بلومبرغ
سيصوت ناخبو كاليفورنيا في 8 نوفمبر على اقتراح بقانون على مستوى الولاية يتناول نظرياً مكافحة تغير المناخ، لكن وراء الكواليس، أصبح ما يسمى المقترح 30 ساحة معركة بين أطراف قطاع التقنية.
تدعمه من جهة شركة "ليفت" (Lyft)، التي أنفقت 45 مليون دولار سعياً لتمرير المقترح، وهو أقصى ما أنفقته منذ مبادرة كاليفورنيا لعام 2020 التي دعمتها كي يستمر تصنيف سائقيها كأصحاب أعمال مستقلين، ولا تُجبر على التعامل معهم كموظفين.
تعارض هذا المقترح مجموعة أثرياء حصل كثيرٌ منهم على ثرواتهم عبر نشاطهم في رأس المال المغامر، أي أنهم اكتسبوا ثروات من الاستثمار في شركات ناشئة ضخمة مثل "ليفت".
بين سبع مبادرات مدرجة للاقتراع، كان "المقترح 30" أحد اثنين علق عليهما الحاكم غافن نيوسوم عبر الإعلانات، ووصفه بأنه "مخطط ساخر من شركة واحدة للاستيلاء على دعم ضخم يأتي من دافعي الضرائب". يتطرق المقترح لقضايا خطيرة تهدد خامس أكبر اقتصاد في العالم وهي تغير المناخ وحرائق الغابات وقطاع التقنية، حيث تتزايد الشكاوى من ارتفاع ضرائب الولاية وجموح طموح السياسات الليبرالية. كما هو حال عديد من مبادرات الناخبين في كاليفورنيا، فإن المقترح يثير أيضاً تساؤلات عما إذا كان سن قوانين جديدة عبر الاقتراح الشعبي فكرة جيدة.
مخطط ساخر من شركة واحدة للاستيلاء على دعم ضخم يأتي من دافعي الضرائب
دعم كهربة المركبات
يهدف "الاقتراح 30" لزيادة ضرائب الدخل على من يفوق دخلهم السنوي مليوني دولار من سكان كاليفورنيا، ويقتضي تخصيص الإيرادات السنوية المتأتية عبره، وهي بين 3 و5 مليارات دولار، لبناء بنية تحتية لشحن المركبات الكهربائية، ودعم ذوي الدخل المتوسط والمنخفض في الولاية الذين يرغبون باقتناء مركبات كهربائية، وتمويل جهود منع حرائق الغابات.
تتعقد تفاصيل هذه الفكرة التي تبدو واضحة ويتزايد التجاذب بشأنها، فإن جميع الأطراف المتجادلة بشأن المبادرة مقتنع بصوابية قناعاتهم وخواء حجج الأطراف الأخرى، وكل منهم ينفق مبالغ كبيرة لجذب الناخبين: 48 مليون دولار تدعم تمريره و25 مليون دولار تسعى لمنعه.
تستشهد "ليفت" وحلفاؤها بالحاجة الملحة للحد من كارثة المناخ بحجة أن عشرات الملايين من سكان كاليفورنيا يتنفسون هواءً ملوثاً بالدخان أو الضباب الدخاني. يقولون إن معارضي مشروع القانون الأثرياء معنيون فقط بحماية جيوبهم. يناشد معارضو المبادرة المستقطبين سياسياً ويجادلون بأن هذا الإجراء سيضر بميزانية الولاية لأنه يقيد طريقة إنفاق الإيرادات ويسحب السلطة من المشرعين، الذين تناط بهم مثل هذه القرارات. يبيّن منتقدي المقترح 30 أن شركة واحدة تموله حيث إن 95% من الدعم المالي أتى من "ليفت"، لكونها تواجه مع منافستها "أوبر تكنولوجيز" إلزاماً من الولاية بأن تكون المركبات الكهربائية وسيلة النقل في 90% من المسافات التي يقطعها أسطولها بحلول 2030. سيساعد الاقتراح في دعم سائقي "ليفت"، الذين سيتعين عليهم التحول إلى السيارات الكهربائية للامتثال إلى ذلك.
هواء نظيف
قالت "ليفت" إن المدافعين عن البيئة تواصلوا معها لحثها على أن تدعم مبادرة الهواء النظيف. تبرعت الشركة في يناير بثلاثة ملايين دولار لتحريك المسعى، وبدأ رئيسها التنفيذي لوغان غرين بإجراء مكالمات مع المتبرعين المحتملين، حسب شخص مطلع على الحملة طلب عدم كشف هويته لأن المناقشات كانت خاصة. كان غرين، الذي كتب: "أنا ثري بما يكفي لأن تشملني هذه الضريبة وسيسعدني دفعها"، يأمل بأن يكون شعور الأثرياء الآخرون في كاليفورنيا مشابهاً. قدّم كل من المستثمرين، الملياردير توم ستاير، وجون دوير 50 ألف دولار لدعم المسعى، كما فعل صاحب رأس المال الاستثماري، رون كونواي. دفع نيك جوزيفويتز، وهو خبير حضري وعضو مجلس إدارة سابق في منظومة "باي إيريا رابيد ترانسيت: (Bay Area Rapid Transit) وزوج مسؤولة تنفيذية سابقة لدى "ليفت" 100 ألف دولار. لم يتضح ما إذا كانت حملة معارضة المقترح قد طلبت دعماً من "أوبر"، التي نأت بنفسها عن المعركة.
كان الحراك المعارض للمبادرة يتبلور بحلول أغسطس بين بعض أكبر الأسماء في وادي السيليكون وتلقى مساهمات بملايين الدولارات من صاحب رأس المال الاستثماري الملياردير مايكل موريتز من شركة "سيكويا كابيتال" (Sequoia Capital)، ورئيس "نتفلكس" التنفيذي ريد هاستينغز، والشريك المؤسس لشركة "إنتويت" (Intuit) سكوت كوك. كما قدم بروس دونليفي، الشريك في "بينشمارك كابيتال" (Benchmark Capital) مالاً وكذلك فعل رئيس "واي كومبناتور" (Y Combinator) السابق سام ألتمان، الذي قال عبر رسائل نصية: "أعتقد أنه عبارة عن سياسة سيئة".
تبرع عديد من معارضي الاقتراح ومنهم كوك وهيستنغز وموريتز لصالح "غوفيرن فور كاليفورنيا" (Govern for California)، وهي شبكة مانحين تدعم المقترحات والمشرعين من كلا الحزبين الذين ترى أنهم يدعمون "المصلحة العامة" وليس "المصالح الخاصة". ركزت المجموعة على قضايا مثل السماح للممرضين الممارسين بتقديم مزيد من الرعاية للمرضى دون إشراف طبيب وتوفير الأموال الحكومية عبر إصلاح خطط المعاشات التقاعدية للموظفين العموميين. كان ديفيد كرين، رئيس المؤسسة غير الساعية للربح، يحشد المانحين في الأشهر الأخيرة كما طلب منهم عبر رسائل بالبريد الإلكتروني "الاستعداد لتعظيم إسهامكم والتفكير بآخرين يمكنكم تشجيعهم لفعل الشيء نفسه".
حصان طراودة
حصلت حملة المعارضة في سبتمبر على تأييد ثمين من الحاكم نيوسوم، الذي بدأ يظهر في إعلانات ينتقد فيها المقترح 30 باعتباره "حصان طروادة" مصمم لمنفعة "ليفت". باتت توعية الناخبين بأن الحاكم الذي عادة ما يؤيد القضايا المناخية معارض لهذا الطرح هدفاً رئيسياً للحملة المناهضة للمقترح. لقد بدؤوا في كسب بعض من غيّروا رأيهم من جمهور التقنية. قال كونواي، وهو مستثمر وداعم سباق، من خلال متحدث إنه غيّر رأيه ويعارض ذلك الآن.
أظهر استطلاع للرأي من صحيفة لوس أنجلوس تايمز ومعهد بيركلي للدراسات الحكومية في أواخر سبتمبر أن 49% من الناخبين يؤيدون المقترح بينما عارضه 37% والبقية مترددة.
كتب موريتز، الشريك السابق لشركة سيكويا كابيتال، في مقال رأي نُشر في أكتوبر في صحيفة فاينانشيال تايمز، إن "ليفت" كانت في ضائقة مالية شديدة، وتحولت إلى هذه الزيادة الضريبية للمساعدة فهي تطلب من حيث الأساس من أغنى أغنياء الولاية دعم نموذج أعمالها. قال المتحدث باسم "ليفت" سي جيه ماكلين في رسالة بريد إلكتروني: "نحن واثقون من أساسيات أعمالنا".
ما أُغفل في كل هذا هو جانب مضحك وهو أن "ليفت" و"أوبر" وعديد من نظيراتهما المعتمدات على منصات استقبال الطلبات وتحقق خسائر، تمكنت من البقاء والاستمرار لسنوات اعتماداً على سخاء شركات رأس المال الاستثماري، التي كانت على استعداد لحرق المال في تمويل نموها. يعتبر هذا الاقتراح من بعض النواحي بمثابة تحويل أموال مشابه باستثناء أن مصدره سيكون خزائن الولاية، فلن يلتقم المستثمرون الطعم هذه المرة.