بلومبرغ
يبدو أنَّ مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يتأهبون لاستئناف رفع أسعار الفائدة هذا الشهر، بعد أن أظهرت البيانات أنَّ التضخم تراجع بشكل حاد في يونيو، لكنَّه ما زال أعلى من هدف البنك المركزي.
وفقاً للبيانات الصادرة يوم الأربعاء؛ فإنَّ ما يسمى بالمقياس الأساسي لمؤشر أسعار المستهلك - الذي يستبعد الأسعار المتقلبة للمواد الغذائية والطاقة - قد ارتفع بنسبة 4.8% مقارنة بالعام السابق. تمثل هذه النسبة أقل زيادة في التضخم منذ أواخر عام 2021، ويمكن أن تفسح المجال أمام "الاحتياطي الفيدرالي" لوقف رفع أسعار الفائدة مؤقتاً بعد اجتماعه في يوليو، إذا استمر الاتجاه نفسه، بحسب ما يرى اقتصاديون.
لكنَّ توماس باركين، رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" في ريتشموند، قال إنَّ ارتفاع أسعار المستهلك في الولايات المتحدة ما زال سريعاً للغاية، حتى مع تباطؤه في يونيو، مشدّداً على التزام البنك المركزي بإعادة التضخم إلى هدفه البالغ 2%.
قال باركين، يوم الأربعاء في أرنولد بولاية ماريلاند: "التضخم مرتفع للغاية. وإذا تراجع قبل الأوان؛ فإن التضخم يعود قوياً، الأمر الذي يتطلب من الاحتياطي الفيدرالي آنذاك أن يبذل جهوداً أشد".
قال مكتب إحصاءات العمل إنَّ مؤشر أسعار المستهلك ارتفع بنسبة 3% خلال يونيو، مقارنة بالعام السابق. وقدّم التقرير أخباراً إيجابية لصانعي السياسة النقدية الذين تحاملوا على مسألة ضغوط الأسعار. يقول الاقتصاديون إنَّ استمرار تخفيف الضغوط في فئات الخدمات الأساسية - الذي يراقبه مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي عن كثب - يمكن أن يمنحهم المرونة للتوقف مؤقتاً، أو من المحتمل أن يوقفوا رفع أسعار الفائدة بعد هذا الشهر.
قال غريغوري داكو، كبير الاقتصاديين في "إي واي" (EY): "أعتقد بالتأكيد أنَّ ما نراه اليوم يدعم تشديد السياسة النقدية بوتيرة بطيئة"، مضيفاً أنَّ التقرير أظهر انخفاضاً في أسعار تذاكر الطيران والفنادق وتكاليف الإسكان. وأشار داكو إلى أنَّه مع انحسار التضخم؛ فإنَّ ذلك سيجعل أسعار الفائدة الحقيقية مرتفعة أكثر، وقد يقلل الحاجة إلى زيادتها مرة أخرى بعد هذا الشهر.
تعقيباً على الزيادة المتوقَّعة في سعر الفائدة عندما يجتمع المسؤولون في يومي 25 و26 يوليو؛ قال داكو: "نتوقَّع أن تكون هذه هي آخر زيادة لسعر الفائدة في الدورة الحالية".
ضغوط الأسعار وسوق العمل
يتوقَّع غالبية مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي ارتفاع أسعار الفائدة هذا العام، للتعامل مع تراجع ضغوط الأسعار بوتيرة أبطأ من المتوقَّعة وقوة سوق العمل التي تتزايد باستمرار. أبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير في الشهر الماضي، مما يعكس تباطؤ وتيرة حركة الأسعار لتقييم طريقة استجابة الاقتصاد لعشر زيادات متتالية في أسعار الفائدة والاضطراب الذي شهده القطاع المصرفي في مارس الماضي.
قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الشهر الماضي إنَّه لا يستبعد زيادتين متتاليتين هذا العام على النطاق الحالي لأسعار الفائدة الذي يمتد من 5% إلى 5.25%.
من جانبه، ذكر نيل كاشكاري، رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" في مينيابوليس بشكل منفصل، إنَّ البنوك يجب أن تكون مستعدة لزيادة أسعار الفائدة في حال احتاج صانعو السياسة النقدية إلى رفعها بنسبة أعلى لمكافحة التضخم.
لفت كشكاري إلى أنَّ الأسواق تتوقَّع حالياً انخفاض التضخم وأسعار الفائدة، حيث رجّح في هذه الحالة انحسار الضغوط على الميزانية العمومية للبنوك.
قال في مقالة نُشرت يوم الأربعاء: "برغم ذلك؛ إذا تبيّن أنَّ التضخم أقوى رسوخاً مما كان متوقَّعاً، فقد نحتاج لرفع أسعار الفائدة، مما قد يؤدي إلى مزيد من خفض أسعار الأصول، وتكثيف الضغط على البنوك. في مثل هذا السيناريو، قد يضطر صانعو السياسة النقدية للاختيار بين مكافحة التضخم بقوة، أو دعم استقرار البنوك".