"فوكسكون" تجد أن تصنيع سيارات كهربائية أصعب من إنتاج "أيفون"

أحلام شركة التصنيع للغير بشأن بناء سيارات كهربائية يحطمها واقع استعادة المنتج لإصلاح العيوب

time reading iconدقائق القراءة - 13
صورة تعبيرية عن طموح \"فوكسكون\" لانتاج مركبات كهربائية - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبيرية عن طموح "فوكسكون" لانتاج مركبات كهربائية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

اتبعت مجموعة "فوكسكون تكنولوجي" (Foxconn Technology) خطط إنتاج متزايدة التعقيد خلال شراكتها مع "أبل" طيلة العقد الماضي لتصنع من السيليكون والزجاج والبلاستيك والنحاس ومواد أخرى مئات الملايين من أجهزة "أيفون".

ليست "أبل" سوى واحدة من عشرات العملاء ضمن قائمة الفئة الأولى للشركة التايوانية، وهي تضم "غوغل" (Google) و"مايكروسوفت" (Microsoft) و"سوني" (Sony) وعديد من شركات أخرى تستخدم "فوكسكون" لتصنع لها هواتفاً وكمبيوترات وأجهزة لوحية ووحدات تحكم للألعاب وخوادم وغير ذلك.

لذلك، لا مبالغة إن تصورنا أن "فوكسكون" قد تفعل مثل ذلك في مجال السيارات. لكن ما تزال صناعة السيارات تُظهر أنها تتطلب عناءً أشد مما يقتضيه إنتاج الإلكترونيات.

دفعت "فوكسكون" 230 مليون دولار العام الماضي لشراء مصنع مساحته 576 ألف متر مربع في لوردستاون بولاية أوهايو شغّلته فيما مضى شركة "جنرال موتورز" (General Motors). غرضها من ذلك أن تجعله مركزاً لمسعاها في تصنيع سيارات في الولايات المتحدة.

استعانت مالكة المصنع الأخيرة "لوردستاون موتورز" (Lordstown Motors) التي أُنشئت منذ أربع سنوات، بشركة "فوكسكون" لتبني لها شاحنتها الصغيرة "إنديورانس" (Endurance) في إطار الصفقة، كما استحوذت الشركة التايوانية على حصة في الشركة الناشئة.

آمال كبيرة تلاشت

كان لدى "فوكسكون" آمال كبيرة بشأن أعمالها في مجال السيارات، فقد توقعت أن تحقق عائدات سنوية بقيمة 33 مليار دولار بحلول 2025، وقد أعلنت عن شراكات في تايوان وتايلندا والمملكة العربية السعودية.

رغم أن أعمالها في مكونات المركبات الكهربائية تمضي في المسار الصحيح للنمو بخمسة أضعاف لتصل إلى أكثر من 3 مليارات دولار هذا العام، إلا أن المركبات الوحيدة التي صنعتها "فوكسكون" في هذه المرحلة اقتصرت على عدد محدود من النماذج الأولية، وعشرات الحافلات الكهربائية ونحو 40 سيارة "بيك أب" لصالح شركة "لوردستاون".

طلبت "لوردستاون" في يناير من "فوكسكون" تعليق الإنتاج لأن تكلفة تصنيع الشاحنات تجاوزت سعر البيع المستهدف وهو 65 ألف دولار للشاحنة. بعد أسابيع قليلة اتضح أن "إنديورانس" كانت تعاني عيباً.

أفاد مالك إحدى هذه الشاحنات بأنها قوتها خارت أثناء القيادة في الطقس البارد، ما دفع الشركة في فبراير لإصدار أوامر استدعاء لهذه الشاحنات. قالت "لوردستاون" في 6 مارس إنها إذا لم تتمكن من التعاون مع شركة صناعة سيارات ذات خبرة، فستُضطر لأن تتوقف عن إنتاج الشاحنة، وهي طرازها الأوحد.

يثير هذا البيان تساؤلات حول أعمال "فوكسكون" الكهربائية الناشئة، فما قالته "لوردستاون" يعني عملياً أن "فوكسكون" لم تتمكن من الاستمرار بإنتاج مركبتها الرئيسية رغم مواردها الهائلة وخبرتها في تحويل الأفكار إلى منتجات ورغم أنها قضت عقوداً تصارع تحديات سلاسل التوريد العالمية لتدفع بالمنتجات من أبواب مصانعها وفق الجداول الزمنية المحددة وبتكلفة مناسبة.

تساءل داني هيوسون، المحلل لدى شركة الوساطة "إيه جيه بيل" (AJ Bell): "لماذا تحتاج (لوردستاون) إلى شريك استراتيجي آخر لإنجاز المشروع المتعثر؟ هل يرجع ذلك إلى أن (فوكسكون) ببساطة ليست مستعدة لأن تصبح شركة إنتاج مركبات كهربائية بلا شيء من مساعدة خارجية؟".

قالت "فوكسكون" إنها ما تزال ملتزمة بخططها المتعلقة بالمركبات الكهربائية، وإن خبرتها في مجال الإلكترونيات تمهد لها سبيل تحقيق النجاح في مجال السيارات. لكن بينما تعهدت "لوردستاون" بمواصلة تطوير سيارات جديدة مع الشركة التايوانية، تشير تجارب العملاء المحتملين الآخرين إلى أن "فوكسكون" ما تزال بعيدة عن تحقيق أحلامها في مجال السيارات الكهربائية.

قال رون هاربر، وهو مستشار مستقل في قطاع التصنيع: "أنت بحاجة إلى كوادر ذات مهارة في مجال الإنتاج بكميات كبيرة... يمكن تحقيق ذلك، لكنني لم أرَ قبلاً شركات السيارات الكهربائية الناشئة تفعل ذلك. أعتبر هذا رمية طويلة قد لا تصيب".

شراكات بديلة

أقرب شركة لبدء الإنتاج هي "مونارك تراكتور" (Monarch Tractor)، التي تعاقدت مع "فوكسكون" في أغسطس لتصنيع مركبات كهربائية ذاتية القيادة للمزارع. تصنع "مونارك" هذه المركبات بأعداد محدودة في منشأة في ليفرمور بولاية كاليفورنيا، وتخطط الشركتان لنقل الإنتاج إلى لوردستاون بحلول نهاية.

الأمر غير المؤكد هو تعاونها مع "فيسكر" (Fisker)، إذ تتباحث "فوكسكون" مع الشركة التي تتخذ في لوس أنجلس مقراً لبناء سيارة كهربائية تقل قيمتها عن 30 ألف دولار تعرف باسم "بير" (Pear). قالت "فيسكر" إنها تتوقع أن تصنع "فوكسكون" السيارة، لكنهما ما تزالان تتفاوضان بشأن التكلفة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

وقّعت "فوكسكون" في سبتمبر اتفاقية مبدئية مع "إندي إي في" (IndiEV)، وهي شركة ناشئة أخرى في كاليفورنيا. وصفت "فوكسكون" حينها فكرة بناء النماذج الأولية للشركة بأنها "قصة نجاح". لكن في نهاية سبتمبر بلغ رصيد "إندي إي في" المصرفي أقلّ من 220 ألف دولار. قالت الشركة الآن إنها تهدف إلى طرح أسهمها للاكتتاب العام في عملية اندماج عكسي، لكن إن لم تستطع إتمام هذه العملية بحلول يوليو سيكون نشاطها مهدداً.

النجاح ممكن

ما يزال نجاح محاولات الشراكة هذه ممكناً، وقد تجد "فوكسكون" شركات أخرى تسعى لأن تصنع سيارات لها. لكن موقعاً في ماونت بليزانت في ولاية ويسكونسن يشي بما قد تكون مقبلة عليه.

كان ذاك هو الموقع الذي وضع فيه مسؤولون تنفيذيون من "فوكسكون" والرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب في يونيو 2018 حجر أساس ما كان يُفترض أن يصبح مصنعاً لشاشات الكريستال السائل بتكلفة 10 مليارات دولار ويمتد على مساحة 1.85 مليون متر مربع، وقد وصفه ترمب آنذاك بأنه "أعجوبة العالم الثامنة".

قلصت "فوكسكون" طموحاتها مرات عديدة على مدى العامين التاليين. بعدما تعهدت سابقاً بتوفير 13 ألف وظيفة في هذا المصنع، أعادت الشركة التفاوض بشأن عقدها مع الولاية في 2021. تقول اليوم إنها استثمرت أكثر من مليار دولار ووظفت نحو 1000 شخص.

تعمل هذه الكوادر في تصنيع إلكترونيات، مثل خوادم الكمبيوتر، وتخطط "فوكسكون" لإضافة مكونات لحزم البطاريات في موقع ويسكونسن لتعميق العلاقات مع شركات صناعة السيارات الحالية والشركات الناشئة.

مع ذلك، فإن سجل "فوكسكون" في ولاية ويسكونسن يثير شكوكاً، كما يقول مايكل شيلدز، الباحث في "بوليسي ماترز أوهايو" (Policy Matters Ohio)، وهي مؤسسة غير ربحية تقيّم الأثر الاقتصادي للاستثمارات الصناعية الكبيرة في الولاية. قال: "أعتقد أن هناك ما يدعو للقلق... بشأن ما سيحدث في لوردستاون".

تصنيفات

قصص قد تهمك