بولسونارو يخطب ودّ أرياف البرازيل بتمليك الأراضي للفلاحين

ساعدت سياسته حيال الأراضي على تصويره كرئيس يحارب دفاعاً عن مصالح الضعفاء ويتبنى قضاياهم

time reading iconدقائق القراءة - 7
تمثال الرئيس جاير بولسونارو - المصدر: بلومبرغ
تمثال الرئيس جاير بولسونارو - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تولى والدا فرانسييل رافو في 1999 أرضاً خصبةً قرب حدود البرازيل والأرجنتين تبعد 1300 كيلومتر عن ساو باولو جنوباً، وباشرا بتربية الماشية الحلوب على الأرض ذات التربة الحمراء، وقاما ببناء منزل من الآجر، ثم وسّعا الإسطبلات لتربية الحيوانات والدواجن. كانت هناك عقبة واحدة فقط، تتمثل في شراء المزرعة التي تبلغ مساحتها 47 فداناً من شخص تملّكها بوضع اليد ولم يكن لديهم صك ملكية.

سلم ممثلو حزب الرئيس جايير بولسونارو المحافظ في مبنى كبير يشبه الحظيرة في قرية كابايو دو سيبو في نوفمبر رافو ووالدتها، وهي أرملة بلغ عمرها 74 عاماً، وحوالي 80 من جيرانهم شهادات تثبت ملكية أراضيهم. قالت رافو: "لم يتخيّل أحد أنَّ بولسونارو سيدعمنا بدل كبار المزارعين... لقد منحنا الحرية لنعيش حياتنا، ونحسّن ممتلكاتنا حتى نحصل على قروض مصرفية".

التضخم في البرازيل خلال 2021 قفز لأعلى مستوى منذ 6 سنوات

كانت تلك المراسم واحدة من مئات أقيمت في مختلف أرجاء البرازيل لا سيما في مناطق الجنوب الزراعية على مدى السنوات الثلاث الماضية في مسعى بولسونارو لحشد دعم الناخبين في الأرياف. ساعد منح سندات الملكية في بلد يعاني آثار نزاعات الأراضي رئيسها على إضعاف حركة عمال بلا أرض، وهي مجموعة ماركسية الإلهام كانت مخيفة ذات يوم بعدما دفعت لاقتحام آلاف المزارع الكبيرة وتوزيع أراضيها على الفقراء. منحت رئاسة بولسونارو في سنواتها الثلاث الأولى صكوك ملكية تزيد عما وزّعته حكومات يسارية قادها ديلما روسيف ولويس إيناسيو لولا دا سيلفا في 13 عاماً.

إنقاذ الفقراء

يعد حشد الدعم في الجنوب أمراً بالغ الأهمية لبولسونارو، 67 عاماً، إذ يكافح ليلحق بمنافسه الرئيسي لولا في انتخابات أكتوبر. يتقدّم الرئيس السابق البالغ عمره 76 عاماً في شمال شرق البلاد الفقير، حيث ما يزال كثيرون يتذكرون سياساته التي أنقذت ملايين الناس من براثن الفقر، وكثيراً ما يلوم الناخبون في المدن الرئيس الحالي على فشل التعامل مع الوباء وتفشي التضخم. لكن يُرجح أن يحصد الرئيس 40% من أصوات ثلاث ولايات جنوبية، وهي مناطق تأرجح الولاء فيها بين نقيضي الطيف السياسي على مدى عقود، مقابل 32% لصالح لولا، بحسب استبيان معهد البحوث الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في مطلع مايو.

ضربة جديدة لـلرئيس البرازيلي في الانتخابات المقبلة.. الاقتصاد يواصل الركود

زار بولسونارو ولاية ريو غراندي دو سول الواقعة في الجنوب في أبريل لتوزيع سندات ملكية الأراضي فيما زاد من وتيرتها في فترة ما قبل الانتخابات. قال الرئيس مخاطباً المؤيدين الذين يهتفون له في مدينة باسو فوندو: "لقد اختفت عملياً غزوات حركة عمال بلا أرض على المزارع", يقطن مدينة باسو فوندو المزدهرة 200 ألف إنسان، وتمتاز بشقق فاخرة وتدني البطالة عن المعدل الوطني، وفيها مطار جُدّد أخيراً، وفيها تمثال حديدي للرئيس بطول ستة أمتار، وقد أصبح مَعلماً بارزاً يتوقف المقيمون والزائرون عنده لالتقاط الصور. قال بولسونارو: "كيف فعلنا ذلك؟ قمنا به عبر تسليم سندات الأرض".

ارتفاع الإيرادات

تصعب المبالغة حول أهمية تصويت الريف لبولسونارو. زادت مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 27% في 2021 مقابل 20% في 2018، أي قبل بدء ولايته، وفقاً لباحثين في جامعة ساو باولو. وصلت إيرادات المزارع المدعومة بارتفاع أسعار السلع الأساسية العام الماضي إلى مستوى قياسي بلغ 230 مليار دولار. قالت تيريزا كريستينا، التي شغلت منصب وزيرة الزراعة لأكثر من ثلاث سنوات: "تدعم الصناعات الزراعية بولسونارو بسبب أجندته المحافظة والأمن القانوني الذي وفّرته حكومته... أعطت سندات الملكية التي منحها بولسونارو أملاً لآلاف البرازيليين الذين يمكنهم الآن امتلاك أرض باسمهم".

حيل الرئيس البرازيلي الانتخابية المشابهة لأفعال ترمب تهز ثقة المستثمرين

أضيفت سياسات الأسلحة النارية للرئيس إلى شعبيته في المناطق الريفية؛ فقد خفف بولسونارو في العام الأول من رئاسته قواعد ملكية السلاح، ووسّعها فسمح بحملها ضمن كامل الممتلكات، وليس داخل المنازل فقط. سوّغ ذلك حمل المُزارعين السلاح في جولات حراسة أراضيهم، وكذلك توظيف حراس مسلحين، مما ضاعف عدد الأسلحة المُرخصة في البلاد لتبني القانون والنظام والقيم العائلية التقليدية مفاعيلها في الجنوب صاحب النزعة الذكورية الأبوية. قال هامبرتو فالكاو، الرئيس التنفيذي لشركة "سيمنتس فالكاو" (Sementes Falcão)، أحد أكبر منتجي الحبوب في ريو غراندي دو سول: "نشأت في بيئة تفخر بالعمل والانضباط والإيمان... يشاركنا بولسونارو هذه القيم".

إرهاب العمال

قال الرئيس إنَّ سياساته جلبت السلام إلى الريف، وعززت الزراعة عبر تخليص البرازيليين مما يسميه "إرهاب" حركة عمال بلا أرض. منذ تولى منصبه في 2019؛ نفّذت الحركة 36 استيلاءً مقابل نحو 3000 في عهدي لولا وروسيف، وفقاً لتقارير المعهد الوطني للمستعمرات والإصلاح الزراعي. لكن ارتفعت مصادرات أنصار بولسونارو لأراضي السكان الأصليين في الأمازون 137% في 2019 و2020، وفقاً للكنيسة الكاثوليكية، إذ شجع الرئيس على استغلال أجزاء من الغابات للزراعة.

الأسهم البرازيلية الأسوأ عالمياً بسبب قلق المستثمرين من تدخلات بولسونارو

في حين أنَّ كل من حصل على سند ملكية أرضه كان سعيداً بقبولها بمن فيهم أعضاء من حركة عمال بلا أرض؛ فإنَّ هذا لا يُترجم دائماً إلى أصوات انتخابية. تُعد حركة العمال أحد أعمدة المؤسسة اليسارية في البرازيل، كما أنَّ أتباعها بعيدون الى حد كبير عن التصويت لصالح سياسي محافظ. يُصر غواو بيدرو ستيدل، أحد مؤسسي الحركة على أنَّ بولسونارو كان أقل فائدة لأصحاب الحيازات الصغيرة من أسلافه لأنَّه أوقف إلى حد كبير أي توزيع للأراضي الزراعية الإضافية. قال ستيدل: "لا ينبغي أن يُنظر لمنح سندات الملكية على أنَّه إصلاح زراعي. إنَّه مجرد إضفاء طابع رسمي على حق كانت العائلات التي استوطنت قد حصلت عليه".

أدى توزيع الصكوك لتلميع مصداقية بولسونارو لدى العامة كرجل من الشعب. يساعد البرنامج في تخفيف وقع شدة خطاب الرئيس تجاه المؤسسات الديمقراطية والأقليات، ويمنحه هالة شخص يحارب دفاعاً عن مصالح الضعفاء، فيما تزعم قضية كانت ميداناً حصرياً لليسار المتطرف في السابق. قال كارلوس ألبرتو فوت، الذي يزرع فول الصويا والقمح والذرة في مزرعة متوسطة الحجم في ريو غراندي دو سول: "كان أي شخص من دون سند ملكية أرضه يعتمد على حركة العمال بلا أرض... كما أنَّهم لم يعودوا مرتبطين بالحركة بعدما جعلهم بولسونارو مالكين".

تصنيفات

قصص قد تهمك