بلومبرغ
توشك الأسر الأمريكية على تلقي رسائل بريدية بغيضة هذا الصيف، وهي فواتير كهرباء مرتفعة بشكل لم يعهدوه من قبل.
ارتفعت مدفوعات كهرباء المنازل لشهور، وستواصل ذلك حتماً لتبلغ مستوى أعلى هذا الصيف على خلفية مزيج من شحّ إمدادات الغاز الطبيعي والفحم، وموجة جفاف شديد في غرب الولايات المتحدة، وتوقُّعات بدرجات حرارة مرتفعة على مستوى البلاد.
يتوقَّع بنك "باركليز" أنَّ الفواتير الشهرية ستتجاوز فواتير العام الماضي بأكثر من 40%، وتشير توقُّعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية لارتفاع أسعار شرائح فواتير الكهرباء للمنازل لهذا العام بأكبر قدر منذ 2008.
يسلّط هذا كله الضوء على صيف مؤلم للأمريكيين المنكوبين بأعلى معدل تضخم منذ أربعة عقود. لقد سجلت أسعار البنزين ارتفاعاً قياسياً، ووصلت تكلفة وجبة أجنحة الدجاج إلى 34 دولاراً، كما ارتفعت تكاليف الإسكان، وقد تكسر تكلفة تشغيل مكيف الهواء ميزانية الأسر. سيجبر ارتفاع الأسعار الناس على اتخاذ خيارات صعبة، خاصة في أماكن مثل ميامي حيث ارتفعت تكاليف الكهرباء بأكثر من أي مدينة أمريكية أخرى.
قال تشارلز ريوينكل، الذي يرعى شؤون مستهلكي المرافق العامة في مكتب المستشار العام بولاية فلوريدا: "قد يمكنك التقليل من قيادة سيارتك... لكن لا يمكنك إطفاء المكيف حين تبلغ درجة الحرارة 39 درجة مئوية".
ارتفاع أسعار الغاز
زاد إنفاق أسر ميامي على الطاقة 38% في أبريل مقارنة بالعام السابق، بحسب بيانات أسعار المستهلك التي جمعها مكتب إحصاءات العمل الأمريكي. يعزى ذلك جزئياً لرفع أسعار الكهرباء لدى شركة "فلوريدا باور أند لايت" (Florida Power & Light)، وهي وحدة تابعة لأكبر مزوّد للطاقة بالولاية الأمريكية "نكست إيرا إنيرجي" (NextEra Energy). كان ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي- مصدر 38% من الكهرباء المولدة بالولايات المتحدة- سبباً رئيسياً إضافياً لارتفاع نفقات الأسر.
قال ريوينكل، إنَّ المرافق لا تسيطر على هذه النفقات وتمررها للعملاء، وتوقَّع استمرار ارتفاع الأسعار خلال الشتاء المقبل.
قالت ناتاليا براون، من "كاتاليست ميامي" (Catalyst Miami)، وهي مجموعة غير ربحية للدفاع عن المستهلكين: "اعتمادنا المفرط المستمر على الغاز لن يقودنا إلا لزيادات أسعار مرهقة ولا ضرورة لها... نموذج العمل هذا غير مستدام، ويضر بالناس".
لا يتوقف الأمر عند ميامي فقط، بل قفز الإنفاق 28% في دالاس، و27% في مينيابوليس. شهدت 19 منطقة حضرية من أصل 23 منطقة مشمولة بمسح ارتفاعاً مزدوجاً في أبريل مقارنة بالعام السابق.
بلغ متوسط أسعار فواتير كهرباء المنازل الأمريكية 122 دولاراً شهرياً العام الماضي، لكنَّها قد ترتفع 49 دولاراً مع تجاوز أسعار الغاز الطبيعي 8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بحسب محلل "باركليز" سرينجوي بانيرجي. كان سعر الغاز الطبيعي يقل عن 3 دولارات قبل عام فقط. بيّن بانيرجي أنَّ العبء "يقع بصورة غير متكافئة على الفئات منخفضة الدخل".
كبار السن
قالت كريستينا مارتن فيرفيدا، من "إيه إيه أر بي" (AARP)، إنَّ ارتفاع الفواتير مشكلة كبيرة لدى كبار السن من ذوي الدخل الثابت. يساور القلق العديد منهم، ولا يقتصر على ارتفاع التكاليف، بل يشمل انقطاع التيار الكهربائي إن لم يتمكّنوا من دفع فواتيرهم. أوضحت مارتن: "شهدنا بعض النتائج المأساوية والمهلكة حقاً".
انقضى أمد تأجيل السداد الذي فُرض أثناء تفشي الوباء لمنع المرافق من قطع الكهرباء عن الأسر في حال عدم دفع الفواتير. قال مارتن فيرفيدا، إنَّ التمويل الفيدرالي المقدّم لبرنامج دعم كهرباء المنازل لذوي الدخل المنخفض تضاعف هذا العام، لكن معظم الولايات استنزفت هذه الأموال في فصل الشتاء. تخصص بعض الولايات أموالاً إضافية للمساعدة بتغطية ارتفاع الفواتير، فقد خصصت كاليفورنيا في ميزانيتها المقترحة هذا الشهر 1.2 مليار دولار لمساعدة المستهلكين.
قال سيسكو ديفريز، الرئيس التنفيذي لشركة "أوم كونيكت" (OhmConnect)، التي تساعد الأسر على خفض فواتير الكهرباء عبر ضبط منظمات الحرارة عن بُعد: "نحن في الولايات المتحدة، وكاليفورنيا بشكل خاص، نواجه عاصفة كاملة من ارتفاع تكاليف الكهرباء وشبكات كهربائية أقل اعتمادية".
أوضح ديفريز أنَّ فواتير المرافق في كاليفورنيا ارتفعت 25% العام الماضي، وسترتفع 25% أخرى هذا الصيف.
أصبحت تكاليف الطاقة بالفعل عبئاً على كيم مكديرموت من فيكتورفيل بولاية كاليفورنيا، الواقعة على بعد 130 كيلومتراً شمال شرق لوس أنجلوس. لقد بلغت فواتير الصيف حوالي 150 دولاراً شهرياً في الماضي، لكنَّ مديرة العقارات المتقاعدة الخمسينية تتوقَّع أن تتجاوز 300 دولار شهرياً هذا العام وقالت: "مدخراتنا ستتراجع فيما ترتفع أسعار كل شيء آخر".