بلومبرغ
تبرز مواجهة جديدة بين المصارف وصناديق الائتمان الخاصة، إذ تحتدم المنافسة فيما بينها على تمويل عمليات الاستحواذ المزدهرة في أوروبا.
تطمح المصارف ومؤسسات الإقراض المباشر إلى توفير مليارات اليوروات من القروض لتمويل عمليات استحواذ محتملة تكشفت خلال الأيام الأخيرة لشركات من بينها "ديكرا فارماسيوتيكالز " و"كونستانتيا فليكسبلس" (Constantia Flexibles) و"سيفيكا" (Civica).
قال جوريج بوث، رئيس وحدة عمليات أوروبا في شركة "بلاكستون كريديت" (Blackstone Credit): "تتزايد مستويات النشاط عبر كافة أنحاء أوروبا لكنَّها تبقى أقل من مستويات السنة الماضية، واستمرارها مرتبط فيما إذا كانت تعتمد في الغالب على توفّر التمويل.
الديون العالقة
منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، حدث تحول جذري في التمويل الأوروبي القائم على الاستدانة، إذ أقحمت سوق الائتمان الخاص، وقيمتها 1.5 تريليون دولار، نفسها لملء الفراغ الذي تركته المصارف التي تتعامل مع ديون عالقة في ميزانياتها العمومية بالمليارات. مع بيع غالبية ما يطلق عليها بالديون المعلقة حالياً، وانتعاش طلب المستثمرين؛ تستعيد المصارف نشاطها، لكنَّها قد تواجه صعوبة في استرداد كامل حصتها السوقية التي خسرتها لصالح شركات الائتمان الخاص، التي تثبت أنَّها قوى عنيدة.
تتنافس مجموعتا الإقراض أيضاً على تقديم 500 مليون يورو تقريباً (541 مليون دولار) لتمويل صفقة بيع محتملة لشركة "ويلسبكت هيلث كير" (Wellspect HealthCare). يتم النظر إما في قروض الحصص المدمجة، وهي نوع من القروض الهجينة تقدمها صناديق الائتمان الخاص، وتتكون من ديون ممتازة وديون ثانوية مدمجة في قرض واحد، أو من قرض مؤسسات قصير الأجل من النوع "بي"، وهو تمويل تقليدي تشارك فيه المصارف وتبيعه بعد ذلك للمؤسسات الاستثمارية.
توفير التمويل للشركات أصبح أمراً جذاباً لمؤسسات الإقراض، إذ تعد أحد مجالات الخدمات المصرفية الاستثمارية المقدمة مقابل رسوم كبيرة.
صفقات أقل
برغم انتعاش النشاط خلال الأسابيع الأخيرة، تنافس جهات الإقراض على عدد أقل من الصفقات، ولهذا تحتدم المنافسة. كشفت بيانات جمعتها "بلومبرغ" أنَّ عمليات الاستحواذ في أوروبا من قبل شركات الملكية الخاصة هبطت 84% حتى وقتنا هذا من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من 2022 مسجلة 25 مليار دولار فقط. يأتي هذا التراجع امتداداً للسنة الماضية، عندما هبطت عمليات الاستحواذ بما يفوق الخُمس عن الرقم القياسي المسجل في 2021، إذ زاد صعود أسعار الفائدة من تكلفة صفقات التمويل.
"توفر المصارف ضمانات للصفقات الجديدة مرة أخرى، لكنَّ المعاملات التي تحتاج لوقت طويل بين توقيع الالتزام الرسمي والتمويل ما يزال يصعُب على المصارف تسعيرها"، وفق بوث من "بلاكستون". أضاف أنَّ صناديق الائتمان الخاص "توفر بديلاً أكثر اعتمادية في هذا الشأن بواسطة منح ضمانة لكل من التمويل والتسعير عند مرحلة التوقيع".
تعد سوق القروض المشتركة تقليدياً أرخص من سوق الائتمان الخاص، لكنَّ المصارف تحمي نفسها عند الاكتتاب في القروض المشتركة عبر رفع سعر الفائدة إذا شعرت أنَّه من الصعب تسويق القرض. وهذا يعني أنَّ الائتمان الخاص - الذي يتطلب عادة ما يطلق عليه "علاوة صعوبة التسييل" - غالباً ما يمكن أن يكون بالسعر نفسه.
علاوة صعوبة التسييل؛ هو عائد إضافي يعوض المستثمر عن امتلاكه للأصول غير القابلة للتسييل بسهولة.
الإقراض المباشر
تطلب صناديق الإقراض المباشر ضمانة تسعير - لأنها لا تحظى بنفس الحماية التي تتوافر للمصارف – علاوة على سرعة تنفيذ الصفقات، دون وجود حاجة للحصول على تصنيفات إئتمانية عامة. كما أنها تساعد الشركات على النمو إذ يصبح بإمكانها اقتراض ديون أكثر بسرعة بواسطة قروض إضافية، وهي عملية تحتاج لوقت أطول في سوق القروض المشتركة نظراً لقاعدة المستثمرين المتباينة.
من جهة أخرى، يمكن للمصارف أيضاً منح تسهيلات ائتمانية متجددة، والتي تطلبها الشركات لتوفير السيولة اليومية والتي يصعب على شركات الائتمان الخاص توفيرها.