بلومبرغ
كشف مديرو "زووم فيديو كوميونيكشنز" (.Zoom Video Communications) في عروض تقديمية في مركز مؤتمرات سان خوسيه على مدى يومين من أوائل نوفمبر عن خطط للتحول إلى منصة عمل يومي بدلاً من أداة اجتماعات عبر الإنترنت. يعتمد ذلك على تطبيق "زووم سبوتس" (Zoom Spots)، الذي سيُطرح مطلع 2023 ويوفر بيئة عمل افتراضية غير رسمية عبر إتاحته لممارسات افتقدها الموظفون نتيجة العمل عن بُعد كالمحادثات غير الرسمية والتواصل الآني دون موعد مسبق.
قال أوديد غال، كبير مسؤولي المنتجات مخاطباً مستثمري "زووم": "لا يشعر البعض وخاصة من يعمل من المنزل بأنه جزء من الفريق، كما نفتقد تلك المحادثات التي يُمكنك خلالها التحدث عن حياتك الشخصية واتخاذ قرارات تخص العمل في الأروقة".
يُمكن أن نطلق عليها "ميتافيرس" بيئة العمل. بينما اقتصرت مشاريع بيئة العمل الرقمية السابقة على ما يُشبه ألعاب الفيديو أو التركيز على استضافة فاعليات لمرة واحدة عبر الإنترنت، اضطر بعضها لتقليص النفقات أو تغيير النشاط. من بين أحدث المشاريع في ذلك المجال، المشروع الذي يتمتع بتصميم واستخدام احترافي وتأسس بالتعاون بين مجموعة شركات ناشئة رائدة من بينها: "روم" (Roam)، و"كوزي" (Kosy) و"تيميكو" (Teemyco) لتستخدمه آلاف الشركات للعمل اليومي.
مكتب افتراضي بالكامل
لكن تلك الشركات لا تتمتع بمكانة "زووم" الراسخة لدى أصحاب العمل، فقد استخدمت 210 آلاف شركة هذه التقنية في الربع الأخير بزيادة 14% على أساس سنوي. تعوّل "زووم" على توسيع ما تطرحه من منتجات تشمل البريد الإلكتروني وأدوات جدول المواعيد لتعويض تراجع عدد العملاء من أفراد والشركات الصغيرة أخيراً.
قال مايكل لام، مدير مجموعة المنتجات أن الشركة وضعت هدفاً هذا العام للبدء بتطوير "سبوتس"، الذي لا يقتصر على مجرد "إتاحة لقاءات عفوية فقط بل لزيادة انخراط الموظفين باستمرار".
تؤكد الشركات الناشئة المتخصصة بتوفير خدمات بيئة العمل الافتراضية أنها قد طرحت ذلك قبلاً، فيمكن للموظفين لدى دخولهم بيئة العمل الرقمية ولوج غرف الاجتماعات والمطابخ ومساحات التواصل الاجتماعي، كما يُمكن لكل فريق مثل فرق الهندسة والتصميم والمبيعات تصميم مساحة خاصة بكل منهم على حدة. لدى الضغط على أيقونة شخص ما، يظهر على الفور ما إذا كان يمكنه التحدث أو إجراء مكالمة أو أنه منشغل ولا يرغب بالتفاعل، كما يُمكن للمستخدمين وضع لمسات شخصية مثل جلب كلب افتراضي للمكتب. تبلغ الرسوم للموظف الواحد شهرياً نحو 10 دولارات، أي ما يُعادل نحو نصف ما تتقاضاه "زووم" لقاء أحد منتجاتها من شركة يتراوح عدد موظفيها ما بين 10- 99 موظفاً.
تراجع المشاركة
تسعى "زووم" وغيرها من الشركات الناشئة لعلاج نقاط الضعف في بيئة العمل التي تجمع بين العمل عن بعد ومن المكاتب. لم تتراجع إنتاجية أصحاب الياقات البيضاء بسبب العمل عن بُعد أثناء الوباء كما كان يخشى المديرون، لكن ذلك مزق حال التناغم والاندماج بين زملاء العمل وتسبب بأول تراجع في نسبة انخراط الموظفين على مدى عقد، وفقاً لمؤسسة "غالوب".
يتفق الموظفون والمديرون، ونادراً ما يحدث ذلك، على تسبب العمل عن بُعد بافتقارهم للتواصل فيما بينهم، حسب ما كشف مسح أجراه معهد القوى العاملة في "يو كيه جي" (UKG) وشركة "ورك بليس إنتليجينس" (Workplace Intelligence) لاستشارات الموارد البشرية. كما تكون الفرق أكثر انخراطاً طالما كانت هناك اتصالات غير رسمية متكررة فيما بينها، بخلاف الاجتماعات المقررة مسبقاً، حسب ما يُظهر بحث مختبرات علم الاتصال وآليات التواصل البشري في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
قال آدم بريسيت، المحلل لدى "غارتنر": "يتزايد الاتجاه بعد الجائحة نحو العمل الهجين، كما توجد رغبة قوية بأن يكون هناك اتصال مستمر وتعاون وتفاعل بين أفراد الفريق وهو ما يميز بيئة العمل الافتراضية".
يتفق معه في الرأي غريغ كويات، أحد إخوة ثلاثة يديرون شركتهم العائلية لتجارة الماس في نيويورك. قال كويات إنه عانى لإبقاء فريق العمل المكون من 50 موظف، من بينهم فريق تطوير الموقع الإلكتروني في الهند، متفاعلين رغم العمل عن بُعد وأنهم بدأوا باستخدام "زووم" لكن "لم تكن هنالك تلقائية" ولم يتمكن من معرفة مكان تواجد أي منهم. تحول لاستخدام "روم" منذ نحو عام ويرى كويات أنه عزز الإنتاجية والترابط فيما بينهم. قال: "تلك هي الطريقة المناسبة لإعادة الترابط في شركتك".
إقبال استثماري
ينجذب مستثمرون إلى مزودي خدمات بيئة العمل الرقمية مثل جول مالتز، الشريك بشركة رأس المال الاستثماري المغامر "أي في بي" (IVP) الداعمة لشركة "سلاك تكنولوجيز" (Slack Technologies) تابعة "سيلزفورس" (Salesforce). كما قادت "أي في بي" جولة التمويل الأخيرة بقيمة 30 مليون دولار لشركة "روم". قال مالتز إن شركته تستهدف أي شركة تسعى لترسيخ التواصل بين موظفيها لتصبح عميلاً لديه. كما تدعم "بيكوس كابيتال" (Picus Capital) الألمانية شركة "كوزي سوفت وير".
نما سوق التطبيقات التعاونية 20% هذا العام لتصل قيمته إلى 36.4 مليار دولار مع توقع تضاعفه تقريباً بحلول 2026، وفقاً لمؤسسة "أي دي سي" (IDC) التي تتابع صناعة تكنولوجيا المعلومات.
يتوقع مالتز دخول كبار منصات بيئة العمل للمجال قائلاً: "هناك فرصة كبيرة لنمو السوق المتوقع أن يجذب العديد من الأشخاص الراغبين في استكشاف الأمر".
وأطلقت منصة "تيمز" (Teams) التابعة لشركة "مايكروسوفت" وتضم أكثر من 270 مليون مستخدم نشط، مجموعة ألعاب "يتواصل من خلالها زملاء العمل عن طريق اللعب".
جانب مظلم
أعرب هوارد ليرمان، مؤسس "روم" ورئيسها التنفيذي عن عدم شعوره بالقلق قائلاً: "الشركات ترغب بالحصول على شيء مختلف بحيث تدعم التقنية طريقة عمل الأفراد وليس العكس".
يخدم مصممو بيئة العمل الافتراضية عادةً الشركات الصغيرة ما يمثّل نقطة ضعف بالنسبة لشركة "زووم". هنالك تشابكات في السوق ينبغي التعامل معها قبل أن تستهدف تلك الشركات الصغيرة مؤسسات أكبر.
قالت بيلار أورتي، رئيسة "فيرشوال نَت ديستانت" (Virtual Not Distant) المتخصصة بتعزيز تعاون فرق العمل عبر الإنترنت: "إن لم تكن هناك أسباب تدفع الموظفين لزيارة المساحات غير المستخدمة في بيئة العمل الافتراضية فلن يفعلوا كما هو الحال في بيئة العمل الفعلية".
يرى بريسيت من "غارتنر" أن الخوف من مراقبة الإدارة يمثّل جانباً مظلماً بالنسبة لمكان العمل الأكثر تفاعلاً. كما يقول إنه يتعين على "رووم" وشبيهاتها "إعادة العمل على تخطي التحدي القديم وهو التواجد غير المنتج الذي يظهر حالياً باستمرار الظهور كي يراهم المديرون... يعيد الموظفون الذين أسعدتهم مغادرة المكتب هذه المشكلة".
يرى كويات أن بيئة العمل الرقمية لن تشهد على الأقل عودة يوم العمل المزدحم باجتماعات مدتها نصف ساعة، حيث يقول: "لا أحد يفضل (زووم) على (روم)... لكن البعض يفضل استخدام الهاتف".