بلومبرغ
ليس هناك أحوج من شركات الملكية الخاصة لصداقات في واشنطن، فقد كانت منهمكة في الكونغرس لحماية نموذج أتعاب مديريها المجزية من الصفقات فيما كانت هيئات الأوراق المالية ومكافحة الاحتكار وتنظيم البث التلفزيوني في إدارة بايدن تقوض بصمت أساسيات عمل هذه الصناعة عبر اقتراح قواعد صارمة وإبطاء سير صفقات وزيادة التدقيق في استحواذات قد تؤدي لاندماجات تتسبب بتقليص وظائف العاملين.
يتزامن الهجوم مع الاضطراب الذي تشهده شركات الملكية الخاصة بعد رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بشدة فيما يتهددها الركود، إضافة لتراجع إقبال المستثمرين على الأصول التي تحمل مخاطر مثل صفقات الاستحواذ بالرافعة المالية، التي تحمل أعباء ديون. حتى مع استعادة الجمهوريين للسيطرة على مجلس النواب ووقوفهم في وجه تنفيذ أجندة الرئيس جو بايدن، يستبعد إن تتراجع الجهات التنظيمية.
لطالما انتقد الديمقراطيون شركات الملكية الخاصة بسبب الإضرار بالعاملين وتدمير القيمة طويلة الأجل للشركات المُستحوذ عليها. تستهدف الجهات التنظيمية راهناً سمات القطاع الأساسية مثل هيكل الأتعاب وغياب الشفافية والسيطرة على شركات تعمل قطاع واحد واستغلال سيطرتها على مقاعد مجالس إدارات شركات منافسة.
غياب الرؤية
قال بول غالانت، المحلل لدى شركة "كاوين آند كو" (Cowen & Co) في واشنطن: "دائماً ما يستهدف الديمقراطيون وول ستريت لكن استهداف بايدن للتركزات في كافة قطاعات الاقتصاد جعل من شركات الملكية الخاصة هدفاً أكثر من أي وقت مضى... يظهر ذلك في مواقع مختلفة ما يعكس دعم البيت الأبيض". رفض متحدث باسم البيت الأبيض التعليق.
علّق درو مالوني، رئيس وكبير تنفيذيي مجلس الاستثمار الأميركي، المؤيد لشركات الأسهم الخاصة قائلاً: "تواصل إدارة بايدن تقديم مقترحات تنظيمية تستهدف رأس المال الخاص ما سيقلص الاستثمار المحلي بنهاية المطاف".
قد يأتي الهجوم قريباً من لجنة الأوراق المالية والبورصات، حيث تستكمل التفاصيل النهائية لقواعد مقترحة في فبراير لضبط الأتعاب التي تتقاضاها شركات الملكية الخاصة وصناديق التحوط. قالت لجنة الأوراق المالية والبورصات إن صناديق التقاعد والمستثمرين الآخرين غالباً ما يفتقرون للقدرة على النظر في بعض ممارسات الأعمال الخاصة بشركات الملكية الخاصة وصناديق التحوط، التي تدير أصولًا تزيد قيمتها عن 18 تريليون دولار.
تفرض قواعد اللجنة الجديدة على شركات الاستثمار تقديم تقارير ربع سنوية تتضمن معايير أداء محددة وعرض محاسبي لكافة التكاليف. كما يُسهّل الاقتراح مقاضاة مدراء الصناديق في حال تجاوز مهام عملهم كوكيل مؤتمن.
تعارض شركات الملكية الخاصة الإجراء وترى أن لجنة الأوراق المالية والبورصات تتدخل في ترتيبات أعمال بين مستثمرين ذوي خبرة وشركات الملكية الخاصة.
تدقيق واستقالات
فاجأت وزارة العدل القطاع الشهر الماضي حين بدأت تحقيقاً شاملاً بشأن التداخل في عضوية مجالس إدارات شركات متنافسة مركزّة على شركات الملكية الخاصة. تهدف الجهود لمكافحة الاحتكار الذي نادراً ما يُطبق فيما يخض الإدارات المتداخلة، أي أن يكون لأفراد أو كيانات مقاعد في مجالس إدارة شركات منافسة.
في غضون أيام من ذلك، استقال 3 مديرين مرتبطين بشركة الملكية الخاصة "توما برافو"(Thoma Bravo) من مجلس إدارة شركة البرمجيات "سولار ويندس" (SolarWinds). وبعد أسبوعين، استقال مديرو "توما برافو" أيضاً من مجلس إدارة شركة برمجيات أخرى "إن–إيبل" (N-able).
تخضع شركات ملكية خاصة أخرى للفحص منها "بلاكستون" (Blackstone)، و"أبوللو مانجمينت غلوبل" (Apollo Global Management)، و"كي كي أر" (KKR & Co) أيضاً للتدقيق. لم ترد "بلاكستون" على طلب للتعليق فيما رفضت "أبولو" و"كي كي أر" التعليق.
قال مساعد المدعي العام لمكافحة الاحتكار جوناثان كانتر خلال مؤتمر لمكافحة الاحتكار في 10 نوفمبر: "راجعنا مدى تداخل الإدارات بين شركات متنافسة في عدد كبير من القطاعات واكتشفنا وجود مشكلة".
تسلل للسيطرة
لا تقتصر المشكلة فقط على تواجد نفس الأشخاص في مجالس إدارات شركات متنافسة، بل إن شركة واحدة تستحوذ على مقاعد مجالس إدارات شركات منافسة. قال جان ريبنيتشيك من شركة "فريشفيلدس" (Freshfields) للمحاماة إن ذلك قد يدفع وزارة العدل لمطالبة بعض شركات الملكية الخاصة بالتخلي تماماً عن مقاعد في مجالس إدارات بعض الشركات التي تسيطر عليها.
استهدفت لجنة التجارة الفيدرالية، التي تشترك مع وزارة العدل في الولاية على مكافحة الاحتكار، الشهر الماضي صفقات شركات الملكية الخاصة مع تركيز على قطاع الرعاية الصحية. قالت رئيسة اللجنة، لينا خان خلال مؤتمر إن اللجنة "تبحث بشكل مكثف عن مسؤولية شركات الملكية الخاصة" وأشارت إلى كشف الأبحاث عن تسبب استثماراتها بدور رعاية المسنين في ارتفاع معدلات الوفيات.
شركات الأسهم الخاصة تواجه "أزمة تقييم" بسبب تضخم الأسعار
أعربت اللجنة عن مخاوف بشأن "تسلل" شركات الملكية الخاصة من خلال الاستحواذ على شركة في البداية ثم تبدأ بالاستحواذ على عديد من الشركات التي تعمل في نفس القطاع، وعادةً ما تكون صفقات صغيرة الحجم لا تقع تحت طائلة تدقيق مكافحة الاحتكار، ولا تكون الجهات التنظيمية وقتها على دراية باحتكار الشركات المدعومة من شركات الملكية الخاصة.
شروط لعقد الصفقات
اتخذت لجنة التجارة الفدرالية في أكتوبر اجراءً يظهر عزمها على التغيير واتباع استراتيجيات صارمة، حيث اتخذت إجراءات ضد "جيه إيه بي كونسيومر بارتنرز" (JAB Consumer Partners)، التابعة لشركة الملكية الخاصة "جيه إيه بي هولدينغ" (JAB Holding)، التي تملك "كيوريغ دكتور بيبر" (Keurig Dr Pepper) وسلاسل أغذية مثل "بانيرا براندز" (Panera Brands).
استحوذت "جيه إيه بي هولدينغ" أيضاً على عيادات للرعاية البيطرية في كاليفورنيا وتكساس وولايات أخرى، لكن لجنة التجارة الفيدرالية طلبت منها الشهر الماضي بيع بعض العيادات في عديد من المدن قبل الموافقة على استحواذات جديدة وان تُخطر اللجنة قبل إبرام أية صفقات جديدة بقطاع رعاية الحيوانات.
قال غالانت من "كوين آند كو": "أصبح التدقيق على شركات الملكية الخاصة نهجاً شاملاً لدى إدارة بايدن".
قد يأتي اختبار صلابة العزيمة عبر موقف جهتين تنظيميتين حيال الموافقة على عرض صندوق التحوط "ستاندرد جنرال" (Standard General) لشراء شركة "تيغنا" (Tegna). يعتمد تمويل الصفقة البالغة قيمتها 5.4 مليار دولار للاستحواذ على الشركة التي تملك 64 محطة بث جزئياً على "أبوللو" وتتطلب موافقة وزارة العدل ولجنة الاتصالات الفدرالية.
رفع الأسعار
لقد بدأت الإشكالات، فقد طلبت لجنة الاتصالات الفدرالية مرتين مزيداً من المعلومات من المشترين المحتملين، وسأل مسؤولو مكافحة الاحتكار إذا ما كانت الصفقة تهدد بارتفاع فواتير التلفزيون الأرضي والقنوات الفضائية على المشاهدين في الأسواق التي تعمل فيها "تيغنا".
انفصلت "تيغنا" عن "غانيت" (Gannett) في 2015، ولدى الشركة محطات تلفزيونية في هيوستن وسياتل وواشنطن و48 مدينة أخرى. تحصل "ستاندرد جنرال" بموجب الصفقة على حصة مسيطرة في شركة البث التلفزيوني الجديدة، بينما تحصل "أبوللو" على حصة في الشركة دون حقوق تصويت لتجنب مشاكل محتملة بشأن مكافحة الاحتكار لكونها تملك حصة في مجموعة محطات تلفزيونية أخرى هي "كوكس ميديا" (Cox Media).
تتضمن الصفقة المعقدة شراء "أبوللو" لمحطات "تيغنا" الأربعة في تكساس. تأخذ الصفقة الكلية في الاعتبار عدم تخطي الحد الأقصى لملكية محطات التلفزيون، لكنها تفرض على الشركاء "أبوللو" و"ستاندرد جنرال" التنافس في بعض الأسواق، وهذا يقلق الجهات التنظيمية. امتنع صندوق "ستاندرد جنرال" عن التعليق.
تسريح الموظفين
لدى نقابة الصحفيين مخاوفها الخاصة ويتركز قلقها على توجه ملاك "تيغنا" الجدد لتقليص الوظائف والبرامج الإخبارية لتغطية الديون التي ستستخدم لتمويل الصفقة.
قال صندوق "ستاندرد جنرال"، الذي يملك 4 محطات تلفزيونية، إن لديه سجلاً في تحسين الخدمة المقدمة للمجتمعات المحلية.
قالت الشريكة الإدارية سو كيم في 10 نوفمبر، خلال اجتماع مع رئيسة لجنة الاتصالات الفيدرالية، جيسيكا روزنورسيل إنه "لا توجد نية" لتقليل الأخبار أو عدد الموظفين في القنوات المحلية، بينما يرى معارضو الصفقة أن التاريخ يثبت العكس فقد سبق أن خفضت محطات تلفزيون وصحف الوظائف بعدما اشترتها شركات ملكية خاصة.
قال جون شليوس، رئيس نقابة الصحفيين، إن تلك الشركات "لها تاريخ من التدخل وزيادة أعباء الشركات من الديون التي تُسدد عبر تقليص الوظائف". امتنعت لجنة الاتصالات الفدرالية عن التعليق.
مخاوف متباينة
لدى مزودي خدمة التلفزيون المدفوع مخاوف أخرى بأن تزيد "تيغنا" لدى إبرام الصفقة الرسوم التي يتعين عليهم دفعها للحصول على بث المحطة الذي يقدمونه لمشتركيهم ضمن مجموعة القنوات التلفزيونية، حيث أعربت شركة خدمات التلفزيون الأرضي "ألتيس" (Altice)، التي تقدم خدماتها لنحو 5 ملايين عميل في 21 ولاية تحت العلامة التجارية "أوبتيمم" (Optimum) عن مخاوفها للجنة الاتصالات الفيدرالية، وكذلك فعل مزودو خدمات التلفزيون الأرضي والفضائي الآخرون عبر مجموعة ضغط هي تحالف التلفزيون الأميركي.
ترجع المخاوف من زيادة الرسوم نسبياً إلى شق استثنائي من الصفقة، حيث تبيع "أبوللو" محطة تلفزيون بوسطن إلى "ستاندرد جنرال"، التي قد ترفع أسعار كافة قنوات "تيغنا" وهي ممارسة معتادة في القطاع ولم تلقى معارضة لجنة الاتصالات الفدرالية في صفقات سابقة.
قالت "ألتيس" إن الصفقة قد يتبعها زيادة الرسوم على مجموعة قنوات "تيغنا"، وطلبت من الجهات التنظيمية وقف ما أسمته "هندسة صناديق التحوط". بيّن صندوق "ستاندرد جنرال" أن الرسوم تُحدد وفق معطيات السوق.
دعم الممولين
يمكن أن تطلب وزارة العدل من المحكمة وقف الاندماج إذا رأت أنه سيضر بالمنافسة. تتحكم روزنورسيل، وهي ديمقراطية، في جدول المناقشات داخل لجنة الاتصالات الفدرالية، لذا يمكنها ببساطة إنهاء الصفقة إن رفضت أن تبلغ مرحلة التصويت.
قال بلير ليفين، رئيس الموظفين في لجنة الاتصالات الفدرالية سابقاً وهو الآن محلل لدى "نيو ستريت ريسيرش" (New Street Research) ومقرها واشنطن، إن "ستاندرد جنرال" سوف يتعهد بعدم خفض الوظائف أو رفع الأسعار مقابل تمرير الصفقة، وسيتعين حينها على "ستاندرد جنرال" و"أبوللو" والبنوك الممولة التأكد من جدوى إبرام الصفقة. بيّن ليفين أن: "الشرود قد تسبب بتراجع الداعمين الماليين"، وهو بالضبط ما يأمله معارضو الصفقة.