بلومبرغ
يعقد البنك المركزي المصري اجتماعاً اليوم الخميس لمراجعة أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ أن رفعها بأكبر معدل على الإطلاق، عندما خفّضت السلطات قيمة الجنيه في مارس الماضي. ويعتبر بنك "غولدمان ساكس غروب" الجهة الوحيدة التي تتوقع أن يخفض البنك تكاليف الاقتراض في هذا الاجتماع.
برز احتمال تيسير السياسة النقدية كخيار بعد تباطؤ التضخم لشهرين على التوالي، وذلك نتيجة انخفاض سعر الصرف الرسمي للجنيه بنحو 40% دفعة واحدة. ولكن مع استمرار أسعار الفائدة سلبية عند تعديلها وفق معدل التضخم الحالي، يتوقع جميع الاقتصاديين باستثناء واحد أن يبقي البنك المركزي المعدل عند 27.25% اليوم الخميس.
أما بالنسبة لبنك "غولدمان ساكس"، الذي يصف التوقعات التي أصدرها هذا الأسبوع بأنها "متوازنة بدقة"، فإن حجته تقوم على فكرة أن أسعار الفائدة الحقيقية في مصر عما هو مطلوب لتحقيق التوازن الاقتصادي وفق توقعات مستقبلية. ويتوقع بنك وول ستريت خفض الفائدة إلى 25.75%، كما يتوقع تقليصاً تراكمياً بنحو 625 نقطة أساس بحلول نهاية العام.
قال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في "غولدمان ساكس"، إن التضخم "ينحسر بسبب استقرار الجنيه، وتراجع قيود العرض أكثر من أي شيء آخر. ولا نعتقد بأن هناك تأييداً واسع النطاق في مصر لفكرة أن رفع أسعار الفائدة يساعد في خفض التضخم".
تحركات الجنيه المصري
جمعت مصر بين تخفيض قيمة العملة الذي طال انتظاره في 6 مارس الماضي، وبين رفع سعر الفائدة 600 نقطة أساس، مما ساعد على إبرام برنامج قرض موسع من صندوق النقد الدولي. وجاءت هذه التحركات بعدما أبرمت القاهرة صفقة استثمارية تاريخية مع الإمارات، مما أتاح مزيداً من التمويل، ورفع إجمالي المبلغ الذي ستحصل عليه مصر إلى 57 مليار دولار.
ولم يقفز التضخم لأن العديد من السلع كانت مسعّرة بالفعل على المدى الطويل بما يتماشى مع قيمة الجنيه الأضعف بكثير في السوق السوداء المحلية. وتنهي عمليات الإنقاذ أيضاً النقص الكبير في النقد الأجنبي الذي تعاني منه مصر، وهو المحرك الرئيسي للتضخم.
وأدى انخفاض قيمة العملة إلى سد الفجوة فعلياً مع سعر السوق غير الرسمية وأعاق التجارة الموازية. ومنذ ذلك الحين، أصبح الجنيه أحد أفضل العملات أداء في العالم، إذ ارتفعت قيمته بأكثر من 7% مقابل الدولار، حيث عزز ضعف سعر الصرف وارتفاع أسعار الفائدة مشتريات السندات المحلية.
تباطؤ التضخم في مصر
بعد أن قفز معدل التضخم السنوي إلى مستوى قياسي بلغ 38% في سبتمبر، تباطأ إلى 32.5% الشهر الماضي. وتتلاشى ضغوط الأسعار إلى حد بعيد بفضل زيادة توافر النقد الأجنبي والمبادرة الأخيرة التي أطلقتها الحكومة والقطاع الخاص للحد من تكلفة العناصر الرئيسية مثل منتجات الألبان وزيت الطهي.
ويتوقع صندوق النقد الدولي تباطؤاً طفيفاً في نمو الأسعار الشهر المقبل، وأن يتراجع إلى 15.3% بحلول نهاية السنة المالية المقبلة في يونيو 2025. ولم تخفض مصر أسعار الفائدة بعد عام جائحة كورونا 2020، بل رفعتها أكثر من ثلاثة أضعاف منذ أوائل 2022.
برنامج صندوق النقد لمصر
يركز برنامج صندوق النقد الدولي الموسع -الذي تبلغ قيمته 8 مليارات دولار- لمصر على الحفاظ على سياسات نقدية متشددة، مما قد يدفع البنك المركزي إلى تأجيل تخفيضات أسعار الفائدة إلى ما بعد المراجعة التالية للصندوق المقرر إجراؤها في يونيو.
ويُرجح أيضاً أن تضع السلطات في اعتبارها عدم إثارة مخاوف مستثمري المحافظ، الذين اشتروا السندات المحلية المصرية بوتيرة قياسية بعد التخفيض الأخير لقيمة العملة.
لكن مع ذلك، ربما يكون خفض أسعار الفائدة غير مستبعد مستقبلاً نظراً لعلامات استقرار التضخم، فضلاً عن العبء الذي يفرضه ارتفاع أسعار الفائدة على الميزانية وضعف الطلب المحلي، وفقاً لما ذكره سايمون وليامز، الخبير الاقتصادي لوسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في إتش إس بي سي هولدينغ". وأضاف أن الخيار الأكثر ترجيحاً في الوقت الحالي هو الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.
واختتم وليامز: "بالنظر إلى التشديد على استعادة مصداقية السياسة النقدية في برنامج صندوق النقد الدولي الذي أُعلن في شهر مارس، وأهمية ترسيخ نظام صرف النقد الأجنبي الجديد، نعتقد بأن التخفيضات في هذه المرحلة ستكون سابقة لأوانها".