بنوك الشرق الأوسط تتفوق على "وول ستريت" في ملعبها

أربعة بنوك إماراتية مولت قرضاً بقيمة 3.25 مليار دولار لشركة "جيمس للتعليم"

time reading iconدقائق القراءة - 15
شعار بنك \"أبوظبي التجاري\" على فرعه في دبي، الإمارات العربية المتحدة - المصدر: بلومبرغ
شعار بنك "أبوظبي التجاري" على فرعه في دبي، الإمارات العربية المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:بلومبرغ

عندما سعت واحدة من كبرى شركات إدارة المدارس الخاصة في العالم لإبرام صفقة تمويل بمشاركة عملاقتي عمليات الاستحواذ "بروكفيلد اسيت مانجمنت" و "سي في سي كابيتال بارتنرز" (CVC Capital Partners)، لم تسارع بنوك "وول ستريت" المعروفة إلى تقديم الأموال.

وبدلاً من ذلك، قدمت أربعة بنوك إماراتية قرضاً لأجل 10 سنوات بقيمة 3.25 مليار دولار لشركة "جيمس للتعليم" (GEMS Education).

كان هذا القرض جزءاً من صفقة بقيمة 5.2 مليار دولار تقريباً تضمنت ضخ تحالف بقيادة "بروكفيلد" حوالي ملياري دولار للاستحواذ على حصة في شركة التعليم العملاقة، ما سمح لشركة "سي في سي" بالتخارج منها إلى حد كبير.

في الواقع، فإن قيام مجموعة من البنوك الإقليمية غير المعروفة خارج منطقة الخليج، ومن بينها بنك أبوظبي التجاري وبنك دبي الإسلامي، بهذا الدور الحاسم في الصفقة يُظهر ثقلها المالي المتزايد وأهمية العلاقات المحلية في إبرام الصفقات بالشرق الأوسط.

تتمتع هذه البنوك بوفرة في الودائع مع تحسن أداء اقتصاد المنطقة بسبب إيرادات النفط، وهي تسعى إلى إبرام صفقات أكثر من أي وقت مضى، وغالباً ما تقدم شروطاً لا تستطيع مؤسسات مثل "سيتي غروب" و"جيه بي مورغان تشيس" أن تنافسها.

قال أنطون لوباتين، أحد كبار المديرين لدى وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني في دبي: "الشركات المحلية ستتعامل بشكل رئيسي مع البنوك المحلية، لأنها تعرف بعضها بعضاً، فمن الأسهل على البنوك الإشراف عليها والتأمين ضد المخاطر"، مضيفاً "وتستطيع (البنوك) عادة أن تقدم أسعار فائدة أفضل".

تستند هذه الرواية إلى محادثات مع أكثر من ستة أشخاص على دراية بالأمر، طلبوا عدم ذكر أسمائهم لمناقشة معلومات غير معلنة. ورفض ممثلو "جيمس" و"بروكفيلد" التعليق، كذلك لم يستجب متحدث باسم "سي في سي" لطلب التعليق.

تكاليف اقتراض أقل

في إطار الصفقة، قامت مجموعة البنوك التي قدمت القرض البالغ 3.25 مليار دولار لشركة "جيمس"، والتي تضم أيضاً "بنك أبوظبي الأول" و"بنك المشرق"، بإعادة تمويل حوالي 1.9 مليار دولار من الديون التي أثقلت كاهل الشركة بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض.

وقال الأشخاص المطلعون على الأمر إن القرض الجديد خفض تكاليف الاقتراض إلى حوالي 350 نقطة فوق سعر الفائدة المعياري، وهو معدل أقل بكثير مما يمكن أن تقدمه البنوك العملاقة مثل "جيه بي مورغان" أو "سيتي غروب"، كما يقلل أيضاً من فروق سعر الفائدة المعتادة في صفقات الائتمان الخاصة، وهو الائتمان الذي تقدمه جهات غير مصرفية بضمان أصول المدين.

أوضح هؤلاء الأشخاص أن القرض الجديد صاحبه أيضاً تسهيل ائتماني دوار بقيمة 100 مليون دولار لمنح "جيمس" مجالاً أوسع لأداء أعمالها اليومية. امتنع ممثلو "بنك أبوظبي الأول" و"بنك المشرق" و"بنك دبي الإسلامي" عن التعليق. ورفض "بنك أبوظبي التجاري" التعليق على صفقة تقديم القرض إلى "جيمس"، لكنه قال إنه بنك "رائد في أسواق رأس المال الإقليمية واستشارات القروض المشتركة".

خزائن ممتلئة

امتلأت خزائن البنوك في جميع أنحاء الشرق الأوسط وسط طفرة في أسعار الطاقة، مما منحها القوة اللازمة لاقتناص الصفقات التي عادة ما تكون مجالاً للعمالقة مثل "غولدمان ساكس" و"بنك أوف أميركا".

يعني توافر الثروات في المنطقة أيضاً أن العديد من الشركات والمؤسسات المدعومة من الدول لم تعد تحتاج إلى الاقتراض من البنوك، مما جعل متوسط ​​نسبة القروض إلى الودائع لدى البنوك الإماراتية عند أدنى مستوياته خلال 10 سنوات، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ إنتليجنس".

قال بونيت تولي، محلل الائتمان الذي يركز على المؤسسات المالية في وكالة "ستاندرد أند بورز غلوبال ريتنغز": "تمتلك البنوك الإماراتية سيولة وفيرة في مراكزها المالية".

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، قامت هذه البنوك أيضاً "بتطوير قدرتها على هيكلة الصفقات وتنفيذها"، بحسب تولي.

وهذا العامل جعل البنوك المحلية في وضع جيد يسمح لها بالمشاركة في صفقة تمويل "جيمس" مع شركة "بروكفيلد"، وبالتالي انتهاء عملية استغرقت وقتاً طويلاً وواجهت تحديات.

عندما استحوذت شركة "سي في سي" لأول مرة على حصة في "جيمس"، قامت الشركتان بهيكلة الصفقة بطريقة تمنح شركة الاستحواذ الحق في الحصول على أسهم إضافية في غضون خمس سنوات إذا لم تحقق الشركة أهدافاً معينة، مما قد يجعلها صاحبة الأغلبية. ومع اقتراب انتهاء المهلة المحددة، لم ترغب "جيمس" ولا "سي في سي" في تنفيذ هذا السيناريو، فعملت الشركتان على تخارج "سي في سي" من "جيمس". وكانت عملية إعادة تمويل بعض الديون الحالية لشركة "جيمس" بمثابة خطوة حاسمة، لأن بعضها كان مرتبطاً بحصة شركة "سي في سي" فيها.

"جيمس" تحاكي تجربة توسع "دبي"

توسعت "جيمس" من مدرسة إلى واحدة من أكبر الشركات الخاصة التي تقدم خدمات التعليم في العالم، ما نال إعجاب التحالف الذي تقوده شركة "بروكفيلد"، وهو الأمر الذي يحاكي نمو مدينة دبي.

تنفق الأسر في المركز المالي الإماراتي، الذي يضم عدداً كبيراً من الوافدين، مبالغ طائلة على التعليم الخاص، أحياناً تزيد عن 20 ألف دولار سنوياً.

وبينما كانت "جيمس" صفقة استثمار مباشر كبيرة بشكل غير معتاد تدخل المنطقة، كانت البنوك المحلية أيضاً تستعرض قدراتها على الإقراض وتفوقها على وول ستريت في سوق الطروح العامة الأولية. فعلى سبيل المثال، أقرض "بنك الإمارات دبي الوطني" مبلغ 1.5 مليار دولار لمؤسسة الإمارات لأنظمة التبريد المركزي "إمباور" لتمويل توزيعات أرباح ما قبل الاكتتاب قبل إدراجها في 2022.

بالإضافة إلى الاستعانة بالبنوك الإماراتية الأربعة، بحثت شركة "جيمس" أيضاً عن مستشارين في السوق المحلية. اعتمدت "جيمس" على "دينوفو بارتنرز" (deNovo Partners)، وهي شركة مقرها في دبي أسستها مي نصر الله، المصرفية السابقة في بنك "مورغان ستانلي"، إلى جانب مجموعة "غولدمان ساكس".

تصنيفات

قصص قد تهمك