بلومبرغ
تضغط روسيا على دول شرق وجنوب أفريقيا، في محاولة للانضمام إلى مجموعة إقليمية لمكافحة غسل الأموال بصفة مراقب.
يسعى الكرملين إلى الحصول على وضع "مراقب" في مجموعة مكافحة غسل الأموال في شرق وجنوب أفريقيا (ESAAMLG) في خريف العام الجاري، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، وبحسب وثائق اطلعت عليها "بلومبرغ". ويهدف الكرملين من وراء ذلك إلى جمع معلومات والتأثير على عملية صنع القرار الدولي قبل تجديد الجهود التي تبذلها أوكرانيا وحلفاؤها لفرض المزيد من الإجراءات لعزل روسيا عن النظام المالي العالمي.
يأتي ذلك في الوقت الذي تطلب فيه روسيا من الصين والسعودية تجنب فرض قيود مالية جديدة، حيث أكدت "روزفينمونيتورينغ" (Rosfinmonitoring)، وهي الوحدة المعنية بالمراقبة المالية في الكرملين، في بيان أرسلته عبر البريد الإلكتروني، أن روسيا تقدمت بطلب للانضمام إلى مجموعة مكافحة غسل الأموال في شرق وجنوب أفريقيا كمراقب.
تعد المجموعة عضواً مشاركاً في مجموعة العمل المالي "فاتف" (FATF)، وهي هيئة عالمية للرقابة المالية، كانت قد علّقت عضوية روسيا بعد غزوها لأوكرانيا. منذ ذلك الحين، تضغط موسكو على دول لتجنب فرض المزيد من العقوبات.
قالت وحدة المراقبة المالية بالكرملين في بيان: "وجود الشركات الروسية في القارة الأفريقية -بما في ذلك القطاع المالي- ينمو، والعلاقات الاقتصادية تتوسع. يتعين أن نأخذ في الاعتبار أيضاً علاقاتنا المثمرة تقليدياً مع الدول الأفريقية، وهي العلاقات الموروثة منذ الاتحاد السوفيتي".
تمكنت روسيا من التغلغل داخل القارة السمراء في السنوات الأخيرة جزئياً، وذلك من خلال مجموعة "فاجنر"، التي نشرت مرتزقة في حوالي ست دول، وساعدت في إحياء العلاقات في حقبة الحرب الباردة. أشار الكرملين إلى أنه سيلعب دوراً أكثر نشاطاً في تلك العلاقات بعد وفاة يفغيني بريغوجين، مؤسس "فاجنر"، الشهر الماضي.
تجنب القائمة السوداء
تم تعليق عضوية روسيا في مجموعة العمل المالي بعد غزوها لأوكرانيا، فيما تضغط على الدول لتجنب المزيد من العقوبات. وقد تجنبت موسكو حتى الآن وضعها على "القائمة السوداء" وغيرها من العقوبات، لكنها تخشى تجدد هذه الجهود قبل انعقاد جلسة عامة مقررة في أكتوبر المقبل، حسبما ذكرت "بلومبرغ" في وقت سابق.
تمكنت روسيا من التكيف والالتفاف على بعض العقوبات المفروضة على اقتصادها وتجارتها من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن ذلك كلفها ثمناً باهظاً. لا تزال ميزانيتها تعاني ضغوطاً بسبب الاستنزاف المالي الناجم عن حرب الرئيس فلاديمير بوتين.
تلتزم الهيئات الإقليمية، مثل مجموعة مكافحة غسل الأموال في شرق وجنوب أفريقيا، بالمعايير العالمية لمكافحة الأموال غير المشروعة التي أقرتها مجموعة العمل المالي، ومقرها في باريس.
تضم المجموعة في عضويتها 20 دولة، بما في ذلك جنوب أفريقيا وموريشيوس وتنزانيا، بالإضافة إلى مراقبين منهم أمانة الكومنولث وصندوق النقد الدولي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وحظيت المجموعة بدعم من كلٍ من بريطانيا والولايات المتحدة منذ تأسيسها في عام 1999، بحسب ما ذكر الموقع الإلكتروني للمجموعة.
روسيا تضغط على الهند لتجنب "القائمة المالية السوداء"
في أواخر الشهر الماضي، أرسلت دائرة الرقابة المالية الحكومية في أوكرانيا إلى كبار المسؤولين في حكومة بوتسوانا، التي كانت ترأس مجموعة مكافحة غسل الأموال في شرق وجنوب أفريقيا في ذلك الوقت، لتحثها على أن تضع في الاعتبار تصرفات موسكو التي أدت إلى تعليقها من قبل مجموعة العمل المالي عند اتخاذ "قرارات ذات صلة"، وفقاً لإحدى الوثائق.
'إجراءات يتعين اتباعها'
منذ ذلك الحين، تولت كينيا رئاسة مجموعة مكافحة غسل الأموال، حيث أشارت الحكومة إلى أن طلب روسيا لم يُنظر فيه بعد.
قال وزير الخزانة الكيني نجوغونا ندونغو، لـ "بلومبرغ" في رسالة نصية: "هذه المسألة مُعلّقة من جدول الأعمال، لأن هناك إجراءات يجب اتباعها، أولاً بالنسبة إلى الطلب وثانياً بالنسبة إلى إدراجه ضمن جدول الأعمال. الأمر لم يُناقش”.
يتطلب الإدراج في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي، التي تضم أيضاً كوريا الشمالية وإيران، قيام الدول الأعضاء في المجموعة وكذلك البنوك وبيوت الاستثمار وشركات معالجة المدفوعات بإجراء المزيد من العناية الواجبة حيال ذلك، وفي الحالات الأكثر خطورة اتخاذ تدابير مضادة لحماية النظام المالي الدولي.
تضم "القائمة الرمادية" حوالي 25 دولة أخرى، بما في ذلك تركيا وجنوب أفريقيا والإمارات العربية المتحدة. أوضح تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في عام 2021 أن فرض هذه العقوبة، التي تنطوي على متطلبات مراقبة أوثق، يؤدي إلى "انخفاض كبير ومؤثر من الناحية الإحصائية في تدفقات رأس المال الداخلة".
ستواصل أوكرانيا وبعض حلفائها حشد الجهود من أجل إدراج روسيا في قوائم العقوبات هذه، واتخاذ إجراءات أخرى أكبر من مجرد تعليق عضويتها في مجموعة العمل المالي، حيث تظهر تصرفات موسكو أنها لا تزال قادرة على التفاعل مع المجموعة، على الرغم من هذا الإجراء، حسبما ذكر أحد الأشخاص المطلعين.