سيليكون فالي جديد ينشأ قرب القطب الشمالي

تسعى عشرات الشركات السويدية الناشئة في ما يسمى "وادي الاستدامة" لتسخير الطاقة النظيفة

time reading iconدقائق القراءة - 12
مقطورة \"إينرايد هيرو 2\" الكهربائية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي - المصدر: \"أينرايد\"
مقطورة "إينرايد هيرو 2" الكهربائية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي - المصدر: "أينرايد"
المصدر:

بلومبرغ

ينتج مصنع ضخم قرب الدائرة القطبية الشمالية تابع لشركة "نورث فولت" (Northvolt) بطاريات سيارات كهربائية لأكبر شركات صناعة السيارات في أوروبا، وتبني شركة "هارت ايروسبيس" (Heart Aerospace) التي أُنشأت منذ أربعة أعوام على ساحل السويد الغربي طائرات كهربائية بطلب من شركتي "يونايتد إيرلاينز" و"إير كندا"، كما تطور الشركة الناشئة "اكس شور" (X Shore) في ستوكهولم سفينة تعمل بالبطاريات بقيمة 99 ألف دولار تقول إنها ستوازي "تسلا" في مجال قوارب الترفيه.

تجعل هذه الشركات، وعشرات أخرى، من السويد مركز ابتكار مزدهر في مجال النقل الأوعى بيئياً، مع أعلى استثمارات تقنية في أوروبا قياساً لعدد السكان. ساعدت القوى العاملة الماهرة ورأس المال الاستثماري الوفير الموجه نحو المشاريع المراعية للمناخ، وكذلك وفرة إمدادات الطاقة المتجددة على أن تصبح المملكة التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة رائدة عن طريق الشركات الناشئة في مجال التقنية النظيفة.

قال أندريس فورسلوند، رئيس "هارت" التنفيذي: "كانت لدينا شركات قديمة فقط قبل عامين... الآن لدينا نظام بيئي من شركات ناشئة يدفع الشركات القائمة إلى الأمام".

تخطط "هارت"، التي يشمل مستثمروها صندوقاً يدعمه بيل غيتس، لإنشاء مصنع في مطار قرب يوتيبوري، ولديها أكثر من 230 طلباً من ثلاث شركات طيران لطائرة تعمل بالبطاريات بسعة 30 مقعدًا تهدف لتبدأ تسليمها بحلول 2028. فازت "اتش 2 غرين ستيل" (H2 Green Steel) في يوليو بتصريح لبناء مصنع بقيمة 4 مليارات دولار يستخدم الكهرباء المتجددة في مدينة بودن شمال البلاد في جهد لإزالة الكربون من إحدى أكثر الصناعات استهلاكاً للطاقة. تُطور شركة "إينرايد" (Einride) شاحنات كهربائية قرب غوتنبرغ لصالح شركة إنتاج الحليب النباتي "أوتلي غروب" (Oatly Group)، وقد حصلت "إينريده" في يونيو بدعم من شركة "سورس فند مانجمت" (Soros Fund Management) على موافقة الجهات التنظيمية لاختبار سيارة توصيل بدون سائق على الطرق العامة في الولايات المتحدة.

كسر الهيمنة

قال كريستيان ليفين، الرئيس التنفيذي لشركة "سكانيا" لصناعة الشاحنات، التي تضغط من أجل كهربة مجموعتها: "تتحول السويد إلى وادي سيليكون للحلول المستدامة... لم نعد بحاجة لأن نجري إلى آسيا".

أكبر الوافدين الجدد هي شركة "نورث فولت"، التي تمنح أوروبا أفضل فرصة لها لكسر هيمنة موردي البطاريات مثل "سي إيه تي ال" (CATL) الصينية و"باناسونيك" (Panasonic) اليابانية ، و"إل جي كيم" (LG Chem) الكورية الجنوبية. جمعت "نورث فولت" منذ أن أسسها اثنان من المديرين التنفيذيين السابقين لشركة "تسلا" قبل ست سنوات زهاء 8 مليارات دولار من عشرات المستثمرين بينهم "غولدمان ساكس" و"فولكس واجن". وقعت عقوداً بقيمة 55 مليار دولار مع شركات صناعة السيارات الرائدة وبدأت في مايو بشحن منتجاتها من مصنعها في سكيليفتيو. تتوقع "نورث فولت" أن يكون لديها 4000 موظف في الموقع ينتجون بطاريات تكفي لتشغيل مليون سيارة سنوياً بحلول 2026، كما تبني مصنعين آخرين أحدهما قرب يوتيبوري والآخر في شمال ألمانيا.

ستكون الطاقة إحدى العقبات التي تعترض طموحات السويد. يقع الجزء الأكبر من مواردها الهائلة من المياه والرياح في الشمال، وتواجه شبكتها مشكلة في نقل الطاقة إلى المراكز السكانية في الجنوب، وهي مخاوف قد تتفاقم مع سعي مزيد من المصانع الناشئة للحصول على كهرباء خالية من الكربون. كما أن المعايير البيئية العالية في البلاد إضافة للمعارضة المحلية المتكررة، تعني أن الحصول على تصاريح لمزارع الرياح الجديدة قد يستغرق سنوات. لكن يرجح أن تتراجع هذه المخاوف مع سعي الحكومة نحو تحقيق هدف توليد كل ما لديها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول نهاية العقد المقبل والوصول لتحييد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول 2045.

بيئة داعمة

تستفيد الشركات الناشئة من منظومة حية تضم رواد أعمال وصناعيين ناجحين يراهنون على التقنية النظيفة. استثمرت شركة البيع بالتجزئة "أيكيا" في "نورث فولت" كما دعم دانيال إيك، مؤسس "سبوتيفاي" ورئيسها التنفيذي، "نورث فولت" وصانعة الفولاذ "اتش 2" والعديد من الشركات الأخرى. استثمرت عائلة الملياردير والنبرغ، التي تزعمت قطاع التجارة في السويد طيلة 150 عاماً، بحصص في "إينرايد" و"هارت إيروسبيس" وغيرها عبر صناديق استثمار.

قال تيد بيرسون، وهو شريك في شركة الاستثمار المغامر "إي كيو تي فينتشرز" (EQT Ventures) التي تتبع جزئياً لعائلة والنبرغ: "تبدأ باستثمار فيثمر فتستثمر مجدداً... فجأة تصبح تلك استراتيجية لديك. تصبح لديك دورة إيجابية".

يساعد نجاح السويد بدفع عجلة النمو في البلدان المجاورة. تبني شركة "فرير باتري" (Freyr Battery) النرويجية مصنع بطاريات إلى الجنوب من القطب الشمالي قرب مو إي رانا وتفكر بإنشاء مصانع في فنلندا والولايات المتحدة. تحقن شركة "كاربفيكس" (Carbfix) في أيسلندا ثاني أكسيد الكربون في أعماق الأرض، حيث يتحول إلى صخر، وتقوم شركة "إيفرفيول" (Everfuel) الدنماركية بإنشاء شبكة من محطات وقود الهيدروجين الأخضر في المنطقة.

قالت شركة الاستشارات "ماكينزي أند كو" إن دول الشمال، التي تمثل 2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، هي موطن 12% من 100 شركة تسميها "الأكثر استدامة" على كوكب الأرض، وإن مثل هذه الشركات قد تخلق مليون فرصة عمل في المنطقة بحلول 2050. قال توماس ناوكلير، وهو شريك لدى "ماكينزي": "لقد بنت منطقة الشمال علامة تجارية للاستدامة... هناك قادة شركات لديهم الشجاعة لدفع توسعات قوية وللقيادة".

تصنيفات

قصص قد تهمك