الشرق
أدانت هيئة الرقابة على الأسواق المالية السويسرية أمس "بنك عودة" أكبر مصرف في لبنان بارتكابه "انتهاكات خطيرة في مجال مكافحة غسل الأموال"، في قضية ساهمت الاتهامات بحق حاكم مصرف لبنان السابق في إطلاقها.
ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن أشخاص مطلعين على الأمر لم تسمهم، بأن المراجعة التي أطلقتها هيئة الرقابة على الأسواق المالية السويسرية بحق أكبر بنك في لبنان "عودة"، جاءت بسبب الاتهامات التي طالت الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة بـ"الفساد".
في 2022، تمّ توجيه اتهامات بالفساد إلى سلامة في كل من فرنسا وألمانيا وسويسرا ولبنان، بينما ينفي ارتكاب أي مخالفات، كما فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات استهدفت سلامة، ومساعدته ماريان حويك، والأوكرانية آنا كوسكوفا (صديقته)، ورجا سلامة (شقيقه)، ونادي رياض سلامة (ابنه).
ولاية سلامة على رأس المركزي انتهت في أواخر يوليو 2023، وتسلّم نائبه وسيم المنصوري هذا المنصب، في بلد شهد حالة من الانهيار الاقتصادي والمالي منذ الأزمة التي ضربته عام 2019، وأدّت إلى انهيار سعر صرف عملته الوطنية الليرة.
أشارت الهيئة في بيان إلى أنها قامت بمراجعة علاقة المصرف بعدد من السياسيين البارزين في عدة دول، واكتشفت "أوجه قصور خطيرة في منع غسل الأموال"، وهو ما دفعها إلى فتح إجراءات التحقيق، والتي انتهت الآن.
اقرأ أيضاً: تحقيق أوروبي في تورط مزعوم لحاكم مصرف لبنان بغسيل أموال قيمتها 330 مليون دولار
فشل في تقديم المعلومات
الهيئة أشارت إلى أنها حصلت كجزء من المراجعة، على جميع تقارير التدقيق الداخلي في البنك. ولفتت إلى أن التدقيق الداخلي في البنك أشار في تقرير محدد، إلى أوجه قصور في منع غسل الأموال في ما يتعلق بحسابات معينة، وطالبوا باتخاذ الإجراءات اللازمة. ومع ذلك، لم يأت البنك على ذكر هذا التقرير، ولم يتم تقديمه للهيئة.
أشخاص مكشوفون سياسياً
وصفت الهيئة ما سبق بأنه "انتهاك خطير لواجب تقديم المعلومات"، ولكنها أشارت أيضاً إلى أن البنك لم يوضح بشكل كافٍ مصادر الأصول في حسابات بعض العملاء عالي المخاطر. وأعطت مثالاً على ما سبق أنه تم تحويل مبلغ من "شخص مكشوف سياسياً" إلى حساب مسؤول لبناني رفيع المستوى، وسمح البنك بإجراء هذه المعاملة لاحقاً ورغم أنه لم يتمكن من توضيح الغرض من هذه المعاملات، كما أنه امتنع عن الإبلاغ عنها إلى مكتب الإبلاغ عن غسل الأموال.
ويُعتبر "الشخص المكشوف سياسياً" مصطلحاً لوصف من يشغل أو شغل منصباً عاماً مهماً داخل بلده، ويمكن أن يشمل ذلك مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى أو سياسيين أو أفراداً لهم تأثير على السياسات العامة على المستوى الوطني.
عدم التحقيق بشكل كاف
الهيئة أضافت: "في حالات أخرى تتعلق بعلاقات العملاء مع أشخاص معروفين سياسياً من بلدان أخرى، كانت هناك مقالات صحفية تشير إلى الأصول التي يُحتمل أن يكون هؤلاء الأشخاص قد اكتسبوها بشكل غير قانوني. ولم يحقق البنك بشكل كافٍ في هذه الشكوك ولم يتمكن من تبديدها. وبذلك، يكون البنك قد انتهك بشكل خطير لوائح مكافحة غسيل الأموال".
الهيئة أشارت إلى أن البنك تعاون معها في إجراءات التنفيذ، كما اتخذ إجراءات تصحيحية، على غرار استبدال أشخاص في العديد من المناصب الرئيسية، وزيادة الموارد اللازمة للامتثال بشكل كبير.
كما عمد البنك إلى التحقيق في حسابات معينة مع العملاء بشكل أكثر عمقاً، وقدم العديد من تقارير غسيل الأموال، كما انفصل البنك أيضاً عن العديد من العملاء، ولكنه قرر مع ذلك، مواصلة بعض العلاقات مع العملاء عالي المخاطر.
مصادرة الأرباح
أمرت الهيئة بمصادرة الأرباح المحققة بشكل غير قانوني، والتي يبلغ مجموعها 3.9 مليون فرنك سويسري، مشيرة إلى أنه نظراً لعلاقات العملاء المتبقية ذات المخاطر العالية، فإنها ستطلب رسوم مخاطر إضافية قدرها 19 مليون فرنك سويسري على الحد الأدنى لرأس المال المطلوب الاحتفاظ به.
كما ستلجأ الهيئة إلى إدخال تصحيحات إضافية على آليات مكافحة غسيل الأموال، مشيرة إلى أنه "لمدة عامين أو حتى يتم تنفيذ هذه الإجراءات بالكامل، لا يجوز للبنك الدخول في أي علاقات جديدة مع الأشخاص المكشوفين سياسياً أو العملاء من الشركات عالية المخاطر".
الهيئة أعلنت أنها ستقوم بتعيين وكيل تدقيق لمراقبة تنفيذ هذه التدابير.