521 مليار دولار.. تراجع مثير في ودائع أكبر البنوك الأميركية

البنوك الكبرى شهدت خروج ودائع بأعلى مستوى في 10 سنوات.. وتوقعات قاتمة لأرباحها

time reading iconدقائق القراءة - 12
مارة يسيرون أمام فرع بنك \"ويلز فارغو\" في نيويورك، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
مارة يسيرون أمام فرع بنك "ويلز فارغو" في نيويورك، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

توشك أكبر البنوك الأميركية على الكشف عن تقارير أرباحها بعدما تعرّضت ودائعها لضغوطات شديدة خلال الربع الأول من العام الجاري.

من المتوقَّع تراجع الودائع في "جيه بي مورغان تشيس آند كو"، و"ويلز فارغو"، و"بنك أوف أميركا" بنحو 521 مليار دولار مقارنة بالعام السابق، وهو أكبر انخفاض تتكبّده في عقد كامل، وفقاً لتقديرات المحللين. كما يأتي هذا التراجع -الذي ينطوي على انخفاض بقيمة 61 مليار دولار في الربع الأول وحده- بعدما فشلت التدفقات النقدية المتأخرة، التي جاءت عقب أزمة البنوك الإقليمية، في تعويض النزوح المستمر للعملاء إلى المنتجات التي تقدّم فوائد أعلى.

وقال مايك مايو، المحلل في "ويلز فارغو آند كو" خلال مقابلة، إنَّ "المشكلة الكبرى بالنسبة للبنوك تتعلق بالودائع إلى حد بعيد، وذلك على المستويين الفصلي في الربع الماضي، والشهري في مارس المنصرم. وعدم الإعلان عن نتائج أرباح جيدة يعني الرسوب في هذا الاختبار على المستوى المحلي".

"منافسة شرسة"

كتب المحللان ديفيد شيافيريني وبريان فيولينو من مؤسسة "ويدبوش سكيورتيز" (Wedbush Securities) في مذكرة: "كان التنافس على جمع الودائع بين البنوك شرساً للغاية، كما أنَّ الأزمات المصرفية التي وقعت مؤخراً فاقمت نيران المعركة".

وبرغم أنَّ زيادة أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي قد تُجبر البنوك على رفع فوائد الودائع بعدة نقاط أساس إضافية، لكنَّها توفر لهم مبالغ قياسية من صافي دخل الفائدة. وبالنسبة إلى أكبر البنوك؛ يعزز ذلك أيضاً "هوامش أرباح الفائدة الصافية"، التي تقيس الفرق بين ما يدفعه البنك للمودعين وما يجمعه من القروض، كما تعد مؤشراً رئيسياً للربحية.

مع ذلك؛ يشعر المحللون بالقلق من أنَّه لو أُجبرت البنوك على دفع فوائد أكبر للمودعين، قد تتقلص هذه الهوامش.

وقالت بيتسي غراسيك، المحللة في "مورغان ستانلي" في مذكرة للعملاء: "ستركز تقارير إعلان الأرباح في أبريل الجاري على التوقُّعات المستقبلية، وليس على النتائج الحالية"، كما خفّضت توقُّعاتها لأرباح البنوك في عامي 2023 و2024 "بسبب انخفاض هوامش أرباح صافي الفائدة الناتج عن تسارع علاوات الفوائد على الودائع".

إدارة الأصول والالتزامات

سيؤثر ارتفاع أسعار الفائدة أيضاً على أرباح قطاعات أخرى. فعندما كانت البنوك تحوز على مستويات قياسية من الودائع، اختار العديد منها استثمار تلك السيولة الزائدة في الأصول الآمنة، مثل: سندات الخزانة، والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، لجني عائدات قليلة بينما ينتظرون ارتفاع الطلب على القروض.

لكنْ مع بدء اتجاه بنك الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة، أدى ذلك إلى انخفاض قيمة تلك الأصول. والآن، ستكون القرارات الاستثمارية السابقة لتلك البنوك عرضة للتدقيق لمعرفة كيف وأين استثمروا أموالهم الفائضة؟

ووصف مايو من "ويلز فارغو" الأمر بقوله: "سيكون هذا التدقيق بمثابة كابوس على إدارات الأصول والالتزامات في البنوك".

خسائر أقل على الورق

من المؤكد أنَّ معظم البنوك الأميركية ستحتفظ بهذه الأصول حتى تاريخ استحقاقها، وبالتالي؛ فإنَّ الخسائر لن تقع إلا إذا اضطروا إلى البيع. بالإضافة إلى ذلك، أدى انهيار ثلاثة بنوك إقليمية إلى ارتفاع سندات الخزانة، مما قد يحد من بعض الخسائر على الورق.

أدى ذلك إلى بحث المحللين والمستثمرين عن معلومات محدثة حول كيفية أداء محافظ الأوراق المالية، وما إذا كانت الاضطرابات الأخيرة قد غيّرت النهج الاستثماري في تلك المصارف.

وقال جون والش، رئيس العمليات المصرفية والرسملة السوقية في مؤسسة "إي واي أميركاس" (EY Americas)، في مقابلة: "سيركز المستثمرون وأصحاب المصلحة على إصلاح الميزانيات العمومية للبنوك، والأصول المحتفظ بها حتى تاريخ الاستحقاق، التي لم تكن تجذب انتباهاً كبيراً قبل بضعة أسابيع".

تراجع عائدات التداول

برغم التذبذبات الأخيرة؛ ما تزال البنوك تحذر من الاحتمالات الكبيرة لتراجع عائدات التداول في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري مقارنة بالعام السابق، عندما تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في اضطراب الأسواق، وحفّز نشاط العملاء.

بالنسبة لأكبر خمسة بنوك في "وول ستريت"؛ وهي: "جيه بي مورغان"، و"بنك أوف أميركا"، و"سيتي غروب"، و"غولدمان ساكس"، و"مورغان ستانلي"؛ من المتوقَّع أن ينخفض إجمالي إيرادات التداول لديها بمقدار 3.2 مليار دولار، أو ما يعادل 10%، لتصل بذلك إلى 29.9 مليار دولار.

قالت تلك البنوك أيضاً إنَّ الاضطرابات الأخيرة في السوق لعبت دوراً في استمرار تباطؤ إبرام الصفقات، وتراجع الأعمال التجارية في الأسواق الرأسمالية. ومن المتوقَّع أن تتراجع الرسوم الناتجة عن هذه الصفقات والأعمال في البنوك الخمسة الأميركية الكبرى بنسبة 25% إضافية، بعد انخفاضها بالفعل في العام الماضي.

ختاماً، حذّر مارك ماسون، المدير المالي في "سيتي غروب"، الشهر الماضي من هذا الوضع بقوله: "يعتمد تذليل تلك العقبات على أداء البيئة الجيوسياسية والكلية، فمسار الانتعاش سيتوقف على ذلك إلى حد بعيد".

تصنيفات

قصص قد تهمك