بلومبرغ
قال مسؤول كبير بوزارة الخزانة الأميركية، إنه يتعين على أكبر الدائنين في العالم اتخاذ إجراءات منسقة وحاسمة لمعالجة "تحدي الأجيال" الذي تواجهه الدول الفقيرة التي تكافح مع أعباء ديون لا يمكن السيطرة عليها، موجهاً انتقادات محددة للصين، أكبر مقرض للأسواق الناشئة.
وحدد جاي شامبو، وكيل وزارة الخزانة الأميركية للشؤون الدولية، في خطاب ألقاه يوم الخميس، الرؤية الأميركية للتمويل الدولي، التي تدعو إلى تحرك من جانب الدائنين الرسميين والخاصين، فضلاً عن المؤسسات المالية الدولية.
وأشار إلى أن البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، والملتزمة بأهداف اقتصادية ومناخية طموحة، يجب أن تكون قادرة على الوصول إلى التمويل للاستثمارات، من دون مواجهة ضائقة الديون. ومع ذلك، يعاني عدد كبير للغاية منها من تدفقات مالية سلبية صافية، خصوصاً عندما تكون أقساط سداد الديون أعلى من التدفقات الواردة من التمويل الجديد.
شامبو لفت في كلمته التي ألقاها في "معهد بيترسون للاقتصاد الدولي" في واشنطن، إلى أنه بالنسبة لأكثر من 40 دولة تقع ضمن هذا التصنيف، فإن صافي تدفقات الديون التراكمية من الدائنين الصينيين منذ عام 2019 أصبحت الآن سلبية.
وقال: "لا ينبغي للدائنين الأفراد أن يستفيدوا مجاناً من خلال سحب الأموال من بلد ما"، أثناء تنفيذ برنامج يدعمه "صندوق النقد الدولي" أو غيره من المقرضين متعددي الأطراف، وبينما يقوم الدائنون الآخرون بإعادة التمويل أو تجديد أو ضخ أموال جديدة.
دعوة لتنسيق المساعدات
كما دعا شامبو، الذي قاد المحادثات الأميركية مع الصين مؤخراً حول القضايا المالية والاقتصادية، المقرضين من القطاع الخاص إلى دعم الدول الفقيرة من خلال التمويل الإيجابي الصافي، مطالباً المؤسسات المالية الدولية بـ"تنسيق مساعداتها".
وقال شامبو إن النظام المالي الدولي "يمكن أن يساعد البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل على مواجهة التحديات التي تواجهها، خاصة في هذه اللحظة عالية المخاطر على وجه الخصوص في مجال التنمية المستدامة".
أنفقت الدول النامية رقماً قياسياً قدره 443 مليار دولار على مدفوعات خدمة الديون في عام 2022، وفقاً للبنك الدولي، الذي حذر من أن الوضع يخاطر بدفعها إلى أزمة، وخلق "عقد ضائع" من الركود الاقتصادي.
شهدت أكثر من 50 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل خروجاً صافياً من الديون العامة، إلى المقرضين الثنائيين الرسميين خلال عامي 2021 و2022، وهي أكبر مجموعة من هذا النوع منذ ما يقرب من 20 عاماً وفق شامبو، الذي أضاف أن أن ما يقرب من 70 دولة من هذه البلدان لديها تدفقات ديون خارجة إلى دائنين من القطاع الخاص في عام 2022.
لفت المسؤول في وزارة الخزانة إلى أن العديد من البلدان التي تعمل بحسن نية تواجه هذه الظروف، مع ديون رسمية ثنائية وسوقية كبيرة، كما تواجه مقايضات مثيرة للقلق، وذلك بسبب انخفاض التدفقات، وارتفاع خدمة الديون".
محادثات الديون
تأتي تصريحات شامبو قبل أقل من أسبوع من اجتماع كبار صناع السياسات الاقتصادية في العالم في واشنطن، لحضور اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي. ومن المتوقع أن تحتل مسألة كيفية التعامل مع عبء الديون الذي تواجهه الدول ذات الدخل المنخفض، مكاناً بارزاً في مناقشاتهم.
كما تأتي هذه الاجتماعات وسط مخاوف متزايدة بشأن التقدم البطيء في محادثات إعادة هيكلة الديون لدول مثل زامبيا وغانا، التي شاركت في عملية تعرف باسم الإطار المشترك، وهو برنامج لإعادة هيكلة الديون أطلقته في عام 2020 "مجموعة العشرين" والبنك الدولي وصندوق النقد.
وتضمنت طموحات الإطار جمع المقرضين التقليديين من "نادي باريس"، ومعظمهم من الدول الدائنة الغربية الغنية، حول الطاولة مع الدائنين الناشئين، وأبرزهم الصين والقطاع الخاص.
ولكن هذه العملية أثارت انتقادات بسبب بطء وتيرتها إلى حد خطير، الأمر الذي أدى إلى ترك البلدان المتخلفة عن السداد معلقة لسنوات، في حين امتنعت بلدان أخرى على وشك الإفلاس، عن طلب المساعدة.
برزت بكين كدائن ضخم للاقتصادات النامية على مدى العقد الماضي، وذلك كجزء من مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ، والتي ركزت بشكل أساسي على البنية التحتية التي بنتها الصين.
وجاءت هذه الأموال من خلال مجموعة متنوعة من القنوات، بما في ذلك "بنك التصدير والاستيراد الصيني" و"بنك التنمية"، وكذلك من خلال البنوك التجارية المتحالفة مع الدولة أو الشركات المملوكة للدولة.