بلومبرغ
تختبر صناعة اللحوم إضافة الأعشاب البحرية إلى علف الأبقار لمنعها من تجشؤ غاز الميثان. لكن العاملين في جمع الطحالب الحمراء الصالحة للأكل (أسباراغوبسيس) التي تمنع تكوّن غازات الدفيئة في بطون الأبقار يعانون لتلبية الطلب المتزايد. تقدم شركة "رومينيت" (Rumin8) الأسترالية الناشئة، بديلاً اصطناعياً يحاكي تأثير الأعشاب البحرية.
غاز الميثان هو ثاني أكبر مسبب لاحترار الأرض وتساهم الأبقار بنحو 32% من الانبعاثات الناتجة عن السلوك البشري. إن أخذنا بعين الاعتبار 1.5 مليار بقرة تُربى من أجل اللحوم على مستوى العالم، فهذا يعني 105 مليار كيلوغرام من الميثان كل عام. أظهرت إحدى الدراسات أن إضافة الأعشاب البحرية إلى علف الأبقار قد يخفض 98% من انبعاثات الميثان.
الطريق نحو إزالة بصمة الكربون طويلة جداً
أدى الاكتشاف حديث العهد نسبياً لقدرة طحالب "أسباراغوبسيس" على كبح إنتاج الميثان لظهور فئة جديدة من المزارعين البحريين ومنتجي إضافات الأعلاف. تتطلب الأعشاب البحرية نحو أربعة أشهر لتصبح جاهزة للحصاد ومساحات شاسعة من المياه المفتوحة لتنمو؛ وقد يكون للزراعة المكثفة آثار سلبية على أنماط الحياة المائية الأخرى، كما أنها ليست رخيصة. قدّر تقرير لبنك الكومنولث الأسترالي في سبتمبر أن إنتاج إمدادات عام من الأعشاب البحرية لصناعة لحوم البقر في البلاد وحدها قد يكلف 132 مليون إلى 1.62 مليار دولار أسترالي (89 مليون دولار إلى 1.1 مليار دولار).
مكملات بديلة
تزود "رومينيت"، التي يقع مقرها في بيرث، السوق بمنتجات تحتوي على بروموفورم، وهو العنصر النشط في الأعشاب البحرية الذي يمنع إنتاج الميثان. يُصنع هذا العنصر في المختبر وليس في المحيط. ستتضمن عروضها خياراً قابلاً للذوبان في الماء للأبقار التي تُربى في المراعي الحرة ومساحيق المكملات المعدنية والسائل الزيتي الذي يمكن خلطه مع كريات العلف بالنسبة لحيوانات الحظائر. كما تعمل على تركيبة بطيئة التحرر على شكل قرص كبير.
بيّن ديفيد ميسينا، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة، أن تجارب "رومينيت" المعملية أظهرت أن المادة المضافة قد تقلل الانبعاثات الناتجة عن الأبقار بأكثر من 95%. قال ميسينا إن المنتج النهائي لن يكلف أكثر من 10% من قيمة الحيوان على مدى حياته. مقرر إجراء تجارب على الحيوانات على نطاق واسع خلال هذا العام وتاليه. تتوقع "رومينيت"، التي تدعمها شركة رأس المال الاستثماري "بريلود فينتشرز" (Prelude Ventures) ومقرها في سان فرانسيسكو وعملاقة المعاشات الأسترالية "أوير سوبر" (Aware Super) بدء التصنيع في غرب أستراليا في 2023.
ازدهار قطاع اللحوم في أوروغواي يجعل رعاية الأبقار استثماراً
لكن بعض العلماء يحثون على توخي الحذر عند استخدام الأعشاب البحرية وبدائلها الاصطناعية بسبب ارتفاع مستويات البروموفورم، وهي محظورة بموجب بروتوكول مونتريال، المعاهدة البيئية التاريخية الموقعة في 1987 التي حددت المواد الكيميائية التي تستنفد طبقة الأوزون. قال ريتشارد إيكارد أستاذ الزراعة المستدامة بجامعة ملبورن: "لا أعرف من سيكون سعيداً عندما يدرك العالم أننا قد ننتج مواد كيميائية تستنفد الأوزون لحل مشكلة غاز الميثان. يجب أن يكون للبحث نصيب الأسد في هذه المرحلة وليس التسويق".
مخاوف غير مبررة
رغم عدم وجود بحث معمق حتى الآن حول ما يحدث للبروموفورم بعد أن تتناوله الأبقار، إلا أن موردي الصناعة يقولون إن المخاوف بشأنه غير مبررة. قال متحدث باسم "فيوتشر فيد" (FutureFeed) التي يقع مقرها في مدينة بريزبن الأسترالية وتنتج إضافات الطحالب الحمراء "أسباراغوبسيس" تجارياً، إن علف الأبقار لا يحتوي ما يكفي من الأعشاب البحرية لتدمير طبقة الأوزون، قال ميسينا من "رومينيت" إن البروموفورم يتفكك تماماً تقريباً في معدة الحيوان بعد حوالي ثلاث ساعات، وفي تلك اللحظة لا يعود له أي تأثير على البيئة.
لماذا يجب أن تصبح الحشرات جزءاً أكبر من السلسلة الغذائية؟
تحظى هذه التأكيدات بدعم مراجعة أجريت في مايو 2022 لما هو منشور في مجلة "ألغال ريسيرش" (Algal Research) الأكاديمية الدولية. كتب تسعة مؤلفين بقيادة كريستوفر غلاسون من جامعة وايكاتو في نيوزيلندا، منهم ثلاثة منخرطين بالإنتاج التجاري للطحالب الحمراء بغرض التقليل من غاز الميثان، أن الكائنات الحية الدقيقة في أمعاء الأبقار تفكك البروموفورم من الطحالب المضافة إلى علفها. كتبوا في الختام: "إن الزراعة المائية للطحالب الحمراء على نطاق واسع واستخدامها في استراتيجيات التخفيف من غاز الميثان المنبعث من الحيوانات المجترة وصولا للحد الأدنى من مستويات استخدامها الفعال أو قريباً منه، قد لا يؤثر سلباً على صحة الحيوان وجودة الغذاء واستنفاد طبقة الأوزون".
لم تؤثر الإضافات المصنوعة من الطحالب وبدائلها إلى الأعلاف بعد على انبعاثات غاز الميثان من الأبقار. ما تزال سلسلة التوريد التجارية في مهدها، وليس هناك حوافز للمزارعين حتى الآن لشراء المكملات، ولا عمليات تنظيمية للإشراف على استخدامها. ما تزال التجارب مستمرة، ومن بينها استخدام أنواع مختلفة من الأعشاب البحرية التي تحتوي على مستويات أقل من البروموفورم من الطحالب الحمراء.
خيارات أخرى
هناك دراسة أيضاً للخيارات التي لا تعتمد على الأعشاب البحرية، مثل أقنعة التجشؤ وإضافات الفحم الحيوي الغذائية. يفضل إيكارد إضافات الأعلاف المصنوعة من النترات والكحول الحيوي من شركة التغذية الهولندية "رويال دي إس إم" (Royal DSM)، لكنها تتطلب مرات إطعام أكثر للحيوانات لتحقيق أقصى التأثير، ما يجعلها غير عملية بالنسبة للأبقار في المراعي الحرة. كما يعمل العلماء في نيوزيلندا في المراحل الأولى لتطوير لقاح مضاد للتجشؤ. قال أليكس شافيس أستاذ تغذية الحيوانات في كلية الحياة والعلوم البيئية بجامعة سيدني، إن تضمين مزيد من الدهون في غذاء الماشية قد يقلل من إنتاج غاز الميثان بنسبة تصل إلى 24%. قال إن هذا أكثر أماناً من العمل مع البروموفورم، الذي قال إنه مادة سامة وغير مستدامة.
ربما هناك حاجة لاستخدام أساليب مختلفة للحد من الانبعاثات الناتجة عن تربية الأبقار نظراً لزيادة كمية الميثان في الغلاف الجوي بمعدلات قياسية، ومنها أكبر ارتفاع سُجل العام الماضي منذ بدء المراقبة قبل أربعة عقود. قال تشافيز: "أنفقنا ملايين وربما مليارات الدولارات طوال 30 عاماً مضت في محاولة للتخفيف من هذا. تعلمنا كثيراً، لكن نجاحنا كان بسيطاً جداً. علينا أن نتخلى عن فكرة السعي لحل سحري".