بلومبرغ
تتسابق شركات الطيران لتوفير سعة كافية مع التعافي القوي لقطاع النقل الجوي العالمي بعد ركود فرضه الوباء، خاصة من حيث التذاكر الممتازة للرحلات الطويلة التي تشهد تحسناً فاق التوقعات.
وضعت هذه الطفرة بعض شركات الطيران في عنق زجاجة، فقد وجدت أن عديداً من طائراتها من الجيل الجديد، التي تحوي ما يكفي من مقاعد درجة رجال الأعمال ومضاجع الدرجة الأولى قد تأخر تسليمها أو ما تزال بانتظار موافقات تنظيمية.
أجبر هذا شركات الطيران على إعادة إحياء طراز طائرة مهيبة كانت معدة لتتحول إلى خردة قبل تفشي كوفيد-19 وهي الطائرة الديناصور ذات المحركات الأربع.
"إيرباص" تقيم مزاداً علنياً لقطع من طائرتها العملاقة "A380"
تخطط "لوفتهانزا" الألمانية لإعادة 5 من طائراتها من طراز "إيرباص 340"، التي يبلغ عمر بعضها عشرين عاماً للخدمة، لتوفير مقاعد الدرجة الأولى قبل ذروة موسم الصيف.
كما تفكر "تاي إيروايز إنترناشيونال" (Thai Airways International) بإعادة طائراتها من طراز "إيه 380" في 2024، بعدما أعلنت في 2021 أنها تخطط لإخراجها تدريجياً من الخدمة.
كما أعادت كل من "كوانتاس إيرويز" (Qantas Airways) و"الاتحاد للطيران" والخطوط الجوية الكورية والخطوط السنغافورية طائراتها من طراز "إيه 380" للخدمة بعدما حظرتها خلال فترة الوباء.
تعافٍ أفضل من المتوقع
قالت آن كوريا، نائبة الرئيس الأولى للتوقعات والنمذجة في "إم بي إيه أفييشين" (MBA Aviation): "استخدمت شركات الطيران الوباء لإخراج طائراتها الكبيرة ذات المحركات الأربع من الخدمة بناء على توقعات بأن تسليمات الطائرات الجديدة ستستبدل تلك الاستطاعة بطائرات أصغر وأرشق تلائم الخدمات المقدمة من نقطة إلى أخرى... مع التعافي الأقوى من المتوقع في الطلب وتأخر تسليم الطائرات الجديدة، أُجبرت شركات الطيران على إعادة طائرات قد أحالتها للتقاعد أو أخرجتها من الخدمة".
لطالما هيمنت الطائرات رباعية المحركات على مسارات الرحلات عابرة القارات، وكانت أقدر على سلوك مسارات مباشرة فوق المحيطات أو السلاسل الجبلية التي أثبتت أنها أطول مما يمكن لشقيقاتها الأصغر التعامل معه.
إنفوغراف: نمو الإنفاق على رحلات الأعمال في 2023
يمكن للأجيال الجديدة من الطائرات العريضة ثنائية المحركات، خاصة "بوينغ 777" وتاليتها "دريملاينر 787" و"إيرباص أيه 350" التعامل مع بعض مسارات الرحلات بوقود أقل وكذلك بتواتر أسرع بين المطارات الأصغر نظراً لسهولة صيانتها واحتوائها على عدد مقاعد أقل.
أوقفت "كوانتاس" في ذروة الوباء طائراتها الاثنتي عشرة ذوات الطابقين من طراز "أيه 380" في صحراء كاليفورنيا، وقالت إنها لن تحتاجها قبل ثلاث سنوات على الأقل. لكنها تعيد غالبيتها الآن وقد وضعت ستة منها في الخدمة.
كما تعمل شركة "طيران الإمارات" في دبي على إحياء طائراتها الأقدم من طراز "أيه 380"، التي يبلغ عددها 67 طائرة، من خلال تجديدها من الداخل وتجهيز أقسام للدرجة الاقتصادية الممتازة.
إقبال الأثرياء
وجدت "لوفتهانزا" أن أسطولها الحالي يفتقد إلى عدد كافٍ من قطعة أثاث معينة وهي مضاجع الدرجة الأولى، التي يمكنها أن تجني من أحدها أكثر من 7000 دولار في الرحلة، وتتمتع بطلبٍ متنامٍ من المسافرين الأثرياء.
تتضمن مقاعد طائرات "أيه 340-600" التي يبلغ عددها 297 مقعداً ثمانية مقاعد في الدرجة الأولى، وهو نفس عدد مقاعد الدرجة الأولى في طائرة "أيه 380".
يتيح تشغيل أضخم الطائرات النفاثة لشركات النقل إضافة قدرة استيعابية دون زيادة عدد الرحلات، وهي ميزة لصالح شركات الطيران التي تعاني لسد النقص في صفوف موظفيها بعد تسريح آلاف العمال خلال الوباء.
طيران الإمارات: "تسونامي" حجوزات ينتظر السفر مع انفتاح الصين
كما أن زيادة أعداد المسافرين في مقدمة الطائرة أكثر ربحية من الاعتماد على مسافري الدرجة الاقتصادية، حيث يطلب كثيرون ترقية حجوزاتهم للاستمتاع بميزات السفر الممتاز بدءاً من الصعود السريع إلى الطائرة وحتى تناول كأس من الشمبانيا.
أوردت مجلة "أميركان إكسبريس غلوبال بيزنيس ترافل" (American Express Global Business Travel) أن عدد المسافرين بغرض الاستجمام المتزايد، الذين ينتقلون إلى درجة رجال الأعمال، قد رفع أسعار التذاكر على بعض المسارات، خاصة الرحلات العابرة للقارات مثل رحلة نيويورك إلى باريس أو نيويورك إلى لندن.
قال جيرمي كويك، الاستشاري الرئيسي للنشاط الجوي العالمي لدى الشركة: "في 2023، يمكننا أن نتوقع أن نستمر برؤية مزيد من ذلك خاصة على المسارات التي تحتوي على مكون استجمام قوي، إلى أن نصل إلى المرحلة التي تواكب فيها القدرة الاستيعابية الطلب".
قصور السعة
تشعر شركات الطيران بألم تأخير تسليم الطائرات، مع ميل مزيد من المسافرين للسفر على درجات الأولى والأعمال. تعاني "لوفتهانزا" خاصة من نقص القدرة الاستيعابية للطائرات ذات البدن العريض. فقد طلبت 20 طائرة "بوينغ 777 إكس" من الجيل التالي المصممة لتحل محل طراز "بوينغ 747" الأحدب، لكن صناعة ذلك النموذج تأخرت خمس سنوات، وأُجل تسليم الطلبات حتى 2025.
كما أن هنالك محدودية في توافر الطائرات الأخرى ذات البدن العريض للرحلات الطويلة نظراً لأن "بوينغ" ما تزال تتعافى من توقف طويل في تسليم طائرات "دريملاينر 787" أثناء معالجة عيوب فيها.
رغم كل ذلك، فقد يجلب هذا العام بعض الفرح لمحبي الطائرات المهيبة رباعية المحركات، الذين يأملون أن يروها تعود بشكل دائم. توقف إنتاج جميع تلك الطرازات، وتقلصت أعدادها إلى 11% من الأسطول العالمي المؤلف من حوالي 4500 طائرة ركاب عريضة البدن حتى قبل الوباء. تقلصت هذه النسبة إلى 6% فقط مع حلول نهاية العام الماضي، وفقاً لبيانات شركة تحليلات الطيران "سيريوم" (Cirium).