شركة ناشئة وعدت اللاعبين بالثراء فأحاقت بهم الدمار

"سكاي مافيس" عدلت البيان بصمت واستبدلت عبارة "العب لتكسب" بعبارة "العب واكسب"

time reading iconدقائق القراءة - 51
صورة تعبيرية عن لعبة تستخدم رموزاً غير قابلة للإستبدال - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبيرية عن لعبة تستخدم رموزاً غير قابلة للإستبدال - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

مارس أليو لوبيز دو أرمينتيا ألعاب الفيديو لأسباب عدة، منها حماس التنافس والسعي للصحبة، لكن دافعه الأساسي كان تمضية الوقت. شعر بعزلة في عشرينياته لدى عمله في شركة ألواح شمسية في فلوريدا، فكان يمضي أمسياته مع ألعاب الفيديو للتواصل مع أصدقاء طفولته في الأرجنتين.

اكتشف أرمينتيا الذي أصبح في التاسعة والثلاثين لعبة جديدة قبل 10 أشهر، ومعها عرف سبباً جديداً للعب وهو كسب الرزق. كانت لعبة "أكسي إنفينيتي" (Axie Infinity) بسيطة بوضوح مقارنة مع الألعاب متعددة اللاعبين التي لعبها سابقاً. يتحكم اللاعبون بفرق من ثلاثة كائنات رقمية تتقاتل، وتشبه شخصياتها فقاعات ذات مزيج فريد من أجزاء الجسم القابلة للتبديل كما حال دمية "مستر بوتيتو هيد". أثناء "المعارك" يقفزون في مكانهم بمرح بانتظار تبادل الأدوار لإلقاء تعاويذ على خصومهم. عند هزيمة أحدهم يتحول شبحاً؛ وعندما يرحل أعضاء الفريق الثلاثة يخسر الفريق في مباراة تستغرق أقل من خمس دقائق.

قال عديد من لاعبي "أكسي" المنتظمين إن الأمر ليس ممتعاً كثيراً لكن هذا لم يمنع الناس من تكريس ساعات للبحث عن الإستراتيجيات ومطاردة قنوات "ديسكورد" (Discord) حول سمات "أكسي" ومنتديات "ريديت" (Reddit) والدفع مقابل البرامج المتخصصة التي تساعدهم على بناء فرق أقوى. أنفق أرمينتيا حوالي 40 ألف دولار على عادته منذ أغسطس وهو يدعي أنه يحب اللعبة، لكنه أيضاً يقول بوضوح إن التسلية لم تكن هدفه أبداً: "كنت آمل في الواقع أن تصبح وظيفة بدوام كامل".

لعل ما يجعل هذا ممكناً، أو يبدو ممكناً على الأقل طيلة بضعة أشهر غريبة خلال العام الماضي، هو أن "أكسي" مرتبطة بأسواق العملات المشفرة. ويحصل اللاعبون على بعض الرموز المميزة "سموذ لوف بورشن" (Smooth Love Potion) أو (SLP) مقابل كل لعبة يفوزون بها، كما يمكنهم ربح عملة مشفرة أخرى هي "أكسي إنفينيتي شاردز" (Axie Infinity Shards) أو (AXS) في البطولات الأكبر. تُعد الشخصيات المعروفة باسم "أكسيز" (Axies) رموزاً غير قابلة للاستبدال (NFTs) يمكن تتبع ملكيتها على "بلوكتشين"، ما يسمح بتداولها مثل العملات المشفرة أيضاً.

تكاثر الشخصيات

هناك طرق مختلفة لكسب المال من "أكسي"، وقد وجد أرمينتيا محاله الأساسي في "تكاثر الشخصيات"، الذي لا يتطلب ممارسة اللعبة بقدر الإعداد للعبها في المستقبل. يمكن للاعب الذي يمتلك شخصيات "أكسيز" إنشاء شخصيات أخرى باختياره لاثنين يمتلكهما بالفعل للعمل كوالدين ودفع التكلفة بالرمز المميز "سموث لوف بورشن" (SLP) والعملة المشفرة "أكسي إنفينيتي شاردز" (AXS). ما إن يفعل ذلك وينتظر انتهاء فترة الحمل الإلزامية، تظهر شخصية جديدة تحمل مزيجاً من سمات الولدين.

يحتاج كل لاعب جديد في "أكسي" لشخصيات "أكسيز" للعب ما يعني رفع سعرها. بدأ أرمينتيا إكثار شخصياته في أغسطس، فيما بدا على أنه لا يمكن تطبيقه عبر الاقتصاد الطبيعي. قال: "من المضمون أن تجني 300% أو 400% من أموالك في غضون خمسة أيام... كان ذلك غباءً".

"أكسي" من ابتكار شركة ناشئة تُدعى "سكاي مافيس" (Sky Mavis)، وقد بشّرت بكل هذا باعتباره نوعاً جديداً من الظواهر الاقتصادية: لعبة فيديو بمبدأ "العب لتكسب". قالت في بيان مهمتها على موقعها الإلكتروني: "نحن نؤمن بمستقبل عالم يصبح فيه العمل واللعب واحداً، ونؤمن بتمكين لاعبينا ومنحهم فرصاً اقتصادية. أهلاً بكم في ثورتنا". تأسست الشركة في هوشي منه في فيتنام قبل أربع سنوات على يد مجموعة من رواد الأعمال الآسيويين والأوروبيين والأمريكيين، وجمعت بحلول أكتوبر أكثر من 160 مليون دولار من مستثمرين من بينهم شركة رأس المال الاستثماري "أندرسن هورويتز" (Andreessen Horowitz) وشركة "باراديغم" (Paradigm) التي تركز على العملات المشفرة، عند ذروة تقييم بلغت 3 مليارات دولار تقريباً. قالت "سكاي مافيس" إن عدد مستخدمي "أكسي إنفينيتي" تجاوز في الشهر نفسه مليونين يومياً.

عقلية المستثمر

إذا كنت ممن يعتقدون أنه يجب إعادة بناء الإنترنت بالكامل حول "بلوكتشين"، فقد بات مصطلح "ويب 3" (web3) يشير لتلك الرؤية الآن، وقدمت "أكسي" مثالاً مفيداً لما قد يبدو عليه الأمر في الممارسة. توقع ألكسيس أوهانيان وهو شريك مؤسس في "ريديت" ومستثمر في "أكسي"، أن يصبح 90% من سوق الألعاب يهدف لتحقيق الربح في غضون خمس سنوات. يصف غابي ديزون، رئيس الشركة الناشئة للألعاب بالعملات المشفرة "يلد غيلد غايمز" (Yield Guild Games)، شركة "أكسي" بأنها طريقة لخلق "عقلية المستثمر" بين أبناء الجيل الجديد، الذين سيواصلون المشاركة في اقتصاد العملة المشفرة بطرق أخرى. وصف المرشح الديمقراطي السابق للرئاسة أندرو يانغ شبكة "ويب 3" في نقاش على الهواء مباشرة حول اللعب بغرض الربح والعملات المشفرة في 2 مارس، بأنه: "فرصة غير عادية لتحسين الحالة البشرية وأكبر سلاح لدينا ضد الفقر".

كان اقتصاد "أكسي" يعاني أزمة عميقة حين أدلى يانغ بتصريحاته، فقد فقدت حوالي 40% من مستخدميها اليوميين، وتراجع رمز "سموث لوف بورشن" (SLP)، من 40 سنتاً إلى 1.8 سنت، في حين أن عملة "AXS" التي كانت تساوي 165 دولاراً تراجعت إلى 56 دولاراً. ما زاد البلة طيناً هو أن مخترقين سرقوا في 23 مارس نحو 620 مليون دولار من العملات المشفرة من "سكاي مافيس". ثم انهارت سوق العملات المشفرة بالكامل في مايو، فانخفضت "AXS" إلى أقل من 20 دولاراً، واستقر رمز "SLP" عند أكثر من نصف بنس بقليل. بدل أن توضح "أكسي" الإمكانات المثالية لـ"ويب 3"، بدت وكأنها تثبت صحة ظن المشككين بالعملات المشفرة، الذين يعتقدون أن "ويب 3" رؤية يقوم فيها مستثمروها ومتبنوها الأوائل بالبيع للأشخاص لحملهم على ضخ الأموال في أدوات مالية غير دقيقة بينما يفترس المخترقون الجميع.

علينا أن نكون حذرين في الكشف عن مواقعنا تماماً كما لا يكشف الرئيس دائماً عن موقعه. نحن نشبه رؤساء الدول بشكل ما.

خطاب فارغ

غيّرت "سكاي مافيس" لغتها حين بدأ خطابها الثوري يزداد خواءً، فعدّلت بيان مهمتها في ديسمبر بصمت واستبدلت عبارة "العب لتكسب" بعبارة "العب واكسب". بعد أيام من اختراقها أطلقت لعبة "أكسي: أوريجن" (Axie: Origin) النسخة الجديدة التي طال انتظارها مع رسومات مطورة وتعديلات على طريقة اللعب. كان التغيير الجذري أن هذا الإصدار لم يتضمن مشفرات على الإطلاق، لأن "سكاي مافيس" أقرت أن عديداً من اللاعبين مستعدون للانخراط في لعبة جديدة إن أُزيلت تعقيدات العملات المشفرة. كانت الخطة هي إحلال "أوريجن" (Origin) محل اللعبة الأصلية نظراً لأن النسخة بلا عملات مشفرة تستقطب قاعدة عريضة من اللاعبين. لكن بالطبع ستستمر "سكاي مافيس" بتقديم النسخة الكاملة مع اقتصاد العملات المشفرة الأصلي.

يحاول مسؤولو الشركة التنفيذيون إظهار انطباع بعدم وجود أي مشكلات، لكن الإحساس الواضح بالتوتر ازداد منذ بدأت قيمة رمز "أكسي" في الانخفاض أواخر العام الماضي. حين تحدثت لأول مرة إلى جيفري زيرلين وهو أحد مؤسسي "سكاي مافيس" أواخر يناير، أخبرني أنه يعيش في مكان ما في الولايات المتحدة، لكنه صمت قليلاً عندما سألته عن مكان إقامته في البلد، ثم قال: "يمكنني العيش في أي مكان فأنا لا أغادر غرفتي عادة". لقد أعطاني أخيراً موقعاً أكثر تحديداً، لكنه طلب عدم نشره لأن فريقه تلقى تهديدات بالقتل، وقال: "علينا أن نكون حذرين في الكشف عن مواقعنا تماماً كما لا يكشف الرئيس دائماً عن موقعه. نحن نشبه رؤساء الدول بشكل ما".

قال زيرلين إنه يتعاطف مع من فقدوا أموالهم، فهي مبالغ غيّرت حياتهم في بعض الحالات. لكنه أضاف أن الانهيار الذي تخلص من مستغلي "أكسي" ربما له جانب إيجابي أيضاً. بيّن بقوله: "أحياناً تضطر لطرد أشخاص موجودين فقط من أجل المال، هذا نظام سيصحح نفسه بنفسه".

رموز تتكاثر

شهد تاريخ ألعاب الفيديو اقتصادات كثيرة داخل الألعاب وتنطوي على رهانات حقيقية للاعبين. يمكن تتبع دخول "أكسي" إلى السوق بشكل مباشر إلى بدعة تُعرف باسم "كريبتوكيتيز" (Cryptokitties). كانت هذه الحيوانات الأليفة الرقمية القابلة للتداول والتكاثر والتي ظهرت خلال طفرة التشفير الأولى في خريف 2017 دليلاً على مفهوم الرموز غير القابلة للاستبدال. كما هو حال عديد من الأمور في العملات المشفرة، فإن الحقيقة البسيطة المتمثلة بإمكانية بيعها وشرائها كانت كافية لإثارة حماسة المضاربة. بلغت "كريبتوكيتيز" (Cryptokitties) ذروتها في غضون بضعة أشهر، وبيع بعضها مقابل مبالغ من ستة خانات.

التقى مؤسسو "سكاي مافيس" في الأصل في منتديات "كريبتوكيتيز" على حد قول زيرلين، الذي واجه صعوبة بالتعامل مع المقتنيات الرقمية أثناء إقامته في منطقة لوار إيست سايد في نيويورك والعمل في مجال التمويل. انتقل في 2018 إلى مدينة هو تشي مينه حيث كان ترونغ نوين الشريك المؤسس الآخر في "سكاي مافيس" قد بدأ بالفعل العمل على لعبة من شأنها وضع شخصيات تشبه "كريبتوكيتيز" في مركز عالم ألعاب أكبر. كان نوين قد أسس في السابق شبكة اجتماعية لمدوّني الطعام ثم قضى ثلاث سنوات في العمل في شركة برمجيات مالية شارك في تأسيسها صاحب رأس المال الاستثماري الأمريكي جو لونسديل. عمل شريك مؤسس آخر وهو رئيس العمليات ألكسندر ليونارد لارسن كمدير مجتمع لإستوديو ألعاب نرويجي. بدأ إنشاء "أكسي إنفينيتي" بشكل جدي تماماً حين أفسحت طفرة العملات المشفرة في 2017 المجال أمام أول شتاء للعملات المشفرة.

بلوكتشين خاص

كانت اللعبة الناتجة بالكاد تُعد إنجازاً، لكن يعود النجاح الأولي لشركة "سكاي مافيس" إلى الابتكار الذكي في بنيتها الفنية. في تلك المرحلة كان من يقوم ببناء ألعاب الرموز القابلة للاستبدال يعتمد على "بلوكتشين" عملة "إيثريوم" للتعاملات، تاركاً تداول الشخصيات والإجراءات الأخرى داخل اللعبة تحت رحمة سرعتها غير المتسقة ورسوم المعاملات المرتفعة. أنشأت الشركة "بلوكتشين" خاصاً بها وسمته "رونين" (Ronin)، ما أدى لخفض التكاليف وتحسين السرعة من خلال مركزية الوظيفة الرئيسية للتحقق من المعاملات. ربما اعترض ذوو النزعة الصافية على قرار التخلي عن مبدأ "بلوكتشين" الأساسي في اللامركزية، لكن اللعبة نجحت بالفعل من الناحية الأخرى.

مثّل الاقتصاد القائم على شكل من أشكال العمل المأجور أو اللعب الربحي الأساس الآخر لشعبية "أكسي"، وهو ما كان موجوداً منذ فترة طويلة في الألعاب. يمكن لمن يملكون شخصيات "أكسيز" تأجيرها للاعبين في المناطق ذات الأجور المنخفضة في جنوب شرق آسيا أو أمريكا اللاتينية، ممن يتعاملون مع اللعبة على أنها وظيفة. أما اللاعبون الذين لا يملكون شخصيات "أكسيز" فهم أشبه بمزارعي أسهم رقمية، لكن يشار إليهم على نطاق واسع باسم "الطلبة"، لأنه يفترض أنهم يستخدمون شخصيات "أكسيز" المستأجرة للتعرف على الإمكانات الأوسع للاستثمار في العملات المشفرة. بلغ متوسط ​​الأرباح اليومية في الفلبين، أكبر سوق لشركة "أكسي"، بين مايو وأكتوبر 2021 للجميع باستثناء أقل اللاعبين مرتبة ما يفوق الحد الأدنى للأجور، وفقاً لشركة "نافيك" (Naavik) لأبحاث الألعاب والاستشارات. يعني تحويل هذا الدخل إلى شكل قابل للاستخدام بالتأكيد بيع العملات المشفرة فيما كان عديد من المشاركين في "أكسيز" يقول إن قيمة العملات المشفرة سترتفع.

تدافع المضاربين

أدّى صعود فئة "الطلبة" لجعل "أكسي" تبدو ناجحة. تدافع اللاعبون المضاربون للدخول مبكراً إلى اللعبة، ما أدى لارتفاع أسعار أصولها الرقمية بشكل كبير. كان كثير منهم صريحاً بشأن نواياهم كمرتزقة. قال فيليب، وهو سلوفاكي في الثلاثينيات وقد طلب ذكر اسمه الأول فقط: "بدأت اللعب لأن كسب المال من خلال ممارسة ألعاب الفيديو بدا أمراً لا يُصدّق ومدهشاً للغاية". رغم أنه لا يمانع بلعب "أكسي"، إلا أنه أقر بأنه يشارك فيها بنسبة 100% سعياً للمال و0% للترفيه، موضحاً: "عندما أرغب باللعب من أجل المتعة سألعب ألعاباً حقيقية".

كان يُنظر لشركة "أكسي" على نطاق واسع على أنها وسيلة لكسب المال في المقام الأول، وقد أثبت هذا أنه مشكلة كبيرة لاقتصادها الافتراضي. صُمِّمت اللعبة لتقديم طرق كسب "سموث لوف بورشن" (SLP) وإنفاقها داخل اللعبة، فتختفي أي رموز تُنفق داخل اللعبة. لكن يستفيد اللاعبون بغرض الكسب من جميع رموز "سموث لوف بورشن" (SLP) عن طريق بيعها في أسواق العملات المشفرة، ما يعني أن عدد الرموز الإجمالي يزداد بمرور الوقت. يؤدي العرض الإضافي لخفض الأسعار، في نسخة العملات المشفرة من التضخم المفرط. يطارد اللاعبون باستمرار "سكاي مافيس" لتعديل طريقة عمل اللعبة بما يقلل كمية رموز "سموث لوف بورشن" (SLP) المتداولة.

بلغت أسعار رموز "سموث لوف بورشن" (SLP) ذروتها في يوليو، لكن مع انخفاضها بدأ اللاعبون بتخزين الرموز على أمل انتعاش السوق. تُعد هذه الإستراتيجية هزيمة ذاتية وفقاً للارس دوسيت، المؤلف المشارك للتحليل المفصل والسلبي للغاية لاقتصاد "أكسي" الذي نشرته "نافيك" في نوفمبر. يقول دوسيت أن "أكسي" عالقة في مشكلة "التنين النائم": أي أنه في كل مرة تبدأ قيمة رموز (SLP) بالارتفاع، تستيقظ التنانين أو الأشخاص الذين كانوا ينتظرون الحصول على المال من رموز (SLP)، ويبيعون ما خبأوه فيدفعون السعر للانخفاض مجدداً.

نهاية مسدودة

كافحت "سكاي مافيس" لمعالجة المشكلات المتعلقة بالاقتصاد الداخلي للعبة "أكسي" حتى قبل الانهيار الأوسع للعملات المشفرة. لا يمكن للنظام المالي الذي يتكون من أشخاص يأملون جميعاً باستثمار دولار واحد والحصول على دولارين أن يستمر إلا إذا ظهر شخص آخر معتقداً أن آخرين سيأتون بعده بمزيد من المال. بمجرد أن بدأت "أكسي" تبدو أقل ربحية انخفضت قدرتها على جذب لاعبين جدد، ما جعل ربحيتها أقل ما خلق حلقة مفرغة. قال دوسيت: "كانت (أكسي) مجرد قصة رائعة عن أناس يتعلمون دروساً صعبة في الاقتصاد والسياسة النقدية في عالم مصغر."

سمع أرمينتيا لأول مرة عن "أكسي" الصيف الماضي من صديق طفولته الذي يعيش في الأرجنتين، حيث بدأ كثيرون بممارسة اللعبة من أجل المال. هاجر أرمينتيا مع والدته إلى فلوريدا خلال الأزمة المالية للأرجنتين في 2001 حين كان مراهقاً. بعدما أغلقت شركة الألواح الشمسية التي عمل بها في عشرينياته، بدأ بشراء السلع الفاخرة بكميات كبيرة ثم بيعها بالتجزئة بأسعار مرتفعة، غالباً في السفن السياحية. انهار عمله هذا عندما ضرب الوباء وتركه باحثاً عن مشروع جديد.

كان أرمينتيا جالساً في المنزل وليس لديه ما يفعله إلا تصفح الإنترنت والاعتناء بابنته الصغيرة، وكان يدرك جيداً أن الناس كانوا يكسبون المال من استثمارات جديدة غريبة بينما مدخراته تقبع في حساب مصرفي. انخرط في شراء أسهم الميم وبدأ يتعلم حول العملات المشفرة. استثمر أول 3,000 دولار له في "أكسي" في أواخر الصيف وسرعان ما بدأ يقضى معظم وقته وهو يلعب.

وافق في فبراير على استضافتي ليريني يوم عمله المعتاد. كانت "أكسي" تنهار، لكنه كان يضخ الأموال فيما رآه بمثابة إغماء مؤقت للسوق. اشترى في الأسبوع الذي سبق زيارتي ما تزيد قيمته على 5,000 دولار من رموز "سموث لوف بورشن" (SLP) بسعر أقل من 2 سنت، ظناً أن السعر بلغ أدنى مستوياته.

زوجة مشككة

أخبرني أرمينتيا عندما وصلت إلى ميامي أن زوجته التي كانت في أحسن أحوالها مشككة بعمله في مجال ألعاب الفيديو رفضت أن يستقبلني بعدما تعرف علي عبر "ريديت" في منزلهم، لذا التقينا في في فترة ما بعد الظهر في ستاربكس في مركز تجاري. أتى أرمينتيا مرتدياً قبعة بيسبول وقميصاً عليه صورة شجرة نخيل وله لحية خفيفة وبدت عيناه متعبتين بما يفوق حال رجل قضى عامين يعمل من منزل يرعى طفلاً صغيراً. طلبنا القهوة وجلسنا على مقعد قرب قابس كهرباء قبالة كمبيوتره المحمول.

لعبنا في البداية بعض الألعاب السريعة، وكسبنا ما يعادل 25 سنتاً من رموز "سموث لوف بورشن" (SLP). ثم تحقق من لوحة التحكم التي يستخدمها لتتبع 20 "طالباً" أرجنتينياً، يدفع لصديق طفولته لإدارتهم قبل أن يتجه لإكثار الشخصيات. بدأ أرمينتيا تصفح السوق على موقع "سكاي مافيس" الإلكتروني، ومعاينة شخصيات "أكسيز" التي طرحها أشخاص آخرون للبيع. حين وجد واحداً أعجبه، أدخل سماته في برنامج يعمل داخل "ديسكورد" (Discord) إلى جانب سمات شخصية "أكسي" الأخرى التي كان يخطط لتزويجه بها. تنبأ البرنامج بخصائص الشخصية الناتجة ما يسمح لأرمينتيا بتقييم إمكانات تسويقها. انتقل بنقراته بين عديد من تبويبات المتصفح بسرعة فائقة.

قد تكون ألعاب الفيديو الآن رياضة للمتفرجين، لكن إكثار الشخصيات ليست كذلك بالتأكيد، فقد شعرت وكأني أشاهد شخصاً يقوم بحساب بضرائبه، فهناك كم من العمل يجب القيام به، وبقي أرمينتيا يعمل حتى حل الظلام في الخارج.

عندما سألته ما إذا كانت هذه طريقة غريبة لكسب العيش، أجاب أنها لم تكن أقل أهمية من أعماله السابقة. قال متسائلاً: "ما الغرض من سوار؟" مشيراًِ للمجوهرات التي كان يبيعها لركاب السفن السياحية. "يمكن لأي شخص ارتداؤه والشعور بالجمال، أو أياً كان الشعور. لنفترض أنني أنشأت شخصية "أكسي" وكلفتني 30 دولاراً ثم بعتها مقابل 60 دولاراً لأنني صنعت شيئاً يريده شخص آخر. سيوفر ذلك الشعور نفسه الذي يشعر به الناس الذين يشترون تلك الأساور".

لم يحاول أرمينتيا تجميل أدائه حتى الآن. بعد فتح جدول بيانات طويل جداً استخدمه لتتبع عمليات "أكسي" خاصته، قرر أنه يمكنه نظرياً صرف عملاته المشفرة مقابل ربح قدره 5,000 دولار، دون استخدام حوالي 100 أو أكثر من شخصيات "أكسيز" التي يحتفظ بها. قال: "أنا أعمل على هذا منذ أغسطس، لذا فإن 5,000 دولار في تلك الأشهر ليست شيئاً أفخر به، صحيح؟ كان بإمكاني العمل في ماكدونالدز مقابل أكثر من ذلك." لكنه قدم لي بعد ذلك توقعاته لأسواق العملات المشفرة، وقال إن عملة (AXS) سترتفع إلى 150 دولاراً بحلول مايو، وعمل على تغيير بعض خانات جدوله لمراعاة هذه التوقعات، وفجأة بدا مشروعه بالفعل أكثر ربحاً من إعداد البرغر.

بداية النهاية

عندما حلّت نهاية شهر مايو فعلاً، كان سعر عملة (AXS) حوالي 23 دولاراً. وقدّر أرمينتيا أن استثماره في "أكسي" خسر حوالي 15 ألف دولار، لكنه قال إنه لا يعرف ذلك بشكل مؤكد لأنه لم يعد ينظر إلى الجدول.

أجرى كل من زيلرين ولارسن حديثاً تشجيعياً مع مجتمع "أكسي" على "تويتش" (Twitch) في 18 مايو، وأعلنت الشركة في الأيام التي تلت اختراق مارس أنها جمعت 150 مليون دولار لتعويض الضحايا وإصلاح بنيتها التحتية. لكن بعد مرور شهرين تقريباً، لم تعمل الأنظمة المخترقة، وبدا المديرون التنفيذيون غامضين بشأن موعد إصلاح كل شيء. قال متحدث باسم الشركة في 3 يونيو إن هذا قد يحدث بحلول منتصف الشهر حسب موعد استلام نتائج التدقيق الخارجي.

أمضى الشركاء المؤسسون وقتاً طويلاً على "تويتش" وهم يتعاطفون مع اللاعبين بشأن الألم الذي سببه الحادث. قال لارسن للحضور البالغ عددهم 2,500 شخص أن الصدمة الجماعية لفقدان كل هذه الأموال كانت فرصة لتشكيل مجتمع أقوى. أضاف: "هذا هو الوقت الذي يمكن فيه العثور على أصدقاء حقيقيين في هذا الفضاء". قال زيرلين الذي أمضى الجلسة بأكملها متجهماً وكأنه يعاني عسر الهضم أن الكآبة معدية، ومضى إلى القول: "أحياناً عندما تنشر آراء سلبية على الإنترنت فإنها تؤثر على الآخرين وتضر بالمشروع".

لدى "سكاي مافيس" سبب للقلق بشأن فقد اللاعبين للأمل، فمع حلول أواخر مايو، بات حتى اللاعبون الأعلى تصنيفاً لا يكسبون ما يعادل 68 سنتاً في اليوم، وفقاً لـ"نافيك"، وهذا الرقم الإجمالي لا يحتسب الحصة التي على "الطلبة" منحها لمديريهم. كانت الشركة واللاعبون الكبار الآخرون في اقتصاد "أكسي" يعملون على إقناع الجميع بالتماسك. قال ديزون رئيس شركة "يلد غيلد غايمز" الذي تملك شركته أكثر من 150 ألف شخصية "أكسيز" تؤجرها "للطلبة" أن ألعاباً مثل "أكسي" تهدف دائماً لأن تكون نقطة انطلاق لشيء آخر. أضاف: "لقد حاولنا تحذير الناس حتى عندما كانت الأسعار مرتفعة بأن لا يتوقعوا أن يكون هذا مصدراً ثابتاً للدخل." يركز عرض ديزون الآن على قيمة امتلاك أصول الرموز القابلة للاستبدال للألعاب بمرور الوقت، مع إمكانية الحصول على بعض الأموال التكميلية أثناء ذلك، ويقول: "إنها نسخة رقمية من وظيفة اقتصاد الوظائف المؤقتة".

مسألة استدامة

تقلص "سكاي مافيس" باستمرار من الجوانب المالية للعبة "أكسي"، وأتت بفيليب لا كرئيس جديد للمنتج، وهو الذي أمضى السنوات الأربع الماضية كمدير منتج في الشركة التي تقف وراء "بوكيمون غو" (Pokémon Go) قبل توظيفه هنا. كتب لا منشوراً على مدونته الشخصية بعنوان "هل "أكسي إنفينيتي" شركة مستدامة؟" خلص فيه إلى أن اقتصاد اللعبة سيفشل في النهاية إذا استمر جميع لاعبيها بالتفكير كمستثمرين وقال: "يجب أن تكون (أكسي إنفينيتي) لعبة أولاً وقبل كل شيء".

لذا سيعود لا إلى الأساسيات على أمل أن يجعل من "أكسي" أقرب إلى "بوكيمون غو"، وهو مكان يمكن للاعبين فيه إنفاق الأموال داخل اللعبة على أشياء مثل الزينة لصورهم الرمزية. قال إنه مايزال من المهم أن يملك اللاعبون شخصيات "أكسيز"، حتى لو لم يكن الأمر يتعلق بالجانب المالي فقط، مبينا أنه "مع ذلك تأتي القدرة على بيع هذه الأشياء إذا توقفت عن اللعب أو ما شابه".

توقف أرمينتيا إلى حد كبير عن لعب "أكسي"، وكذلك ثلاثة أرباع "الطلبة" اللاعبين لصالحه، وابتعد كثيرون وبحوزتهم رموزاً لا تساوي شيئاً تقريباً. لكن واحداً على الأقل ممن أغرتهم قدرة اللعبة حصل على قرض كبير لشراء رموز (AXS)، التي اعتبرها وسيلة للتحوط من تضخم البيزو الأرجنتيني. فقدت العملة المحلية بالفعل قيمتها منذ حصوله على القرض لكن ليس بقدر ما فقدته رموز (AXS).

قال أرمينتيا إنه يعتقد أن لعبة "أوريجن" رديئة التصميم، وليس لديه آمال كبيرة بأن تستقطب قاعدة المستخدمين الجديدة المهمة التي تحتاجها اللعبة. تعلمت شيئاً واحداً بعد التحدث إلى أرمينتيا لعدة أشهر ألا وهو تفاؤله المستمر. يواصل التعبير عن ثقته في أن "أكسي" ستؤتي ثمارها كاستثمار على المدى الطويل، وأن ألعاب العملات المشفرة ستستحوذ حتماً على جزء كبير من عالم الألعاب، مع استفادة "سكاي مافيس" من دورها كقائد مبكر لاحتلال موقع رئيسي.

لكن عقل أرمينتيا كان في مكان آخر أيضاً، ففي وقت سابق من هذا العام اشترى مع صديقه شركة تؤجر منازل ألعاب أطفال للقفز. أصبح يقضي أيامه في القلق بشأن ما يجب فعله عندما يتصل سائق بعذر المرض أو ما إذا كان سيرسل عماله إلى الخارج عندما تكون هناك فرصة لحدوث عاصفة استوائية وذلك عوضاً عن القلق بشأن أسعار العملات المشفرة.

أرسلت رسالة نصية إلى أرمينتيا للاطمئنان عليه في أوائل مايو في أحد أكثر الأيام قسوة في أسواق العملات المشفرة، ورد بمقطع فيديو لمزلقة ضخمة قابلة للنفخ ملحقة بمدفع يطلق الفقاعات وقال إن لديه متسعاً من الوقت لانتظار تحول أسواق العملات الرقمية. ثم وصف نشاطه التجاري الجديد بالطريقة نفسها التي تصف بها "سكاي مافيس" الآن نشاطها التجاري: "أنا أبيع المرح الآن".

تصنيفات

قصص قد تهمك