بلومبرغ
برغم انتقاده لسياسة دونالد ترمب الخارجية، تمسك الرئيس الأمريكي جو بايدن بعدة عناصر منها، العقوبات على إيران والحظر المفروض على كوبا. ومع ذلك، في الوقت الذي يرتفع التضخم ويهدد بتقويض انتعاش اقتصاد الولايات المتحدة، فإن الرئيس في مأزق عندما يتعلق الأمر بالرسوم الجمركية المفروضة على الصين منذ عهد ترمب.
يقول الاقتصاديون، إن إلغاء هذه الرسوم سيؤدي إلى خفض الأسعار، ويقدم إغاثة فورية للمستهلكين الأمريكيين. لكن إزالة الرسوم الجمركية دون الحصول على الكثير في المقابل من بكين سيسمح للجمهوريين بتوبيخ بايدن، باعتباره متساهلاً مع أكبر منافس لأمريكا، وهو اتهام وجهه ترمب مراراً وتكراراً لمنافسه خلال السباق الرئاسي لعام 2020. إن الحجة السياسية لاتباع نهج متشدد تجاه الصين واضحة: تظهر استطلاعات الرأي ارتفاعاً حاداً في السنوات الأخيرة في نسبة الأمريكيين الذين ينظرون إلى الصين بشكل سلبي. بالإضافة إلى ذلك، هناك إجماع الآن من الحزبين في واشنطن على أن الأساليب الدبلوماسية السابقة لتغيير السلوك الاقتصادي الصيني لم تنجح، ما يبرر استخدام الرسوم الجمركية كوسيلة ضغط في المحادثات التجارية الجديدة.
هذا هو أحد الأسباب التي أدت بالقمة الافتراضية مع الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في 15 نوفمبر –التي تُعدّ أول لقاء رئيسي بين الزعيمين منذ تولى بايدن منصبه- إلى القليل فقط من التنازلات أو الأشياء الملموسة، حتى عندما سعى الزعيمان إلى وضع أرضية لعلاقتهما. وفي الوقت الذي يمكن لكليهما على الأرجح الاستفادة من الدفعة الاقتصادية التي ستولدها الرسوم الجمركية المخففة، فلا أحد منهما مستعد لاتخاذ هذه الخطوة حتى الآن.
يقول روبرت هورماتس، العضو المنتدب لشركة" تيدمان أدفايزرز" (Tiedemann Advisors)، الذي شغل مناصب عليا في السياسة الاقتصادية والتجارية في خمس إدارات لرؤساء أمريكيين: "لا يمكنه (بايدن) فعل أي شيء بشأن الرسوم الجمركية دون أن يكون قادراً على إظهار لجمهوره المحلي أنه يحصل على تحسينات ذات مغزى في السياسة التجارية للصين".
نظراً لأن التضخم -مدفوعاً بعوامل من بينها الطلب المكبوت وسلاسل التوريد المعطلة- يقلص القوة الشرائية للمستهلك الأمريكي، فإن الأصوات المرتفعة داخل وخارج الحكومة على حد السواء ترى أن التراجع عن الحرب التجارية قد يساعد. من جانبها، قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين في مقابلة أجريت معها مؤخراً إن خفض الرسوم الجمركية سيكون له تأثير "مضاد للتضخم".
في رسالة إلى مسؤولي بايدن تم إرسالها قبل القمة، حذرت مجموعات تضم أعمال متعددة، بما في ذلك مجلس الأعمال الأمريكي الصيني وغرفة التجارة الأمريكية، من أن الرسوم الجمركية على الصين تضر الشركات والعائلات الأمريكية. وكتبت المجموعات في تلك الرسالة: "تفرض هذه التكاليف، بالإضافة إلى ضغوط التضخم الأخرى، عبئاً كبيراً على الشركات الأمريكية والمزارعين والأسر التي تحاول التعافي من آثار الوباء".
وكما أكدت القمة الافتراضية: "عدم رغبة الإدارة في التصعيد". قالت الممثلة التجارية، كاثرين تاي في 10 نوفمبر إن الولايات المتحدة تتابع "تفاعل" الصينيين للامتثال لاتفاق المرحلة الأولى التجاري.
مثل هذه التعليقات تستبعد حدوث تصعيد إضافي "وتفسح المجال لإعلان نهائي من قبل كلا الجانبين لإزالة جزء من الرسوم الجمركية المتبادلة" التي صدرت في عهد ترمب، كما يقول إيان بريمر، رئيس "مجموعة أوراسيا" (Eurasia Group)، وهي شركة استشارية متخصصة بدراسة المخاطر السياسية، إذ يقول إن التضخم كان الدافع وراء الهدنة التجارية الأخيرة بشأن الصلب والألمنيوم بين الولايات المتحدة وأوروبا.
بالنسبة إلى هورماتس، ستساعد السياسة الفعالة أكثر تجاه الصين، مقارنة بالرسوم الجمركية، "قانون المنافسة والابتكار الأمريكي" البالغ قيمته 250 مليار دولار -الذي مرره مجلس الشيوخ بدعم من الحزبين في يونيو، قبل أن يعلق في مجلس النواب- والذي سيساعد الولايات المتحدة لتكون أكثر قدرة على المنافسة في الصناعات التكنولوجية الرئيسية.
لكن في الوقت الحالي، قد يكون بايدن عالقاً في سياسة إدارة ترمب التي انتقدها كثيراً خلال حملته الانتخابية للوصول إلى البيت الأبيض. قال بايدن خلال خطاب ألقاه حول السياسة الخارجية في عام 2019: "قد يعتقد الرئيس ترمب أنه صارم تجاه الصين"، لكن "كل ما قدمه نتيجة لذلك هو أن المزارعين والمصنعين والمستهلكين الأمريكيين يخسرون ويدفعون المزيد".