اعتماد "أوبر" مركبات كهربائية في لندن يحيل الخصوم أصدقاء

يتعين حظر سير المركبات المسببة للتلوث.. وعلى صانعي السيارات الكهربائية أن ينتجوا ما يكفي منها

time reading iconدقائق القراءة - 8
سائق في سيارة بالعاصمة البريطانية - المصدر: بلومبرغ
سائق في سيارة بالعاصمة البريطانية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

ألغى مسؤولون في مدينة لندن تصريح عمل شركة "أوبر تكنولوجيز" في 2019 للمرّة الثانية خلال ما يزيد قليلاً على عامين، إذ أشار عمدة المدينة صادق خان حينها إلى "نمط من الفشل" بالتحقق من خلفيات السائقين والتأكد من هوياتهم. استدعى ذلك رداً غاضباً من رئيس "أوبر" التنفيذي دارا خسروشاهي عبر " تويتر"، إذ وصف القرار بأنه "خطأ محض" وتعهد بفعل كل ما ينبغي لاستعادة الترخيص.

فازت الشركة باستئناف في العام التالي، لكن لا يتردد خسروشاهي في هذه الأيام في الثناء على "الرؤية التي يتمتع بها العمدة خان"، وبتأكيد متانة علاقة "أوبر" في المدينة. التقى خسروشاهي وخان في نوفمبر، وفي مارس منحت المدينة "أوبر" ترخيصاً جديداً لمدة عامين ونصف، ما سيمكّنها من منافسة سيارات الأجرة السوداء التي تنتشر في شوارع العاصمة البريطانية.

ضمن صفقة ضخمة مع "هيرتز".. سائقو "أوبر" يحصلون على 50 ألف سيارة "تسلا"

اكتشف الرجلان أن بإمكانهما أن يصبحا حليفين فيما يطمحان إلى تحقيق هدف صعب المنال، وهو إحلال مزيد من المركبات الكهربائية على الطرقات، فحاله حال كثير من المسؤولين المحليين حول العالم، يهتم خان بجودة الهواء. وجد خسروشاهي بذلك طريقة لتحسين سمعة "أوبر" الخضراء، فوضع هدفاً للقضاء على انبعاثات الكربون في جميع التنقلات التي تُحجز عبر منصتها في أوروبا وأمريكا الشمالية بحلول 2030، ثمّ حول العالم بعد عقد من ذلك. قال: "حين يكون لدينا هدف مشترك، تقع كلّ الأمور في نصابها... نعمل على الأرض بالتنسيق مع المدينة".

تذليل العقبات

لتحقيق هدف "أوبر" لعام 2030، يتعين على السياسيين حظر سير المركبات المسببة للتلوث على الطرقات، وعلى صانعي السيارات أن ينتجوا ما يكفي من المركبات الكهربائية، والأهم من ذلك أنه على السائقين أن يشتروها. تستطيع "أوبر" أن تقدم حوافزاً، لكنّ سائقيها متعاقدون مستقلّون، ويقع على عاتقهم شراء مركباتهم وصيانتها. لإقناع المصنعّين بإنتاج مزيد من المركبات الكهربائية وتشجيع مزيد من سائقي "أوبر" في بريطانيا على استخدامها، تمكنت الشركة من إتاحة حسومات على سيارات كهربائية من "هيونداي" و"كيا" و"نيسان".

"أوبر" تسعى للتحول الأخضر الكامل في نشاط توصيل الطعام

لكن ربما كان خان نفسه هو من مدّ "أوبر" بأكبر دعم، فقد فرض في 2017 رسوماً إضافية على السيارات القديمة والأكثر تسبباً بالتلوث، تضاف إلى رسوم الازدحام المفروضة خلال أيام الأسبوع في وسط لندن. بعدها أصبح الرسم اليومي البالغ 15 جنيهاً إسترلينياً (19 دولاراً) مفروضاً على مدار الساعة طوال الأسبوع ويغطي منطقة أوسع. سيمتد نطاق هذا الرسم العام المقبل ليشمل كامل منطقة لندن الكبرى.

تُعفى المركبات الكهربائية من هذه الرسوم، ما سيؤدي إلى تغيير جذري في حسابات سائقي "أوبر" الذين عليهم دفع رسوم الازدحام، كما هي حال بقية السائقين. قال آدم غروميس، مدير السياسات العامة لشؤون الاستدامة في "أوبر": "هذه الاقتصادات اليومية التي يعيشها السائقون على الطريق في لندن هي إشارة قوية إلى أن زمن الوقود الأحفوري قد ولّى... ستشعركم بذلك محافظكم يومياً".

تحفيز السائقين

كانت من "أوبر" إشارة تحفيز، فقد أصبحت تحتجز رسماً إضافياً بقيمة 15 بنساً لكلّ ميل تودعه في حسابات توفير تتاح للسائقين فقط لغرض شراء أو استئجار مركبة تعمل على الطاقة الكهربائية. بلغت هذه الحسابات 148 مليون جنيه إسترليني، أي ما يعادل نحو ثلاثة آلاف جنيه إسترليني لكلّ سائق في مطلع فبراير، لكن لم يُستخدم سوى أقل من 10% من هذه الأموال مع ارتفاع أسعار السيارات بشكل جعل التوقيت غير ملائم لشراء سيارة. أشارت "أوبر" مع ذلك إلى أن أكثر من 90% من المركبات الجديدة، التي تنضم إلى تطبيقها في لندن، كهربائية بالكامل وأن 5 آلاف من سائقيها في المدينة يقودون مركبات كهربائية، كما توقعت أن يتضاعف هذا الرقم بنهاية العام.

هل يمكن لـ"أوبر" أن تدعم النقل العام؟

يتمثل مصدر القلق الكبير الآخر بتوفير أماكن لشحن السيارات، فقليل من السائقين لديهم مرائب خاصة أو حتى فسحة تخصهم لركن سياراتهم بجوار منازلهم، فيما يعتمد مصدر رزقهم على التمكن من قيادة سيارات مشحونة بالكامل حين يتجهون إلى الطرق. درست "أوبر" المسألة لتجد أن منطقة نيوهام في لندن، التي تضمّ أكبر كثافة من السائقين المتعاملين معها وفيها ثاني أدنى معدل رواتب في المدينة، أشبه بصحراء من حيث نقاط شحن المركبات الكهربائية. أعلنت الشركة في مارس أنها ستخصص خمسة ملايين جنيه إسترليني لبناء 700 مركز للشحن السريع في نيوهام ومنطقتين أخريين يسكنهما عديد من سائقيها، بما يسهم في توسيع شبكة الشحن الإجمالية في لندن بنسبة 7%. تعاقدت "أوبر" مع شركة "بريتش بتروليوم" لحجز أماكن في محطة شحن عند الطرف الغربي لهايد بارك، لمساعدة السائقين الذين قد يحتاجون إلى شحن إضافي سريع خلال اليوم، فيما تُعِدّ لإبرام مزيد من الاتفاقيات.

قصة باريس

تقع على الجانب الآخر للقناة الإنجليزية مدينة أخرى تمكنت فيها "أوبر" من تحسين علاقاتها مع المسؤولين المحليين، فقد سعت عمدة باريس آن هيدالغو بقوة لتخفيف الازدحام وإعادة الشوارع للمشاة والدراجين، إذ خفضت الحدّ الأقصى للسرعة إلى 50 كيلومتراً في الساعة في كل أرجاء المدينة، وستحظر المحركات العاملة على الديزل في 2024 ثم كل المركبات العاملة على محركات الاحتراق الداخلي بحلول 2030، فيما ستخصص هيدالغو 250 مليون يورو (263 مليون دولار) لإنشاء مسارات للدراجات الهوائية على امتداد أكثر من ألف كيلومتر.

"أوبر" تسعى للتحول الأخضر الكامل في نشاط توصيل الطعام

قد يبدو ذلك متعارضاً مع أعمال "أوبر"، لكن الشركة تقبلت هذه التغيرات فيما تسعى لتوسيع خدماتها بما يتجاوز خدمة النقل تحت الطلب. يمكن للزبائن في باريس مثلاً أن يتحققوا من تطبيق "أوبر" لمقارنة تكلفة وسائل النقل المختلفة والوقت الذي قد تستغرقه الرحلة. هل الازدحام على طريق "رو دو ريفولي" شديد لدرجة أنه يستحسن استقلال القطار؟ يمكنك التحقق من ذلك عبر "أوبر". هل استخدام دراجة كهربائية أو سكوتر للوصول إلى ساحة كونكورد أسرع وأقل تكلفة؟ يمكنك حجزهما عبر "أوبر".

أثار استخدام "أوبر" لسائقين غير مرخصين موجة احتجاج عنيفة بين سائقي سيارات الأجرة في باريس في 2015 انتهت بالقبض على اثنين من مديري الشركة، أدى ذلك إلى نقلة جعلت العاصمة الفرنسية تتصدر المرتبة الأولى بين أسواق "أوبر" لرحلات بلا سيارات، باستخدام السكوتر أو الدراجات الهوائية أو الدراجات الصغيرة أو النقل العام.

كيف تخسر "أوبر" و"ليفت" السباق نحو المستقبل الكهربائي؟

كانت باريس المدينة الثانية بعد لشبونة التي تطرح فيها الشركة خدمة "أوبر الخضراء" التي تمكّن الزبائن من حجز سيارات هجينة أو كهربائية. رغم أن تبنّي هذا التوجه كان بطيئاً فإنّ 45% من المركبات على المنصة في باريس باتت اليوم إما هجينة وإما كهربائية بالكامل، مقارنة مع 15% قبل عامين.

تعكس باريس ولندن تتطور "أوبر" لتتحول من شركة ناشئة شبابية إلى شركة ناضجة تسعى لمعالجة الجانب الأقل صحة في أعمالها. قال جايمي هيوود، مدير "أوبر" في المملكة المتحدة ومعظم أوروبا، إنّ المدينتين باتتا نموذجاً يحتذيه مديرو الشركة حول العالم لينالوا رضا السلطات المحلية فيما تحسّن الشركة سمعتها.

يستند تقرير من الشركة بشدة إلى تجربتيها في العاصمتين، وهو بمثابة خريطة طريق من 68 صفحة لتحويل خدمة النقل تحت الطلب التي تقدمها نحو المركبات الكهربائية وإقامة شراكات مع الصانعين وواضعي السياسات. قال هيوود: "انتقلنا من حال صمم جزئي، فقد كنا لا نستمع إلى ما تتوقعه منّا الهيئات الناظمة والعمدة، إلى علاقة أفضل بكثير الآن".

تصنيفات

قصص قد تهمك