ارتفاع أسعار الكاكاو يغري مزارعين في أفريقيا بالعودة لإنتاجه

الارتفاع غير المسبوق في سعر المكون الرئيسي للشوكولا إلى 10 آلاف دولار للطن يشجع على زراعة مزيد من أشجاره

time reading iconدقائق القراءة - 7
مزارع يمسك ثمرة كاكاو في حقل بقرية إسيسانا في الكاميرون في 2022 - المصدر: بلومبرغ
مزارع يمسك ثمرة كاكاو في حقل بقرية إسيسانا في الكاميرون في 2022 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

الارتفاع المذهل في سعر الكاكاو في الكاميرون دفع بانيوي إلسي كينيوي، وهي مدرّسة للمرحلة الثانوية بلغت 57 عاماً من عمرها، للتخطيط للمرحلة المقبلة من حياتها. اشترت كينيوي في نوفمبر قطع أرض مساحتها 12 ألف متر مربع على بعد نحو 200 كيلومتر شمال غرب منزلها في العاصمة ياوندي. يُفترض أن تبدأ أشجار الكاكاو التي زرعتها هناك تؤتي ثمارها حينما تتقاعد بعد ثلاث سنوات.

كان الاستعداد لهذا التحول في حياة كينيوي المهنية له ثمنه، فقد اضطرت لأن تضيف على ما دفعته لقاء الأرض لأحد الزعماء المحليين ثلاثة من الماعز و40 لتراً من نبيذ النخيل وكيس ملح، كي يوافق على أن تزرع كينيوي المحصول المدر للمال.

تعتقد كينيوي أن هذا الاستثمار سيكون رابحاً: "إذا واصل سعر الكاكاو ارتفاعه، سيمنحني هذا المحصول أموالاً أكثر مما سأحصل عليه من التدريس".

العودة للكاكاو

تبرز قصة كينيوي، وحكايا آخرين استمعت بلومبرغ إليها، كيف أن الارتفاع غير المسبوق في سعر المكوِّن الرئيسي في الشوكولا يجذب المزارعين في بعض مناطق أفريقيا للعودة إلى زراعة تلك الحبوب. إن الفارق بين توقيت زراعة شجرة الكاكاو وحصادها يعني أن هذا الاتجاه الأولي لن يؤدي إلى حل فوري لاضطراب الإمدادات العالمية، لكنه قد يخفف من وطأة الأزمة لاحقاً.

يتلقى مزارعو الكاكاو في ساحل العاج وغانا، وهما أكبر منتجين في العالم، سعراً تحدده الحكومة ليضمنوا إمكانية توقع مداخيلهم. لكن المزارعين في الكاميرون ونيجيريا لهم حرية بيع المحصول لمن يعرض أعلى سعر. ارتفعت أسعار الكاكاو محلياً في البلدين أكثر من ثلاثة أمثالها مقارنة مع الفترة نفسها قبل عام، مدفوعة بأزمة نقص عالمية.

اقرأ أيضاً: ارتفاع قياسي لأسعار الكاكاو مع استمرار أزمة إمدادات غرب أفريقيا

كان ذلك وراء اقتناع جين-ماري إمبيدا أوبام بأن يستعين بعاملَين إضافيين للعمل في مزرعته الصغيرة في الكاميرون ويتحول من زراعة موز الجنة والفول السوداني والقلقاس إلى زراعة الكاكاو التي تخلى عنها قبل ثلاث سنوات حين كانت الأسعار أقل.

قال أوبام، وهو أب لخمسة ويبلغ من العمر 61 عاماً: "أتذكر أنني كسبت 1.5 مليون فرنك غرب أفريقي (2458 دولاراً) من هذه المحاصيل ذات مرة، بينما كان الكاكاو بالكاد يجلب 600 ألف إلى 700 ألف فرنك. لقد عدت، وأنا على استعداد لإحياء مزرعتي بأكملها من جديد. سعر الكاكاو الآن جيد جداً".

أدى تراجع الإنتاج بأكثر من 10% في ساحل العاج وغانا، اللتين تمثلان معاً أكثر من نصف الإمداد العالمي، إلى موجة تهافت على شراء حبوب الكاكاو. عانى مزارعو الكاكاو في هذين البلدين من سوء الأحوال الجوية ونقص السماد. دفع ذلك الأسعار في بورصة نيويورك للعقود المستقبلية إلى 10 آلاف دولار للطن بعدما كانت أقل من ثلاثة آلاف دولار في هذه الفترة من العام الماضي، ولا يُتوقع أن يتعافى الإنتاج قريباً.

تراجع المحصول

بلغت كمية الكاكاو التي وصلت إلى موانئ ساحل العاج منذ بداية الحصاد الرئيسي في أكتوبر وحتى مارس 1.3 مليون طن، أي أقل بنحو الثلث من محصول العام السابق. سيتراوح إجمالي إنتاج غانا من الكاكاو في الموسم الحالي بين 422.5 ألف طن و425 ألف طن، أي نصف توقعات البلاد الأولية، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

تشير توقعات المنظمة الدولية للكاكاو إلى أن إنتاج نيجيريا سيتراجع 4% بين 2023 و2024 إلى 270 ألف طن، وزيادة المحصول في الكاميرون 3% ليصل إلى 300 ألف طن. تهدف الكاميرون بحلول نهاية العقد إلى زيادة الإنتاج إلى 600 ألف طن، فيما تتوقع نيجيريا إنتاج 714 ألف طن إجمالاً بحلول 2030.

اقرأ أيضاًَ: لماذا قفزت أسعار الكاكاو بأكثر من الضعف منذ بداية العام؟

قال جون كالو، وهو قائد إقليمي للمزارعين في ولاية أبيا في نيجيريا، إنه كانت هناك قائمة "طويلة" من مزارعي الكاكاو المستقبليين ممن أرادوا الاستفادة من ارتفاع الأسعار. التزمت الحكومة بتأجير الأراضي الجديدة للمزارعين، لكن كالو قال إن التفاصيل ما تزال غير واضحة.

في تلك الأثناء، أجبرت ندرة الكاكاو المطاحن على دفع علاوات كبيرة لتحصل على ما يكفي من الحبوب وتتفادى إغلاقها. تتراوح هذه الفروق بين 400 دولار للطن في الإكوادور وبيرو إلى 2500 دولار في ساحل العاج، وفقاً لشركة "غوان تشونغ" (Guan Chong)، وهي من كبرى شركات معالجة الكاكاو، رغم أن ساحل العاج تحاول إلغاء هذه الممارسة. كما دفع نقص الحبوب مصانع في غانا للإغلاق لفترات متقطعة منذ أواخر 2023.

مساعي زيادة الإنتاج

يحرص المزارعون في أميركا اللاتينية على توسيع نطاق الإنتاج لتحقيق ربح من سعر الكاكاو المرتفع. تستهدف الإكوادور، وهي ثالث أكبر منتِج للكاكاو في العالم، إنتاج 800 ألف طن بحلول 2030، بارتفاع من 454 ألف طن في 2023. أما البرازيل، التي تحتل المرتبة السادسة في زراعة الكاكاو، فتعتزم زيادة حجم إنتاجها إلى مثليه بنهاية العقد من 220 ألف طن.

قد تحد قواعد الاتحاد الأوروبي التي تدخل حيز التنفيذ في نهاية العام من خطط التوسع تلك، إذ سيطلب الاتحاد الأوروبي من شركات تصنيع الشوكولا مثل "فيريرو" (Ferrero) و"نستله" (Nestle) و"مارستو" (Marsto) أن تثبت أن كل حبة كاكاو تستوردها تلك الشركات إلى أوروبا لم تسهم في إزالة الغابات في منطقة أخرى.

اقرأ أيضاً: أسعار الكاكاو تواصل ارتفاعها التاريخي وتتضاعف منذ بداية 2024

يعني ذلك أن من يملكون أراض زراعية قد تكون لهم أفضلية عن سواهم. في ولاية أوندو النيجيرية، ورث توبا أدنوورو، 60 عاماً، وأخوه تيميلهين، 43 عاماً، الذي يبيع الخبز والسكر وغيرهما من السلع الأساسية في كشك صغير بالشارع، قطعة أرض مساحتها نحو 50 ألف متر مربع من والدهما العام الماضي.

ويتذكران كيف واجه والدهما صعوبات في تحقيق ربح من محصول حبوب الكاكاو حين كان ينخفض سعره. قال أدنوورو: "كنا نعلم من البداية أن المبلغ الذي كان يجنيه والدنا لم يتناسب مع المحصول الزراعي وارتفاع سعر السلعة".

يعكف الأخوان الآن على رعاية 60 ألف شتلة هجينة يتوقعان أنها ستعزز المحصول إلى 850 كيلوغراماً لكل ألف متر مربع، من 400 كيلوغرام حالياً. قال أدنوورو: "نريد أن نحيي المزرعة وأن نستفيد من ارتفاع أسعار الكاكاو".

تصنيفات

قصص قد تهمك