رويترز
يكافح عددٌ من بنوك لبنان للوفاء بالهدف الذي وضعه لها مصرف لبنان المركزي بزيادة رأس المال 20% بنهاية هذا الشهر.
وترى 4 مصادر مصرفية مطلعة على الوضع، أنه من المتوقع أن يفي أقل من نصف البنوك الكبرى، التي يبلغ عددها حوالي 12 بنكاً، بالشرط المستهدف.
والبنوك التي يُتوقع أن تفي بأهداف البنك المركزي، هي تلك التي استغلت إلى حدّ كبير فرصة الاستفادة من حملة الأسهم أو المودعين الحاليين، وحولت الودائع الدولارية المحلية إلى أدوات ملكية، أو باعت أنشطة تابعة لها في الخارج، حيث باع بنك عودة وبنك بلوم، أكبر بنكين في البلاد من حيث حجم الأصول، أنشطة تابعة لهما في الخارج للمساعدة في تحسين وضعهما المالي.
فات الأوان!
يؤكد الوضع حجم المشكلة التي تواجه بنوك لبنان، التي أفرطت في إقراض دولة من أكثر دول العالم مديونية ولم تعد تملك سيولة مالية.
وجمدت هذه البنوك إلى حدٍ كبير الودائع الدولارية لعملائها، ومنعتهم من تحويل المال إلى الخارج منذ أواخر 2019.
ويرى البعض أن هذه الخطوات ضئيلة لا تذكر، وجاءت بعد فوات الأوان في ضوء ضخامة الخسائر التي تواجه القطاع.
وأكد رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان، لوكالة رويترز، أن نسبة 20% المستهدفة التي حددها تعادل حوالي 4 مليارات دولار.
ويقل هذا المبلغ كثيراً عن العجز في القوائم المالية للبنوك والبالغ 83 مليار دولار، وفقاً لتقدير الحكومة المستقيلة العام الماضي في إطار خطة رسمتها للإنقاذ المالي.
وكشف سلامة في رده بالبريد الإلكتروني: "تقدمت كل البنوك تقريباً بطلبات لزيادة رأس المال، وتم بذل جهد كبير لزيادة السيولة". وسلّم بأن البنوك قد تتطلب زيادة أكبر في رأس المال. وقال في رسالته: إن "المصرف المركزي سيعمل مع البنوك لمعالجة هذه المسألة كل على حدة".
وأكد سليم صفير، رئيس جمعية مصارف لبنان والرئيس التنفيذي لبنك بيروت، أن معظم البنوك "ستلتزم بتوجيهات البنك المركزي". وأعلن في بيان مُوجّه لوكالة رويترز: "لو أننا اعتقدنا أنه لا أمل في التعافي لكنا أوقفنا نشاطنا الآن. التحديات صعبة لكن لنا تاريخ في المرونة والابتكار وسنتكيف مع الوضع الجديد".
تزايد التكهنات
يَعتبر مايك عازار، مستشار تمويل الديون والمحاضر السابق في الاقتصاد الدولي بكلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جون هوبكنز، أن البنوك "كلها عاجزة عن سداد الالتزامات". مُضيفاً: "لا يوجد احتمال للتعافي في الظروف الحالية إلى أن يظهر حل وتحدث إعادة هيكلة على مستوى القطاع بالكامل، ثم زيادة جديدة لرأس المال في نهاية المطاف".
وتفصح المصادر المصرفية الأربعة أن الأمر الذي أصدره المصرف المركزي للبنوك بأن تطلب من أكبر مودعيها إعادة 30% من ودائعهم إلى البلاد لم يسفر فيما يبدو عن شيء يذكر.
مع اقتراب انتهاء المهلة في آخر فبراير الحالي، تزايدت التكهنات على وسائل التواصل الاجتماعي حول البنوك التي قد يتم تصفيتها. وفي الأسبوع الماضي أصدر المصرف المركزي بيانا قال فيه: إن هذا الجدل لا يمت للحقيقة بصلة.
وكان حاكم مصرف لبنان قد حذّر من أن البنوك التي تعجز عن الوفاء بالمستهدف ستضطر إلى إنهاء نشاطها، غير أن بعض المصرفيين قالوا لوكالة رويترز، إنهم يتوقعون تمديد المهلة لأنه لا أمل يذكر في جذب استثمارات جديدة.
لسنوات ظلت بنوك لبنان بين أكبر بنوك العالم ربحية مستعينة بتحويل أموال اللبنانيين المنتشرين في المهجر لدعم الحكومة مقابل عوائد مرتفعة.
غير أن الانكشاف على الدين العام كان في نهاية الأمر هو السبب في الأزمة التي حلت بالبنوك.