بلومبرغ
بدأ ثاني مواسم الأرباح لهذا العام، وهو يتخذ طابعاً سيكون شديد الغرابة على قطاع الصناعة.
ما يزال الطلب قوياً، فقد تجاوز إنتاج المصانع الأمريكية في مارس توقُّعات الاقتصاديين، كما رفعت الشركات طاقتها التصنيعية مع ظهور مؤشرات استقرار في سلاسل التوريد، وفقاً لبيانات الاحتياطي الفيدرالي الصادرة في 15 أبريل. من الدلالات على ذلك؛ تسجيل شركة "فاستينال" (Fastenal) أقوى نمو لصافي مبيعاتها الربعية في عقد على الأقل.
كما قد تدعم عوامل، مثل الدفع نحو الحياد الكربوني في أعمال الصناعة، وتوطين مزيد من شركات التصنيع بحيث تصبح أقرب إلى العميل النهائي، نظرياً أعواماً من الإنفاق الرأسمالي المرتفع.
لا يوجد أفضل من سلاسل توريد قريبة للوطن
لكنَّ مخاوف ارتفاع التضخم والتأثيرات غير المباشرة للإغلاقات الصينية على خلفية تفشي "كوفيد-19" وغزو روسيا لأوكرانيا؛ دفعت عديداً من المستثمرين للتساؤل عما إذا كان أفضل ما في هذا التعافي الصناعي بدأ وانقضى.
كما تُشوّش أزمات الإمداد المستمرة صورة الأسعار، فتُعسّر استقراء الأمد الذي قد تبدأ معه التكاليف المتزايدة بضرب الطلب. يمكن استقراء الرؤية الفعلية لرؤساء الشركات الصناعية التنفيذيين لحالة الاقتصاد عبر متابعة كيفية إنفاقهم لأموال شركاتهم. قد يشكّل استعداد الرؤساء التنفيذيين للاستثمار في أسهم شركاتهم خلال فترات عدم الاستقرار الاقتصادي مؤشراً على ثقتهم حيال آفاق نموها على المدى الطويل، كما يوجه رسالة إلى المستثمرين مفادها ألّا ينشغلوا بصغائر الأمور كي لا يعجزوا عن رؤية الصورة الكلية بوضوح.
ثقة إعادة الشراء
تجلّى ذلك عبر إعلان عدد من الشركات الصناعية العملاقة عن خطط لزيادة أو تسريع إعادة شراء الأسهم. على سبيل المثال؛ التزمت شركة "هني ويل" (Honeywell) بإنفاق ما لا يقل عن 25 مليار دولار على إعادة شراء الأسهم على مدى السنوات الثلاث المقبلة، بما فيها 4 مليارات دولار خُصّصت لهذا الغرض في 2022. كما أعلنت شركة "كارير" (Carrier) عن برنامج عاجل لإعادة شراء للأسهم في يناير، وقالت إنَّها تعزم على شراء ما قيمته 750 مليون دولار من أسهمها خلال الربع الأول. كما أنَّ شركة "جنرال إلكتريك"، التي أمضت معظم السنوات الخمس الماضية وهي تحاول الخروج من مأزق مالي فاقمه السعي شديد الحماس لإعادة الشراء، سمحت بإعادة شراء أسهم بقيمة 3 مليارات دولار في مارس.
ارتفاع الإنتاج الصناعي الأمريكي فيما تجابه الشركات شح إمداد
قد تشكّل استراتيجية إعادة شراء الأسهم حالياً رهاناً أكثر أماناً مقارنةً مع الاستحواذات. لذلك تباطأ نشاط الاستحواذ الصناعي، كما حدث في معظم القطاعات، بعدما توصل تحليل الشركات للموقف الاقتصادي الراهن إلى أنَّ الصدمات الجيوسياسية، واحتمالية ارتفاع أسعار الفائدة تجعلان إبرام الصفقات القائمة على الاستدانة أكثر تكلفة. انخرطت الشركات الأمريكية هذا العام في صفقات متعلقة بالشركات الصناعية تجاوزت قيمتها 40 مليار دولار من قيمة الصفقات المعلنة حتى الآن، بحسب بيانات جمعتها "بلومبرغ". يشكّل ذلك انخفاضاً من نحو 130 مليار دولار إجمالاً خلال الفترة ذاتها من 2021، وفقاً لهذه البيانات.
حرب أوكرانيا تلقي بظلالها على التصنيع في اليابان وأستراليا
قد تساعد التخارجات الأخيرة في سوق الأسهم على تراجع تقييمات صفقات الاستحواذ، التي باتت مفرطة بالنسبة لبعض المشترين. لكنَّ رئيس مجلس إدارة "هني ويل" ورئيسها التنفيذي قد قال، إنَّ الانكماش الاقتصادي "حديث إلى حد ما، لذا يجب أن يستمر لفترة من الوقت... ليس الأمر كما لو أنَّ الناس ينظرون إلى القيمة السوقية ويقولون: حسناً، قيمة شركتي تقل حالياً 20% عما كانت عليه قبل شهرين. لا أحد يفكر بالأمر بهذه الطريقة".