
بلومبرغ
أقرّ رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بزيادة حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية في الولايات المتحدة، لكنه أكد أن المسؤولين لا يحتاجون إلى التسرع في تعديل السياسة النقدية.
وخلال حدث استضافته كلية بوث للأعمال بجامعة شيكاغو في نيويورك يوم الجمعة، قال باول: "رغم المستويات المرتفعة من عدم اليقين، لا يزال الاقتصاد الأميركي في وضع جيد. لسنا بحاجة إلى الاستعجال، ونحن في وضع يسمح لنا بالانتظار حتى تتضح الصورة بشكل أكبر."
وأشار إلى أن هناك العديد من العوامل غير الواضحة بشأن تأثير سياسات الرئيس دونالد ترامب الاقتصادية، خاصة تلك المتعلقة بالتجارة والهجرة.
مسار التضخم الأميركي وعر
قال باول: "رغم التطورات الأخيرة في بعض هذه المجالات، خاصة فيما يتعلق بالسياسة التجارية، فإن مستوى عدم اليقين بشأن التغييرات وتأثيراتها المحتملة لا يزال مرتفعاً."
وأضاف أن المؤشرات الأخيرة تشير إلى احتمال تباطؤ إنفاق المستهلكين، بينما تعكس استطلاعات آراء الأسر والشركات حالة من عدم اليقين المتزايد حول اتجاه الاقتصاد.
أكد باول أنه يتوقع استمرار التقدم في خفض التضخم، لكن بوتيرة غير منتظمة. وقال: "كانت رحلة إعادة التضخم إلى هدفنا المستدام وعرة، ونتوقع أن يستمر هذا الأمر"، قال باول، مشيراً إلى استمرار التقدم في بعض الفئات التي لا تزال مرتفعة، مثل خدمات الإسكان وبعض مكونات الخدمات غير السكنية المعتمدة على السوق.
كما تطرّق إلى البيانات الأخيرة التي تشير إلى ارتفاع توقعات المستهلكين للتضخم على المدى القريب، لكنه شدد على أن معظم المؤشرات طويلة الأجل لا تزال مستقرة ومتوافقة مع هدف الفيدرالي البالغ 2%.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يُبقي صناع السياسة النقدية في الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير خلال اجتماعهم المقبل يومي 18-19 مارس. فبعد أن خفضوا أسعار الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة في الأشهر الأخيرة من عام 2024، أبدى المسؤولون ارتياحهم للبقاء على موقفهم الحالي في انتظار إحراز مزيد من التقدم نحو تحقيق هدف التضخم.
السياسات التجارية والهجرة تزيد التحديات أمام الفيدرالي
يسعى مسؤولو الفيدرالي أيضاً إلى الحفاظ على موقفهم الحالي وسط حالة عدم اليقين بشأن خطط ترمب الاقتصادية. فمنذ توليه منصبه في يناير، فرض ترمب تعريفات جمركية جديدة على الصين، لكنه لم يحسم بعد التفاصيل المتعلقة برسوم إضافية على المكسيك وكندا. كما تعهّد بفرض تعريفات انتقامية على العديد من شركاء الولايات المتحدة التجاريين، إلى جانب تشديد سياسات الهجرة وزيادة عمليات ترحيل المهاجرين.
وقد تؤدي هذه السياسات إلى زيادة التضخم، بينما تضغط على نمو الاقتصاد بشكل عام، وفقاً لبعض التقديرات، مما يرفع احتمالية مواجهة الفيدرالي لمعادلة صعبة تتمثل في تباطؤ النمو مع ارتفاع الأسعار.
وقال باول: المحصلة النهائية لهذه التغييرات في السياسات هي ما سيكون مهماً بالنسبة للاقتصاد واتجاه السياسة النقدية... وعندما نحلل البيانات الواردة، فإننا نركز على فصل المؤشرات الفعلية عن التقلبات العارضة، وفق تطور التوقعات الاقتصادية.
الاقتصاد "بحالة جيدة"
خلال جلسة الأسئلة والأجوبة، شدد باول على أن الفيدرالي لا يزيد من المخاطر من خلال تبنّي نهج حذر. وقال: "تكلفة التريث منخفضة جداً.. الاقتصاد بحالة جيدة. لا يحتاج منا إلى أي تدخل فعلياً، لذا يمكننا الانتظار؛ بل ينبغي علينا الانتظار."
لكنه أشار إلى أن كلفة عدم اتخاذ أي إجراء قد ترتفع إذا أصبحت توقعات التضخم "تحت ضغط واضح".
في غضون ذلك، أظهرت بيانات سوق العمل الجديدة التي صدرت يوم الجمعة أن الاقتصاد الأميركي أضاف 151 ألف وظيفة في فبراير، بينما ارتفع معدل البطالة إلى 4.1%.
"تشير العديد من المؤشرات إلى أن سوق العمل لا تزال قوية ومتوازنة بشكل عام"، بحسب باول، مؤكداً أنه ليس مصدراً رئيسياً للضغوط التضخمية.
كما علّق على قرار وزارة التجارة الأميركية بإلغاء اللجان المسؤولة عن جمع بيانات اقتصادية رئيسية، مثل الناتج المحلي الإجمالي ومؤشر التضخم المفضل لدى الفيدرالي.
وقال: "من المهم التأكيد على أن البيانات التي تجمعها الحكومة، من مكتب التحليل الاقتصادي ومكتب إحصاءات العمل، تعتبر بالغة الأهمية، وهي بالفعل المعيار الذهبي للبيانات الاقتصادية. وإن تتبع ما يحدث في الاقتصاد أمر مهم للغاية، وهو مجال كانت الولايات المتحدة رائدة فيه لفترة طويلة، ويجب أن تواصل ريادتها فيه."