لماذا تتساعد نساء من أصول أفريقية للهجرة من أميركا؟

شركات ومنصات تقدم دعماً للراغبات بالهجرة وتخطيط حياة جديدة خارج الولايات المتحدة

time reading iconدقائق القراءة - 8
هاجرت كليفلاند وطفلتيها من أتلانتا إلى جنوب إفريقيا عبر تنزانيا - المصدر: بلومبرغ
هاجرت كليفلاند وطفلتيها من أتلانتا إلى جنوب إفريقيا عبر تنزانيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

استقالت ستيفاني بيري من عملها كفنية صيدلة بدوام ليلي في 2015 لتمضي عاماً تتنقل في دول جنوب شرق آسيا وأستراليا وأجزاء من أوروبا.

قالت بيري، وهي أربعينية أصولها أفريقية: "تملكني شعور بأن حياتي تتمحور حول عملي، لكن السفر حول العالم جعلني أدرك أن هناك طرقاً أخرى للاستمتاع، إذ يمكنك عيش حياة كاملة لا نعيشها بالضرورة في الولايات المتحدة في بلدان أخرى".

لم تكن بيري وحدها من اعتقدت ذلك. كانت عوامل مثل تفشي "كوفيد-19" وتزايد الاضطرابات الاجتماعية في أميركا خلال السنوات الثلاث الماضية قد تسببت بنزوح أعداد قليلة لكن مؤثرة من نساء عاملات من السود إلى خارج الولايات المتحدة بحثاً عن نوعية حياة أفضل. ما كان عليهن سوى حزم أمتعتهن، وربما اصطحاب أطفالهن، ليبدأن أعمالاً تجارية في الخارج دون أن ينظرن إلى ما تركن خلفهن.

قصة امرأة سوداء أنهت احتكار البيض لصناعة النسيج في أمريكا

قالت ميشيل ويديربيرن، وهي الآن في عقدها الخامس، إنها غادرت فلوريدا إلى مدينة سان ميغيل دي أليندي في المكسيك بصحبة ابنها في 2018. أرادت ويديربيرن أن تربي ابنها، الذي بلغ عمره 10 سنوات، بحيث يكون ملماً بلغتين في المقام الأول، لكن هذا لم يكن دافعها الوحيد.

كانت ويديربيرن قلقة أيضاً بشأن حوادث إطلاق النار في مدارس الولايات المتحدة، فضلاً عن سهولة الحصول على المخدرات في جنوب فلوريدا. قالت ويديربيرن: "أردت أن تشبه طفولته زماناً كانت الحياة فيه أبسط. المكسيك توفر لنا هذا".

تلقت آشلي كليفلاند، وهي متخصصة تقنية كانت تتقاضى راتباً كبيراً أثناء إقامتها في أتلانتا، ثالث مذكرة إنهاء خدمة خلال خمس سنوات في يناير 2020. خضعت كليفلاند، التي كانت تعمل 60 ساعة أسبوعياً، لعلاج من استنزاف واكتئاب شديدين.

ثم أدركت اختصاصية التقنية، التي كان عمرها آنذاك 36 عاماً، أنها بحاجة لتغيير البيئة التي تعيش فيها. قالت كليفلاند: "كنت أعيش في مجتمع لا يعبأ بالصحة العقلية أو الجسدية للنساء من السود." لذلك انتقلت إلى تنزانيا بصحبة ابنتيها، 2 و11 عاماً، قبل أن تستقر في جنوب أفريقيا منذ شهر.

نزوح مواهب

شاركت بيري في إطلاق قمة "إكسودوس ساميت" (ExodUS Summit) في سبتمبر 2020، وهي منصة رقمية تساعد النساء على تحديد كيفية هجرتهن من الولايات المتحدة. شهدت القمة مناقشات حول التخطيط للسفر على المدى البعيد، وإيجاد فرص عمل في الخارج، وتحويل الخبرة إلى عمل تجاري عبر الإنترنت.

اعتقدت بيري أن قلة من النساء قد يشتركن في المنصة لحضور القمة، لكن عدد المشتركات تجاوز ثلاثة آلاف امرأة. ثم استضافت القمة الإلكترونية الثالثة، التي عقدت في 2022، أكثر من 4500 مشتركة. تضم صفحة المنصة على منصة "فيسبوك" الآن ما يقرب من تسعة آلاف عضوة يتشاركن النصائح حول الانتقال إلى بلاد أخرى، واستضافة اللقاءات في الولايات المتحدة وخارجها.

كما تشكلت مجموعات أخرى منذ 2020، مثل "بلاكزيت غلوبال" (Blaxit Global).

قالت بيري: "إنه حراك للحصول على حياة أفضل خارج الولايات المتحدة. أعتقد أن النساء داكنات البشرة قد اكتشفن أن الحلم الأميركي لن يتحقق بالضرورة في أميركا". ماكدونالدز تتوصل لتسوية في قضية تمييز عرقي بشراء مطاعم المُدعيين

أظهر استطلاع رأي للحاضرات في قمة 2020 أن دخل ما بين ربعهن وثلثهن تجاوز 200 ألف دولار سنوياً، فضلاً عن حيازتهن درجات علمية تتراوح بين الدراسات العليا والشهادات المهنية المتخصصة. كما كان معظمهن من الجيل بين 1946 و1964.

بيّنت بيري أن الموجة الأولى من ذوات البشرة السمراء اللائي هجرن الولايات المتحدة كان بإمكانهن تحمل الانتقال للعيش في بلد آخر دون الحاجة للعمل. بينما تبحث الموجة الثانية من النساء العاملات حالياً عن طرق مختلفة لكسب المال أو العثور على وظائف عن بعد.

تقدم بيري وشريكتها في العمل روشيدا داو، المحامية السابقة التي تقاعدت مبكراً في مكسيكو سيتي لدى بلوغها 39 عاماً، تدريبات للنساء الراغبات في الانتقال على كيفية تحويل أفكارهن إلى أعمال تجارية عبر الإنترنت والحصول على تصاريح الإقامة.

كما يجلبن نساء لتعليم الراغبات بترك الولايات المتحدة مهارات العمل الحر المختلفة، وتوضيح كيفية تحقيقهن لدخل من العمل في قطاعي العقارات والاستثمار.

محفزات الهجرة

تشمل وجهات إعادة التوطين الشائعة بين الأميركيات السودوات المكسيك والبرتغال ومنطقة البحر الكاريبي، بينما استقر بعضهن في أماكن بعيدة مثل بانكوك. قالت بيري: "أتوقع أن نتذكر هجرتنا يوماً ما ونقول لقد كانت هجرة عظيمة أخرى".

ينطوي الانتقال للإقامة في عديد من هذه الوجهات على تكلفة معيشية أقل، وبالطبع لا تخلو تلك الوجهات الخارجية من مواجهات عنصرية، غير أنه يمكنك عيش حياة أسهل بفضل الامتيازات التي تأتي مع كونهن مواطنات أميركيات.

قالت داو: "غالباً ما يغلب المال معاداة سواد البشرة خارج الولايات المتحدة" رغم إدراكها أن الأمر محفوف بالمخاطر. ربما نتطرق لمناقشة ما إذا كان المهاجرون الأثرى يتسببون بإزاحة سكان محليين في مقال آخر.

تفاقم التفاوت في الثروة بين الأميركيين ذوي البشرة السوداء وذوي البشرة البيضاء خلال العقود الأخيرة. على سبيل المثال، كشفت مقارنة بين طرفي المجتمع الأميركي عن أن ثروات ذوي البشرة السمراء تبلغ سدس ثروات ذوي البشرة البيضاء.

كما يقول أكثر من نصف الأمريكيين ذوي البشرة الداكنة إن حل مشكلة تفاوت الثروة هو صراع بغض النظر عن مدى اجتهادهم، وفقاً لمسح أجرته مجموعة "بنسون ستراتيجي غروب" لاستشارات وأبحاث السوق تحت عنوان "بلس أوف بلاك أميركا". كما أظهر التقرير تزايد المخاوف بشأن تفاوت الرعاية الصحية وحقوق التصويت بين المشاركين في الاستطلاع.

دعم منظم

تحصل ويديربيرن رزقها عبر تقديم استشارات حول كيفية الانتقال للإقامة بدولة أخرى وبيع "جولات للراغبات في إعادة التوطين" تشمل استضافتهن لمدة أسبوع بغية التكيف مع مدينة سان ميغيل دي إليندي.

يتضمن برنامج الإقامة رحلات استكشافية ومعاينة أحياء المدينة برفقة وكيل عقارات والاستماع إلى عروض خبراء التأمين الطبي والهجرة. كما افتتحت ويديربيرن دار ضيافة سمتها "كازا إي ال ام" في 2022.

بيّنت ويديربيرن أنها تتمتع بمساحة معيشة أكبر من التي كانت لديها في فلوريدا، فيما يداني إيجار منزلها الذي يضم ثلاثة غرف نوم وهو من 3 طوابق 600 دولار شهرياً.

بعد تدقيق بشأن المساواة العرقية في "فيسبوك"... لورا مورفي على وشك الانشغال بعملاء آخرين

أما كليفلاند، فقد بلغت تكلفة معيشتها في جورجيا نحو عشرة آلاف دولار شهرياً. بينما لم تتجاوز ميزانيتها في تنزانيا برفقة ابنتيها ومساعدة منزلية بدوام كامل وسائق بما يشمل البقالة والإجازات 2500 دولار شهرياً.

قالت اختصاصية التقنية إن شراء أصحاب البشرة السمراء في أميركا لمنازل "غير مستدام لأنه لا يقيهم من العنصرية ومن قناعات تفوق العرق الأبيض". قالت كليفلاند، مستشهدةً بمزاعم تمييز ضد زوجين من ذوي البشرة السمراء اشتريا مزرعة "فريدوم إيكرز" في ريف كولورادو: "فلنحاول أن نفعل شيئاً مغايراً. هذا حقاً كل ما فعلوه".

تساعد شركة "براند أب غلوبال"، التي تملكها كليفلاند، الأميركيين على توسيع نطاق أعمالهم في أفريقيا والاستثمار في القارة السمراء.

استقرت بيري في مدينة سان خوسيه، عاصمة كوستاريكا، لمدة خمس سنوات على الأقل. لكنها ترفض الحجة القائلة بأن أصحاب البشرة الداكنة من النساء يتخلين عن بلد عملن بجد لبنائه. قالت فنية الصيدلة: "هناك أشخاص يتوقعون تحقيق المساواة في الولايات المتحدة بطريقة سحرية، وهي غاية لم يتمكنوا من تحقيقها حتى الآن، ولم يحققها آباؤهم أبداً ولا أجداد أجدادهم. إن كنتِ تريدين حياةً يسودها السلام والأمن والبهجة، فيجب أن تحصلي عليها. تحقيق ذلك في بلدان أخرى أسهل بكثير على السمراوات".

تصنيفات

قصص قد تهمك