معركة شركات التقنية مع نقابات العمال بدأت للتو

حقق منظمو الحراك النقابي انتصارات بارزة قليلة لكن ذلك ينطبق على "أبل" و"أمازون" أيضاً

time reading iconدقائق القراءة - 11
مكتب عمال الاتصالات في واشنطن - المصدر: بلومبرغ
مكتب عمال الاتصالات في واشنطن - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

قضت أكبر شركات التقنية الأميركية عقوداً تجادل بأنها تختلف عن كبريات الشركات القوية التي سبقتها: أكثر إنتاجيةً وأسرع بتخطي المألوف وأشد تركيزاً على تحسين حياة زبائنها. لم تكن ثوابت الاقتصاد القديم، من حيث اللوائح والنقابات خاصة، مناسبة للشركات المبتكرة التي كانت تستند إلى السرعة والمرونة.

استهدفت نقابات العمال في 2022 شركات التقنية الكبرى رغم ذلك وحققت بعض الانتصارات المفاجئة في انتخاباتها. لكن مع مضي العام، بات جلياً أن تلك المناوشات، التي لم تسفر بعد عن عقد جماعي بين الإدارة والعمال، ماهي إلا استهلال لمعركة طويلة مع القطاع.

صوّت العمال في مستودع ضخم لشركة "أمازون" يقع في ستاتن آيلند بمدينة نيويورك في أبريل لصالح الانضمام إلى نقابة عمال أمازون الناشئة، في أول حملة نقابية ناجحة في أحد منشآت شركة البيع بالتجزئة بالولايات المتحدة. جعل هذا الفوز كريس سمولز الموظف السابق المطرود وقائد المجموعة، بطلاً شعبياً على الفور وخوّله القيام بجولة فردية بين مجموعات عمالية أخرى ومنظمين محتملين، إضافة إلى ظهوره في برامج إخبارية. صوّت العاملون في متجر بيع بالتجزئة تابع لشركة "أبل" في توسون بولاية ماريلاند بعد شهرين للانضمام إلى الرابطة الدولية للميكانيكيين، في أول تقدم نقابي لدى صانعة "أيفون". حصل ذات الأمر في أوكلاهوما سيتي في أكتوبر، مع نقابة عمال الاتصالات في أميركا.

"أمازون" و"أبل" والنقابات

كان للعاملين في الشركتين شكاوى مختلفة. إذ يقول موظفو منشآت "أمازون" ذات الأتمتة العالية إنهم يشعرون أنه يمكن الاستغناء عنهم، وتعمل الإدارة على دفعهم أحياناً للقيام بما يتجاوز حدود قدراتهم الجسدية. أما في حالة "أبل"، فقد قال موظفون إن متاجر البيع بالتجزئة التي كانت مراكز إصلاح ودعم تقني باتت تميل نحو المبيعات بازدياد، فتحول مكان العمل الذي كان يستقطب أصحاب المهارات التقنية وله بصمة حضارية لمجرد مكان آخر للبيع بالتجزئة.

هناك قواسم مشتركة أيضاً، حيث قال العاملون بالأجر الساعي إنهم لم يتشاركوا المكاسب التي حققها أصحاب العمل خلال طفرة الازدهار أثناء انتشار كوفيد. قالت مارغريت أومارا المؤرخة في جامعة واشنطن التي تدرس حالة وادي السيليكون: "شكّل الوباء عاملاً محفزاً لأن هؤلاء الناس عملوا في الخطوط الأمامية. إنها قوة عاملة كبيرة وغير مرئية. أصبح لهذه الشركات الضخمة هيمنة كبيرة، كما أصبحت رابحة جداً".

احتفى أنصار الحركة العمالية الأميركية المحاصرة منذ فترة طويلة بهذا الفوز، إضافة إلى الحملة التي يبدو أنها تتوسع باستمرار لممثلي النقابات في متاجر شركة "ستاربكس"، كنوع من يقظة جديدة للعمالة المنظمة، وجلبت مقارنات ساطعة مع الحملات التي تغلبت على معارضة شرسة ضد تنظيم صناعة السيارات في الثلاثينيات.

يقظة الحركة النقابية تواجه معارضة الشركات

في المقابل، ضغطت شركتا "أمازون" و"أبل" واعتمدتا على قواعد لعبة مجربة حققت نتائج سابقاً لتجنب النقابات، فعقدتا اجتماعات إلزامية مناهضة للنقابات وأرسلتا المديرين والمديرين التنفيذيين لثني العمال عن توحيد جهودهم بحجة أن النقابات ستدخل كشريك غير ضروري في المحادثات بين العمال ورؤسائهم، وفقاً لما ورد من المنظمين. رغم كل الأحاديث عن الابتكار، بدت حملات "صوّت بالرفض" شبيهة بالتي استخدمتها الشركات لسنوات لتثبيط قيام تنظيم بين صفوف موظفيها، سواء كانوا يعملون في نقل النفايات أو ينقلون ألواح التحميل في المستودعات أو ينتجون برمجيات باستخدام لوحات المفاتيح. قال مسؤولو النقابات إن "أبل" أنشأت اتحاداً زائفاً تسيطر عليه الإدارة في تطبيق لتكتيك شائع الاستخدام منذ نحو قرن لخنق دعم النقابات.

لم ترد "أبل" على طلب للتعليق. بينما قال متحدث باسم "أمازون": "لدى موظفينا حرية الاختيار بين الانضمام إلى النقابة أو لا، وكانوا يتمتعون بهذا الحق دوماً. نحن كشركة لا نعتقد أن النقابات هي أفضل الحلول لموظفينا".

صوّت موظفو "ستاربكس" في 15 ديسمبر في أحد المتاجر في مانهاتن، التي تستخدم تقنية "أمازون" للتسوق دون صندوق دفع ضد الانضمام للنقابات بفارق أصوات بسيط. تعارض "أمازون" فوز اتحاد العمال في "أمازون" في ستاتن آيلند بدل أن تبدأ بمحادثات التعاقد، حيث قال الرئيس التنفيذي آندي جاسي إنه مرجح أن ترفع الشركة القضية إلى محكمة فيدرالية، ما سيؤدي لبدء معركة طويلة. انتهت عمليتا انتخابات دعت إليهما النقابة في مستودعات أخرى في نيويورك بتصويت العمال على عدم الانضمام، وأوقف اتحاد العمال في "أمازون" خططه لإجراء عمليات تصويت أخرى.

انتهاكات لحقوق العمال

قبل إجراء التصويت في ميريلاند وأوكلاهوما، تخلى المنظمون العماليون في "أبل" عن خطط لإجراء تصويت نقابي في متجر في أتلانتا، قائلين إن ضغط الشركة على الموظفين جعل إجراء انتخابات نزيهة مستحيلاً. أقر المجلس الوطني لعلاقات العمل في النهاية بوقوع انتهاك من جانب "أبل" لحقوق العمال. لم تعلق الشركة على ما توصل إليه المجلس عند الحكم. كما توقف العمل على مجهود منفصل لإنشاء نقابة في موقع لشركة "أبل" في مركز تسوق في سانت لويس في ديسمبر بعدما قال بعض الموظفين إنهم لا يريدون تمثيلاً نقابياً.

قرر المجلس الوطني لعلاقات العمل أن "أمازون" انتهكت بدورها حقوق العمال في حملتها لإقناع الموظفين بمعارضة النقابات. لكن سلطة الوكالة في معاقبة مثل هذه الأخطاء تقتصر إلى حد كبير على عقوبات تافهة والطلب من أصحاب العمل التفاوض بحسن نية. قال ديفيد مادلاند، الزميل البارز في مركز التقدم الأميركي وهو مجموعة بحث ليبرالية في السياسة العامة: "لدى جميع أصحاب العمل، سواء كانوا يعتبرون أنفسهم جيدين أو سيئين، حوافز لخرق القانون ومنع العمال من تشكيل نقابة. في "أبل" و"أمازون، كسب العمال نقابة في مكانين على الأقل لكن ما تزال أمامهم طريق طويلة حقاً وقد لا يحصلون على عقد أبداً".

ما يزال منظمو الحراك يسعون لإجراء مزيد من عمليات التصويت، ويقولون إنهم يعتقدون أن الضغط العام سيجلب الشركات إلى طاولة المفاوضات في نهاية المطاف. قالت المؤرخة أومارا عن الكفاح النقابي: "إنه شيء يتعلق بدورة حياة من بعض النواحي. إنه يكشف مدى تشابه منصات شركات التقنية الكبرى هذه مع أي شركة أخرى. ليسوا مميزين، إنها الرأسمالية".

تصنيفات

قصص قد تهمك