بلومبرغ
تسهم عودة تركيا إلى سياسة نقدية أكثر اتساماً بالطابع التقليدي في تعزيز ثقة المستثمرين، مما يمهد السبيل لتدفقات الاستثمارات، ويدعم توقعات بنك "إتش إس بي سي هولدينغز" (HSBC Holdings) بصعود قيمة أصول البلاد.
قال مراد أولجن، الرئيس العالمي لأبحاث الأسواق الناشئة في البنك، في مقابلة أجريت معه في هونغ كونغ، إن الالتزام بالسياسات "التقليدية القائمة على القواعد" يمكن أن يؤدي إلى تحسن أسرع وأعمق في أساسيات البلاد المالية في النصف الثاني من العام. توقع أولجن في مقابلة أن يتراجع التضخم، ويتقلص عجز الحساب الجاري، إذ يرى أن المناقشات حول ضبط الأوضاع المالية "مشجعة".
جاء رفع سعر الفائدة القياسي و"تطبيع" السياسة النقدية في قلب هذه الإصلاحات. عيّن الرئيس رجب طيب أردوغان فريقاً اقتصادياً جديداً، بقيادة وزير المالية والخزانة محمد شيمشك، لتنفيذ تحول جذري عما وصفه أولجن بالنهج "غير العقلاني" القائم على تكاليف الاقتراض المنخفضة للغاية، مما أدى إلى ارتفاع التضخم بشكل حاد. ولا يزال المسؤولون يواجهون تحديات من أجل كبحه.
قال أولجن: "بالنظر إلى حقيقة أن المستثمرين خفضوا مراكزهم في أدوات الدخل الثابت والأسهم على مر سنوات، أعتقد أن هناك مجالاً كبيراً للتحسن، ولهذا السبب فهي (تركيا) واحدة من الأسواق المفضلة لدينا، في الأسهم والائتمان والعملات الأجنبية". وأضاف أن المستثمرين متشائمون للغاية، ويمكن أن تتفوق العملة على عقود الليرة الآجلة على مدار العام، وهو ما يترجم إلى "ارتفاع حقيقي".
استثمارات ضئيلة
من المؤكد أن التدفقات من الخارج ظلت ضئيلة مع انتظار الأجانب لرؤية المزيد من التقدم الناتج عن العودة إلى السياسة التقليدية. اشترى المستثمرون الأجانب ديوناً مقومة بالليرة التركية قيمتها 87 مليون دولار فقط خلال العام الجاري، بانخفاض عن ملياري دولار في العام الماضي، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ".
يبلغ إجمالي الحيازات الأجنبية من ديون الحكومة التركية بالليرة حالياً حوالي 2.5 مليار دولار، بانخفاض ملحوظ عن الذروة التي بلغت أكثر من 70 مليار دولار في عام 2013.
لكن التفاؤل لا يزال آخذاً في التزايد. فقد منحت الأسهم التركية المستثمرين عوائد بالدولار بلغت 33% في أقل من عام، كما تتطلع صناديق مثل "بارينغز أسيت مانجمنت" (Barings Asset Management) إلى زيادة مراكزها في الأسهم. يقول "غولدمان ساكس غروب" إنه من الممكن تحقيق تباطؤ معدل تضخم الأسعار في الربع الثالث مع دعم التدفقات الموسمية لميزان الحساب الجاري.
توقعات برفع آخر للفائدة التركية
من المقرر أن يعقد البنك المركزي اجتماعه المقبل لتحديد سعر الفائدة غداً الخميس، إذ يتوقع بعض المحللين بالفعل رفعاً آخر للعائد على الاقتراض. فاجأ مسؤولو السياسة النقدية السوق الشهر الماضي بزيادة قدرها 500 نقطة أساس بأسعار الفائدة في محاولة لاحتواء الأسعار، وتحقيق استقرار الليرة.
سبق أن قال مسؤولون إنهم يتوقعون أن يصل التضخم الرئيسي التركي إلى ذروته عند حوالي 75% في الأشهر المقبلة. من المقرر أن يكشف صناع السياسات النقدية عن توقعاتهم المحدثة الشهر المقبل.
ورغم تراجع قيمة الليرة هذا العام ووصولها إلى مستوى قياسي، وتغيير قيادة البنك المركزي، تعهد المحافظ بفعل "كل ما يلزم" لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد.
قال أولجن من "إتش إس بي سي" إن التضخم قد ينخفض إلى 40% هذا العام، ثم إلى النصف في العام التالي. يتوقع البنك أن يتم احتواء انخفاضات قيمة الليرة، لتهبط صوب 34 ليرة للدولار هذا الربع من حوالي 32.52 يوم الأربعاء.
قال أولجن: "شرع صناع السياسة النقدية الأتراك في سياسة تقليدية قائمة على القواعد، وتشديد السياسة النقدية، وإلغاء الإجراءات غير التقليدية السابقة"، وهو من شأنه أن يؤدي في النهاية إلى "تدفقات استثمارية كبيرة".
بعيداً عن مسألة تركيا، أوضح أولجن أنه يرى أيضاً تحسناً في مصر والأرجنتين ونيجيريا، حيث كانت هناك حاجة إلى تعديلات جوهرية في السياسات لتصحيح الاختلالات في اقتصاداتها.