بلومبرغ
دخل هوبيرت بالان على تطبيق "زووم" من منزله في أوكلاند بولاية كاليفورنيا في 2 فبراير، واستعد لمخاطبة 400 موظف، أو نحو ذلك في شركته الناشئة، "برودكت بورد" (Productboard). باعتباره الرئيس التنفيذي، كانت لديه أنباء مهمة: استكملت "برودكت بورد" جولة تمويل جديدة رفعت تقييم الشركة إلى 1.7 مليار دولار، وهذا يعني أنَّ الشركة الآن يمكن أن تطلق على نفسها رسمياً تسمية "يونيكورن" -وهو المصطلح المستخدم لوصف الشركات الناشئة التي يقدّر المستثمرون قيمتها عند مليار دولار أو أكثر.
اقرأ أيضاً: عائلات جنوب شرق آسيا الأكثر ثراءً تبحث عن الـ"يونيكورن" القادمة
بالان؛ وهو رجل عريض الابتسامة وأب لطفلين، يبلغ من العمر 43 عاماً من جمهورية التشيك، حاول أن يجعل مكالمة الفيديو لحظة احتفالية، ويقول: "كنت أقفز أثناء الاجتماع على "زووم"، وكنت أمرح!"، وأخذ زينة من زينة الكريسماس على شكل "يونيكورن"، وزيَّنها بملصق صغير من شعار "برودكت بورد"، وأرفقها بسلسلة طويلة علقها حول رقبته، وصرخ وهتف، جنباً إلى جنب مع فريقه، برغم أنَّه لم يستطع سماعهم لأنَّهم كانوا جميعاً على الوضع الصامت.
اقرأ المزيد: منعطف فاصل لشركات اليونيكورن التكنولوجية الهندية
قد يكون التحول إلى شركة "يونيكورن" أمراً جللاً بالنسبة إلى "برودكت بورد"، ولكن هذا الوصف المميز أصبح أقل أهمية بكثير داخل قطاع التكنولوجيا، مما كان عليه في السابق. لقد ظهر المصطلح منذ عشر سنوات تقريباً، في وقت كانت فيه الشركات الناشئة التي تبلغ قيمتها مليار دولار نادرة ولها قيمتها، وهو شيء لم يشهده سوى أكثر المؤسسين والمستثمرين حظاً. أما الآن؛ فتبرز شركات الـ"يونيكورن" بأعداد هائلة، كإنتاج الزراعة الصناعية للمحاصيل.
اقرأ أيضاً: كيف جنى أوكرانيان مليارات من تصحيح رسائل البريد الإلكتروني؟
الشركة رقم (1000)
لكنَّ "برودكت بورد"، كانت مميزة بشكل خاص؛ إذ إنَّها أصبحت شركة الـ"يونيكورن" رقم 1000، وهي المرة الأولى التي يتنقل فيها "قطيع اليونيكورن" إلى أربعة أرقام، وفقاً لمتتبعة الشركات الناشئة "سي بي إنسايتس" (CB Insights). وفي الأسبوع ذاته؛ أصبحت ست شركات أخرى "يونيكورن". وفي يوم الإعلان الداخلي في شركة "برودكت بورد"؛ اكتسبت "دون أناليتكس" (Dune Analytics)، وهي شركة نرويجية ناشئة لتحليلات التشفير، اللقب، من خلال جمع مبلغ ضخم بلغ 69 مليوناً و420 ألف دولار، وفي يناير؛ تحولت 42 شركة ناشئة إلى شركات "يونيكورن" وأصبحت أربع شركات "ديكاكورن" -وهو لقب أخرق، يطلق على الشركات الناشئة التي تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار أو أكثر. يقول بريان لي، الذي يشرف على الأبحاث في "سي بي إنسايتس": "عندما يكون لديك 1000 (يونيكورن)، فهذا يمثل تناقضاً ظاهرياً على الأغلب".
من الصعب عدم رؤية عدد الشركات الناشئة التي تبلغ قيمتها مليار دولار كدليل على أنَّ الأسواق الخاصة محمومة، وهو أمر ظل الناس يرددونه منذ سنوات، وحتى في مواجهة الأسواق العامة المتقلبة، والتضخم، وارتفاع الفائدة؛ يبدو أنَّ المزاج السائد بين مستثمري السوق الخاصة حماسي، كما كان دوماً، ويقول "لي"، إنَّ بعض هذا النمو القوي مبرر نظراً لأنَّ المزيد من خدمات العالم أصبحت رقمية، وأصبحت شركات البرمجيات أكثر قيمة، وتجعل البنية التحتية مثل خدمات "أمازون ويب" إطلاق شركة تكنولوجية أسهل من أي وقت مضى.
التحول إلى شركات عامة
في الماضي، ربما تكون شركات الـ"يونيكورن" الأكثر قيمة، مثل "بايت دانس" (ByteDance)، و"سبيس إكس" (SpaceX)، و"سترايب" (Stripe)، قد طرحت للاكتتاب العام بالفعل. لكن، يشعر رواد الأعمال اليوم بضغط أقل للتحول إلى شركة عامة، نظراً لمدى سهولة جمع الأموال التي يحتاجون إليها من الممولين من القطاع الخاص، كما يسمح الحفاظ على الملكية الخاصة للعديد من الشركات بتجنّب التدقيق الإضافي، وفقدان السيطرة المحتمل الذي يأتي مع الطرح العام الأولي. ويتوق الكثير من المستثمرين إلى الدخول مبكراً في القطاعات سريعة التطور مثل العملات المشفَّرة، بما يرفع التقييمات. قال "لي": "لا يمكنك تجاهل قوة الخوف من فوات الفرص.. الناس على استعداد للدخول برأسمال أكبر".
أصل التسمية
يعود مصطلح "يونيكورن" إلى مقال نُشر عام 2013 في موقع الأخبار "تك كرانش" (TechCrunch) والذي كتبته أيلين لي، وهي مستثمرة صاحبة رأسمال مغامر كانت قد أطلقت لتوها شركة تدعى "كاوبوي فينتشرز" (Cowboy Ventures)، وكان مقالها يدور حول الدروس التي يمكن للمستثمرين أن يتعلموها من دراسة عدد قليل من شركات التكنولوجيا التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، والتي وصلت قيمتها إلى مليار دولار. وبفحص شركات البرمجيات الخاصة والعامة الأمريكية التي تأسست منذ عام 2003؛ حددت 39 منها، تمثل أفضل 0.07% من الشركات الناشئة المدعومة من مستثمري رأس المال المغامر، وشملت "إير بي إن بي" (Airbnb)، و"دروبوكس" (Dropbox)، و"فيسبوك"، و"غروبون" (Groupon) و"لينكد إن"، و"تمبلر" (Tumblr)، و"تويتر"، و"أوبر" (Uber)، و"يوتيوب"، و"زينغا" (Zynga). وظهر حوالي أربع شركات "يونيكورن" كل عام خلال ذلك العقد، معظمها في مجال خدمات برمجيات المستهلك. وبرغم الانبهار بالمؤسسين الشباب الذين أصبحوا أثرياء من عملهم من داخل غرف النوم الخاصة بهم؛ وجدت "لي" أنَّ الأشخاص الذين أطلقوا شركات "يونيكورن" يميلون إلى أنَّ يكونوا في الثلاثينيات من العمر، ومن بين جميع الرؤساء التنفيذيين المؤسسين في القائمة، لم نجد بينهم أي امرأة.
عندما كانت تكتب مقالها؛ حاولت "لي" استخدام مصطلحات مثل "ضربة الوحش" (monster hit)، و"المدارة من المنزل" (home run) لوصف الشركات الناشئة الكبيرة، لكنَّ كلمة "يونيكورن" (unicorn) كانت تبدو كأنَّها كلمة مناسبة للتميز الذي يعني، كما كتبت: "نادر للغاية، ورائع جداً".
ما هي قيمة الـ"يونيكورن"؟
قيمة العلامة التجارية "ماي ليتل بوني" (My Little Pony) | 302,000,000.00 دولار |
"ذا لاست يونيكورن" (The Last Unicorn) من بين أعلى مبيعات شباك التذاكر | 6,455,330.00 |
تقديرات المبيعات السنوية لـ"ليزا فرانك" (Lisa Frank) | 5,710,000.00 |
سعر شراء بساط "ذا يونيكورن تابستري" (The Unicorn Tapestries) في 1922 | 1,100,000.00 |
دمية "ناروال تاسك" (Narwhal tusk) | 18,500.00 |
زي التميمة "يونيكورن" | 849.99 |
بطاقة البوكيمون "رابيداش" (Rapidash) | 9.57 |
فرابوتشينو الـ"يونيكورن" | 4.95 |
البيانات: "براند فينانس"، و"ذا نامبرز"، و"دان آند برادستريت"، و"بون ترايدينغ"، و"أندرسونز"، وأسعار البوكيمون، وأسعار قوائم المأكولات السريعة |
تكريس التسمية
علِق الاسم في الأذهان. وفي عام 2015، نشرت مجلة "فورتشن" قصة غلاف بعنوان "عصر شركات يونيكورن" (The Age of Unicorns)، حللت فيها الشركات الناشئة المملوكة للقطاع الخاص التي تزيد قيمة الواحدة منها على مليار دولار، وتضمن التقرير صفحة كاملة تحتوي على رسم توضيحي لحيوان "وحيد القرن" (يونيكورن) الأبيض يرتدي سترة زوكربيرغ، وقالت المقالة، إنَّ هناك عدداً كبيراً جداً من شركات الـ"يونيكورن"، لدرجة أنَّ التوصيف لم يعد له أهمية: وتساءلت "فورتشن" على الغلاف: "هل هذه طفرة حقاً؟"، وكان العدد وقتها: 80 شركة.
في السنوات اللاحقة، أصبحت الإجابة بالتأكيد "نعم"، وفي عام 2022؛ تكونت شركات الـ"يونيكورن" بمعدل يزيد على شركة واحدة كل اليوم.
أموال هائلة
هناك قدر هائل من أموال الاستثمار التي تبحث عن مآل، وذهبت 621 مليار دولار للشركات الناشئة من جميع الأنواع في عام 2021، وهذا أكثر من ضعف مبلغ عام 2020، ويتجاوز رأس المال الذي تم جمعه من خلال الطروحات العامة الأولية خلال الفترة ذاته، والذي كان في حد ذاته رقماً قياسياً. ولفتت الفائدة المنخفضة والمكاسب القياسية عندما تصبح الشركات الخاصة بالأخير شركة عامة أو يتم الاستحواذ عليها، أنظار المستثمرين المتعطشين للربح، والذين ركّزوا على الأسواق العامة.
تسارعت الطفرة مع إعادة تشكل الاقتصاد جراء وباء "كوفيد-19"، وكان عدد شركات الـ"يونيكورن" ينمو باطراد حتى نهاية عام 2020، عندما كان العدد العالمي 569، ثم في العام التالي؛ تضاعف الرقم تقريباً. وتقول أيلين لي: "تسبب كوفيد في الكثير من الخسائر الشخصية والآلام، لكنَّه وضع سحراً هائلاً في مبيعات البرامج من جميع الأنواع.. وأصبحت سهولة وكفاءة البرامج هي المادة اللاصقة التي تدير كيفية تواصلنا، وكيفية أدائنا للأعمال".
مزيد من الشركات
سرعان ما أشارت "لي" إلى سبب وجود المزيد من شركات الـ"يونيكورن" الآن، والذي قالت، إنَّه يعود جزئياً وببساطة إلى أنَّ هناك الكثير جداً من الشركات الناشئة، وتظل هذه العتبة علامة على نجاح نادر. أضافت "لي": "من الصعب للغاية" الوصول إلى تقييم المليار دولار، كما أنَّ الأمر "ما يزال يتطلب اختيار التوقيت المناسب، والحظ والتنفيذ الدقيق، وطول عمر الأعمال". وتقول، إنَّ الوصول إلى هذا التقييم ما يزال يشكل مؤشراً قوياً على المزيد من النجاح، مضيفة أنَّها تأمل أن يصل المزيد من الشركات التي تديرها النساء أو الأشخاص إلى هذه العتبة، لأنَّها حدث "يغير الحياة".
اليوم، تترك بعض شركات الـ"يونيكورن" بصماتها بشكل أساسي من خلال خدمة شركات التكنولوجيا الأخرى، وتُنشئ "برودكت بورد" أدوات لمديري المنتجات -الأشخاص الذين ينسقون بين المصممين ومهندسي البرمجيات والمسوقين الذين يقومون، على سبيل المثال، بإنشاء خاصية جديدة في تطبيق أو حل محدد لعميل رئيسي من المؤسسات. ومن بين عملائها العديد من شركات الـ"يونيكورن" مثل "زووم فيديو كوميونيكيشن"، و"يو آي باث" (UiPath). لكنَّ تقييمات الشركتين نمت بقوة بعد أن تحولتا إلى شركتين عامتين في 2019 و2021 على التوالي.
حلم اليقظة
في أيام "برودكت بورد" الأولى، حاول بالان ودانيال هيغل، شريكه المؤسس، ألا يقلقا كثيراً بشأن الوصول إلى توصيف "يونيكورن". لكنَّ المستثمرين المحتملين كانوا دائماً يتساءلون عما إذا كانا يعتقدان بأنَّهما سيصلان في النهاية إلى تقييم مليار دولار، وكان من الصعب منع أحلام اليقظة؛ ويقول بالان، إنَّه كان يفكر في أشياء مثل: "عندما نصبح (يونيكورن)، سيكون الأمر رائعاً، وسيأتي أفضل الأشخاص للعمل معنا".
في الواقع، ما يزال التوظيف صعباً كما كان دوماً، ويظن بالان أنَّ الوصول إلى تقييم الـ"يونيكورن" ليس بالأمر الاستثنائي، بما يكفي لقلب الموازين في التوظيف. ويقول: "يتغير مرمى الهدف.. وأنت تلعب باستمرار لعبة اللحاق".
مع ذلك؛ عندما اجتمع فريق "برودكت بورد" بعد اجتماع "زووم" في 2 فبراير؛ كانت الأجواء حماسية، واجتمع الموظفون المحليون في مكتب "برودمت بورد" في حي ساوث أوف ماركت في سان فرانسيسكو، وتناولوا الغداء في أطباق مطبوع عليها "يونيكورن" تحت بالونات قوس قزح اليونيكورن، وتلقى المسؤولون التنفيذيون زجاجات من الشمبانيا عليها ملصقات احتفالية، في حين حصل الموظفون في المناصب غير القيادية على قمصان وشموع ورداءات ذات رسوم يونيكورن صغيرة. ويقول بالان عن الضجة: "إنَّها مبتذلة للغاية، لكنَّها رائعة".
بعد ذلك، قام الموظفون بقرع الأكواب في سعادة، وتناولوا المشويات الكورية في مطعم "ياكينيك" (YakiniQ) في الحي الياباني في سان فرانسيسكو، وذهبوا إلى غناء الكاريوكي أسفل المبنى. وفي صباح اليوم التالي؛ كان بالان ما يزال مبتهجاً. صحيح أنَّ هناك 999 شركة "يونيكورن" أخرى؛ إلا أنَّ الوصول إلى هذا التوصيف ما يزال مميزاً. وقال بالان: "ليس الأمر كما لو أنَّ هناك 1000 شركة (يونيكورن) في مجال إدارة المنتجات.. وإلا كان الأمر سيئاً).
شركات الـ"يونيكورن" عبر السنين
كانت هناك شركات ناشئة متميزة، لكنَّ الأرقام تزداد باستمرار
الدفعة الأولى
لا توجد طريقة واضحة لتحديد أول شركة "يونيكورن". لقد ضمت قائمة أيلين لي 39 شركة، لكنَّها أخذت في الاعتبار فقط الشركات التي تأسست منذ عام 2003، وشملت أيضاً الشركات العامة، في حين يشير المصطلح اليوم عادةً إلى الشركات الناشئة قبل طرحها للجمهور. ووفقاً لهذا المعيار؛ تخطت بعض أكبر شركات التكنولوجيا في العالم مرحلة "يونيكورن"، بما في ذلك "أمازون" (بتقييم 438 مليون دولار عند الاكتتاب العام الأولي)، و"مايكروسوفت" (777 مليون دولار).
أكبر واحدة
كانت الشركة الخاصة الأكثر قيمة في قائمة "لي" الأصلية لشركات الـ"يونيكورن" هي "توتير"، والتي وصل تقييمها إلى حوالي 10 مليارات دولار، وأكبر "يونيكورن" اليوم هي محبوبة أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي: "بايت دانس"، الشركة الأم لـ"تيك توك"، بقيمة 140 مليار دولار، وكان تركيز "بايت دانس" الأولي ينصب على تطبيق تجميع الأخبار "توتياو" (Toutiao)، والذي ما يزال يتمتع بشعبية في الصين. ومع ذلك؛ جاء أشهر منتجاتها من استحواذها عام 2017 على "ميوزيكال دوت إل واي" (Musical.ly)، والتي تبنت تكنولوجيتها في التطبيق الذي أصبح "تيك توك".
الفشل الأسوأ
تترك الشركات قائمة "يونيكورن" بواحدة من طريقتين: تخرج من خلال طرح أسهمها للاكتتاب العام، أو بعد الاستحواذ عليها، أو أنَّها تفشل. وكانت "وي وورك" (WeWork) واحدة من الانهيارات الأكثر إثارة للذهول، إذ قدّرها أكبر مستثمر فيها بقيمة 47 مليار دولار قبل وقت قصير من انهيار الاكتتاب العام الأولي المخطط له فجأة. وتعافت الشركة في نهاية المطاف بما يكفي للطرح العام الأولي مع رئيس تنفيذي جديد، لكن بتقييم أقل بكثير. مع ذلك؛ من الصعب التفكير في فشل أكبر من "ثيرانوس" (Theranos)، شركة اختبار الدم الناشئة التي أسستها إليزابيث هولمز التي تركت الدراسة بجامعة ستانفورد. فقد انهارت "ثيرانوس"، التي كانت تبلغ قيمتها 9 مليارات دولار، بعد أن كشف تحقيق لصحيفة "وول ستريت جورنال" عن مدى المبالغة في مزاعم هولمز حول تكنولوجيتها، وفي يناير؛ أُدينت بالاحتيال، وهي اليوم تواجه عقوبة تصل إلى 20 عاماً في السجن.