ابن ملياردير الكماليات برنار آرنو يقود تحول "تيفاني"

وريثه المحتمل ألكسندر يشرف على أكبر استحواذاته بهدف دفع صانعة المجوهرات الأميركية قدماً

time reading iconدقائق القراءة - 15
آلكسندر آرنو الذي يشرف على منتجات \"تيفاني\" - المصدر: بلومبرغ
آلكسندر آرنو الذي يشرف على منتجات "تيفاني" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

حوّل برنار آرنو "لوي فيتون" من شركة مرموقة تُصنّع صناديق للسفر على متن السفن البخارية، إلى عملاقة في صناعة حقائب اليد قبل ما ينيف على 30 عاماً، واتبع منذئذ استراتيجية بسيطة مربحة، وهي شراء علامات تجارية محترمة راكدة، وتجديد إدارتها وعملياتها، لتندمج تحت الراية المتمددة لشركته "إل في إم إتش" (LVMH)، أو "مويت إينسي لوي فيتون" (Moët Hennessy Louis Vuitton).

كبرت الأهداف مع مرور السنوات، وغدا آرنو أثرى أوروبي. استمرت أسعار الشركات بالارتفاع من "كريستيان ديور" إلى "فيندي" إلى "بولغاري"، فأصبحت هذه العلامات الفاخرة اللامعة أندر. أقدم آرنو العام الماضي على أكبر رهاناته حتى الآن، فاستحوذ على "تيفاني آند كو" (Tiffany & Co) مقابل 16 مليار دولار، معززاً مكانة "إل في إم إتش" في قطاع المجوهرات الراقية، وكذلك وجودها في الولايات المتحدة. لكن إحياء هذه العلامة التجارية، التي خلدتها علبها فيروزية اللون، ونجمة الستينات أودري هيبورن، لتماشي النظرة العالمية المعاصرة للرفاهية ليست مهمة سهلة، خاصة في ظل مالك معروف بإدارته ومراقبته من كثب لأكثر من 75 علامة تجارية تضمها إمبراطوريته.

يقع جزء كبير من مهمة تنفيذ ما يريده الملياردير لـ"تيفاني" على عاتق الثلاثيني ألكسندر آرنو، وهو ثالث أبناء آرنو الخمسة، وجميعهم يجتهدون في أركان مختلفة من إمبراطورية والدهم. يشرف ألكسندر على المنتجات والاتصالات في شركة صناعة المجوهرات، وهو منصب رئيسي يمكّنه من صياغة رسائل العلامة التجارية، التي يعترف أنها بحاجة لتجديد. بعد الفترة التي قضاها في الإشراف على شركة "ريموفا" (Rimowa) الألمانية الأصغر حجماً لصناعة الحقائب، دفعته مهمته في "تيفاني" إلى دائرة الضوء متيحة له فرصة إبراز قدرته بالمساعدة في تحويل مسار إحدى أكبر العلامات التجارية التابعة للشركة، وربما مسار المجموعة بأكملها لدى تقاعد والده الذي بلغ عمره 73 عاماً.

تحت الأنظار

قال آرنو الابن خلال مقابلة في لندن، حيث احتفلت "تيفاني" بمرور 150 عاماً على تواجدها في العاصمة البريطانية بمعرض ضم 400 منتج فاخر: "هناك كثير من العيون تراقب تحول (تيفاني)". أما عن اهتمام والده، فقال: "سواء كنت رقم 1 أو 75 فستكون تحت نظره".

غالباً ما يُوصف ألكسندر بأنه الأبرز كرجل أعمال بين أبناء آرنو، فهو يرسخ صورته كشخص وثيق الالتزام وذي علاقات متينة، كما أنه يرّوج "تيفاني" بانتظام عبر حسابه على إنستغرام، ويقدم أيضاً لحظات مختارة بعناية من حياته الشخصية مثل حضوره في حفل توزيع جوائز الأوسكار في لوس أنجلوس في مارس.

تشمل علاقات آرنو، القريب من عالمي الشركات الناشئة وثقافة الشارع، شخصيات مثل إيفان سبيغيل، مؤسس "سناب"، ومغني الراب، جاي زاي، ما يؤثر على كيفية تخطيطه لإصلاح الأعمال. إحدى أولوياته هي توسيع العلامة التجارية. ما تزال علامة "تيفاني" لصيقة بمجوهرات المناسبات، مثل الخطبة والزفاف والمواليد الجدد، لكنها غائبة إلى حد كبير في مجالات مثل الساعات وحقائب اليد والعطور، التي تمثل فئات قوية لمنافسين منهم "هيرمز" (Hermès) وكارتييه (Cartier).

تقدم "بولغاري" العلامة التجارية الأخرى الكبيرة للمجوهرات التابعة لمجموعة "إل في إم إتش" بعض الأدلة حول المكانة التي تتجه إليها "تيفاني". شهدت الشركة التي يقع مقرها في روما ارتفاع إيراداتها بأكثر من الضعف منذ اشترتها "إل في إم إتش" في 2011، حسب تقديرات لوكا سولكا المحلل في "سانفورد سي بيرنستين" (Sanford C. Bernstein). توسعت "بولغاري" أيضاً في قطاع الفنادق تماشياً مع استراتيجية برنار آرنو لتكملة المنتجات بالخبرات.

توسيع المنتجات

ستطلق "تيفاني" طراز ساعة جديد قبل نهاية العام المقبل، بعدما عينت مديراً تنفيذياً سابقاً لدى "شانيل" للإشراف على الأعمال. قال ألكسندر إن حقيبة يد جلدية جديدة من مارك جاكوبس، المصمم السابق في "لوي فويتون"، ستطرح قبل نهاية هذا العام. كما بين أن الخطوط الفضية وخاصة أساور القلب التي تحمل علامة "ريترن تو تيفاني" التجارية ستبقى عروضاً أساسية، لكن هناك مجال للتجربة كالتعاون الأخير مع ماركة ملابس الشارع "سوبريم" (Supreme) في بعض عناصر المجوهرات.

تدرك "إل في إم إتش" أن إحداث تغيير في "تيفاني" سيستغرق بعض الوقت. وصف المدير المالي، جان جاك غويوني ذلك خلال اتصال مع المستثمرين في أبريل بأنه "جهد طويل الأمد". سيكون مهماً التركيز على الطرف الأثرى من قاعدة عملاء العلامة التجارية، وهو تعهد كبير لشركة تتراوح أسعار مجموعة منتجاتها بين 85 دولاراً لأكواب القهوة إلى القلائد من البلاتين المرصع بالماس، والتي يعادل سعرها ثمن منزل. هناك مجال كبير للتحسين المالي في "تيفاني"، التي يقول بنك "إتش إس بي سي" إنها رابع أكبر علامة تجارية بين 75 علامة تجارية لشركة "إل في إم إتش". كانت أرباح "كارتييه" التشغيلية البالغة 32% العام الماضي ضعف أرباح "تيفاني"، حسب تقديرات "إتش إس بي سي".

دليلك إلى الاستثمار في المجوهرات والأحجار الكريمة

تبدو الأسعار آخذة في الارتفاع، فقد بلغ ثمن أحد طرازات بروش "بيرد أون إيه روك" الكلاسيكي أكثر من الضعف في الولايات المتحدة ليصل إلى 75,000 دولار منذ استحواذ "إل في إم إتش" عليها. حققت "تيفاني" في فعالية مبيعات مؤخراً لعملاء أثرياء في ميامي أكثر من ثلاثة أضعاف المبيعات التي حققتها في فعالية مماثلة العام الماضي، بفضل ارتفاع الأسعار وتراجع فيروس كورونا.

قال ستانيسلاس دي كيرسيزي، الرئيس السابق لشركة "ريشمون" (Richemont) في فرنسا، شركة العلامات التجارية الفاخرة التي تمتلك "كارتييه" و"فان كليف إيه آربلز": "إن تقديم منتجات عالية الجودة أمر مهم. ورغم أن الرفاهية ذات الأسعار المعقولة تساعد بجذب العملاء، إلا أن العلامة التجارية الناجحة تزدهر على أساس الأسعار التي تجعلك تحلم، ما تريده هو درج إلى الجنة. كانت (تيفاني) أشبه بسلم قصير".

كبوة تسويقية

تعلم آرنو الأصغر أن إخضاع صانعة خواتم الخطبة والقلائد الماسية لإرادة العائلة لن يحدث دون انتكاسات. كانت إحدى أولى الكبوات هي حملة تسويقية بعنوان "تيفاني مختلفة عما كانت في زمن والدتك"، التي ولّدت رد فعل عنيف وفوري على وسائل التواصل الاجتماعي لتعارضها مع فكرة إرث ينتقل عبر الأجيال، التي لطالما اعتمدتها هذه الصناعة، وشعرت المتسوقات الشابات اللائي اشترين أساور فضية مزينة بقلوب الأم بأسعار معقولة نسبياً بالإقصاء.

يعد إبقاء العملاء الأميركيين سعداء غاية بالأهمية، فيما أدى إغلاق كوفيد 19 في الصين لتقليص الطلب هناك. انتهت حملة "تيفاني مختلفة عما كانت في زمن والدتك" بعد فترة قصيرة، رغم أن آرنو قال إن مبيعات المنتجات الفضية قفزت بعد ذلك بوقت قصير: "لابد أنها حققت بعض النجاح. إذ أتاحت الضجة المتولدة منها للأشخاص الذين لم يسمعوا عن (تيفاني) من قبل بالخوض في هذا النقاش".

يريد المالك الجديد زيادة قوة "تيفاني" عبر ربطها بماكينة "إل في إم إتش"، ما يعني شروطاً أفضل من المنظور العقاري، حيث إن "تيفاني" التي ما تزال علامة تجارية تركز على الولايات المتحدة إلى حدٍّ كبير ستتبع تواجد "إل في إم إتش" العالمي بما يشمل متجراً رئيسياً جديداً في باريس. كما أن كونها جزءاً من المجموعة الفاخرة يفتح أيضاً تجمعاً أكبر للمواهب التي يمكن لـ"تيفاني" توظيفها، إلى جانب أن إبعاد العلامة التجارية من التعرض الفصلي للمستثمرين يمنح الفريق التنفيذي مزيداً من الوقت والمرونة لإعادة تموضع الشركة.

لننظر إلى المتجر الرئيسي في نيويورك، الذي كان قيد التجديد حين تولت "إل في إم إتش" زمام الأمور. أتت الشركة المالكة الجديدة بعد الشراء ببيتر مارينو، المهندس المعماري الخاص بـ"لويس فيتون"، الذي رمى معظم الخطط الأولية، وبدأ من جديد. قال آرنو إنه من المقرر إعادة فتح المتجر مع نهاية هذا العام أو بداية 2023، وسيكون على المتجر المحدث الصمود أمام اختبار الزمن لنصف قرن.

لن يحتاج ألكسندر للانتظار كل هذا الوقت لمعرفة ما إذا كانت مفاتيح مملكة والده ستؤول إليه، لكن لا يتوقع أن يكون هذا قريباً. رفعت "إل في إم إتش" في أبريل سن التقاعد الإلزامي للرئيس التنفيذي خمس سنوات، ليصبح 80 عاماً، ما سيمنح برنار مزيداً من الوقت للاحتفاظ بالسلطة والتفكير بمن سيخلفه، ولألكسندر كي يصقل نفسه كما يفعل مع علامة "تيفاني" التجارية.

تصنيفات

قصص قد تهمك