بلومبرغ
كان العام الماضي هو الأسوأ خلال عقد من حيث عمليات الدمج والاستحواذ، إذ تراجع حجم الصفقات بواقع الربع إلى 2.8 تريليون دولار، بحسب بيانات جمعتها بلومبرغ. فقد تلكأت شركات الاستحواذ في الإنفاق، في ظلّ شحّ التمويل وتوقعات البائعين بالحصول على أسعار مرتفعة. كما تجنّبت الشركات الكبرى إبرام صفقات ضخمة خشية سخط المساهمين والمسؤولين المعنيين بمكافحة الاحتكار. إلا أن الضليعين في مجال الدمج والاستحواذ، وهم المتفائلون دائماً، يقولون إن الأمور ربما تتجّه إلى التحسن مع تراجع التضخم وانخفاض أسعار الفائدة.
وفي ما يلي لمحة عن التوقعات:
1- السوق في أدنى مستوى
على الرغم من تباطؤ سوق الدمج والاستحواذ، إلا أنها حافظت على استقرارها، حيث تراوح مجموع قيم الصفقات الشهرية عند حوالي 250 مليار دولار خلال الأشهر الـ18 الماضية. ويتوقّع المراقبون أن تستمرّ هذه الوتيرة المستقرّة حتى منتصف 2024. وقال ديفيد دينوزيو، الرئيس الشريك لقسم الدمج والاستحواذ الدولي في "ويلز فارغو": "لا نتوقع أي تراجع إضافي في السوق من ناحية الحجم". وتوقع كيفن برونر، الرئيس الشريك لقسم الدمج والاستحواذ الدولي في "بنك أوف أميركا" أن تشهد قطاعات الرعاية الصحية والتقنية والصناعة نشاطاً بشكل خاص.
2-توقع المزيد من الصفقات الضخمة
شهدت الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2023 ارتفاعاً في عدد الصفقات الضخمة، ومن ذلك شراء "إكسون موبيل" لـ"بايونير ناتشورنال ريسورز" (Pioneer Natural Resources) مقابل حوالي 60 مليار دولار، واستحواذ "شيفرون" على "هيس" (Hess) لقاء 53 مليار دولار، بالإضافة إلى موافقة "أوكسيدنتال بتروليوم" (Occidental Petroleum) على شراء "كراون روك" (CrownRock) بقيمة 10.8 مليار دولار، وموافقة "نيبون ستيل" (Nippon Steel) على شراء "يونايتد ستيتس ستيل" (United States Steel) مقابل 14 مليار دولار.
تؤشر هذه الخطوات إلى الطلب المكبوت في السوق على الصفقات الكبرى في 2024، بحسب ما أفاد به صنّاع الصفقات. وتعليقاّ على ذلك، رأى غاري بوسترناك، الرئيس الشريك لقسم الدمج والاستحواذ الدولي في "باركليز" أن "الزخم يتزايد". كما تؤشر الخطوات الأخيرة إلى أن المستحوذين لا يخشون التحديات التي تضعها في وجههم وزارة العدل أو هيئة التجارة الاتحادية التي فشلت محاولتها في الصيف الماضي بمنع صفقة استحواذ "مايكروسوفت" على "أكتيفيجن بليزارد" (Activision Blizzard) البالغة قيمتها 69 مليار دولار. وقد عادت هيئة التجارة الاتحادية لمحاولة منع عملية الاستحواذ مجدداً في سبتمبر.
3-لن يتخذ المستثمرون إجراءات ضدّ الخطوات الجريئة
صدمت "نيبون ستيل" (Nippon Steel) وول ستريت حين دفعت سعراً أعلى بنسبة 142% مقابل "يو إس ستيل" متفوقة بأشواط على كافة العروض الأخرى. وبالكاد اكترث المساهمون في الشركة لذلك، فيما انخفضت أسهمها بنسبة 1% بعد الخبر. وفي الشهر ذاته، ارتفعت أسهم "أوكسيدنتال بتروليوم" بنحو 1% بعيد صفقتها الباهظة للاستحواذ على "كروان روك".
يعكس تقبّل هذه الصفقات الدافع الاستراتيجي الذي يكمن خلفها. فـ"نيبون" تنفق الأموال في مسعى لأن تصبح ثاني أكبر منتج للصلب في العالم، فيما تعمل "أوكسيدنتال" على تعزيز مكانتها في حقل النفط الأكثر إنتاجية في الولايات المتحدة. بالتالي، تظهر هذه الاستحواذات أن المستثمرين لا يمانعون، بل حتى يرحبون بالخطوات الطموحة عند هبوط السوق، على اعتبار أنها منطقية.
بمعنى آخر، يمكن للسوق الهابطة أن تدفع نحو إبرام صفقات أكثر حكمة، فإذا كانت هذه الصفقات تتطلّب رأسمالاً أكبر، هذا يعني أنها ستخضع لمزيد من التدقيق قبل تمريرها. وقال لاري غرافستين، نائب رئيس مجلس إدارة الاستثمار المصرفي الدولي في "رويال بنك أوف كندا" إنه "حين يقع على عاتقك عبء إثبات أكبر، فهذا يعني عادةً أن الصفقات أفضل".