حملة رقمنة لإصلاح سوق حجمها 11 تريليون دولار لتداول الذهب

محاولات لبناء قاعدة بيانات بتقنية "بلوكتشين" لتتبع السبائك حول العالم

time reading iconدقائق القراءة - 7
سبائك ذهب - المصدر: بلومبرغ
سبائك ذهب - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يعتمد التداول بأحد أقدم أسواق العالم على شبكة خزائن شديدة الحماية تقبع تحت لندن الكبرى، حيث يُتداول يومياً نحو 50 ألف سبيكة ذهبية، تزيد قيمة كل منها على 650 ألف دولار بين البنوك الأربعة الكبرى المسؤولة عن تسوية المعاملات.

استمر ذلك النظام، الذي يتضمن ذهباً مخزناً تبلغ قيمته 500 مليار دولار، بالعمل بنفس الطريقة مع تغييرات طفيفة على مدى أغلب العقدين الماضيين، فيما يرى ديفيد تايت، رئيس مجلس الذهب العالمي، جماعة الضغط الرئيسية لشركات التعدين، أن الوقت حان لإصلاح شامل.

يحاول المصرفي الاستثماري السابق الاستمرار بإحداث تغييرات يأمل أن ترفع الطلب بشكل كبير، ومن بينها بناء قاعدة بيانات باستخدام تقنية "بلوكتشين" لتتبع كل سبيكة ذهب حول العالم تقريباً. يتوقع أن يسهل بمجرد تشغيل ذلك النظام إنشاء رمز رقمي مدعوم بذهب حقيقي يُمكن تداوله بسهولة أكبر.

على مدار الساعة

يتشكك المشاركون في السوق، الذين يجتمعون في مؤتمر هذا الشهر بشأن بدء الإصلاح المقترح قريباً، حيث باءت محاولات سابقة لإجراء تغييرات صغيرة في السوق بالفشل، في الوقت الذي أصبحت فيه حزمة التغييرات، التي أُطلق عليها اسم "الذهب على مدار الساعة طيلة الأسبوع" أكثر إلحاحاً.

بدأت الإصلاحات التي شهدتها البنوك عقب الأزمة المالية بالتأثير على سوق الذهب هذا العام بعد عدم قدرة المشاركين في السوق على التأكد من إمكانية تداول الأصل بسهولة في الأوقات العصيبة.

بورصة لندن للمعادن تتخلى عن تداولات عقود الذهب والفضة الفاشلة

بعدما أصبحت القواعد الجديدة نافذة، أصبح احتفاظ البنوك بالسبائك أكثر تكلفة، ما أدى لتقلص العوائد التي تجنيها البنوك من تداول هذه السلعة وهي ضئيلة بطبيعتها، ما أثار مخاوف من انكماش حجم السوق، خاصة في ظل منافسة متزايدة شهدها الذهب خلال العقد الماضي من العملات المشفرة لجذب المستثمرين الباحثين عن بدائل للأسهم والسندات والنقد، وقد بلغ الأمر حداً أن بعض داعمي "بتكوين" سموه "الذهب الرقمي".

رقمنة الذهب

يرى تايت أن الرقمنة ستجعل اقتناء المعدن أسهل لنطاق أوسع من المستثمرين، حيث يقول العضو المنتدب السابق في "كريدي سويس": "هناك عدد كبير من القطاعات وعديد من المؤسسات التي لم تقترب من ذلك المنتج في الماضي. إن قمنا بالأمر بشكل مناسب ستتاح لهم الفرصة لذلك".

يُعاني المستثمرون الأفراد من صعوبة الوصول مباشرةً إلى سوق الذهب، وهي تشابه في ذلك عديداً من أسواق السلع التي تخضع لمعايير متباينة باختلاف الأماكن. تستخدم لندن سبائك 400 أونصة في التداول، بينما يشيع استخدام السبائك 100 أونصة في السوق الأولية لتداول العقود الآجلة في الولايات المتحدة. حتى السبائك الأصغر تزيد تكلفتها عن 160 ألف دولار، لذا يضطر المستثمرون الأفراد لشراء سبائك وعملات أصغر من التجار، وغالباً ما يحمل ذلك علاوة كبيرة، لذا يعتقد تايت أن إنشاء الرموز المميزة التي يمكن استبدالها بسهولة بسبائك فعلية يمكن أن يكون حلاً لتلك المشكلة.

الذهب تحت رحمة الدولار الملك.. وسيعتمد على نوبات متقلبة في شعبيته

مفهوم الأصل القابل للتداول مقابل ملكية معدن محفوظ في قبو بمكان ما ليس جديداً، حيث شارك المجلس بإطلاق صندوق "إس بي دي أر غولد شيرز" (SPDR Gold Shares) المدرج في البورصة والمدعوم بالذهب وتبلغ قيمة أصوله الحالية 50 مليار دولار، لكن المستثمرين الأفراد لا يمكنهم بشكل عام استبدال أسهم الصندوق بالمعدن الحقيقي فلا يمكن ذلك سوى لكبار المؤسسات الاستثمارية من صُنّاع سوق الأسهم، كما أن هناك أيضاً عملات رقمية مستقرة مدعومة بالذهب، لكنها فشلت في اكتساب كثير من الزخم.

تحديات وفرص

تحتاج تصورات فريق تايت للرموز الرقمية دعم السوق بالكامل، من بنوك وول ستريت إلى السلطات الهندية والصينية التي تدير أكبر أسواق للمستهلكين، فيما قد تساعد تقنية "بلوكتشين" بتتبع سبائك الذهب وطمأنة المشترين بشأن أصولهم ومدى نقاء المعدن وبشأن مكافحة غسيل الأموال كذلك.

تأسيس أول بورصة عالمية للذهب في الهند

يُمثل إقناع كبار المشاركين في السوق بدعم مشروع يُخاطر بتقويض هيمنتهم تحدياً رئيسياً مع توقف تداول العقود الآجلة للذهب في بورصة لندن للمعادن هذا العام بسبب عدم مشاركة "جيه بي مورغان" و"إتش إس بي سي"، أكبر بنكين مشاركين في إجراء التعاملات. لم يرد "جيه بي مورغان" و"إتش إس بي سي" على طلبات للتعليق.

قال جان نوينهويس، المحلل في "غاينزفيل كوينز" (Gainesville Coins) إن عديداً من اللاعبين الكبار في لندن يُفضلون النظام الحالي "رغم أني أعلم بعدم رضا كثير من المشاركين في السوق عن طريقة التداول" وأنهم يفضلون نظاماً يتمتع بقدر أكبر من الشفافية، هناك أيضاً من يعتقدون أن الهدف الأساسي للإقبال على الذهب هو الحصول على أصل ملموس ما يجعل مسألة تداوله كرموز محكومة بالفشل. قال أدريان آش، رئيس وحدة الأبحاث في شركة الوساطة "بوليون فولت" (BullionVault)، التي توفر خدمات الاستثمار في الذهب عبر الإنترنت: "الشكل الملموس والمكان مهمان... المشكلة هي أن أي ترميز سيجعل الأصل مجازياً، لأن ما تملكه وقتها هو الرمز المميز".

مزيد من الشفافية

يتمتع تايت، الذي تولى رئاسة المجلس في 2019، بخبرة عملية حول نقاط ضعف النظام الحالي، وكان قد أغلق مكتب تداول السلع الأساسية لدى "كريدي سويس" في 2014، لأن الحصول على عوائد من فئات الأصول الأخرى كان أسهل وأقل مخاطراً. يقول: "نحتاج لجذب مزيد من الناس للتداول والسوق، والدفاع عن النظام الحالي يمثل طريقة مغلوطة لتحقيق ذلك ولا أعتقد أن الاعتماد التاريخي على النظام الحالي سيستمر في المستقبل".

يبدأ المشروع ببرنامج لضمان سلامة سبائك الذهب، تديره "رابطة سوق السبائك في لندن"، التي تستخدم تقنية "بلوكتشين" لمراقبة الإمدادات. بيّن تايت أن النسخة التجريبية التي ضمت 30 مشاركاً بينهم شركات تعدين ومصافي وبنوك قد انتهت للتو.

أوصت مجموعة عمل أسستها الحكومة البريطانية من البنوك والمستثمرين بسياسات من شأنها زيادة الشفافية حول التداولات بسوق الذهب في لندن. قال تايت، الذي يرأس وحدة المعادن النفيسة بالمجموعة: "كان هناك إجماع من البنوك - بلا استثناء - أن هناك ضرورة للتحسين... يجب أن يتغيروا، وهناك وعي لدى جميع الأطراف أن السوق سينمو نتيجة لذلك".

تصنيفات

قصص قد تهمك