شركات "الشيك على بياض" ليست لأصحاب الخبرة فقط بل للشباب أيضاً

time reading iconدقائق القراءة - 10
الرسم من إعداد: سام آيلاند / بلومبرغ - المصدر: بلومبرغ
الرسم من إعداد: سام آيلاند / بلومبرغ - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بدأت مسيرة ما يسمى بـ"شركات الشيك على بياض" تأخذ شكل حالة كلاسيكية من الهوس الشديد في وول ستريت. خلال العامين الماضيين؛ وتحوَّلت من مجرد منتج مالي ملائم يستهدف الوصول إلى المستثمرين المحترفين الماليين، لتصبح ظاهرة لسوق واسعة النطاق يجري ترويجها على موقع "تويتر"، ومحطة "سي إن بي سي" الفضائية. وهذا النوع من الشركات -أو ما يسمى أيضاً شركة أغراض خاصة- هو عبارة عن مجمع هائل من السيولة النقدية ينهمك في البحث عن فرص استثمارية.

تشهد نيويورك عمليات تداول لما يصل إلى 600 شركة من شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة المعروفة اختصاراً بـ(SPACs)، وقد انضمَّ إلى ذلك مموِّلون كبار على غرار عملاق صناديق التحوط، بيل أكمان، والملياردير الياباني في قطاع التكنولوجيا، ماسايوشي سون، ومايكل كلاين الذي يملك باعاً طويلاً في "سيتي غروب". وسجل العام الحالي، إتمام عمليات طرح عام أولي في الولايات المتحدة لـ450 شركة استحواذ ذات أغراض خاصة، بلغت قيمتها الإجمالية 130 مليار دولار –وهو ما يزيد على مرة ونصف المرة مقارنة بالحجم الضخم المسجل في عام 2020– إلى جانب مئات من عمليات الطرح في انتظار الإدراج بالبورصة.

اقرأ أيضاً: طفرة شركات الشيك على بياض تخلق أهدافاً جديدة للبيع على المكشوف

في الوقت الحالي، بدأ الصغار ينضمّون إلى الحفلة. فقد تم تحديد ما يفوق 12 شخصاً تصل أعمارهم إلى سن 30 عاماً أو أقل، يحتلون مناصب مديرين تنفيذيين أو أعضاء مجالس إدارة في شركات "شيك على بياض"، كانت قد أعلنت عن خطط للإدراج في البورصة منذ شهر يونيو الماضي، بحسب موقع توفير المعلومات "إس بي إيه سي ريسيرش" (SPAC Research). يشمل ذلك شاباً في سنِّ 27 عاماً، سبق له الحصول على درجة الماجستير في إدارة المشاريع من جامعة جورج تاون عام 2020، وشاباً من مدينة أتلانتا عمره 29 عاماً، وشارك في أربع شركات من هذا النوع، فضلاً عن زميلين في منظمة أخوية بعمر 23 عاماً من جامعة كورنيل، كانا قد سجلا على قصر من سبع غرف نوم كمقرٍّ لهما بقيمة 9 ملايين دولار.

في ظل تدفُّق عدد كبير من الوافدين الجدد الطموحين، يبدو سوق شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة كأنَّه "في حالة احتشاد للاحتفال بالفوز بمباراة"، على حدِّ تعبير بريت ماكغونيغال، رئيس شركة الاستشارات "كابيتال لينك إنترناشونال هولدينغز". وأضاف أنَّ "الشيء الأهم في ’وول ستريت’، هو اختيار التوقيت المناسب. في حال حضرت في التوقيت الخاطئ بالنسبة إلى منتج مالي فقد جاذبيته، فسيتسبب ذلك في الخسائر".

اقرأ المزيد: شركات "الشيك على بياض" تواجه تهديدات محاسبية صارمة

تجمع شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة الأموال من مستثمرين بهدف إجراء عملية استحواذ غير معروفة مسبقاً، برغم أنَّها في بعض الأوقات ستعلن عن موضوع مستهدف، كقطاع الرعاية الصحية، أو قطاع التكنولوجيا، أو منطقة آسيا على سبيل المثال. بعد أن تنطلق عملية تداول شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة بالبورصة، يبدأ المروِّجون لها عملية البحث في جميع أنحاء العالم عن صفقة شراء شركة جيدة. يتفاوض الطرفان على عقد صفقة والدخول في عملية اندماج، وهو ما يقدِّم عملياً للشركة المستهدفة مساراً مختصراً لعملية طرح عام أولي -علاوةً على حصول مؤسسي شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة على مكافأة ثمينة. بطريقة متزايدة؛ يعتبر هؤلاء من المؤسسين الوافدين، بالإضافة إلى كونهم حديثي العهد نسبياً. قال سيرجيو كاماريرو، الشريك الإداري في شركة الخدمات الاستشارية " ايه آر سي غروب" (ARC Group):

يمتلك الأشخاص الأصغر سناً ميزات كثيرة، نظراً لأنَّ لديهم قدرة عالية على الابتكار، إلى جانب القدرة على توجيه ضربة قوية

استقدم فريق كاميرون، يوان ديلوارد، الذي يعمل مستشاراً، وعمره 30 عاماً، إذ يعيش في شنغهاي، للعمل في منصب الرئيس التنفيذي لشركة استحواذ ذات أغراض خاصة تستهدف جمع تمويل بقيمة 50 مليون دولار، لتنفيذ عمليات استحواذ في قطاع التكنولوجيا. يقدِّم ديلوارد، الفرنسي الذي درس في كلية الهندسة، ويقيم في الصين منذ سبع سنوات، الاستشارات للشركات الناشئة حول سبل تطوير نشاطها، وخلق محفِّزات للموظفين في إدارة المبيعات. ويعتبر أنَّ إدارة شركة "شيك على بياض"، خطوة لاحقة منطقية، كما يؤكِّد أنَّ المستثمرين غير مهتمين بمدى تقديم قادة لشركة استحواذ ذات الأغراض الخاصة في العمر- أو كونهم من الشباب. ويقول ديلوارد: "يعود الأمر إلى مجموعة المهارات، وكفاءة الفريق، وشبكة العمل، أكثر من صلته بالسن، إلى جانب التطور في بيئة العمل الخاصة بالشركة بطريقة تقليدية".

تضع شركات عديدة تحت إدارة هذا الجيل الجديد، هدفاً للوصول إلى الشركات التي تتمتَّع بجاذبية لدى الشباب بصفة خاصة. يملك فيكاس ديساي، مؤسس شركة استثمار في مجال نبات القنب المخدِّر، تسمى "أشاري فينتشرز" (Achari Ventures)، والبالغ من العمر 30 عاماً، خطة لجمع تمويل بقيمة 100 مليون دولار لشركة استحواذ ذات أغراض خاصة تركِّز على هذا القطاع الصاعد. يعمل ألكسندر هورنونغ الذي يبلغ من العمر 27 عاماً، ويقيم في مدينة زيورخ، في منصب المدير المالي لشركة "ماونتين آند كو آي أكويزيشن كورب" ( Mountain & Co I Acquisition Corp)، الذي يقول، إنَّه بصدد شراء شركة في مجال الإنترنت بمبلغ 200 مليون دولار يطمح في جمعه عبر الحصول على التمويل. جمعت كلير كونسيل، البالغة من العمر 26 عاماً- وهي موظفة البنك السابقة لدى "غولدمان ساكس غروب"، وعضو مجلس إدارة شركة استحواذ ذات أغراض خاصة- 173 مليون دولار في شهر يونيو الماضي، فقد كانت تخطط للاستحواذ على شركة متخصصة في مجال الأعمال الترفيهية أو غيرها من الأعمال التجارية التي تستهدف المستهلك.

هناك بعض الشركات الأخرى على غرار شركة "روز هيل أكويزيشن" (Rose Hill Acquisition Corp)، التي تحاول إحضار رأسمال إلى جانب من العالم يتعرَّض لإهمال نسبي. شرعت شركة "روز هيل" من خلال زملاء في فريق جامعة كورنيل للتنس، في جمع تمويل بقيمة 125 مليون دولار للبحث عن صفقة استحواذ في منطقة أمريكا اللاتينية، التي من المحتمل أن يجري إدراجها بالبورصة في شهر أكتوبر الجاري. عمل ألبرت ج. هيل الرابع، وخوان خوسيه روزاس، وكلاهما من أعضاء الجمعية الأخوية "دلتا أبسيلون"، وقد أسسا الشركة، لفترة من الوقت في شركة "تشاردان كابيتال ماركيتس" (Chardan Capital Markets)، وهي شركة خدمات استشارية حازت مكانة خاصة في أعمال ترتيب صفقات شركات "الشيك على بياض". أما هيل، الذي ينتمي إلى أسرة، الجد الأكبر فيها هو المقامر الأسطوري الذي أصبح فيما بعد أحد أباطرة قطاع النفط، "إتش. إل. هانت"، فقد عمِل أيضاً كمحلل مصرفي استثماري يساعد المستثمرين المبتدئين في شركة "غوغنهايم بارتنترز" (Guggenheim Partners)، كما أنَّه يدير إلى جانب ذلك شركة للمراتب عبر الإنترنت. كان روزاس، الحاصل على شهادة في علوم المعلومات من ليما، عضواً في نادي صناديق التحوط في جامعة كورنيل، كما تدرَّب في شركة "بوينت 72 أسيت مانجمنت" (Point72 Asset Management).

انضمَّت شركة "كوهين آند كو" (Cohen & Co)، والشركة التشيلية "أميريز كابيتال" (Ameris Capital) إلى الداعمين الماليين لشركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، كما وقَّعت شركة "كانتور فيتزجيرلد" (Cantor Fitzgerald) الجريئة في "وول ستريت"، اتفاقاً لإدارة الاكتتاب للطرح العام الأولي. تضمُّ عضوية مجلس الإدارة، مديراً تنفيذياً سبق له العمل في إحدى شركات إدرة صناديق الاستثمار البرازيلية، فضلاً عن موظفين اثنين سابقين في شركة "بانكو سانتادرا" (Banco Santander)، وبنك "يو بي أس غروب" (UBS Group)، بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي السابق لواحدة من أكبر شركات الأعمال التجارية في بيرو. رفض كلٌّ من هيل وروزاس- وهما سيحصلان على أسهم بسعر مخفّض ستساعدهما في جني أرباح جيدة من هذه الصفقة الناجحة- طلبات لإجراء مقابلات، مشيرين إلى أنَّهما دخلا في "فترة صمت" بموجب الإجراءات التنظيمية، قبيل انطلاق عملية الاكتتاب العام.

بكل تأكيد، توجد في مقابل كل شركة استحواذ ذات أغراض خاصة خاضعة لإدارة شبان في العشرينيات من عمرهم، عشرات من الشركات الأخرى التي يديرها أشخاص يمتلكون عقوداً من الخبرة. تجد الوجوه الجديدة ترحيباً من قبل الكثير من رجال الأعمال، مما يتيح لهم فرصة التعامل مع المسؤولين القدامى. بيد أنَّه، في ظل تزايد أعداد شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة التي تلاحق مجموعة أهداف جيدة يقل عددها بمرور الوقت، فعلى الأرحج سيحصل اللاعبون المتمكِّنون بطريقة أكبر على الصفقات الأفضل، بحسب ديفيد بوغيميلر، رئيس المؤسسة البحثية "بورد روم ألفا" (Boardroom Alpha). قال بوغيميلر: "لا أعتقد أنَّ شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة ستلجأ في النهاية إلى عالم الشباب الواعد". وأضاف: " إنَّ القدرة على الوصول إلى تدفُّق الصفقات الجديدة، والحصول على رأس المال؛ هما العنصران الحقيقيان للمفاضلة، وستكون هذه المقدرة على الوصول متوافرة لدى أصحاب الخبرة".

تصنيفات

قصص قد تهمك