الشرق
حلت البنوك السعودية في المرتبة الثانية بين بنوك الخليج من حيث انخفاض مخصصاتها التي بلغت 0.49 مليار دولار في الربع الثاني من العام 2024، ما يؤشر على مزيد من التعافي في قدرات العملاء على السداد.
ومع ذلك، كان هناك تباين واضح في حجم تلك المخصصات بين البنوك وبعضها، إذ أظهر تحليل "الشرق" أنه بينما تراجعت مخصصات 6 بنوك خلال الربع الثاني، زادت مخصصات أكبر بنكين في المملكة، بينما ظلت مخصصات بنكين آخرين دون تغيير.
النتائج المالية لـ 6 بنوك سعودية خلال الربع الثاني، كشفت عن مزيد من التعافي في قدرات العملاء على السداد، إذ تراجعت مخصصات هذه البنوك بنحو 44% على أساس سنوي، لتبلغ نحو 830 مليون ريال.
السمة الثانية المهمة الموازية لتراجع بند المخصصات لدى هذه البنوك، تتمثل في نمو محفظة القروض والسلف بنحو 14.5% عن نفس الفترة. ذلك، ما يعكس البيئة التشغيلية للبنوك في السعودية والإقبال المستمر على الاقتراض. عامل تراجع المخصصات ونمو محافظ الإقراض، شكلا الدعامة الأساسية لنمو أرباح البنوك الستة بنحو 19.4%.
أهمية التوقيت
قراءة بند المخصصات والمنحى المستقبلي لها، تكتسب أهمية كبيرة في هذه المرحلة. الأسواق تترقب 18 سبتمبر المقبل. الفيدرالي الأميركي يعقد في هذا التاريخ اجتماعاً لمناقشة السياسة النقدية وأسعار الفائدة. فهد عرفان، محلل أول في إدارة الأبحاث لدى شركة "الجزيرة كابيتال" وفي اتصال مع "الشرق" يجري ربطاً وثيقاً بين الاتجاه المستقبلي للمخصصات وأسعار الفائدة العالمية. ويقول: "لا نتوقع حصول تغيير جذري في مستويات المخصصات (حتى نهاية العام) عما كانت عليه في النصف الأول من العام الحالي". عرفان يضيف: "إن أي خفض متوقع في أسعار الفائدة من شأنه أن ينعكس إيجاباً على المؤشرات الاقتصادية الكلية، بما يساهم في دعم بيئة أعمال البنوك". لكن توقعات "بلومبرغ" لنتائج البنوك السعودية حتى نهاية العام الحالي، تشير إلى أن إجمالي أرباح القطاع ستبلغ نحو 66.8 مليار ريال، بانخفاض نحو 4.6%.
بلومبرغ تتوقع انخفاض أرباح بنوك السعودية 4.6% بنهاية 2024
نايف الغيث، كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، رأى في مقابلة مع "الشرق" أن ما يحرك حجم مخصصات الائتمان في القطاع البنكي عاملان، النظرة المستقبلية للاقتصاد، فإذا كانت متفائلة ستنعكس بانخفاض المخصصات. والعامل الآخر يرتبط بتصنيف المقترض الائتماني، فالمخصصات تزيد أو تنقص اعتماداً على مستوى المخاطر للجهة المقترضة.
المعطيات حول أسعار الفائدة
خطاب جيروم باول في ندوة "جاكسون هول" وإشارته الصريحة أن "الوقت حان لتغيير السياسة النقدية" وتأكيده أن "الطريق واضح وتوقيت ووتيرة خفض الفائدة سوف يعتمد على البيانات الواردة"، ترددت أصداؤه لدى البنوك المركزية وصانعي السياسات النقدية حول العالم. تلك القمة السنوية التي يستضيفها الفدرالي في مدينة كانساس بولاية وايومنغ، أعطت الإشارة على أن خفض الفائدة آت.
مسار مختلف لدى أكبر بنكين
الصورة المتفائلة التي يرسمها منحى المخصصات لدى 6 بنوك سعودية، تبدو مختلفة عند التوقف عند نتائج أكبر بنكين في السعودية، "البنك الأهلي" و"مصرف الراجحي". بند المخصصات لدى الأول قفز بنحو 57.7% خلال الربع الثاني إلى 120 مليون ريال. في حين بلغ لدى "مصرف الراجحي" نحو 455 مليون ريال، بزيادة 26.3%، وفق النتائج المالية المفصلة للبنكين. العامل المشترك بينهما، يتمثل في الزيادة بالتمويلات غير العاملة لدى الأفراد. ارتفع هذا البند 31.5% لدى "البنك الأهلي"، بينما بلغت نسبة الارتفاع 13.3% لدى "مصرف الراجحي". التمويلات غير العاملة هي القروض التي تأخر العملاء عن سدادها مدة تزيد عن 90 يوماً من تاريخ الاستحقاق. الربط بين منحى المخصصات وأسعار الفائدة، قد يشير إلى مزيد من التعافي لدى المصرفين، ما يترك تأثيراً إيجابياً على مستوى القطاع، بالنظر إلى حكم حجمهما وقاعدتهما التشغيلية.