بلومبرغ
من المتوقع أن يقرّ البنك المركزي الأوروبي رفعاً جديداً لأسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماعه المرتقب اليوم، في وقت يركز فيه المستثمرون على ما إذا كانت هذه الزيادة هي الأخيرة في دورة التشديد النقدي التي بدأها مسؤولو السياسة النقدية منذ عام.
أشارت رئيسة البنك، كريستين لاغارد، وزملاؤها في "المركزي" على نطاق واسع، إلى رفع سعر الفائدة على الودائع اليوم الخميس إلى 3.75%. لكنَّ الأمر الأكثر أهمية يتمثل فيما إذا كان صانعو السياسة النقدية سيفرضون زيادة أخرى في اجتماعهم المقبل الذي يعقدونه في سبتمبر، أم سيحجمون عن ذلك.
يُستبعد ظهور أدلة مسبقة على نتيجة هذا الاجتماع، مع تدفق البيانات في وقت ضيق، فيما تكشف الأرقام الأخيرة عن ضغوط تضخمية أكثر حدة إلى جانب ضعف اقتصاد منطقة اليورو.
يأتي إعلان المركزي الأوروبي عن قراره اليوم بعد رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة أمس الأربعاء. وقد تشكل نبرة الرسالة التي سيقدمها "المركزي الأوروبي"، التحدي الأبرز. فصنّاع السياسة النقدية سيسعون إلى المحافظة على أقصى قدر من المرونة، من خلال عدم إرسالهم أي إشارة تكون حاسمة جداً بشأن توجهاتهم المستقبلية، سواء لجهة رفع الفائدة أو خفضها.
الشكوك تحيط بـ"المركزي الأوروبي"
زادت التوقعات التي تُشير إلى أن الخطوة التي ستُتخذ اليوم قد تكون الأخيرة في دورة رفع أسعار الفائدة الحالية، بعدما نشر مسؤولو البنك المركزي الأوروبي المتشددون تقليدياً، شكوكاً حول الاتجاه الذي سيسلكه البنك في سبتمبر.
لا تزال أغلبية ضئيلة من الاقتصاديين الذين استطلعت "بلومبرغ" آراءهم هذا الشهر، تتوقَّع وصول "المركزي الأوروبي" إلى ذروة سعر الفائدة على الودائع عند 4%، رغم عدم اقتناع هؤلاء الاقتصاديين بقدرة صنّاع السياسة النقدية على الإبقاء على هذا المستوى لفترة كافية.
يُتوقع صدور القرار من فرانكفورت في تمام الساعة 2:15 بعد الظهر بالتوقيت المحلي، على أن يتبعه مؤتمر لاغارد الصحفي بعد نصف ساعة.
أسعار الفائدة
يُتوقع أيضاً تعديل التوقعات التي جاءت في بيان البنك المركزي الأوروبي خلال يونيو الماضي، والتي أشارت إلى أن أسعار الفائدة "ستصل إلى مستويات متشددة بما فيه الكفاية"، بحيث لا تشير التوقعات الجديدة إلى احتمال إقرار زيادات أخرى على سعر الفائدة. ويُرجح أن تؤدي أي نبرة مختلفة يتّبعها "المركزي الأوروبي" في تصريحاته إلى طرح مزيد من الأسئلة على لاغارد .
"يُتوقع أن تعلن لاغارد عن زيادة أخرى في سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وتشير إلى أن قرار سبتمبر سيعتمد على البيانات، مع توضيح أنه لن يتم خفض أسعار الفائدة في أي وقت قريب". —ديفيد باول، كبير الاقتصاديين في منطقة اليورو
رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس":
موعد خفض الفائدة
مع اقتراب نهاية دورة رفع أسعار الفائدة، يتحوّل التركيز ببطء إلى الوقت الذي سيتحوّل فيه البنك المركزي الأوروبي إلى خفض أسعار الفائدة مجدداً. ويتوقع المحللون خفضاً أولياً بعد 6 أشهر من الوصول إلى الذروة، وهو احتمال حاول المسؤولون استبعاده.
كانت هناك أيضاً تكهنات بأن البنك المركزي الأوروبي قد يضيّق الفجوة بين سعر الفائدة على الودائع والسعر الذي يمكن للبنوك اقتراض الأموال به لأجل 7 أيام. لكن مع وفرة السيولة، لم يُستخدم التسهيل الأخير كثيراً خلال السنوات الماضية. ومع قيام المقرضين بإعادة التمويل الرخيص طويل الأجل، قد يرغب مسؤولو السياسة النقدية في خفض تكاليف الاستفادة منه.
مع ذلك، قد يكون تنفيذ ذلك أمراً صعباً، لأن أي تحرّك قد يشير إلى نوايا حول اتجاه السياسة النقدية التي قد يفضل البنك المركزي الأوروبي تجنب الكشف عنها، خصوصاً أنه يواصل تقييم التأثير المتأخر للزيادة الحادة لأسعار الفائدة بمقدار 400 نقطة أساس حتى الآن.
التوقعات الاقتصادية
على الرغم من عدم نشر أي توقعات ربع سنوية من البنك المركزي الأوروبي حتى الآن، فإن النظرة المستقبلية للاقتصاد ستلعب دوراً بارزاً في المناقشات. وتشير البيانات الأخيرة إلى تدهور الأوضاع، إذ أظهر استطلاع أجرته "ستاندرد آند بورز غلوبال" لمديري المشتريات انكماش نشاط القطاع الخاص في يوليو.
يشكّل قطاع التصنيع نقطة ضعف بشكل خاص، إذ تواجه ألمانيا -التي يلعب فيها القطاع دوراً فعالاً- صعوبة في الخروج من الركود الذي شهدته خلال فصل الشتاء. والسؤال هو كيف يتزايد الركود في وقت تتحسن فيه مرونة نشاط قطاع الخدمات، وفي وقت تُظهر فيه سوق العمل علامات قليلة على التراجع؟
في الوقت الحالي، لا يزال التضخم الأساسي الذي يركز عليه مسؤولو البنك مرتفعاً، إذ صعد إلى 5.5% الشهر الماضي، أي أعلى بكثير من مستهدف 2%. ستصدر "يوروستات" (Eurostat) بيانات محدثة حول زيادة أسعار المستهلكين والناتج الاقتصادي يوم الإثنين المقبل.
تعيين رئيس مجلس الإشراف
كما يركز مجلس إدارة البنك حالياً على اختيار مرشح لخلافة أندريا إنريا في منصب رئيس مجلس الإشراف الاحترازي للبنك، إذ تنتهي فترة تولي المسؤول الإيطالي نهاية العام الجاري. ويتراوح الاختيار بين مارغريتا ديلغادو، نائبة محافظ بنك إسبانيا، وكلوديا بوخ، نائبة رئيس البنك المركزي الألماني .
على الرغم من أن "المركزي الأوروبي" أشار إلى صدور قرار التعيين في الخريف المقبل، فإنَّه قد يصدر خلال الأسبوع الجاري. مع العلم أنه يجب الموافقة على أي شخص يجري ترشيحه من قبل البرلمان الأوروبي، وتأكيد اختياره من قبل حكومات الاتحاد الأوروبي.