ما يزال على "تويتر" بقيادة إيلون ماسك أن تعيش في عالم "أبل"

كشفت حرب لم تدم طويلاً ضد "أبل" أي الطرفين صاحب القوة حقاً في قطاع التقنية الحديثة

time reading iconدقائق القراءة - 15
صورة تعبيرية عن  التطبيقات في فلك \"أبل\" - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبيرية عن التطبيقات في فلك "أبل" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بقلم: Max Chafkin

إن كنت تدير شركة إعلامية كبرى تجني 90% من إيراداتها من الإعلان، سيكون عليك أن تتفادى إقصاء الشركات التي تشتري معظم الإعلانات كي تحافظ على ربحية جيدة.

مخالفاً ذلك، استخدم إيلون ماسك الأيام الأولى من رئاسته لتنفيذيي "تويتر" في نشر نظريات المؤامرة واللهو مع مغني راب معادٍ للسامية، أي أنه عموماً كان يفعل كل ما بوسعه ليجعل التطبيق غير جذاب لدى المسوقين. كما يُتوقع فقد أجاب المعلنون بإيقاف حملاتهم الإعلانية على "تويتر" مؤقتاً. ثم هدد ماسك بأن ينفلت معجبوه عليهم في حملة "فضح وتشهير". أشار إلى أن المعلنين الذين توقفوا عن إنفاق الأموال على "تويتر"، وهم مجموعة تضم شركات "فايزر" و"جنرال موتورز" و"يوناتيد إيرلاينز"، يرضخون "للناشطين" الذين "يحاولون تدمير حرية التعبير في أميركا". أتبع ذلك بالاتصال شخصياً بالرؤساء التنفيذيين في شركات كبار المعلنين "لتقريعهم"، وفقاً لصحيفة فاينانشيال تايمز، ما دفع بعضهم لمزيد من خفض الإنفاق.

كان ذلك تصرف ضغط غير مستساغ وقد فشل فشلاً ذريعاً. اكتشف ماسك حدوده عندما أعلن "الحرب" على شركة "أبل"، فقد بدأ حملته في 28 نوفمبر مشتكياً أن "أبل"، التي كانت واحدة من كبار المعلنين لدى شركته، "توقفت تقريباً عن الإعلان عبر "تويتر"، وسأل: "هل يكرهون حرية التعبير في أميركا؟" كان ادعاؤه بأن "أبل" قاطعت موقع "تويتر" زائفاً، على الأقل وفقاً لبيانات شركة "باثماتيكس" (Pathmatics) شركة الأبحاث التي تتبع الإنفاق على التسويق الرقمي.

تُظهر بيانات "باثماتيكس" أن "أبل" خفضت إنفاقها على إعلانات "تويتر" منذ الصيف، دون شرح الأسباب، لكن ربما تعد عناوين الأخبار المكان المناسب للبحث مثل: "إيلون يعيد أحد أبرز نازيي أميركا إلى (تويتر)". لكنها رغم ذلك ما زالت تدفع لشركة "تويتر" مليون دولار أو نحو ذلك شهرياً. لم يستجب ماسك ولا "أبل" لطلبات التعليق.

اتهامات بلا أدلة

هاجم ماسك رئيس "أبل" التنفيذي تيم كوك محذراً أن "مستقبل الحضارة" بات على المحك مثيراً ما تبادر له أنه نقطة الضعف الرئيسية لشركة "أبل" وهو التدقيق التنظيمي على متجر تطبيقاتها. ادعى ماسك، دونما دليل، أن "أبل" هددت باقتلاع تطبيق "تويتر" من على منصتها. كما اتهمها بفرض "ضريبة سرية نسبتها 30% على كل ما تشتريه". (كان الإيحاء بالسرية مضحكاً؛ فرسوم متجر التطبيقات كانت بين أكثر الموضوعات التي تطرقت لها صناعة التقنية منذ أكثر من عام). نشر ماسك لدعم موقفه مقطع فيديو ساخر أنشأته شركة "إبيك غايمز" (Epic Games) صانعة لعبة "فورت نايت" (Fortnite)، التي رفعت دعوى قضائية ضد "أبل" في 2020 حول برامج الشراء داخل التطبيق، ونشر تغريدة "ميم" على "تويتر" أوحى فيها باستعداده لخوض حرب ضد "أبل" رغم إدراكه أن ذلك ضرب من التهور.

على مدى يوم بدا أن أمراً خطيراً ربما يلّم بشركة "أبل". فقد تناول معجبو ماسك حلم أن يصنع كبيرهم منافساً لهاتف "أيفون"، وأصدر السياسيون اليمينيون تصريحات أعربوا فيها عن قلقهم بشأن "أبل" كما أدلى تاكر كارلسون بدلوه في ذلك. نُشرت مقالات ورد في إحداها: "جهز السيد ماسك المسرح لصراع على السلطة" كما أعلنت صحيفة نيويورك تايمز، محذرة من أن نفوذ ماسك المتزايد بين الجمهوريين قد يمثل مشكلة لشركة "أبل". في قمة "ديلبوك" (DealBook) هاجم مارك زوكربيرغ، الذي يحمّل كوك مسؤولية مشاكل "ميتا بلاتفورمز" بدلاً من قراره إهدار المال على "ميتافيرس"، "أبل" ووصفها بأنها احتكارية و"مصدر مشاكل".

استسلام ماسك

لكن في 30 نوفمبر، أعلن ماسك استسلاماً أحادياً. فقد حذف تغريدة "الميم" وتحوّل لنشر ما يشبه الإطراء. كما نشر مقطع فيديو هادئ لمقر "أبل" الرئيسي "الجميل" وشكر كوك على جولة فيه وعلى "الحوار الجيد" معه. عزا ماسك الأمر برمته إلى "سوء فهم". لم يكن هناك أي ذكر للرسوم التي تفرضها "أبل" ولا عن تراجعها المزعوم عن الإعلان. ادعى ماسك لاحقاً أن "أبل": "استأنفت إعلاناتها بالكامل". تشير "باثماتيكس" إلى أن "أبل" أنفقت حوالي 235 ألف دولار خلال الأيام السبعة اعتباراً من 28 نوفمبر، أي المبلغ نفسه الذي كانت تنفقه حين أعلن ماسك الحرب عليها.

كان منطقياً بالنسبة لماسك، الذي لديه إحجام موثق جيداً عن القتال، أن يعكس مساره بشكل غير معهود. لا تملك "أبل" سلطة على أعمال "تويتر" الحالية فحسب، بل تتحكم أيضاً في الأمر الذي قال ماسك إنه مستقبل الشركة، وهو مخطط صُمم على عجل لتحصيل 8 دولارات شهرياً من المستخدمين الراغبين في الحصول على شارة "التوثيق" الزرقاء، كتلك الموجودة على حسابات المشاهير والصحفيين والسياسيين. ستخضع أي إيرادات يجمعها ماسك عبر متجر تطبيقات "أبل" لتلك الرسوم، وأي جهد سيبذله ماسك لتجاوز نظام "أبل" عبر رابط يرسل للمستخدمين من تطبيق "تويتر" لتحويلهم إلى موقع الإنترنت مثلاً، قد يضع شركته على قائمة الحظر. يعني هذا أن ماسك يواجه الخيار غير الأمثل الذي كان يواجهه دائماً: إما قبول حوالي 5.60 دولاراً لكل مشترك شهرياً أو رفع الأسعار داخل تطبيق "أيفون" ليتبقى له 8 دولارات بعد الرسوم.

خيارات أخرى

لدى ماسك خيارات أخرى. كما أشار زميلي مارك غورمان، يمكنه اتباع نهج "نتفلكس" ومحاولة تسجيل المشتركين عبر موقع "تويتر"، ما قد يجلب اشتراكات أقل. كما يمكنه اختيار أن يتحدى "أبل"، كما حاولت شركة "إبيك" (Epic)، رغم أن دعوى "إبيك" انتهت لصالح "أبل" وما تزال لعبتها "فورت نايت" محظورة في متجر تطبيقاتها.

لدى ماسك مصادر ضغط أخرى، مثل قدرته على جعل السياسيين اليمينيين يتبعونه، وإن كانت تلك أقل قوة مما تبدو عليه. صحيح أنه تمكن من توجيه تغطية قناة فوكس نيوز مباشرة، لكن حلفاءه في الحزب الجمهوري غالباً ما نصبوا أنفسهم كأصدقاء لأكبر شركات العالم. عارض جيم جوردان ممثل ولاية أوهايو والرئيس العتيد للجنة القضائية في مجلس النواب مشاريع قوانين مكافحة الاحتكار التي تهدف إلى كبح جماح شركات التقنية الكبرى، التي أقرها مجلس النواب في وقت سابق من هذا العام. (لم تُطرح مشاريع القوانين تلك للتصويت في مجلس الشيوخ ولا يتضح إن كان الديمقراطيون قد اجتذبوا دعماً كافياً لها). عند النظر إلى المستقبل، يبدو أن جوردان يركز غالباً على كبح جماح رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية لينا خان.

أعلن جوردان بعد اجتماعه الأخير مع كوك "حل" الخلاف حول متجر تطبيقات "أبل"، لكنه اشتكى بعدها من عمليات "أبل" في الصين، ووعد بـ"الوصول إلى حقيقة" التأثير المحتمل الذي تتمتع به بكين على الشركات الأميركية الكبيرة. يمكن أن يشكل خط التحقيق هذا أيضاً تهديداً خطيراً لماسك، الذي توسع بقوة في الصين.

سطوة "أبل"

تدل قدرة شركة "أبل" على تخطي ألاعيب الملياردير الماكر على القوة الأوسع للشركة في مجال التقنية. فيما كان ماسك يُصدر تهديداته الفارغة، قالت بورصة العملات المشفرة "كوين بيس غلوبال" (Coinbase Global) إن "أبل" حظرت أحدث إصدار من تطبيقها بسبب ميزة ادعت "أبل" أنها تنتهك سياسة الرسوم البالغة 30%. كما هو الحال مع ماسك، فليس لدى "كوين بيس" خيارات جيدة باستثناء سحب الميزة والتأسي عبر "تويتر". تمتلك "أبل" جميع الأوراق الرابحة، إذ يعمل نظام تشغيل "أيفون" على معظم الهواتف الذكية في الولايات المتحدة، وتحصد الشركة غالبية أرباح الهواتف الذكية عالمياً، ولا يبدو أن هناك ما يكفي من الجهات التنظيمية لتقويض هذه القوة من خلال القوانين الناظمة. فإذا كنت ترغب ببلوغ مستخدمي "أيفون" المربحين، عليك اللعب حسب قواعد كوك. لكنك حر في أن تغرد على "تويتر" كما تشاء.

تصنيفات

قصص قد تهمك