بلومبرغ
تكثف إسرائيل جهودها في سوق العملة التي ترضخ للمخاوف بشأن الحرب المحتدمة مع "حماس"، كما تخوض مواجهة مع التجار يمكن أن تحدد مسار السياسة النقدية خلال الفترة المتبقية من 2023، والسنوات اللاحقة.
ومع وصول أسعار الفائدة الآن إلى أعلى مستوياتها منذ 2006، فإن مسار الشيكل سيرسم دور البنك المركزي في اقتصاد يتحول إلى حالة حرب ويحتاج إلى التحفيز.
يُعد الشيكل بالفعل من بين أسوأ العملات أداءً حول العالم هذا الشهر، رغم حزمة الإجراءات الطارئة البالغة قيمتها 45 مليار دولار التي طرحها صناع السياسات النقدية بعد وقت قصير من أقوى هجوم تعرضت له البلاد منذ عقود. ,على الرغم من أن تدخل بنك إسرائيل ساهم في كبح موجة من التقلبات دفعت العملة للهبوط هذا الأسبوع إلى مستويات لم تشهدها منذ 2015، إلا أن عقود الخيارات تظهر أن المستثمرين أصبحوا الآن أكثر تشاؤماً.
قال بريندان ماكينا، محلل الأسواق الناشئة لدى "ويلز فارغو سيكوريتيز" (Wells Fargo Securities) في نيويورك: "قد تتواصل الضغوط البيعية على الشيكل، خاصة وأن الاتجاه العام للصراع يبدو وكأنه يتصاعد بدلاً من أن يتراجع".
في حين أن انخفاض الشيكل بدأ لأول مرة منذ أشهر مع جهود الحكومة المثيرة للجدل لإضعاف السلطة القضائية، فمن المرجح أن تؤدي صدمة الصراع إلى هبوط العملة إلى مستوى منخفض عند 4.15 مقابل الدولار، بحسب "ويلز فارغو". ويُعد ذلك أضعف مستوى منذ 2009.
تم تداول الشيكل عند أدنى مستوى له منذ ثماني سنوات عند نحو 4.05 لكل دولار يوم الجمعة، في أعقاب وضع "موديز إنفستورز سيرفيس" التصنيف الائتماني لإسرائيل تحت المراجعة السلبية. لتصل خسائر الشيكل إلى 6% هذا الشهر.
مزيج سيئ
قال ماكينا: "خفض أسعار الفائدة قد يفاقم الضغوط لخفض قيمة الشيكل وإجبار بنك إسرائيل على إجراء مزيد من التدخلات في سوق الصرف، وهو مزيج على الأرجح سيرغب البنك المركزي في تجنبه".
في حين تستعد إسرائيل لشن هجوم بري على غزة بعد أسبوع من الجهود الدبلوماسية العالمية المكثفة في المنطقة، فإن انخفاض قيمة العملة سيحدد أسلوب عمل البنك المركزي أثناء مراجعته أسعار الفائدة لأول مرة منذ الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر.
قبل قرار يوم الإثنين، قال نائب المحافظ أندرو أبير إن الأولوية القصوى للسلطة النقدية هي استقرار الشيكل، مما دفع المحللين والمتعاملين إلى مراجعة توقعاتهم بأن التيسير النقدي قد يكون مطروحاً.
يتوقع جميع خبراء الاقتصاد الذين شملهم مسح أجرته "بلومبرغ" تقريباً أن يترك البنك المركزي مؤشره القياسي دون تغيير عند 4.75% ( في الاجتماع المقبل)، وكان البنك المركزي قد حافظ على معدل الفائدة في يوليو، عقب 10 زيادات بدأت في أوائل 2022 عندما كانت أسعار الفائدة قريبة من الصفر.
وبنظرة مستقبلية، يتوقع متعاملون خفض معدل الفائدة بمقدار ربع نقطة مرتين في الأشهر الستة المقبلة. من شأن خفض معدلات الاقتراض أن يؤدي إلى زيادة تآكل جاذبية الأصول الإسرائيلية، خاصة أن عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات أقل بنحو 55 نقطة أساس عن نظيره لدى الأوراق المالية الأميركية.
السياسة النقدية قد تضغط على العملة الإسرائيلية
من المحتمل أن تؤدي ضغوط الحرب على الاقتصاد إلى إبقاء التيسير النقدي على جدول الأعمال في الأشهر المقبلة، رغم أن الصراع يعزز الرهان على تراجع الشيكل.
قال محللون في قسم أسواق رأس المال لدى "بنك لئومي" (Bank Leumi) في تقرير إن البنك المركزي الإسرائيلي "من المرجح أن يخفض سعر الفائدة بدرجة محدودة" في الاجتماعات المقبلة، وأضافوا: "الغرض من خفض الفائدة هو دعم القطاع العائلي، وكذلك قطاع الأعمال، خلال فترة الحرب".
التكلفة الإضافية للحماية من انخفاض الشيكل في الشهر المقبل –مقابل التحوط حال ارتفاع قيمته- ارتفعت إلى 1.4 نقطة مئوية أمس الخميس، من نحو نقطة مئوية قبل بدء القتال منذ أسبوعين تقريباً، حسبما يظهر عكس المخاطر (وهو مقياس للفرق بين تكلفة خيارات شراء وبيع الشيكل).
تصدرت التقلبات المتوقعة في العملة -التي يتم قياسها وفق التذبذب الضمني لأجل شهر- الارتفاعات على مستوى العالم منذ هجوم حماس والضربات الانتقامية التي نفذتها إسرائيل على غزة.
قال جيروم ليبوفيتشي، المحلل لدى بنك "بي إن بي باريبا" والمقيم في لندن، إن نموذج تمركز الاستثمار بالأصول لدى البنك الفرنسي يظهر أن المستثمرين سجلوا صافي بيع على المكشوف على الشيكل، رغم أن (هذه المراكز) "ليست عند المستويات القصوى". أوضح ليبوفيتشي: "إذا قرر بنك إسرائيل خفض الفائدة في اجتماعه المقبل، فقد يفتح المجال للمخاطر من الاتجاهين على العملة"، على الرغم من برنامج التدخل الذي ينفذه.
برنامج تحفيز "أكبر وأوسع"
في ظل عملة أضعف وأكثر تقلباً، يعكف البنك المركزي على وضع تدابير لإنعاش الاقتصاد تتضمن خطوات مثل تأخير سداد القروض لبعض المقترضين.
في غضون ذلك، قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إن الحكومة تخطط لبرنامج تحفيز في وقت الحرب "أكبر وأوسع" من الدعم المقدم للاقتصاد خلال جائحة فيروس كورونا، مع احتمال اتساع عجز الميزانية هذا العام إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
قال "مورغان ستانلي" إن البنك المركزي ربما لن يخفض أسعار الفائدة إلا في الربع الأول 2024 لدعم التعافي، بينما قد يتجه في الوقت الحالي إلى أدوات أخرى لاحتواء أي مخاطر على الاستقرار المالي.
قال محللو "مورغان ستانلي"، بينهم جورجي ديانوف وألينا سليوسارتشوك، في تقرير: "لم تظهر العملة مستويات شديدة من التقلبات، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى التزام بنك إسرائيل بتزويد السوق بالدولار الأميركي.. قد يساعد الالتزام بالإبقاء على أسعار الفائدة حتى اجتماع البنك المركزي في يناير 2024 في دعم الشيكل أيضاً".