، فتاريخ الوجبات السريعة ما هو إلا سجل للابتكارات الموفرة للعمالة برغم كل شيء. على سبيل المثال؛ توصّل راي كروك لفكرة لصالح "ماكدونالدز" أثناء عمله كبائع لخلاط تحضير العصائر "مالتي ميكسر"، فكان بمثابة ماكينة معقدة لخلط خمسة أنواع من مخفوق اللبن مع الفاكهة أو الشكولاته في وقت واحد.
تدور هوية القطاع، منذ ذلك الحين، حول إيجاد طرق جديدة أفضل للإيفاء بوعد السرعة والقيمة مثل تلك الخلاطات المعقدة والشوايات والأفران الأذكى والأسرع أداء، والبرامج التي تسهل جدولة المهام أو توفير إرشادات الطهي خطوة بخطوة.
تشكل تلك الابتكارات نوعاً من الأتمتة بشكل أو آخر، ويبدو أنَّها عززت نمو الوظائف حتى الآن وليس نقيض ذلك، فقد تضاعفت معدلات التوظيف في قطاع خدمات الطعام تقريباً منذ 1990 إلى الوقت الحاضر، وهي حقبة شهدت إطلاق عدد لا يحصى من ابتكارات إعداد الوجبات السريعة الموفرة للعمالة، من آلات الإسبريسو الأوتوماتيكية إلى أكشاك الطلب.
مع ذلك؛ قد تقضي الروبوتات على بعض وظائف السلاسل المنفردة، خاصة تلك التي لديها فروع تحقق مبيعات ضخمة، وتقدم قوائم مبسطة، وتملك متاجرها؛ حتى وإن لم يكن من المتوقَّع أن تلغي معظم الوظائف عبر قطاع المطاعم عموماً. كانت المعايير التي تميز السلاسل المنفردة من بين معايير نجاح الأتمتة المدرجة في مذكرة بحثية حديثة نشرها البنك الاستثماري "ويليام بلير آند كو".
جاءت سلاسل "ستاربكس" و"تشيبوتلي" و"شيك شاك" في مراتب متقدمة من حيث تلبية المعايير سالفة الذكر، لكنَّ "سويت غرين" تصدرت القائمة عن جدارة. قد يشكل ذلك معاناة للقوى العاملة في سلسلة إعداد السلطات مستقبلاً حتى لو عزز "إنفينيت كيتشن" أرباح الشركة في نهاية المطاف.
صفقة مربحة
حصلت "سويت غرين" على تقنية "إنفينيت كيتشن" في 2021 لدى استحواذها على "سبايس" (Spyce)، وهي شركة روبوتات ناشئة بدت واعدة اقتصادياً. لقد أحبط ارتفاع تكلفة تناول الطعام الصحي واستهلاك تحضيره للوقت أربعة طلاب هندسة مفلسين في معهد ماساتشوستس للتقنية، هم: فريد وبريدن نايت ولوك شلويتر وكال روجرز.
تساءلوا عما إذا كان ابتكار إنسان آلي يمكن أن يساعد في تغيير هذا الواقع. فجمعوا آلة معقدة مصنوعة من الخشب الرخيص ومكونات أدوات المطبخ في قبو منزل الأخوية، واستغرق الأمر خمس سنوات، فضلاً عن تمويل بلغ 26 مليون دولار ليبدأ خط التجميع الآلي المبتكر العمل في مطعمين يركزان على السلطة والأطباق المشابهة المعدة آلياً. ثم بدأت "سبايس" تبحث عن شراة.
بلغ إجمالي تكلفة صفقة استحواذ "سويت غرين" على شركة الروبوتات الناشئة نحو 50 مليون دولار، وفقاً لإفصاحات للجهات الناظمة. سيعتمد الرقم الدقيق على أداء التقنية قياساً ببعض مؤشرات التطور غير المعلنة خلال السنوات المقبلة.
رفض رو الإفصاح عن حجم استثمارات "سويت غرين" في تقنية "إنفينيت كيتشن" إجمالاً، فيما وصف تكلفة تصنيع الآلة الضخمة بأنَّها تتجاوز تكلفة تركيب خط التجميع التقليدي "قليلاً". مع ذلك؛ تتلخص فكرة هذا الاستثمار في استعادة تكاليف التقنية الجديدة عبر خفض الوظائف.
الاشتراك بالروبوت يتيح أتمتة الشركات بتكلفة زهيدة
تشبه التقنية المعروضة في مطعم نابرفيل تقنية أخرى كانت "سويت غرين" قد حازتها في 2021 إلى حد كبير. يتضمن خط التجميع موزّعات جديدة لإضافة خلطات تتبيل السلطات، مع "خضاضات" مدمجة لضمان عدم انفصال مكونات الوصفات المصنوعة في المطعم دون الإضافات التي تأتي في تلك المعبأة آلياً. ما تزال "سويت غرين" تستعين بنموذج آلي لخلط السلطات عبر تحريك الأطباق من جانب إلى آخر، لكنَّه يخفق أحياناً، لذا؛ قد يكون الخلط في فرع نابرفيل يدوياً.
توقعات متواضعة
كانت المهمة الكبرى هي جعل "إنفينيت كيتشن" سهل الاستخدام قدر الإمكان، فابتكار نظام آلي يمكنه تجميع السلطة شيء، وتصنيع ماكينة، بحيث يستطيع عمال لديهم تدفق مرتفع للطلبات على مدار الساعة تشغيلها وصيانتها بنجاح، شيء آخر.
على سبيل المثال؛ كانت عملية تنظيف وتعقيم النظام تستغرق في البداية ساعات طويلة، وتتطلب تفكيكاً جزئياً، بينما يمكن غسلها الآن في نهاية اليوم في جزء صغير من وقت العمل.
تعتقد "سويت غرين" أنَّ خط التجميع الآلي قد يكون قادراً على التعامل مع عدد أكبر من الطلبات في أوقات الذروة، فضلاً عن توفير العمالة وتحسين الدقة. قالت الشركة إنَّ ذلك قد يجعل بقية الوظائف أكثر جاذبية أيضاً، إذ إنَّ غرف حبوب الكينوا تحت ضغط صياح مراهقين يرتدون سراويل اليوغا ليست وظيفة أحلام أي شخص. قال رو: "يصعب حقاً أن نطلب من أعضاء فريقنا أن يخدموا مئات الزبائن كل ساعة، وأن ينخرطوا معهم بالحديث بتركيز كامل لنحو 90 ثانية".
يؤكد رو أنَّ فرع نابرفيل هو مجرد مطعم تجريبي يستهدف اختبار قدرة "سويت غرين" على جذب العملاء في منطقة اخترقتها الشركة لتوها. تخوض الشركة تجربة عملية أخرى تتمثل في تجديد أحد مطاعمها في بوسطن ليعمل بنظام "إنفينيت كيتشن"، حيث سيخضع الفرع لاختبارات ضغط لمدة ستة أشهر على الأقل تتعلق بجميع فرضيات تأثير النظام على العمل قبل التفكير في أي توسع آخر.
كيف سيؤثر استخدام النظام الجديد على الاحتفاظ بالموظفين وتكاليف العمالة الإجمالية؟ وربما الأهم من ذلك: هل سيظل العملاء يرون أنَّ السلطات المصنوعة آلياً طازجة وفاخرة وتستحق تكلفتها؟
يمكن تخيّل مجموعة من النتائج المعقولة التي سيتمخض عنها استخدام نظام "إنفينيت كيتشن" بناءً على إجابات هذه الأسئلة. إن أدى النظام مهمته كما يجب وغيّر هيكل تكلفة "سويت غرين"؛ فسيبشر حينها بعصر من إنتاج السلطات الأرخص، وتحقيق هوامش ربح أكبر، فضلاً عن مزيد من الإقالات.
وربما لن يتأقلم الموظفون والعملاء مع الآلة الغريبة، فتحيلها الإدارة إلى العمل وراء الكواليس في المطابخ المخصصة لتسليم الطلبات التي يتلقاها المطعم عبر الهاتف أو إلكترونياً فقط، أو ربما ستكون تجربة كارثية تنتهي بدفنه في مقبرة الروبوتات.
شاحنات ذاتية القيادة ورافعات شوكية تعمل من بُعد لسدّ نقص العمالة
لم يلقَ أي مفهوم لمطعم قائم على نظام تشغيل آلي قبولاً لدى المستهلكين الأميركيين منذ ذروة الأتمتة، وبرغم أنَّ "سويت غرين" لديها العديد من العوامل التجارية التي تجعل لديها فرصة جيدة في هذا الصدد؛ لكنَّ السعر ليس واحداً منها. بعبارة أخرى؛ هناك مبرر وجيه لدى مؤسسي الشركة كي تبقى توقُّعاتهم متواضعة.
بينما تستعد لتقديم "إنفينيت كيتشن" إلى جمهور أوسع، تراهن "سويت غرين" على مساعدة بعض خيارات التصميم المحددة في تعزيز نجاح تجربتها. على سبيل المثال؛ ستجعل الأنابيب الشفافة عرض تلك المكونات الطازجة أوضح وأكثر تأثيراً مقارنةً بالمطاعم التقليدية، وهي من الناحية النظرية ميزة حقيقية على افتراض أنَّ بروتوكولات التنظيف اليومية سترقى إلى مستوى التوقُّعات.
تعرض شاشة كبيرة في مقدمة مطعم "سويت غرين" بضاحية نابرفيل صوراً يظهر فيها الخس والشمندر لامعَين. لقد نُقِل الطهاة المختصون بإعداد السلطات من الجزء الخلفي من المطبخ إلى غرفة في مقدمة المطعم لها نوافذ ضخمة تسمح للمارة في الشارع برؤيتهم. وقفت أنا و رو نشاهد طباخاً يقطع الخبز ويخلط "تتبيلات السلطات". قال مدير العلامة التجارية لسلسلة المطاعم: "ما يزال عمل شركتنا يتمحور حول موظفينا".