استيلاء روسيا على 400 طائرة يتحول لمعركة تأمين ملحمية

تضاعفت تكلفة التأمين على مُصادرة الطائرات ومخاطر الحرب الأخرى ثلاث مرات منذ فبراير

time reading iconدقائق القراءة - 16
صورة تعبيرية عن قطاع الطيران - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبيرية عن قطاع الطيران - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

حين سعت روسيا لاستعادة مكانتها على الساحة العالمية منذ عقدين، سارعت شركة الطيران الرئيسية "إيروفلوت" (Aeroflot) وعديد من شركات الطيران الناشئة للتحول عن طائرات الحقبة السوفيتية عن طرازات "إليوشين" و"توبوليف" إلى طائرات نفاثة حديثة. كان هذا التحول بالطبع بمثابة جائزة لشركتي "إيرباص" و"بوينغ"، كما أثرى ركناً أقل حظوة في مجال الطيران، وهو شركات التأجير. ظهر عشرات المُؤجرين الأجانب، وأصبحوا يملكون نحو نصف أسطول روسيا البالغ قوامه ألف طائرة.

تسببت حرب فلاديمير بوتين في أوكرانيا باضطراب تلك السوق، ما أدى لنشوب صراع شديد المخاطر بين شركات التأجير وشركات تأمينها، التي وتقول إنها غير مُلزمة بدفع عديد من طلبات التعويض، لأن العقوبات تلزمهم بالتخلي عن التغطية في روسيا.

سعى الاتحاد الأوروبي بعد أيام من الغزو للضغط على موسكو لسحب قواتها، وأمر المُؤجِّرين باستعادة طائراتهم. احتجز نحو 30 طائرة في أماكن مثل، هونغ كونغ، وإسطنبول، ومكسيكو سيتي، لكن الكرملين سرعان ما فرض حظره الخاص على معظم الرحلات الجوية الدولية لشركات الطيران الروسية، تاركاً نحو 400 طائرة تملكها شركات أجنبية عالقةً. حين سحبت الأماكن التي سُجلت فيها تسجيل الطائرات، ومعظمها في برمودا وأيرلندا، شهادات سلامتها، شجّعت روسيا شركات الطيران الخاصة بها لتسجيلهم أيضاً في البلاد، وهي خطوة تحظرها معاهدات الطيران الدولية.

إعادة التسجيل

قال جاريت هانراهان، الرئيس العالمي للطيران في شركة التأمين "مارش" (Marsh): "لا أعتقد أن أي شخص في سوق التأمين يفكر بأن تعيد روسيا تسجيل الطائرات الغربية. ويرجح أن تبقى المعدات والهياكل والمحركات في روسيا هناك".

سرعان ما اتصلت شركات التأجير بشركات التأمين التابعة لها، وطالبت بمدفوعات بوالص التأمين التي تُقدِّر قيمة الطائرات في أي مكان من 15 مليون دولار إلى 150 مليون دولار، لإجمالي طلبات التعويض التي يمكن أن تتجاوز 10 مليارات دولار، وفقاً لبيانات وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية (Fitch Ratings).

تحظر عقوبات الاتحاد الأوروبي بيع قطع الغيار والخدمات الأصلية لشركات الطيران في روسيا، وهو ما يجعل الصيانة العادية أمراً مستحيلاً. يُهدد هذا الوضع بجعل الطائرات غير قابلة للتسويق عند تأجيرها، لأنه لن يمكن التحقق من صيانتها. قال جون ستريكلاند، رئيس شركة "جيه إل إس كونسالتنغ" (JLS Consulting) ومقرها لندن: "إن الطائرات التي ليس لديها سجلات صيانة موثوقة أو سجلاتها مجهولة المصدر لن تكون ذات قيمة للمؤجرين الرئيسيين الذين يعملون بالأسواق الرئيسية مع العملاء ذوي السمعة الطيبة".

بينما يتجادل الجانبان حول من الذي سيدفع الثمن، ستُصر شركات التأمين على أن الحدث الذي تسبب في خسائر المؤجرين جاء في 14 مارس، عندما بدأت روسيا في السماح بإعادة التسجيل، حسبما توقعت شركة الوساطة "جيفريز" (Jefferies).

ستقول شركات التأمين إن ذلك هو التاريخ المناسب، بعدما ألغت معظم الشركات عقودها بسبب العقوبات المفروضة في أواخر فبراير. يقول المؤجّرون إنه لا يمكن فصل التأمين بعدما أصبحت المخاطر أمراً واقعاً. قال ديكلان كيلي، رئيس مجلس إدارة شركة "إيركرافت ليسينغ الأيرلندية" (Aircraft Leasing Ireland)، وهي مجموعة صناعية تمثل 33 مؤجراً في روسيا: "لقد دفع أعضاؤنا ثمن عقود التأمين الصارمة على مر عقود، وكانت تحافظ عليها لمثل هذه الحالات تحديداً. نتوقع سداد هذه التعويضات بالكامل".

ارتفاع الأسعار

تضاعفت تكلفة التأمين على مُصادرة الطائرات والمخاطر الأخرى المرتبطة بالحرب ثلاث مرات منذ فبراير، وفقاً لبيانات شركة "مارش". تقول شركة "إيركاب هولدينغز" (AerCap Holdings)، وهي أكبر شركة لتأجير الطائرات، إنها تقدمت بطلب تعويض بقيمة 3.5 مليار دولار لتغطية خسائر 113 طائرة عالقة في روسيا. بينما تقول شركتا "إير ليس" (Air Lease Corp)، التي تخطط لتخفيض قيمة 27 طائرة في روسيا دفترياً من نحو 800 مليون دولار، و"بي أو سي أفييشين" (BOC Aviation)، التي تملك 17 طائرة في روسيا، وتقدر قيمتها بحوالي 600 مليون دولار، إنهما تلاحقان شركات التأمين بشأن الخسائر.

قال بعض العاملين في صناعة التأمين إن تقديرات الخسائر مُبالغ بها إلى حدٍّ كبير. فيما أضافت شركات تصنيف القيمة الكاملة للطائرات العالقة في روسيا، فإن المسؤولية الحقيقية التي تواجهها شركات التأمين ستنتهي بحوالي 10% إلى 15% من قيمة الطائرات، وفقاً لشركة "لويدز أوف لندن" (Lloyd's of London)، التي تدير سوقاً تربط أصحاب الطائرات مع شركات التأمين. قال جون نيل، رئيس "لويدز أوف لندن" التنفيذي، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" في مارس: "هذه القيمة أصغر بكثير مما يعتقده كثير من الناس.. إنها خسارة لحدث كبير، لكنني أعتقد أنه يمكن إدارتها".

ليس بالحسبان

يجب على شركات التأمين عادةً تغطية تكلفة الحوادث الفردية مثل، تعطل المعدات، أو تلف الطائرات، أو حتى حادث يؤدي لفقدان طائرة وملايين الدولارات من التعويضات لعائلات الضحايا. نظراً لأن الطيران أصبح أكثر أماناً على مر عقود، فانخفضت الأقساط، ما ترك القطاع غير مستعد لأحداث، مثل استيلاء روسيا على مئات الطائرات.

قالت "مارش" إن مُصادرة روسيا للطائرات قد تتجاوز هجمات 11 سبتمبر 2001 لتصبح أكبر تغطية للخسائر في تاريخ الطيران. فبعد أيام من سقوط البرجين التوأمين في نيويورك، ألغت شركات التأمين عقود الحرب والإرهاب لشركات الطيران بسرعة، ما أجبر الحكومات على التدخل وتقديم التغطية.

قال جيمس هيلي برات، الشريك في شركة الخدمات القانونية "كيستون لو" (Keystone Law) في لندن: قبل 11 سبتمبر "لم يكن أحد يتوقع سقوط أربع طائرات في وقت واحد. بالمثل، فإن خطر حدوث مصادرة جماعية مثل ما رأينا في روسيا لم يتم التفكير فيه بشكل صحيح. سيؤدي ذلك إلى صدمة تسعير". ربما تحفز شركات الطيران على تخطي شركات التأمين كضامنين عبر إنشاء جمعيات تغطية خاصة بها.

يزعم المؤجرون أن الأمر سيؤول بتكبدهم، ومعهم شركات الطيران وركابها، الفاتورة. قال روبرت مارتن، الرئيس التنفيذي لشركة "بي أو سي أفييشين"، خلال إحدى فعاليات القطاع في 7 أبريل، إن شركات التأمين "ستعاود فرض رسوم علينا جميعاً مرة أخرى في العام التالي ولسنوات عديدة مقبلة.. قد يجبرنا ذلك جميعاً على إعادة تفكير كاملة حول كيفية تأمين صناعة الطيران".

تصنيفات

قصص قد تهمك