"فيسبوك" تنفرد بإتاحة منصتها للإعلان السياسي الرقمي

ترفض "تيك توك" و"تويتر" الإعلان السياسي، ما يجعل "ميتا" خياراً أوحد رغم تراجع فاعليتها

time reading iconدقائق القراءة - 7
فيسبوك - المصدر: بلومبرغ
فيسبوك - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

كانت بيث بيكر قد أنهت لتوّها تدريب الديمقراطيين على استخدام أدوات "فيسبوك" الرقمية في مؤتمر نتروتس، الذي أقيم في بيتسبرغ في منتصف أغسطس، حين سمعت عن احتجاج في الرواق خارج القاعة. استهدف المحتجون الغاضبون موظفين في شركة "ميتا بلاتفورمز"، مالكة "فيسبوك" الذين كانوا يديرون مقصورة لشرح كم سيكون عالم "ميتافيرس" رائعاً، فبدا الموظفون مرتبكين فيما راحوا يقدمون التبريرات.

قالت بيكر، التي تدير شركتها الخاصة للاستراتيجيات الرقمية، إنها تتفهم سبب انزعاج الناس من رعاية "ميتا" لتجمع تقدمي بعد سنوات من التقارير المثيرة للغضب حول إخفاقات الشركة في الإشراف على المحتوى وزلاتها في مجال البيانات. لكنها أشارت إلى أن المنصات الرقمية الأخرى لا تقدم خيارات الإعلان السياسي كالتي تقدمها "ميتا". أضافت: "ما يزال يتعين علينا استخدام (فيسبوك)، فمعظم المنصات الأخرى لن تتعامل معنا".

أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي يسعون لتخفيف هيمنة "غوغل" على الإعلانات الرقمية

كانت الحملات الانتخابية السياسية تفضّل منصة "فيسبوك" قبل عشر سنوات لقدرتها على تحويل نقرات المتصفحين لتبرعات كما تتيح قوائم بعناوين البريد الإلكتروني الخاصة بناخبين محتملين. إلا أن عشرات المسؤولين التنفيذيين في الوكالات الإعلانية والاستراتيجيين الرقميين قالوا في مقابلاتهم إن المنصة لم تعد تجلب إلا جزءاً يسيراً من العائدات السابقة نظراً لركود قاعدة مستخدميها وتغيير السياسات، ما يصعّب استهداف أنواع معينة من الناخبين. رفضت شركة "ميتا" التعليق.

غياب البديل

ستنفق الحملات الانتخابية مبلغاً قياسياً يبلغ 9.7 مليار دولار في هذه الدورة الانتخابية، بزيادة 144% عن الانتخابات النصفية في 2018، وفق شركة تتبع الإعلانات "آد إمباكت" (AdImpact). ويسير الإنفاق الرقمي في طريقه ليمثل 15% من إجمالي هذا المبلغ.

ازداد القلق بشأن الرسائل السياسية في وسائل التواصل الاجتماعي منذ انتخابات 2016 حينما استهدفت مجموعات مرتبطة بروسيا الناخبين الأميركيين، واستخدمت حملة ترمب بيانات مفصلة عن المستخدمين لصنع إعلانات تؤثر على مجموعات سكانية معينة، مثل المنشورات التي تثني السود في جنوب فلوريدا عن التصويت لصالح هيلاري كلينتون.

أجرت "ميتا" تغييرات لمنع إساءة الاستخدام، بينما وجدت منصات أخرى أن الأمر لا يستحق عناء إحداث أي تغيير، إذ أن كلاً من "تيك توك" و"تويتر" وخدمة البث عبر الإنترنت "تويتش" التي تملكها "أمازون" لا تسمح بالإعلانات السياسية. فيما تسمح "سناب شات" و"ريديت" بهذه الإعلانات، إلا أن المعلنين السياسيين لم يركزوا عليهما.

يتبنى تطبيق "إنستغرام" لمشاركة الصور التابع لـ"ميتا" نفس القوانين الخاصة بالإعلانات السياسية لدى المنصة الأصلية "فيسبوك"، إلا أنه لم يستقطب قطّ نفس المشاركة واسعة النطاق. يبقي موقع "يوتيوب"، الذي تفرض شركته الأم "غوغل" التابعة لـ"ألفابت" قيوداً صارمة على كيفية قيام المُعلنين باستهداف المستخدمين من خلال الإعلانات السياسية. قالت ميغان كلاسن، التي قادت استراتيجية وسائل الإعلام المدفوعة لحملة الرئيس جو بايدن في 2020 والتي أنشأت شركتها الخاصة "غامبيت ستراتيجيز" (Gambit Strategies) فيما بعد: "تكمن المشكلة بأنه لا يوجد بديل جيد حالياً".

تراجع العوائد

لطالما كمنت قوة "فيسبوك" في حث المستخدمين على فعل أشياء من قبيل التبرع بالمال أو مشاركة عنوان بريدهم الإلكتروني، فالمنصة لا تدّعي أنه من خلال مشاهدة مقاطع فيديو مدتها 30 ثانية ستغير شعور الناس تجاه مرشح ما.

قال استراتيجيون رقميون إن الدولار الواحد الذي كان يُنفق عبر منصة "فيسبوك" فيما مضى كان يجلب تبرعات بـ1.30 دولار للحملات الانتخابية، لكن اليوم أقصى طموح هذه الحملات أن تتمكن من بلوغ نقطة تعادل حيث تتساوى التكلفة مع الإيرادات.

قال إيلي كابلان، الشريك المؤسس لشركة "رايزينغ تايد إنتر أكتيف" (Rising Tide Interactive)، وهي وكالة إعلانية تهتم بالمرشحين الليبراليين والقضايا الليبرالية: "حين بدأنا القيام بهذا الأمر للمرّة الأولى في 2011 و2012، شاهدنا عائداً مذهلاً على الاستثمار عبر (فيسبوك)".

تتمثل الانتكاسة الأكبر للمُعلنين على منصة "فيسبوك" في سياسة الخصوصية الجديدة لشركة "أبل"، التي تسمح للأشخاص بإلغاء الاشتراك في تتبع التطبيقات لهم، ما يجعل الإعلانات المستهدفة أقل دقة على الأجهزة التي تعمل بنظام تشغيل (iOS). قالت "غوغل" إنها تخطط لاتخاذ خطوات مماثلة على أجهزتها العاملة بنظام "أندرويد".

تغيير القواعد

تفرض "ميتا" أيضاً قواعد خاصة بالإعلانات السياسية، بما في ذلك شروط الشفافية التي نجمت عن سعي الأموال الأجنبية والأموال مجهولة المصدر لتقويض العملية الديمقراطية، فضلاً عن حظر الإعلانات الجديدة في الأيام الأخيرة قبل الانتخابات. ألغت "ميتا" في يناير خيار المعلنين باستهداف الجمهور عبر انتقاء كلمات مفتاحية ذات صلة بالسياسة مثل "الحد الأدنى للأجور" أو "الوقود الأحفوري". قالت إيريكا مونتيث، نائبة الرئيس الأولى في وكالة الإعلانات "جي ام ام بي" (GMMB)، التي عملت مع كل الرؤساء الديمقراطيين بداية من بيل كلينتون، إنه رغم أن عدداً من التغييرات في السياسة مصممة كحواجز حماية من المعلومات المضللة، إلا أن بعض هذه الحواجز جعلت الإعلانات السياسية أقل فعالية. أضافت مونتيث: "لا شكّ أنهم أخذوا منّا قدرتنا على الاستهداف من خلال الإعلانات السياسية على مرّ السنين"، وهو ما يقلل من فائدة "فيسبوك" لدى الحملات الإعلانية.

البحث عن بديل

يبدي المعلنون السياسيون اهتماماً متزايداً بعرض إعلانات الفيديو عبر خدمات البث. إلا أن عرض الإعلانات على كلّ من المنصات مثل "هولو" (Hulu) و"يوتيوب" و"باراماونت بلس" (Paramount+) و"بيكوك" (Peacock) يتطلب جهداً أكبر من شرائها على منصة تواصل اجتماعي واحدة. ما يزال الاستراتيجيون الرقميون ينتظرون معرفة ما إذا كانت "نتفليكس" و"ديزني بلس" (Disney+) ستسمحان بالرسائل السياسية على الخدمات المدعومة بالإعلانات التي تخططان لإطلاقها في الأشهر المقبلة. كانت "ديزني" قد قالت في البداية إنها لن تسمح بها.

خوارزميات "فيسبوك" تتراجع أمام مدرسة الإعلانات القديمة في أوروبا

تعد منصة "فيسبوك" مناسبة جداً للمرحلة التي تحتدم حالياً من الحملة الانتخابية وهي التركيز على إقناع المؤيدين بالإدلاء بأصواتهم. لكن مسؤولي الحملات يبحثون عن بدائل، بما في ذلك توجيه رسائل بالبريد الإلكتروني والرسائل النصية إلى الناخبين. قال جون آدامز، الرئيس التنفيذي لشركة "تي إيه جي ستراتيجيز" (TAG Strategies)، وهي شركة سياسية تقدم خدماتها للجمهوريين، إن التطورات التقنية سهلت إرسال مقاطع فيديو عالية الجودة عبر الرسائل القصيرة.

لا يملك كثير من الشباب الذين يمكنهم التصويت في الانتخابات للمرّة الأولى في نوفمبر حسابات على "فيسبوك". فيما تنخرط هذه المجموعة أكثر في السياسة، قد تنحسر أهمية منصة "فيسبوك". قالت بيكر: "لا أعتقد أننا وصلنا لهذه المرحلة بعد. لكن هذا أمر نراقبه دائماً".

تصنيفات

قصص قد تهمك