تزايد التضخم في روسيا يترك المركزي بلا خيار سوى رفع الفائدة

أسعار المستهلكين تتسارع مبتعدة عن هدف صانعي السياسات النقدية البالغ 4%

time reading iconدقائق القراءة - 6
مقر البنك المركزي الروسي في موسكو، روسيا - المصدر: بلومبرغ
مقر البنك المركزي الروسي في موسكو، روسيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يتأهب بنك روسيا المركزي لاتخاذ قرار حول نطاق زيادة أسعار الفائدة، بعدما تراجعت الخطط الأولية لبدء تيسير السياسة النقدية في النصف الثاني من العام وسط عدم تباطؤ التضخم كما كان متوقعاً.

بل على العكس، تسارعت أسعار المستهلكين، وابتعدت بشكل أكبر عن هدف صانعي السياسات النقدية البالغ 4%. وأدى قرار البنك المركزي بالإبقاء على سعر الفائدة الأساسي عند 16% بعد اجتماعه في يونيو إلى تفاقم المشكلة.

توقعات أسعار الفائدة في روسيا

يتوقع معظم الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع أجرته "بلومبرغ" زيادة حادة في سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس ليصل إلى 18% في الاجتماع المزمع عقده اليوم الجمعة، في حين توقع اثنان آخران من الاقتصاديين زيادة بنصف هذا القدر. ولم يتوقع أي من المحللين الـ14 المشاركين في الاستطلاع الإبقاء على المعدل الحالي.

قال ألكس إيساكوف، الاقتصادي الروسي في "بلومبرغ إيكونوميكس": "قرار البنك المركزي بتجنب رفع الفائدة في يونيو يعني زيادة أكبر في يوليو". وأضاف: "لم يعد غض الطرف عن تجاوز التضخم نسبة 4% في عام 2024 ممكناً، رغم التزام البنك المركزي مؤخراً بإعادته إلى المستوى المستهدف خلال العام الجاري".

اعترف البنك المركزي في تقرير حديث نُشر قبل الاجتماع المرتقب اليوم بأن الظروف النقدية ستحتاج إلى تشديد أكبر في النصف الثاني من العام لإعادة التضخم إلى هدفه.

تسارع التضخم في روسيا

منذ قرار الفائدة في يونيو، زادت الأسعار بشكل حاد، مدفوعة بالطلب الذي يتجاوز العرض بشكل مستمر بالإضافة إلى عوامل مؤقتة خارجة عن سيطرة البنك المركزي. وارتفعت أسعار الخضروات بشكل غير متوقع الشهر الماضي بدلاً من أن تنخفض كما هو معتاد في سنوات سابقة خلال فصل الصيف. وبسبب الصقيع غير المتوقع الذي دمر المحاصيل، وصلت نسبة التضخم في أسعار الغذاء المعدلة موسمياً إلى 12.3% في يونيو مقارنة بـ8.3% في مايو، وفقاً لتقديرات البنك المركزي الروسي.

كما تزايدت وتيرة ارتفاع تكاليف الوقود بسبب الطلب الموسمي المتزايد في ظل إصلاح العديد من المصافي النفطية التي تضررت من هجمات الطائرات بدون طيار الأوكرانية.

وكانت قوة الروبل تخفف التضخم عادة عن طريق جعل السلع المستوردة أرخص.  لكن العملة الروسية تضررت من العقوبات الأميركية الجديدة التي رفعت تكاليف الدفع للمستوردين الروس.

قال البنك المركزي: "الصعوبات في المدفوعات عبر الحدود تتسبب في مخاطر تضخمية تفوق الأثر الانكماشي لتقوية الروبل"، في إشارة إلى مشكلات الاستيراد كأحد الأسباب الرئيسية لزيادة ارتفاع أسعار المستهلكين في عدة مناطق.

في الوقت نفسه، لا يزال الاقتصاد متضخماً بسبب الحرب في أوكرانيا، حيث بلغ الطلب على العمالة ذروته التاريخية. وعززت الدخول المرتفعة الطلب على السياحة هذا الصيف، رغم النزاع العسكري المستمر، مما جعل تكاليف السفر من بين البنود الأسرع نمواً في مؤشر التضخم.

لهجة متشددة

قالت ناتاليا فاششليوك، كبيرة المحللين في شركة "فيرست أسيت مانجمنت" (First Asset Management JSC) في موسكو: "ستكون اللهجة متشددة قدر الإمكان في الاجتماع المقبل. ومن المرجح أن يعلن البنك كجهة تنظيمية عن بقاء أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول مما كان متوقعاً في اجتماع يونيو، مع عدم استبعاد زيادة الفائدة مرة أخرى".

تزايدت توقعات التضخم بين الشركات والأسر، حيث ارتفع مقياس الـ12 شهراً -الذي يراقبه البنك المركزي الروسي عن كثب- هذا الشهر إلى 12.4% مقارنة بـ11.9% في الشهر السابق.

وفي حين أن رفع معدل الفائدة الرئيسي أمر شبه مؤكد، تبقى التساؤلات حول ما إذا كانت زيادة واحدة ستكون كافية. وقالت ناتاليا زوباريفيتش، المتخصصة في الشؤون المحلية الروسية بجامعة موسكو الحكومية: "لن تساعد هذه الزيادة كثيراً في مكافحة التضخم، لكن البنك المركزي لا يمكن أن يقف مكتوف اليدين. وطالما أن الأموال العامة تُضخ بسرعة في الاقتصاد، وخاصة في قطاع الدفاع، سيكون من الصعب جداً مكافحة التضخم، حتى بزيادة معدل الفائدة".

رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس":

قال أليكس إيزاكوف: "المخاطر الموجودة حالياً تعزز احتمالات إقرار زيادة أكبر على سعر الفائدة، ثم خفضها إلى 16% في وقت مبكر من ديسمبر المقبل. وإذا استمرت الحكومة في تقليص القروض العقارية ذات الفائدة المخفضة وغير ذلك من بنود الإقراض المدعوم، فإننا نتوقع أن يكون سعر الفائدة البالغ 18% كافياً لإبطاء نمو الائتمان بشكل واضح بحلول نهاية عام 2024".

 

على الجانب الآخر، يبدو أن النصف الثاني من العام سيكون أسهل على صانعي السياسات النقدية. فمن المرجح أن يتباطأ التوسع الائتماني بفضل ارتفاع معدلات الفائدة ونهاية برنامج الرهن العقاري المدعوم. وربما يصب تباطؤ الاقتصاد أيضاً في صالح سوق العمل، في حين قد تستقر أسعار الوقود بمجرد اكتمال إصلاح المصافي.

قالت فاششليوك: "قد يكون رفع معدل الفائدة الرئيسي إلى 18% كافياً لإعادة التضخم إلى الهدف البالغ 4% بحلول نهاية 2025، لكن المخاطر التضخمية والشكوك ما تزال مرتفعة. وقد تظهر الحاجة إلى زيادة أسعار الفائدة مرة أخرى".

تصنيفات

قصص قد تهمك