الشرق
وجّه المركزي المصري، البنوك العاملة في البلاد بتحديد الاعتمادات المستندية للسلع غير الأساسية التي يتطلب استيرادها موافقة مسبقة منه، بحسب 8 مصرفيين تحدثوا لـ"الشرق" شريطة عدم الكشف عن أسمائهم، وفسروا الخطوة على أنها اقتراب من رفع القيود على استيراد هذه السلع.
تأتي التعليمات المكتوبة للبنوك العاملة في مصر، في وقت تواجه البلاد وفرة في العملة الصعبة، بعد جذب استثمارات وتمويلات كبيرة في الفترة الأخيرة، بالتزامن مع عودة الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية، وتحسن الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ألزم المركزي البنوك في مارس 2022، بعدم تمويل أي سلعة من قائمة تضم 13 سلعة غير أساسية، إلا بعد مخاطبته والرد عليهم بالموافقة أو الإرجاء.
وتضم القائمة السيارات كاملة الصنع، والهواتف المحمولة وكمالياتها، ونباتات وبذور غذائية، والفواكه الطازجة، والكاكاو، والمجوهرات واللؤلؤ، والتلفزيونات والأجهزة الكهربائية، والملابس الجاهزة، ولعب الأطفال، والإطارات المستعملة، والمفروشات والأثاث، فضلاً عن المعدات الثقيلة.
أرجع المصرفيون الذين تحدثوا مع "الشرق" توجيهات المركزي الجديدة إلى "قرب رفع قيود الاستيراد على كافة السلع من دون تمييز بين سلعة وأخرى، وذلك بعد حصول مصر على وفرة في النقد الأجنبي".
عانت مصر قبل عامين من أزمة في توافر النقد الأجنبي، وذلك قبل السماح لعملتها بالانخفاض أمام الدولار في مارس الماضي، ما عزز من الاستثمارات الأجنبية والتمويلات الداخلة إلى البلاد، والتي زادت قيمتها عن 60 مليار دولار، أكثر من نصفها استثمارات مباشرة من الإمارات لتطوير مدينة رأس الحكمة.
ارتفع احتياطي النقد الأجنبي لمصر بأكثر من 11 مليار دولار خلال آخر 5 أشهر، ليقفز إلى نحو 46.49 مليار دولار بنهاية يوليو الماضي، بدعم من دولارات صفقة رأس الحكمة.
حصر الاعتمادات
رئيس مجلس إدارة أحد البنوك الخاصة في مصر قال لـ"الشرق" إن "المركزي طلب من البنوك الأحد، حصر الاعتمادات المستندية بحجم الطلبات المقدمة، بهدف فتح اعتمادات لـ13 سلعة مقيدة، تمهيداً لاتخاذ القرار برفع الحظر عنها".
وأوضح أن المركزي "يوافق عادة على طلبات تمويل أي من هذه السلع، ولكن التمويل يتم من موارد البنك الذاتية وليس من خلال الإنتربنك، تجنباً لحدوث ضغط على طلب العملة".
وعاد "الإنتربنك"، وهو سوق لبيع وشراء الدولار بين البنوك تحت إشراف البنك المركزي، إلى العمل في مارس الماضي، بعد توافر النقد الأجنبي، وهو ما يتماشى مع سوق الصرف الحرة.
من جهته، أكد رئيس قطاع الائتمان في أحد البنوك الخاصة لـ"الشرق" أنه "تم تسليم البنك المركزي حجم طلبات الاعتمادات المستندية في 13 سلعة كمالية، بعد تعليمات صادرة عنه الأحد الماضي".
أشار الخبير المصرفي محمد عبد العال في تصريحات لـ"الشرق" إلى وجود "زيادة في تدفقات موارد النقد الأجنبية في مصر، ما يكفي لتمويل عمليات الاستيراد من دون قيود، ومن دون أن تتسبب هذه العملية في إحداث فجوة تمويلية".
ولفت إلى أن "المركزي قد يبدأ في رفع القيود عن هذه السلع بشكل تدريجي، خصوصاً وسط وجود طلب عليها في السوق المحلية".
كانت بيانات صادرة عن البنك المركزي أظهرت عودة تعافي تحويلات المصريين العاملين بالخارج، لتسجل خلال الفترة من أبريل إلى يونيو نحو 7.5 مليار دولار، ارتفاعاً بـ61.4% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
كما جذبت مصر نحو 24 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في أذون الخزانة خلال أول 3 أشهر من تحرير سعر الصرف، لتقفز قيمتها الإجمالية إلى 37.5 مليار دولار بنهاية مايو الماضي، وفق بيانات صادرة للبنك المركزي.