رغم ارتفاع عدم اليقين.. باول: الاحتياطي الفيدرالي لن يتعجل بشأن أسعار الفائدة

رئيس الاحتياطي الفيدرالي: لا يزال الاقتصاد الأميركي في وضع جيد.. ولسنا بحاجة إلى التعجل، ونحن في وضع جيد للانتظار

time reading iconدقائق القراءة - 5
رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول - بلومبرغ
رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أقرّ رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بزيادة حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية في الولايات المتحدة، لكنه أكد أن المسؤولين لا يحتاجون إلى التسرع في تعديل السياسة النقدية.

وخلال حدث استضافته كلية بوث للأعمال بجامعة شيكاغو في نيويورك يوم الجمعة، قال باول: "رغم المستويات المرتفعة من عدم اليقين، لا يزال الاقتصاد الأميركي في وضع جيد. لسنا بحاجة إلى الاستعجال، ونحن في وضع يسمح لنا بالانتظار حتى تتضح الصورة بشكل أكبر."

وأشار إلى أن هناك العديد من العوامل غير الواضحة بشأن تأثير سياسات الرئيس دونالد ترامب الاقتصادية، خاصة تلك المتعلقة بالتجارة والهجرة.

مسار التضخم الأميركي وعر

قال باول: "رغم التطورات الأخيرة في بعض هذه المجالات، خاصة فيما يتعلق بالسياسة التجارية، فإن مستوى عدم اليقين بشأن التغييرات وتأثيراتها المحتملة لا يزال مرتفعاً."

وأضاف أن المؤشرات الأخيرة تشير إلى احتمال تباطؤ إنفاق المستهلكين، بينما تعكس استطلاعات آراء الأسر والشركات حالة من عدم اليقين المتزايد حول اتجاه الاقتصاد.

أكد باول أنه يتوقع استمرار التقدم في خفض التضخم، لكن بوتيرة غير منتظمة. وقال: "كانت رحلة إعادة التضخم إلى هدفنا المستدام وعرة، ونتوقع أن يستمر هذا الأمر"، قال باول، مشيراً إلى استمرار التقدم في بعض الفئات التي لا تزال مرتفعة، مثل خدمات الإسكان وبعض مكونات الخدمات غير السكنية المعتمدة على السوق.

كما تطرّق إلى البيانات الأخيرة التي تشير إلى ارتفاع توقعات المستهلكين للتضخم على المدى القريب، لكنه شدد على أن معظم المؤشرات طويلة الأجل لا تزال مستقرة ومتوافقة مع هدف الفيدرالي البالغ 2%.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يُبقي صناع السياسة النقدية في الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير خلال اجتماعهم المقبل يومي 18-19 مارس. فبعد أن خفضوا أسعار الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة في الأشهر الأخيرة من عام 2024، أبدى المسؤولون ارتياحهم للبقاء على موقفهم الحالي في انتظار إحراز مزيد من التقدم نحو تحقيق هدف التضخم.

السياسات التجارية والهجرة تزيد التحديات أمام الفيدرالي

يسعى مسؤولو الفيدرالي أيضاً إلى الحفاظ على موقفهم الحالي وسط حالة عدم اليقين بشأن خطط ترمب الاقتصادية. فمنذ توليه منصبه في يناير، فرض ترمب تعريفات جمركية جديدة على الصين، لكنه لم يحسم بعد التفاصيل المتعلقة برسوم إضافية على المكسيك وكندا. كما تعهّد بفرض تعريفات انتقامية على العديد من شركاء الولايات المتحدة التجاريين، إلى جانب تشديد سياسات الهجرة وزيادة عمليات ترحيل المهاجرين.

وقد تؤدي هذه السياسات إلى زيادة التضخم، بينما تضغط على نمو الاقتصاد بشكل عام، وفقاً لبعض التقديرات، مما يرفع احتمالية مواجهة الفيدرالي لمعادلة صعبة تتمثل في تباطؤ النمو مع ارتفاع الأسعار.

وقال باول: المحصلة النهائية لهذه التغييرات في السياسات هي ما سيكون مهماً بالنسبة للاقتصاد واتجاه السياسة النقدية... وعندما نحلل البيانات الواردة، فإننا نركز على فصل المؤشرات الفعلية عن التقلبات العارضة، وفق تطور التوقعات الاقتصادية.

الاقتصاد "بحالة جيدة"

خلال جلسة الأسئلة والأجوبة، شدد باول على أن الفيدرالي لا يزيد من المخاطر من خلال تبنّي نهج حذر. وقال: "تكلفة التريث منخفضة جداً.. الاقتصاد بحالة جيدة. لا يحتاج منا إلى أي تدخل فعلياً، لذا يمكننا الانتظار؛ بل ينبغي علينا الانتظار."

لكنه أشار إلى أن كلفة عدم اتخاذ أي إجراء قد ترتفع إذا أصبحت توقعات التضخم "تحت ضغط واضح".

في غضون ذلك، أظهرت بيانات سوق العمل الجديدة التي صدرت يوم الجمعة أن الاقتصاد الأميركي أضاف 151 ألف وظيفة في فبراير، بينما ارتفع معدل البطالة إلى 4.1%.

"تشير العديد من المؤشرات إلى أن سوق العمل لا تزال قوية ومتوازنة بشكل عام"، بحسب باول، مؤكداً أنه ليس مصدراً رئيسياً للضغوط التضخمية.

كما علّق على قرار وزارة التجارة الأميركية بإلغاء اللجان المسؤولة عن جمع بيانات اقتصادية رئيسية، مثل الناتج المحلي الإجمالي ومؤشر التضخم المفضل لدى الفيدرالي.

وقال: "من المهم التأكيد على أن البيانات التي تجمعها الحكومة، من مكتب التحليل الاقتصادي ومكتب إحصاءات العمل، تعتبر بالغة الأهمية، وهي بالفعل المعيار الذهبي للبيانات الاقتصادية. وإن تتبع ما يحدث في الاقتصاد أمر مهم للغاية، وهو مجال كانت الولايات المتحدة رائدة فيه لفترة طويلة، ويجب أن تواصل ريادتها فيه."

تصنيفات

قصص قد تهمك

"الفيدرالي" قد يجبر على خفض أسعار الفائدة

ترمب لا يخفي رغبته في خفض أسعار الفائدة ولا في تعزيز نفوذه في السياسة النقدية

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ينظر إلى مرشحه لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في 2 نوفمبر 2017 - رويترز
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ينظر إلى مرشحه لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في 2 نوفمبر 2017 - رويترز
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

ربما وجد الرئيس دونالد ترمب وسيلة لدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة في نهاية المطاف.

لا يخفي ترمب رغبته في خفض أسعار الفائدة، ولا في تعزيز نفوذه في السياسة النقدية، رغم تمتعه بسلطة تعيين رئيس الاحتياطي الفيدرالي ونائبين، وهي تعيينات تخضع لموافقة مجلس الشيوخ الأميركي. مع ذلك، فإن تخلي البنك المركزي عن مزيد من استقلاليته للرئيس الحالي أو أي ممن سيخلفونه في المستقبل سيُعد خطأً، وأشك أن يفعل ذلك.

لكن يُحتمل أن ترمب عثر على ثغرة ينفذ منها إلى الاحتياطي الفيدرالي، فالسياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي تحظى باهتمام كبير، وتتعرض لانتقادات في الأغلب. ورغم أن تأثير السياسة المالية لم يلق القدر نفسه من الاهتمام، إلا أنه لا يقل أهمية عن الإجراءات التاريخية التي اتخذها الاحتياطي الفيدرالي في السنوات الماضية.

اختلاف مساري السياسة النقدية والمالية

تباينت السياستان المالية والنقدية بشكل كبير منذ بدأ الاحتياطي الفيدرالي معركة خفض التضخم، إذ سعى إلى إبطاء الاقتصاد برفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل لأكثر من 5 نقاط مئوية خلال أكثر قليلاً من عام بدءاً من 2022، ما يُعد أكبر رفع لأسعار الفائدة منذ خمسة عقود، قبل خفضها بمعدل طفيف في الخريف الماضي. كما قلص البنك ميزانيته بما يزيد عن تريليوني دولار -ما يعادل نحو ربع حجمها الأساسي- منذ بدء حملة رفع أسعار الفائدة.

أما السياسة المالية، فاتخذت مساراً عكسياً، إذ ضخ الكونغرس الأميركي تحفيزاً مالياً في الاقتصاد في صورة عجز تراكمي في الموازنة بقيمة 4.2 تريليون دولار منذ ربيع 2022، أي ما يعادل نحو 6% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة نفسها، وللمقارنة، فإن متوسط نسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغ 2.6% منذ الحرب العالمية الثانية، بما يشمل العجز الضخم الذي سجله الكونغرس خلال الأزمة المالية في 2008، ومرة أخرى إبان الجائحة، وكان مصيباً في ذلك. وهو إجراء طالما دافعت عنه باعتباره يهدف إلى دعم اقتصاد متأزم. لذلك، لا عجب في أن الولايات المتحدة تفادت وقوع حالة كساد خلال السنوات الماضية.

والآن، يُتوقع أن تتبادل السياستان المالية والنقدية المسارات، إذ كشف وزير الخزانة الأميركية سكوت بيسنت أن الإدارة الأميركية تسعى إلى تقليص نسبة العجز إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يتطلب أن تتمكن إدارة الكفاءة الحكومية -التي أنشأها ترمب- من خفض النفقات بمقدار تريليون دولار. رغم أن مدى نجاح الإدارة في هذه المهمة لم يتضح بعد، لكن مجرد التهديد بخفض الإنفاق قد يضعف معنويات السوق ويؤثر سلباً على الاقتصاد.

تباطؤ الاقتصاد يجبر "الفيدرالي"

تتزايد الدلائل في هذا الشأن، حيث تراجعت ثقة المستهلكين في يناير لأول مرة منذ ستة شهور، وانخفض مؤشر "بلومبرغ" للأوضاع المالية في الولايات المتحدة 37% خلال الأسبوعين الماضيين، ما يشير إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي. كما جرى خفض تقدير الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا للنمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الربع الأول بنحو النصف، مقارنة بحوالي 4% قبل شهر.

فضلاً عن ذلك، تراجع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات 50 نقطة أساس إلى 4.3% خلال الفترة نفسها، ويقترب سريعاً من العائد على سندات الخزانة لأجل عامين، وهو اتجاه يعتبره كثير من المحللين الاقتصاديين علامة تحذيرية على وشك الدخول في حالة كساد.

يُرجح أن يدفع تباطؤ الاقتصاد، بالأخص عندما يتزامن مع ضعف سوق العمل، الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة، إذ يصعب تصور اتجاه البنك المركزي إلى التيسير النقدي في أي حالة أخرى.  فأحدث قراءة لمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي -مؤشر التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي- بلغت 2.8% على أساس سنوي في ديسمبر، أي ما يزال أعلى من مستهدف 2% بشكل مقلق. وما دام الاقتصاد يواصل النمو، ويحافظ على الانخفاض التاريخي لمعدل البطالة، بمقدور الاحتياطي الفيدرالي إرجاء خفض أسعار الفائدة حتى كبح جماح التضخم.

خفض الإنفاق يحدد المسار

مع ذلك، فبخفض أسعار الفائدة، قد يفرض ترمب تيسيراً نقدياً يهدف إلى دعم سياسة التقشف المالي، بدلاً من العكس.  لا يهم إذا أدى خفض الإنفاق الذي يسعى ترمب إلى تحقيقه إلى تباطؤ الاقتصاد. ما دام خفض الإنفاق -أو التلويح به- يتزامن مع تباطؤ الاقتصاد، فالأرجح أن الاحتياطي الفيدرالي سيتحرك.

رغم ذلك، يمكن أن يخرج هذا السيناريو عن المسار المتوقع بعدة طرق، فالرسوم الجمركية التي يعتزم ترمب فرضها قد تؤجج التضخم حتى لو أدى خفض الإنفاق إلى تباطؤ الاقتصاد، ما سينتج عنه فترة من الركود التضخمي ستدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة رغم التباطؤ. أما في السيناريو الأكثر تفاؤلاً، فخفض الإنفاق قد يفسح المجال لزيادة استثمارات القطاع الخاص، وهذه ما تأمله الإدارة الأميركية. وقد يستمر ذلك في دعم الاقتصاد وسوق العمل، ما سيمهل الاحتياطي الفيدرالي مزيداً من الوقت للسيطرة على التضخم.

مهما حدث، واضح أن البيت الأبيض، بدعم من كونغرس متعاون، يسعى إلى اتخاذ مسارٍ جديدٍ للسياسة المالية. سيتعين على الاحتياطي الفيدرالي تقبل واقع اكتساب ترمب قدراً من النفوذ في السياسة النقدية، بغض النظر عن موقف البنك من تدخله.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

واشنطن

9 دقائق

18°C
غيوم قاتمة
العظمى / الصغرى 17°/19°
33.3 كم/س
83%

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.