صدمات النفط في السبعينيات تحمل عبراً لأزمات اليوم

ثمة تشابه بين صدمات النفط في السبعينيات وما تشهده سوق النفط الأميركية من اختلال حالياً

time reading iconدقائق القراءة - 14
بعض الأمريكيين يصطفون لملء خزانات سياراتهم بالوقود - المصدر: بلومبرغ
بعض الأمريكيين يصطفون لملء خزانات سياراتهم بالوقود - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لقي كتاب ميغ جيكوبس "ذعر في محطة الوقود" (Panic at the Pump) استحساناً لدى نشره أول مرة في 2017، وبات اليوم أكثر من مجرد كتاب يستحق أن يُقرأ.

لا يصطف الأميركيون عند مداخل محطات البنزين هذه الأيام كما حدث في السبعينيات، ولن يجرؤ أي رئيس أميركي على أن يوجه الناس عبر التلفاز الوطني لتخفيض حرارة مكيفات الهواء في الشتاء وللقيادة بسرعات منخفضة. غير أنَّ العديد من أصداء أزمات السبعينيات تتردد في أرجاء الولايات المتحدة؛ فقد بلغ التضخم أعلى مستوياته في أربعة عقود بدفع جزئي من ارتفاع أسعار الوقود.

كما تظهر استطلاعات الرأي أنَّ المستهلكين يعتقدون أنَّ شركات النفط تحصد الأرباح على حسابهم، بينما يختلف السياسيون حول الدور الذي يجب أن تلعبه الحكومة لخفض الأسعار، إن وجد.

فيما يلي نص حوار أجرته كريستينا ليندبلاد، محررة الاقتصاد في "بلومبرغ بيزنس ويك"، مع ميغ جيكوبس المؤرخة وعضوة هيئة التدريس بجامعة برينستون لمناقشة أزمات الطاقة السابقة والحالية.

  • قال مارك توين إنَّ التاريخ لا يعيد نفسه، لكن غالباً ما تتشابه أحداثه. برأيك، ما أوجه الشبه بين أزمات السبعينيات وما نشهده اليوم؟

أجد نفسي أفكر في سبعينيات القرن الماضي طوال الوقت، سواء كانت أسعار البنزين التي يبدو أنَّها ترتفع كل دقيقة في محطات التوزيع أو عبر تهديدات سائقي الشاحنات بالإضراب، أو التذمر العام الذي يشعر به الأميركيون. كما نسمع طوال الوقت أنَّ التضخم لم يرتفع هكذا منذ السبعينيات.

  • إذاً اسمحي لي أن أعكس السؤال. ما هو المختلف فيما نشهده في الوقت الحاضر؟

نَجم التضخم في السبعينيات عن صدمات النفط العنيفة، حيث بدأت أولاها في 1973 مع الحظر العربي لصادرات النفط، في حين بدأت الثانية بحلول نهاية العقد مع اندلاع الثورة الإيرانية التي أدت لانخفاض الإمدادات. يبدو الأمر مشابهاً إلى حد ما لما يحدث اليوم من بعض النواحي في كون أنَّ الغزو الروسي لأوكرانيا قد تسبب باختلال أسواق النفط العالمية. لكن ثمة اختلافات مهمة تكمن خلف ذلك التشابه الظاهري. على سبيل المثال؛ لعب تضارب الآراء حول كيفية تمويل حرب فيتنام، التي لم تكن تحظى بشعبية، دوراً في دفع التضخم خلال سبعينيات القرن الماضي. أما اليوم؛ فقد عصفت بنا جائحة تحدث مرة كل قرن، مما أدى لزعزعة استقرار الاقتصاد. وما نراه حالياً هو أنَّ هذا الانتعاش الملحوظ في التوظيف لم يقابله تعاف كامل لسلاسل التوريد التي نحتاجها.

  • لقد شرحتِ في كتابك أنَّ الوسائل التي استخدمها الرئيسان ريتشارد نيكسون وجيمي كارتر لضبط أسعار البنزين أتت بنتائج عكسية إلى حد كبير. لماذا فشلت سياسات اعتُبرت ناجحة خلال الحرب العالمية الثانية بعد نحو ثلاثة عقود؟

لقد حظي نظام تحديد الأسعار إبان الحرب العالمية الثانية بشعبية كبيرة نظراً لاعتقاد الأميركيين بأنَّه يتعلق بما أسماه الرئيس فرانكلين روزفلت "المساواة في التضحية". كما مثّلت بطاقات الإعاشة حينذاك ضماناً للمواطن بأنَّه سيذهب إلى القصاب، ويحصل على حصته من اللحم، وقد علم ما كان سيدفعه مقابل ذلك بالضبط.

في ظل حكم نيكسون، طُبّق نظام تحديد الأسعار بصورة يمكنني وصفها بالاستخفاف والنقصان، مما يعني أنَّ فشله كان من شبه المؤكد. لقد اقترن التقنين بعدم المواتاة بدلاً من بطاقات الإعاشة كما كان الحال في أربعينيات القرن الماضي. كان الحل الوحيد في حال الرغبة بالحصول على البنزين هو الاصطفاف أمام محطة الوقود. فانتشرت طوابير البنزين في المشهد الأميركي، مما ولّد كثيراً من الإحباط الشعبي. هكذا أدت التجربة، خاصة بعد الصدمة النفطية التي شهدها عهد كارتر في صيف 1979، إلى تقويض الثقة بهذه الأداة التي شاع استخدامها لمكافحة التضخم فيما مضى.

  • تتعلق إحدى الأفكار التي يبرزها كتابك فعلياً بمدى اختلاف سياسات الطاقة على الصعيد السياسي، حيث خلقت الانقسامات التي لم تكن بين الأطراف المتعارضة فحسب؛ بل بداخلها أيضاً. هل تتردد أي أصداء لمثل ذلك حالياً؟

دفع حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم من أجل الإنفاق لتخفيف التضخم في ولاية كاليفورنيا. سينتقد آخرون ذلك، تماماً كما سينتقدون فكرة الإعفاء الضريبي على البنزين التي طرحها جو بايدن والتي تدعمها الولايات، بحجة أنَّ هذا لن يؤدي إلا لزيادة التضخم. كان بايدن يعمل على استمالة الشركات النفطية لإنتاج المزيد، كما فتح الباب للتنقيب عن النفط عبر التكسير الهيدروليكي في بعض الأراضي والمياه الفيدرالية. لكنْ ما تريده صناعة النفط فعلياً يتمثل في قدر أكبر من اليقين. كانت الطريقة التي انخفض بها سعر النفط في بداية الوباء مخيفة حقاً للمنتجين. لذا يمكن أن تحظى الفكرة التي نوقشت خلال الاجتماع الأخير لمجموعة الدول الصناعية السبع حول تشكيل الاتحادات السعرية كوسيلة للحد من عائدات روسيا من صادرات النفط بجاذبية معينة لدى قطاع النفط عموماً لأنَّها قد تضمن مستوى معيناً من استقرار الأسعار.

تصنيفات

قصص قد تهمك