بلومبرغ
اكتسبت شركة "أديداس" زخماً قبل سبع سنوات جراء ارتفاع مبيعاتها من أحذية أسهم بتصميمها مؤثرون مثل فاريل ويليامز وكانيه ويست. لكن بعض المستثمرين اعتقدوا أن المديرين ينفقون كثيراً في سعيهم وراء الجاذبية ودعوا إلى تعيين قيادة جديدة. وجدوا ضالتهم عند غاسبر رورستيد الدانماركي المقتصد الشهير الذي عينته "أديداس" رئيساً تنفيذياً لها بعدما حقق أرباحاً قياسية لشركة "هنكل" لصناعة الصابون والمنظفات.
سرعان ما باع رورستيد وحدات ملابس الهوكي والغولف وضاعف حجم التجارة الإلكترونية، ما أدى لزيادة الأرباح وحدا بمجلة "مانجر" (Manager) الألمانية لتسميته بالرئيس التنفيذي لعام 2019 في البلاد. لكن منذ بلغت أسهم "أديداس" ذروتها العام الماضي، وقع عديد من الضربات والأخطاء الفادحة وسوء حظ فشطبت معظم التقدم الذي أحرزه رورستيد مع تراجع هوامش الأرباح وانخفاض سعر سهمها إلى ما دون مستويات 2016، قالت الشركة إن رورستيد سيتنحى العام المقبل "لتمهيد الطريق نحو إعادة الإنطلاق".
يجب على القائد العتيد بث حياة جديدة في العلامة التجارية والتأسيس لحقبة أخرى من منتجات الأحذية الرياضية والملابس الرائجة بشدة لكن مع مراقبة لصيقة للموارد المالية. فيما يتابع العالم تبني الملابس غير الرسمية واللياقة البدنية، وهي الاتجاهات التي اكتسبت القوة في عصر كوفيد 19، تعاني شركات الملابس الرياضية من صعوبات. فقد انخفضت أسهم "نايكي" 40% تقريباً في العام الماضي، وتراجعت أسهم "بوما" إلى نصف سعرها تقريباً، وحتى سهم "لولويمون أثليتكا" (Lululemon Athletica) الشركة محبوبة لدى وول ستريت انخفض بمقدار الربع تقريباً.
السوق الصينية
يتجنب المستثمرون توظيف أموالهم في أسهم شركات ذات منتجات موجهة للمستهلكين في استجابة لارتفاع أسعار الفائدة وتزايد مخاوف حصول ركود حاد. كما تحتدم المنافسة مع انضمام "أون هولدينغ" (On Holding) الشركة السويسرية الوافدة حديثاً والمدعومة من عملاق التنس روجر فيدرر للركب وتوجّه بيوت الموضة الفاخرة نحو الملابس غير الرسمية. ما تزال الصناعة تتعافى من الإغلاقات التي تسبب بها كوفيد في فيتنام، التي أغلقت مصانعها لعدة أشهر، ما أدى إلى شلل إنتاج كل شيء من سراويل اليوغا وحتى أحذية "إير جوردان" الرياضية. تبقى الصين الإشكالية الأكبر، حيث يقاطع المستهلكون العلامات التجارية الغربية. تبدو المشكلة أَحَدّ بشكل خاص بالنسبة لشركة "أديداس"، التي تتطلع باستمرار إلى هذه البلاد لنموها. رغم أن ذلك كان ميزة كبيرة في 2019 عندما سجلت الشركة مبيعات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ أكثر مما باعت في أوروبا أو أميركا الشمالية، إلا أنها اليوم تمثّل عائقاً مع انهيار الإيرادات القادمة من الصين بمقدار الثلث في النصف الأول من العام.
تنافس وبدلاء
عيّن رورستيد في أبريل أدريان سيو رئيساً جديداً لقسم العمليات في الصين، وهو من مخضرمي "أديداس" بخبرة تتجاوز 17 عاماً وغادر الشركة في 2019 لتولي إدارة شركة ملابس داخلية. تواصل "أديداس" تأخرها عن "نايك" في الصين، وفقاً لبيانات متاجر البيع عبر الإنترنت، فقد كانت الشركة الأميركية المنافسة أنجح في استعادة حصتها في السوق من شركتي "أنتا سبورت برودكت" (Anta Sports Products) و"لي نينغ" (Li Ning) المحليتين سريعتي النمو.
قال مستثمرون ومحللون إن المشكلة الشاملة تكمن في أن أفكار منتجات "أديداس" أصبحت قديمة الطراز، وحان وقت طرح أفكار جديدة واتباع نهج جديد للتسويق. يقول إنغو سبيش من "ديكا إنفيستمنت" (Deka Investment) في فرانكفورت وهي إحدى المساهمين الرئيسيين في الشركة: "تطوير المنتجات وشيوع التعرف على العلامة التجارية هي مشكلة (أديداس). يجب أن يكون الرئيس التنفيذي أكثر تناغماً مع ما ينوي الفريق الإبداعي فعله، ورورستيد ليس الشخص المناسب لذلك".
استفاد رورستيد في السنوات الثلاث الأولى له في منصبه من ارتفاع المبيعات، خاصة تلك المتعلقة بالموديلات القديمة مثل طراز ستان سميث وحذاء سوبرستار لكرة السلة الذي جرى الترتيب له في عهد سلفه هربرت هاينر. يُعدّ إريك ليدتك المسؤول التنفيذي الذي يُنسب إليه الفضل غالباً في هذه النجاحات، وهو من كان يُنظر إليه كبديل محتمل لهاينر لوقت طويل. روّج ليدتك لأفكار مثل استخدام البلاستيك المُعاد تدويره من تجمعاته في المحيطات في بعض الأحذية والملابس، ورعى التعاون مع ويست وويليامز وبيونسيه. لكنه غادر الشركة قبل عامين بعد 25 عاماً من عمله لديها وأطلق الصيف الماضي شركة "أنليس كوليكتيف" (Unless Collective) لصناعة الملابس غير الرسمية.
كثيراً ما يُطرح اسم ليدتك كبديل محتمل لرورستيد أو على أنه نوع القائد الذي يجب أن تسعى "أديداس" لتوظيفه على الأقل. قال جون كيرنان الذي يعمل محللاً في "كوين" (Cowen) في مذكرة في 16 سبتمبر: "تحتاج الشركة أن تعود لتفوقها الإبداعي كما حين كان إريك ليدتك يقود علامة (أديداس) التجارية". قال ليدتك إنه ليس هناك أي تواصل بينه وبين "أديداس" بشأن الوظيفة، وامتنعت "أديداس" عن التعليق.
إخوة تباغضوا
يُعدّ بيورين غولدن من الأسماء الأخرى التي يتكرر ذكرها وهو الرئيس التنفيذي لشركة "بوما"، والذي يُثنى عليه غالباً لقوته في التعامل مع الأرقام والمسائل الإبداعية معاً. لكن يصعب تخيل قيام غولدن بهذه الخطوة. يقع مقرّا العلامتين التجاريتين العالميتين الرئيسيان في هيرتسوغيناوراخ، وهي بلدة يبلغ عدد سكانها 23000 نسمة وتقع في التلال البافارية على بعد ساعتين شمال ميونيخ بالقطار. أسس هاتين الشركتين إخوة دخلت بينهم الضغناء بعد الحرب العالمية الثانية، ويمثّل التنافس جزءاً كبيراً من ثقافة الشركتين. امتنع غولدن عن التعليق.
رغم أن رورستيد أشرف على زيادة المبيعات عبر الإنترنت خمسة أضعاف وتبنّى جهوداً لخفض نسبة المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، إلا أن فترة عمله تميّزت بعديد من العثرات. لقد باع شركة "ريبوك" بعد عدة محاولات فاشلة لاستعادة سحر العلامة التجارية السائد في الثمانينيات، لكنه لم يحصل إلا على 2.5 مليار دولار فقط، أي أقل بنحو الثلث مما دفعته "أديداس" فيها قبل 15 عاماً. اعترض الألمان بشدة في بداية الوباء عندما رفضت شركة "أديداس" دفع إيجار المتاجر المغلقة بسبب الإغلاق الناتج عن كوفيد، ما تطلّب من رورستيد الاعتذار والدفع في النهاية. تلقّت صورة الشركة ضربة أخرى بعد أن احتاجت "أديداس" إلى خطة إنقاذ حكومية بقيمة تجاوزت ملياري يورو (2 مليار دولار) لتعزيز سيولتها. ثم استقال رئيس الموارد البشرية لدى رورستيد بعد شهرين وسط انتقادات لسجل الشركة فيما يخص التنوع.
تتركز أهم مشكلات الشركة حسب تقدير شركة "كوين" للأبحاث بشأن ويست الذي تمثّل علامته التجارية الفرعية "ييزي" (Yeezy) حوالي 8% من مبيعات "أديداس". لكن هذه الشراكة التي دافع عنها ليدتك باتت الآن موضع كثير من التساؤلات، فقد اتهم مغني الراب "أديداس" بنسخ أفكاره وإساءة التعامل مع خط إنتاجه، وهدد بالانسحاب قبل فترة طويلة من انتهاء أمد العقد في 2026. نشر ويست في سبتمبر، خبراً مزيّفاً منسوباً لصحيفة نيويورك تايمز يعلن وفاة رورستيد في سن الستين على حسابه على إنستغرام، ثم حذفها سريعاً.
قالت "أديداس" في 6 أكتوبر إنها ستراجع علاقتها مع مغني الراب، فرد ويست بابتذال وقال شركة صناعة الأحذية "سرقت تصاميمي". أوضح في مقابلة سابقة أنه يهدف إلى السيطرة الكاملة على منتجات الأزياء الخاصة به، وتعهد "بعدم وجود مزيد من الشركات التي تقف بيني وبين الجمهور". وحثّ المرشحين المحتملين للوظائف من ذوي الخبرة في البيع بالتجزئة على التواصل معه. وهناك شخص واحد يقول إنه يتحدث معه وهو إريك ليدتك.