الشرق
شدّد بنك المغرب المركزي على ضرورة تسريع إصلاح نظام دعم أسعار بعض المواد الغذائية وغاز البوتان المُستعمل في الطهي، بما يسهم في توفير هوامش في ميزانية البلاد لتمويل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية على المواطنين الذي أطلقته الحكومة العام الماضي.
التأكيد على أهمية هذا الإصلاح جاء على لسان عبد اللطيف الجواهري، مُحافظ البنك المركزي المغربي، خلال تقديمه للتقرير السنوي للبنك لعام 2022 أمام ملك المغرب محمد السادس خلال مناسبة الذكرى 24 لتوليه العرش أمس السبت.
يدعم المغرب أسعار السكر والدقيق وغاز البوتان عبر صندوق يُسمّى "المقاصة"، وتخصص له سنوياً عشرات مليارات الدراهم في ميزانية البلاد، وكان يفترض أن يتم إصلاحه عبر رفع الدعم تدريجياً وتعويضه بدعم مالي مباشر للفئات المستحقة، لكن تأجل ذلك لسنوات.
توفير هوامش مالية
ركز والي بنك المغرب في كلمته على أنه بات من الملح استكمال إصلاح نظام المقاصة، الذي بدأ قبل سنوات بحذف دعم المحروقات عام 2015، بما يُمكّن من توفير الهوامش اللازمة لتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، وهو المشروع الذي أطلقه المغرب في 2022 بهدف توفير التغطية الصحية والتقاعد لـ22 مليون مغربي.
خلال العام الماضي، وصلت نفقات صندوق المقاصة إلى 42.1 مليار درهم (4.3 مليار دولار) بزيادة 93% على أساس سنوي، نتيجة ارتفاع الأسعار على المستوى العالمي، منها 22.1 مليار درهم لدعم أسعار قوارير غاز البوتان، و9.3 مليار درهم للقمح المستورد، و4.7 مليار درهم للسكر، بالإضافة إلى دعم استثنائي للعاملين في قطاع النقل قدره 4.4 مليار درهم.
بحسب معطيات بنك المغرب؛ تستحوذ هذه المواد الثلاث (السكر والدقيق وغاز البوتان) على 7% من متوسط النفقات السنوية للأسر ذات الدخل المنخفض، ومن حيث الاستهلاك يتبين أن الأسر الميسورة تحتكر النسبة الأكبر، وبالتالي؛ تكون المستفيدة الرئيسية من نظام الدعم.
ارتفعت حصة نفقات صندوق المقاصة من إجمالي نفقات الحكومة العام الماضي إلى 10.2% من 6.1% في 2021، حيث باتت تحتل المرتبة الثالثة بعد نفقات الموظفين بحصة 35.6%، والاستثمارات بحصة تناهز 22.6%.
سلبيات وإيجابيات
على مدى السنوات الماضية، تعاملت الحكومات المتعاقبة بحذر مع إصلاح صندوق المقاصة، باعتبار أنه إذا كانت هناك إيجابيات من هذه الخطوة يتمثل أبرزها في خفض عجز الميزانية؛ فإنها ستُفضي لا محالة إلى ارتفاع معدل التضخم بالنظر للتأثيرات المباشرة للزيادة في أسعار الدقيق وغاز البوتان بالأساس.
بحسب توقعات بنك المغرب في يونيو الماضي؛ فإن عجز الميزانية سيسجل العام الجاري 5% من الناتج المحلي الإجمالي، من 5.1% العام الماضي، قبل أن يعود إلى 4.3% العام المقبل في حال تم تخفيض نفقات صندوق المقاصة.
التوقعات تشير إلى أن الرفع التدريجي لهذا الدعم سيُبقي معدل التضخم في 3.9% العام المقبل، وهو مستوى مرتفع مقارنةً بمتوسط العقد الماضي البالغ 1.5%، وهي فترة انتهت العام الماضي بتسجيل تضخم بنسبة 6.6% مدفوعاً بارتفاع تكلفة الطاقة وأسعار المواد الغذائية، وهي أعلى نسبة منذ تسعينيات القرن الماضي.
التضخم كان أبرز تحديات المغرب خلال 2022 متأثراً بارتفاع الأسعار على المستوى الدولي، وتداعيات موسم جفاف خفض الإنتاج الزراعي بشكل كبير، وهو ما دفع البنك المركزي لبدء دورة تشديد نقدية منذ سبتمبر 2022 برفع سعر الفائدة ثلاث مرات إلى 3%، وفي آخر اجتماع له في يونيو قرر التوقف مؤقتاً مع بدء تلاشي موجة التضخم عالمياً.