بلومبرغ
صاح إريك زمور بحشد من آلاف الناخبين كان غالبيتهم من البيض في مدينة ميتز بشمال فرنسا محذراً: "إنهم يحاولون سرقة هذه الانتخابات منكم،" وأعلن لجمهوره ذاك في 18 مارس قبل أقل من أربعة أسابيع من بدء الاقتراع استعداده "لحمل صوت الأغلبية الصامتة".
تجوّل بين الجمهور ليلامس أيديهم، ثم رفع ذراعيه على شكل حرف "V" في إشارة نصر، بينما هدر الحاضرون بفرح. يسهل التعرف على وجهه، الذي يميزه اتساع جبينه وكثافة حاجبيه وابتسامته المائلة نحو اليسار، بفضل حياته المهنية الطويلة كناقد تلفزيوني، وأخيراً بسبب إطلالاته عبر "يوتيوب" و"تويتر" و"فيسبوك". حلّ زمور رابعاً باستطلاعات الرأي، لكن تلك ليست ما نحن بصدده هنا.
إنفوغراف.. ماكرون يتصدر استطلاعات الرأي مع اقتراب الانتخابات
قدم زمور وأنصاره حججاً تآمرية حين اقتربت الانتخابات الرئاسية التي بدأت في 10 أبريل، حيث قالوا إن صناديق الاقتراع وربما الانتخابات نفسها قد تكون مزورة، وهي رسالة شبه مؤكدٍ تكرارها بعد فرز الأصوات. تحاكي هذه الخطة والترشيح المفاجئ نمط أكاذيب دونالد ترمب، الذي رفع شعار "أوقفوا السرقة" حين رفض الإقرار بنتائج الانتخابات الأمريكية في 2020.
صاح أحد مؤيديه في حشد مارس: "إننا نحبك وسنفوز!"
سواء انتصر زمور أم خسر، فقد أقحم قضايا عنصرية شائكة في قلب السياسة في فرنسا، وتكاد خسارته تكون مؤكدة مع تزايد إمكانية خوض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمرشحة اليمينية المتطرفة الأخرى مارين لوبان لجولة إعادة. بات ترويجه لما يسمى بنظرية مؤامرة "الإحلال العظيم"، التي تزعم أن المهاجرين المسلمين يحلّون مكان المسيحيين البيض في أوروبا، جزءاً من الخطاب السائد حالياً. تستخدم القنوات الإخبارية الموثوقة المصطلح في عناوين الأخبار، كما استخدمته فاليري بيكريس، وهي مرشحة أكثر اعتدالاً. أظهر أحد الاستطلاعات، الذي يستشهد به زمور في كثير من الأحيان، أن اثنين من كل ثلاثة مواطنين فرنسيين قلقون حيال هذا التهديد المزعوم.
طرد المسلمين؟
لطالما لعبت القومية دوراً هاماً في منطقة لورين الفرنسية بعد الثورة الصناعية. استقطبت لوبان، التي ورثت قيادة حزب الجبهة الوطنية (الآن التجمع الوطني) عن والدها جان ماري، جدلاً لترويجها لسياسات حدودية صارمة وعكس أسلمة البلاد،؛ أصوات المنطقة في الجولة الأولى من انتخابات 2017، التي خسرت فيها أمام ماكرون. لكنها بخلاف زمور تغازل المعتدلين أيضاً. لقد أحجمت على سبيل المثال عن الإشارة لوجوب طرد المسلمين الفرنسيين، أو أن حكومة فيشي الفرنسية المتعاونة مع النازية لم تكن بذاك السوء.
فيما صنع زمور صيته عبر تجاوز هذه الخطوط تحديداً. يشير اسم حزبه السياسي حديث التأسيس وهو "الاسترداد" (Reconquête)، لحروب الاسترداد في القرن الخامس عشر حين أُجبر المسلمون واليهود الإسبان على التحول إلى المسيحية أو الرحيل. قال زمور لحشده في 18 مارس: "نحن قادرون على إنقاذ فرنسا. للتأكد من أن فرنسا ستظل كما هي". كما اقترح المرشح اليميني المتطرف في جملة ما جاء به إجبار المواليد الجدد على تبني أسماء مسيحية وترحيل "أجانب غير مرغوب بهم".
هل يعود ترمب إلى البيت الأبيض في 2024؟
كانت مثل هذه المواقف من المحظورات حتى زمن قريب، لكن زمور يجتذب آلاف الجماهير وحصد 10% من الأصوات في سباق مزدحم، رغم تأخر دخوله رسمياً حتى ديسمبر. حلّ زمور ثانياً في مرحلة ما في فبراير، لكن تعليقاته المؤيدة لبوتين ومعارضته الأولية لقبول اللاجئين الأوكرانيين ساهمت بتراجع شعبيته، وقد يكون بعض أتباعه اتجهوا لتأييد لوبان بدلاً عنه.
قد يُعزى صعود زمور، جزئياً على الأقل، لإتقانه إدارة وسائل التواصل الاجتماعي. أنشأ المتطوعون في حملته الانتخابية بدءاً من أواخر العام الماضي مئات الحسابات على "تويتر" و"فيسبوك"، وصُممت لتبدو عفوية إلا أنها تبدو منسقة. نشرت مزرعة المحتوى الضخمة هذه قصصاً مضللة روجت لصورة بلد يغصّ بالمهاجرين لحد دفع بالبيض للتمرد على ذلك. لقد اجتذبت تلك الصورة الزائفة معلقين ومتابعين، على حد سواء، ما أدى لانتشار ادعاءات كاذبة.
إسكات خطاب الكراهية
حدث كل هذا رغم جهود "تويتر" و"يوتيوب" وخاصة "ميتا بلاتفورمز" مالكة "فيسبوك" لوقف خطاب الكراهية والتطرف والمعلومات المضللة التي تشير إلى تزوير الانتخابات. أسست "فيسبوك" العام الماضي فريقاً محلياً في فرنسا "لضمان اتخاذها الإجراءات الصحيحة لحماية نزاهة عملية التصويت ومنع إساءة استخدام المنصة خلال هذه الفترة"، وفقاً لما جاء في إحدى المدونات.
استدعاء "ميتا" و"تويتر" وغيرهما في تحقيق حول شغب 6 يناير
بيّنت كوري كريدر، الشريكة المؤسسة في منظمة "فوكسغلوف" (Foxglove) في لندن التي تدرس استخدام الحكومات للتقنية، أن هذه الجهود لم تحدث تغييراً يُذكر في الهيكل الأساسي لوسائل التواصل الاجتماعي، الذي يكافئ بحكم تصميمه، المحتوى المتطرف والمثير للجدل وهو ما استغله زمور. قالت كريدر: "أدرك المستبدون المحتملون أن ركوب موجة اقتصاد الانتباه، آلة "فيسبوك" سريعة الانتشار، للوصول إلى السلطة ممكن من حيث الأساس في أي مكان الآن". هكذا فإن عملية زمور تحذير من جهة، ومثال يحتذى من جهةٍ أخرى، لمرشحين مهمشين آخرين، يمكنهم ضخ أفكارهم في الاتجاه السائد عبر جذب الانتباه الكافي في معارج الإنترنت.
ماكرون يعد بإصلاحات اقتصادية وتحسين الرعاية الاجتماعية إذا فاز بولاية ثانية
نشر حساب (GenerationZARA) على "تويتر" في مايو 2021 صورة يد تمسك مجموعة منشورات ترويجية عليها صورة زمور ويبدو خلفها مجرى مائي في مدينة متوسطة الحجم بقرب الحدود السويسرية. قالت التغريدة: "شباب آنسي يحشدون الأصوات" ووجهت نحو عريضة في موقع إلكتروني جديد بعنوان "أُفوض زمور".
بدت تلك التغريدة مطابقة تقريباً لمنشور آخر في اليوم ذاته على حساب آخر حمل اسم (GenerationZBFC)، وتضمن صورة يد تقبض منشورات وفي الخلفية نافورة بعلامة موقع مختلفة باتجاه الشرق. وجاء في التغريدة: "في ديجون، جيل زمور يحشد لتوقيع العريضة". نشر حساب ثالث يحمل اسم (GenerationZGE) في يوليو صوراً لمنشورات مع تحديد موقع مختلف في مولوز، قرب الحدود مع سويسرا وألمانيا كما جاءت عشرات الحسابات بنفس ذلك المحتوى.
الانتحار الفرنسي
كان زمور حينها يعمل كمحلل في أحد برامج قناة "سي نيوز" (CNews)، التي تكاد تكون نسخة فرنسا من قناة "فوكس نيوز". اشتهر حينذاك لتأليفه كتاب "الانتحار الفرنسي" (Le Suicide Français) في 2014. بيعت مئات آلاف النسخ على خلفية الجدال بأن تراجع فرنسا، ومعها الرجولة الفرنسية، قد يُعزى لسياسات اليسار والعولمة، بما فيها تحديد النسل وحقوق المثليين واليورو. نسق ستانيسلاس ريغو، البالغ عمره 23 عاماً جهود وسائل التواصل الاجتماعي، التي كان يُفترض أن تقنع زمور بالترشح للرئاسة. أصبح ريغو لاحقاً متحدثاً رسمياً باسم زمور.
لا يمتلك عقارات أو سيارات.. 1.2 مليون دولار دخل "ماكرون" في 5 سنوات
ذاع صيت المرشح اليميني المتطرف في كل مكان خلال الأشهر التالية، سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر ملصقات في باريس. كما ظهرت حسابات على "تويتر" ومجموعات على "فيسبوك" وقنوات على "يوتيوب" تحمل أسماء من بينها "المعلمون يؤيدون زمور" (Teachers With Zemmour) و"الزرق يؤيدون زمور" (Les Bleus With Zemmour) في إشارة لمشجعي كرة القدم الفرنسيين. شاركت تلك الحسابات روابط لمحتوى يصوره كرئيس، حتى حين كان الرجل نفسه يتجنب الأسئلة حول ما إذا كان سيرشح نفسه للرئاسة أم لا. حينها قال أنطوان ديرس، المتحدث باسم رابطة "أصدقاء زمور" (Friends of Zemmour) التي جمعت تبرعات للملصقات، أن ترشيح زمور يمكن أن يعتمد على حشد مئات المتطوعين في جميع أنحاء البلاد، ويبدو أن كل هذا النشاط عبر الإنترنت يثبت وجهة نظره.
قاعدة تأييد
خدمت العريضة غرضاً آخر إلى جانب "إقناع" زمور بالترشح، حيث جمعت أسماء وعناوين البريد الإلكتروني الخاصين بأشخاص قد يكونون على استعداد للانضمام إلى آلة الترويج عبر الإنترنت. وُصف هذا السعي، الذي أسماه المؤيدون جيل زمور، في البداية على أنه منفصل عن المرشح، لكنه الآن مرتبط مباشرة بحملته الانتخابية؛ إذ يوجه الموقعون لصالح زمور إلى موقع حزب "الاستعادة" حيث يطلب منهم دفع 10 يورو (11 دولاراً) كرسوم عضوية. كما انضم متطوعو الحملة لقنوات على "واتساب" و"تلغرام"، وهي شبكة اجتماعية قليلة التنظيم، حيث يمكنهم تلقي الرسائل التي أراد فريق زمور منهم نشرها.
ترمب يطلب إصدار أمر قضائي بإعادة حسابه على "تويتر"
هكذا، استقطبت الضجة المنظمة النشطاء. انجذب مارسيل بونيه، مدرس في مدرسة ثانوية في جنوب باريس، لتحذيرات زمور بشأن التغيير الديموغرافي ووعده باستعادة الانضباط في المدارس. لذا سجل في مجموعة "جيل زمور" عبر الإنترنت. التقى بونيت بمدرس آخر يدعم المرشح ذاته أثناء لصقه منشورات في باريس، فكتبا معاً مقال رأي نشرته صحيفة "لو فيغارو" ربط بشكل فضفاض بين تعدد الخلفيات والعنف ونهاية التفوق في المدارس. شارك بالتوقيع على المقال خمسون معلماً كلهم من صفوف مؤيدي زمور عبر الإنترنت.
الاقتصاد الفرنسي يمنح ماكرون دعماً قبل الانتخابات
شارك الحشد المتنامي مقال بونيه وزميله عبر الإنترنت، ما جعله يظهر في قسم الموضوعات الشائعة على "تويتر"، وانتشر على نطاق واسع في موجز الأخبار على "فيسبوك". أدت هذه الضجة لدعوة بونيه إلى التلفزيون؛ ونشرت مجموعات مؤيدي زمور على "تلغرام" أيضاً مقاطع له.
قال الخبير الاستراتيجي لشؤون الإنترنت في حملة زمور صامويل لافون في مقابلة مع "بلومبرغ بيزنس ويك" إن قصة بونيه مثال ممتاز لدليل لعبة الانتخابات: تتحكم خوارزميات الوسائط الاجتماعية بما يُروج له، ما يخلق انطباعاً حول الاهتمام السائد، الذي يصبح حقيقياً بمجرد أن يتحدث الناس عنه في وسائل الإعلام. بيّن لافون أن متطوعي زمور "يدركون أنه يمكنهم فرض إرادتهم على العالم". إنها سياسة يمينية متطرفة يجري الحشد لها بأي وسائل ممكنة.
مكافحة التضليل
حين انتشرت المعلومات المضللة، التي روجت لها حسابات وهمية مرتبطة بالحكومة الروسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعد انتخابات 2016 في الولايات المتحدة، تعهدت شركات التقنية بتحسين الأداء في المرة التالية. أتيحت أول فرصة بارزة لهم للعمل تحت شعار "نزاهة الانتخابات" الجديد في فرنسا في 2017. كشفت "فيسبوك" في غمرة السباق عن أدوات جديدة وشراكات لتدقيق الحقائق مع وسائل إعلام مثل وكالة أنباء "فرانس برس". كما نشرت الشركة إعلانات في صحف كبرى تتضمن نصائح للمستخدمين حول كيفية اكتشاف المعلومات المضللة، كما دشنت خاصية جديدة تسمى "وجهات نظر" (Perspectives) على موقعها، والتي تظهر للناخبين ما يمثله المرشحون حقاً. اتخذت كل من "تويتر" و"يوتيوب" خطوات مماثلة.
ترمب يستعد بدهاء لانتخابات 2024 بجمع الأموال في الخفاء وتحييد المنافسين
بدأ بعد ذلك، وقبل يومين من الانتخابات، جيش من المتصيدين والحسابات المزيفة بنشر بيانات من حسابات ماكرون المخترقة، بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني الداخلية لحملته الانتخابية. أظهر تحليل أجراه مركز أبحاث المجلس الأطلسي في واشنطن أن وسم "تسريبات ماكرون" (#MacronLeaks) جاء في نحو نصف مليون تغريدة خلال 24 ساعة. فاز ماكرون برغم ذلك، لكن الحادثة دفعت شركات التواصل الاجتماعي لتركيز اهتمامها بشكل محدد على استخدام برامج الذكاء الاصطناعي للكشف عن الحسابات المزيفة وإزالتها. أشارت "فيسبوك" إلى المشكلة على أنها "سلوك زائف منسق"، وبدأت إصدار تقارير شهرية حول شبكات البوتات التي أسكتتها.
كانت تلك استجابة محدودة لمشكلة أكثر جوهرية على "فيسبوك". نعم، يمكن لمنصات الشبكات الاجتماعية إيقاف البوتات الروسية، لكن يمكن التلاعب بتلك المنصات بسهولة. فالدعوة عبر إحدى الشبكات لنشر شيء ما في تناغم، لا يعتبر سلوكاً "زائفاً"، على الأقل ليس وفقاً لقواعد "فيسبوك". تقول الشركة إنها لم تتخذ أي إجراء حيال حسابات زمور. يخدع النشر المنسق الخوارزميات التي تتحكم في ما يراه المستخدمون بالترويج لمحتوى مؤيد للمرشح اليميني المتطرف. تولد هذه المنشورات لدى انتشارها ردود فعل غاضبة تساعد على توسيع انتشارها، حيث إن من ينزعجون من منشورات "الاستبدال العظيم" ويشاركونها تندراً وتسخطاً يساهمون بانتشارها عن غير قصد.
أنشطة على المنصات
فيما يقدم المرشحون الآخرون حضوراً مصقولاً عبر الإنترنت، يقول لافون إن هدف زمور هو الانتشار في كل مكان، مؤكداً أن الحملة "تهيمن على لعبة الانتخابات على يوتيوب"، حيث يزعم الخبير الاستراتيجي أن محتوى قناة زمور يعادل مئتي ضعف المحتوى المنشور على قناة فاليري بيكريس، التي تحوم نسبة مؤيديها حول 10% أيضاً من الأصوات. قال لافون: "إننا نضع مزيداً من مقاطع الفيديو حيث يتواجد مزيد من الناس... نحن أنشط ونتعامل مع جميع الموضوعات".
أُزيلت بعض مقاطع الفيديو الخاصة بزمور على "يوتيوب" بسبب انتهاك حقوق الطبع والنشر، لكن ما يزال كثير منها متاحاً على الإنترنت، كما أنه يسهل العثور على مقاطع فيديو تناقش نظرية "الاستبدال العظيم". أغلق "تويتر" في منتصف مارس مجموعة من حسابات مؤيدي زمور، ما دفع البعض للدعوة إلى الانتقال إلى "غيتر" (Gettr)، وهي منصة رسائل قصيرة أسسها مساعد سابق لترمب. لكن "تويتر" قالت بعد ذلك إنها أخطأت وأعادت الحسابات. قال متحدث باسم الشركة إنها تسمح عموماً بالرسائل المنسقة في الحملات السياسية طالما لا يوجد دليل على أنها ستسبب ضرراً.
هل ستصمد "تويتر" بعد حظر ترامب؟
تعتبر فرنسا، على النقيض من الولايات المتحدة، خطاب الكراهية غير قانوني. ينفي زمور كونه عنصرياً، حيث يزعم أنه لكونه يهودياً هاجر والداه من الجزائر، يستحيل أن يكون عنصرياً. مع ذلك فرضت محكمة فرنسية في يناير غرامة 10 آلاف يورو على زمور بعدما قال إن المهاجرين الشباب "قتلة" و"مغتصبون". لم يحضر المحاكمة ولا النطق بالحكم الذي يعد ثالث إدانة له بهذا الصدد.
واجه المحلل التليفزيوني وأتباعه عواقب أقل على الإنترنت، حيث تنتظر شركات وسائل التواصل الاجتماعي عادة أن ينتقل العنف من الإنترنت إلى الحياة الواقعية، كما حدث في مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 يناير 2021 دافعاً "فيسبوك" لتعليق حساب ترمب، قبل اتخاذ أي إجراء ضده. تساءلت كاثي هارباث، التي أدارت قطاع استراتيجية الانتخابات في "فيسبوك" حتى أوائل 2021: "ما الذي يصنف كاستخدام الأشخاص حق التنظيم والتعبير عن عدم الرضا بشأن أداء حكومتهم؟ متى يصبح الخطاب محتدماً بدرجة كافية تبرر إزالته أو اتخاذ إجراء ضده؟... لا أعتقد أننا اقتربنا بأي شكل من الوصول إلى إجماع حول ماهية ذلك". قال متحدث باسم "فيسبوك" إن فريق الشركة في فرنسا سيزيل خطاب الكراهية أو الدعوات إلى العنف، فيما لفت إلى أن الشركة لا تتحقق من صحة خطابات السياسيين.
عنف ذو دلالة
اندلعت في ديسمبر أعمال عنف بين عشرات الحاضرين في تجمع لتأييد زمور في ضاحية فيلبانت الباريسية. حاول شخص الإمساك برأس المرشح محاولاً خنقه أثناء توجهه إلى المنصة، وهاجم مؤيدو زمور المتظاهرين بالكراسي حيث نزف البعض لكن لم يصب أحد بجروح خطيرة. ارتفعت النبرة المحمومة السائدة بين متطوعي حملة زمور منذئذ على وسائل التواصل الاجتماعي، ما زاد من احتمالية حدوث احتجاجات حين يخسر على غرار ما حدث في 6 يناير. كتب أحد المستخدمين عبر مجموعة مؤيدة لـلمرشح اليميني المتطرف على "فيسبوك": "الاستبدال العظيم واقع وانتخابات أبريل هي فرصتنا الأخيرة".
خوارزميات فيسبوك تحت أنظار المشرعين الأمريكيين
لم ييأس زمور فحثّ أنصاره على إقناع 10 آخرين على الأقل باختياره. لكن حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المؤيدة له، التي كانت ذات يوم تروّج لمعدلات استطلاعات إيجابية، تقول الآن إن استطلاعات الرأي خاطئة، وإن وسائل الإعلام فاسدة. كلمة "دومينيون"، التي ارتبطت بشعار "أوقفوا السرقة"، كانت شائعة على "تويتر" هنا منذ منتصف مارس تقريباً، حيث تزعم آلاف المنشورات أن وزارة الداخلية الفرنسية استأجرت شركة "دومينيون سيستمز" (Dominion Voting Systems) للتعامل مع الانتخابات الفرنسية. بعد مشاركة كثيفة لأنصار زمور على مجموعات "واتساب" لمنشورات حول احتيال ضخم وشيك، أُجبرت وزارة الداخلية على إصدار بيان تقول فيه إنها لم تستعن بخدمات "دومينيون".
يأمل بعض مؤيدي زمور أن يظل حزبه قادراً على المنافسة بالانتخابات التشريعية في يونيو حتى لو خسر خسارة فادحة في الانتخابات الرئاسية. فقد قال زمور إنه سيرشح نفسه في الانتخابات التشريعية إن خسر الرئاسية. يبدو اليمين المتطرف في فرنسا أقوى من أي وقت مضى مع تضاؤل احتمالات فوزه. لقد أظهر استطلاع حديث للرأي أن لوبان لم تتخلف سوى ببضع نقاط مئوية عن ماكرون في جولة إعادة نظرية.