بلومبرغ
يمكن للسائقين الذين يتزودون بالوقود من محطة "شل" على طريق فولهام جنوب غرب لندن تناول القهوة والمشروبات الغازية والوجبات الخفيفة وشراء البقالة الأساسية مثل الحليب والبيض. لكن هناك شيئاً واحداً غير متوفر وهو البنزين. أصبحت المحطة منذ يناير تعمل بالكامل بالكهرباء، واستبدلت مضخات الوقود القديمة بعشرة أجهزة شحن سريعة وُضعت تحت مظلات خشبية مرتفعة يشحن الناس سياراتهم عبرها. قال إستفان كابيتاني، المشرف على عمليات البيع بالتجزئة العالمية في "شل": "يعطينا هذا لمحة عن مستقبل التنقل".
أصبحت "شل"، التي أقامت 46000 محطة في 80 دولة، أكبر بائع تجزئة للبنزين في العالم، وتُعدّ محطة "فولهام" واحدة من عدد من النماذج الأولية التي تخطط لنشرها مع تحول مزيد من السيارات للاعتماد على طاقة البطارية للتعرف من ردود الأفعال على أنجح الطرق لوضع أساس لبلوغ هدف تحييد الانبعاثات بحلول 2050. تقول "شل" إن لديها 9000 نقطة شحن تحمل علامتها التجارية مثل تلك الموجودة في "فولهام" وتدير 95000 نقطة إضافية في أماكن مثل المرائب ومواقف المكاتب، كما تهدف لرفع عددها إلى نصف مليون بحلول 2025، لتتقدم على منافساتها مثل "إكسون" و"توتال إنيرجيز" (TotalEnergies) و"بريتش بتروليوم".
استطلاع: ربع الأميركيين يريدون التحوّل إلى السيارات الكهربائية
يمكن شحن السيارات في أي مكان به قابس كهربائي، ما يعني أن شركات النفط العملاقة والسلاسل الإقليمية والمستثمرين المستقلين الذين يديرون 770,000 محطة تعبئة وقود في العالم سيواجهون مشكلة في العقود المقبلة. فكم ستصبح قيمة عقاراتهم في المدن وعلى الطرق السريعة حول العالم؟ هل سيستمر الأشخاص بالعودة للحصول على خدمة الشحن إذا كانت عملية إعادة الشحن تستغرق 30 دقيقة أو أكثر؟ هل هناك نموذج أعمال مناسب لمحطات الشحن عندما يستطيع الناس أيضاً شحن سياراتهم في المنزل أو المكتب أو المركز التجاري؟
عناصر التنافس
تُعدّ عمليات الشحن الأسرع إحدى الميزات التي يمكنهم تقديمها بزمن يتراوح بين 10 إلى 20 دقيقة في مقابل عدة ساعات عند استخدام شاحن قياسي في المنزل. عادة ما تقع المحطات في أماكن رئيسية فيها حركة مرور كثيرة، حيث يُرجح أن يتناول السائقون المتعبون والجائعون القهوة أو وجبة خفيفة أثناء شحن سياراتهم، كما يقول روب سميث المحلل في "إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس" (S&P Global Commodity Insights): "لدى تجارة الوقود بالتجزئة فرصة أكبر لركوب موجة انتقال الطاقة أكثر من تكرير الوقود أو إنتاج النفط في بعض النواحي، لكن مع انخفاض الطلب على الوقود يجب أن تصبح هذه الأماكن وجهات مفيدة للعملاء".
السيارات التقليدية تبدأ رحلة النهاية مع تخصيص 526 مليار دولار للكهربائية
تتوقع شركة "ماكنزي آند كو" (McKinsey & Co) انخفاض الطلب على البنزين من 87 مليار دولار في 2019 إلى 79 مليار دولار بحلول 2030، مع ارتفاع مبيعات التجزئة لسلع أخرى غير الوقود في المحطات بأكثر من الثلث خلال الفترة نفسها، لتصل قيمتها إلى 30 مليار دولار، وستصل إيرادات شحن السيارات الكهربائية إلى 20 مليار دولار بحلول 2030، وفقاً لتوقعات "ماكنزي". لكن "ماكنزي" تتوقع أيضاً تنفيذ نحو 80% من عمليات الشحن في المنزل أو المكتب، ما يترك "شل" ومشغلي محطات الوقود الآخرين في حالة تنازع على الخُمس الباقي.
حتى ضمن المحطات، فإنهم سيواجهون منافسة متزايدة من شركات مثل "تسلا" التي تدير 35000 كشك شاحن فائق على مستوى العالم، ومزودي خدمات متخصصين مثل "تشارج بوينت" (ChargePoint) و"بلينك تشارجينغ" (Blink Charging) و"إليكترفاي أميركا" (Electrify America) العائدة لشركة "فولكس واجن" (Volkswagen). كما يتمثل تهديد آخر في محطات التبديل التي يجري فيها استبدال بطارية السيارة المستهلكة ببطارية مشحونة بالكامل. لكن معظم الشركات التي تقدّم خدمات الشحن لا تملك مكونات بيع بالتجزئة لتوليد مبيعات إضافية.
انحسار البنزين
رغم أن السيارات الكهربائية ستشكل أكثر من نصف مبيعات سيارات الركاب في وقت مبكر من 2033، إلا أن "بلومبرغ إن إي إف" تتوقع استمرار عشرات ملايين السيارات العاملة على البنزين على الطرقات لعقد على الأقل بعد ذلك. لذا تقول "شل" إنها لم تضع خططاً لتقليل عدد منافذ بيعها، ورغم أنها تعيد تسميتها لتصبح "مواقع للحركة"، فسيتحول عدد قليل منها للعمل بتزويد الشحن بالكهرباء قريباً. لكن الشركة تتحوط على رهاناتها بمحطات يمكنها توفير أنواع مختلفة من الوقود مثل الغاز الطبيعي المسال والهيدروجين.
يستغرق شحن سيارة "تسلا" من طراز "3" كاملاً نحو نصف ساعة وقد يكلّف أكثر من 35 جنيهاً إسترلينياً (39 دولاراً) في منشأة "فولهام"، التي أُزيلت منها الخزانات تحت الأرض وكُسيت مظلاتها بألواح طاقة شمسية. فيما تبدو محطة "شل" في تامبينيس الحي السكني القريب من مطار سنغافورة النموذج الأكثر قابلية للنجاح، حيث أضافت الشركة نقطتي شحن كهربائي إلى 14 مضخة وقود لديها، وهناك أيضاً منفذ وجبات سريعة من "ماكدونالدز"، ومغسل سيارات ومساحة تحتوي على كراسي وطاولات مريحة يمكن للسائقين استخدامها فيما ينتظرون شحن سياراتهم.
ماذا ستفعل لو نفدت طاقة سيارتك الكهربائية في الصحراء؟
تبدو "شل" مشغولة بإبرام صفقات مع مطاعم الوجبات السريعة وسلاسل القهوة لمحطاتها في مختلف الأسواق، أما في الصين الرائدة عالمياً في مجال السيارات الكهربائية، فنرى أنها في خضم توسع سريع مع وجود 3000 نقطة شحن كهربائي هناك. تحتوي إحدى المحطات في مدينة شيامن الساحلية على عشرات نقاط الشحن، و28 مضخة وقود ومنشأة لاستبدال البطاريات باستخدام نظام من تصميم شركة صناعة السيارات الكهربائية الصينية "نيو" (Nio). تملك "شل" 100 موقع من هذا النوع في الصين، وتخطط للبدء في تشغيل مواقع مماثلة في أوروبا هذا الخريف. قال عمرو عادل رئيس قطاع التجزئة في "شل" في آسيا: "نحن نستعد لمستقبل يبدأ الآن. ويستمر طموحنا للنمو".